ارتفعت حصيلة قتلى الهجوم الإسرائيلي على تدمر إلى 93 قتيلاً، وسط أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف. في حين استقدمت قوات التحالف تعزيز عسكرية إلى قاعدة حقل العمر النفطي في ريف دير الزور الشرقي؛ لمواجهة التهديدات المتزايدة في المنطقة.
وتَواصل تشييع قتلى الهجوم على تدمر، لليوم الثاني على التوالي، في معظم البلدات والقرى ذات الغالبية الشيعية في أرياف حلب وحمص ودمشق ودير الزور، وأظهرت صور، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، كثافة أعداد المشاركين؛ من عسكريين ومدنيين.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم الجمعة، إن قرية الربوة في ريف حمص الغربي، والتي يقطنها غالبية من أبناء الطائفة الشيعية، شهدت مراسم تشييع حاشدة لقتلى «حزب الله» اللبناني، حيث شيّع المئات من المدنيين والعسكريين جثامين 4 عناصر من الحزب قُتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية على مدينة تدمر. ورفع المشيّعون رايات «حزب الله» اللبناني، وهتفوا بشعارات تُمجد الحزب وعناصره، مع ترديد عبارات دينية؛ منها: «هنيئاً قد فُزتم بجِنان الله يا جنود المنتظر، أنتم حزب الله»، في أجواء طغى عليها الحزن. وخرج في بلدة الحطانية بريف حمص، وبلدة الزهراء بريف حلب، ومنطقة السيدة زينب، جنوب العاصمة دمشق، وفي ريف دير الزور، جنازات مماثلة من حيث كثافة المشاركين.
وقالت مصادر متابعة في دمشق، لـ«الشرق الأوسط»، إن تلك الجنازات رسالة لتأكيد حجم الحضور الشعبي لإيران و«حزب الله» في مناطق نفوذها بسوريا، في رد على أنباء «تحجيم دور» الميليشيات الإيرانية في سوريا، خلال الفترة الماضية. ولفتت المصادر إلى أن الهجوم الإسرائيلي على تدمر جاء بعد أيام قليلة من كشف مصادر إعلامية محلية عن تعزيز إيران ميليشياتها في سوريا في مواجهة التصعيد الإسرائيلي، والتهديد بقطع طريق طهران-بيروت، ومواصلة «الحرس الثوري الإيراني» إقامة معسكرات تدريب كبيرة للميليشيات التابعة له، ولا سيما «حركة النجباء» العراقية، في بادية السخنة الجنوبية شرق حمص.
وقالت المصادر إن إسرائيل وجّهت ضربة استباقية مُوجعة للميليشيات الإيرانية، وتحذيراً لإيران من مغبّة تنشيط الميليشيات العراقية ضد إسرائيل. وأضافت المصادر أن إسرائيل عازمة على قطع خط الإمداد عبر سوريا تماماً، مع احتمال التوسع نحو قطع امتداده عبر العراق.
يأتي ذلك مع أنباء عن توجه قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تتبع إيران من الأراضي السورية نحو العراق؛ خشية تعرضهم لاستهدافات بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير، والضربات الجوية المتزايدة مؤخراً. ووفق ما ذكره موقع «نورث برس» الإخباري، الذي نقل عن مصدر عسكري قوله: «إن ثلاث سيارات تُقل 11 قيادياً من الصف الأول في (الثوري الإيراني) والميليشيات الإيرانية، غادرت الأراضي السورية ودخلت الأراضي العراقية، عبر معبر القائم الحدودي»، مصيفاً أن القياديين قدموا من مناطق حمص وتدمر ودمشق، وجميعهم من جنسيات إيرانية وعراقية.
ونفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات جوية، يوم الأربعاء، استهدفت ثلاثة مواقع في مدينة تدمر بريف حمص الشرقي. وتركزت الضربات على موقع كان يُعقَد فيه اجتماع ضمَّ قياديين من الميليشيات الإيرانية و«حركة النجباء» العراقية، إلى جانب قيادي من «حزب الله» اللبناني. كما استهدفت الغارات موقعين في حي الجمعية؛ أحدهما مستودع أسلحة قرب المنطقة الصناعية التي تقطنها عائلات عناصر مُوالية لإيران من جنسيات عراقية وأجنبية. وفق تقارير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أفاد، اليوم الجمعة، بوصول حصيلة قتلى الهجوم الجوي على تدمر إلى 92 قتيلاً، منهم 61 من الميليشيات التابعة لإيران من الجنسية السورية، بينهم 11 ضابطاً، وصف ضابط يعملون لصالح «حزب الله» اللبناني، و27 من جنسيات غير سورية غالبيتهم من «حركة النجباء»، و4 من «حزب الله» اللبناني. كما أصيب في الهجوم نحو 21 آخرين، بينهم 7 مدنيين.
وفي سياق التصعيد الذي تشهده المنطقة، أفاد نشطاء المرصد بهبوط عدة طائرات شحن عسكرية تابعة لقوات «التحالف الدولي» في أكبر القواعد الأميركية بسوريا، في قاعدة حقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي، محملة بمعدات عسكرية ولوجستية.
تأتي هذه التعزيزات في خطوة لتعزيز القدرات الدفاعية للقوات، ورفع جاهزيتها القتالية لمواجهة التهديدات المتزايدة من إيران وميليشياتها في المنطقة.