تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة

إسرائيل تعلن فتح معابر وسط ضغوط أميركية

نازحون يتجمعون لتلقي وجبة ساخنة في مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
نازحون يتجمعون لتلقي وجبة ساخنة في مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
TT

تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة

نازحون يتجمعون لتلقي وجبة ساخنة في مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
نازحون يتجمعون لتلقي وجبة ساخنة في مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

على الرغم من إعلان إسرائيل فتح ممرات ومعابر طارئة مع قطاع غزة، بهدف تحسين الوضع الإنساني وزيادة إمدادات المساعدات، فإن الواقع على الأرض يبدو مختلفاً ويشير إلى تفاقم الأوضاع، مع الأخذ في الاعتبار أن إدخال المساعدات يخضع في كثير من الأحيان للابتزاز ومعايير أخرى سياسية ومزاجية.

وأعلنت إسرائيل فتح معبر كيسوفيم شمال شرقي خان يونس جنوب قطاع غزة، وممر زيكيم شمال غربي القطاع، بعد ضغوط أميركية شديدة. لكن بحسب ما رصدت «الشرق الأوسط»، فإن ما دخل لقطاع غزة من شاحنات لا يلبي احتياجات السكان، خاصة أنه لا يدخل بشكل يومي أو دوري، وإنما بشكل انتقائي.

وأكدت مصادر من لجنة الطوارئ المحلية التي تتابع مع مؤسسات دولية دخول المساعدات، أن الاحتلال الإسرائيلي يدخل المساعدات لكل منطقة مرة أو مرتين أسبوعياً فقط. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه في بعض أيام مرور الشاحنات التي تحمل المساعدات، يُسمح فقط، كمثال، بإدخال الطحين وهو المتوافر بكثرة في مدينة غزة وشمالها، لكن لا يُسمح بإدخاله إلا بشكل محدود جداً لمناطق وسط وجنوب القطاع التي تحتاج إليه بكثرة في ظل مجاعة جديدة بدأت تتحقق هناك.

وأشارت المصادر إلى أن ذلك يترافق أيضاً مع مخاطر تتعلق بالاستهدافات المتكررة من قبل الجيش الإسرائيلي، لعناصر الحماية الذين يعملون على حماية هذه المساعدات، وهو الأمر الذي يثير الفوضى ويسمح لعصابات اللصوص بالسرقة. وتشتكي أسواق قطاع غزة قاطبة من عدم توافر أي معونات غذائية حقيقية تساعد السكان على تفادي مجاعة.

وقال نضال أبو شرخ لـ«الشرق الأوسط»: «اشتقنا للأكل، اشتقنا للخضار، ليس هناك غير العدس والفول نأكلهما».

وأضاف: «كل الذي نسمعه في الإعلام مجرد كذب. الاحتلال يتحكم في كل شيء يدخل لنا، وأميركا مثل إسرائيل تتعاون ضدنا وتريد تجويعنا. لا فرق بينهما». وأكد مراد عوض وهو أحد الباعة في سوق الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، أن الاحتلال سمح مرتين في آخر شهر بإدخال شاحنتين من الخضار، وتم إدخالهما فقط لتاجر واحد تحكّم في طريقة عرض بضائعهما بالسوق وكذلك في السعر الذي كان باهظاً جداً بالنسبة للسكان الذين يعانون من الجوع. وقال عوض لـ«الشرق الأوسط» إنه مثله مثل الكثيرين من الباعة البسطاء لا يجدون ما يضعونه على بسطاتهم لبيعه للمواطنين الذين يعانون من جوع حقيقي.

أطفال ينتظرون الحصول على وجبة طعام ساخن في مخيم البريج بوسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

ويأمل الغزيون أن يتحسّن تدفق المساعدات مع الضغوط الأميركية المستمرة. ومارست الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة ضغوطاً مكثفة، وشملت اتصالات من وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى نظيره الإسرائيلي الجديد جدعون ساعر، ناقشا خلالها الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها إسرائيل من أجل زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك الغذاء والدواء والإمدادات الأساسية الأخرى. وحث بلينكن إسرائيل على اتخاذ خطوات إضافية لتسريع واستدامة إيصال المساعدات المنقذة للأرواح.

وانتهت مهلة حددتها إدارة بايدن بـ30 يوماً، مشترطة تحسين الوضع الإنساني مقابل الاستمرار بإمدادات السلاح لإسرائيل.

من جهتها، استنكرت حركة «حماس» ما يصدر عن الإدارة الأميركية من «مزاعم تدعي اتخاذ الاحتلال إجراءات لتحسين الوضع الإنساني بغزة»، مؤكدة من جديد أن إدارة جو بايدن «شريكة كاملة» لإسرائيل في الحرب على غزة، بحسب «حماس».

وكانت لويز ووتريدج المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) قد قالت، الجمعة، إنه لم تتوفر مساعدات كافية في قطاع غزة طوال الحرب الإسرائيلية، وإن الظروف المعيشية للفلسطينيين «لا تطاق».

وفي سياق الأزمات الإنسانية، أعلنت بلدية محافظة خان يونس التي تضم مئات الآلاف من النازحين خاصة في منطقة المواصي، عن توقف إمداد الوقود اللازم لتشغيل مرافق ومضخات المياه والصرف الصحي وآليات جمع وترحيل النفايات، وذلك منذ أسبوع تقريباً، جراء تعنت الجانب الإسرائيلي في إدخال الوقود للجهات والمؤسسات الأممية العاملة في القطاع.

وبيّنت أن هذا التوقف، سيؤدي إلى توقف الخدمات الأساسية في قطاعات المياه والصرف الصحي وجمع ونقل النفايات، ما سيؤدي إلى انتشار أمراض وأوبئة بين المواطنين. بينما حذرت بلدية محافظة غزة من تداعيات كارثية جراء استمرار منع دخول غاز الطهي، مشيرة إلى أن منعه دفع العديد من العائلات إلى استخدام فروع الأشجار للطهي والتدفئة.


مقالات ذات صلة

مقتل عشرات الفلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف شمال ووسط غزة

المشرق العربي الدخان يتصاعد من شمال قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

مقتل عشرات الفلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف شمال ووسط غزة

أفاد المكتب الإعلامي في قطاع غزة، اليوم الأحد، بأن 96 شخصاً قتلوا وأصيب 60 آخرون في قصف إسرائيلي لمبانٍ في بيت لاهيا والنصيرات والبريج بالقطاع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أقارب فلسطينيين قتلوا جراء قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة وسط قطاع غزة يحملون الجثامين بتأثر (د.ب.أ)

غزة: ارتفاع حصيلة الحرب إلى 43 ألفاً و799 قتيلاً

أعلنت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس»، في غزة، اليوم (السبت)، أن 43 ألفاً و799 شخصاً على الأقل قُتِلوا في الحرب المستمرة منذ أكثر من عام بين إسرائيل والحركة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي طفل فلسطيني ينتظر الحصول على طعام في دير البلح بقطاع غزة (د.ب.أ)

29 منظمة غير حكومية تتهم الجيش الإسرائيلي بتشجيع نهب المساعدات

اتهمت 29 منظمة غير حكومية، الجمعة، في تقرير مشترك الجيش الإسرائيلي بتشجيع نهب المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، من خلال مهاجمة قوات الشرطة الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية جهود وقف إطلاق النار في غزة

بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الولايات المتحدة​ الرئيس الاميركي جو بايدن في اجتماعه مع الرئيس المنتخب دونالد ترمب في البيت الأبيض (إ.ب.أ)

بايدن طلب من ترمب «العمل معاً» لإتمام «صفقة رهائن» في غزة

طلب الرئيس جو بايدن من الرئيس المنتخب دونالد ترمب العمل معاً من أجل الدفع نحو التوصل إلى اتفاق لوقف النار وإطلاق الرهائن في غزة.

إيلي يوسف (واشنطن)

بغداد: التعداد السكاني سيُستخدم للتنمية ومستقبل أفضل للعراقيين

وزير التخطيط محمد تميم خلال ترؤسه اجتماعاً لخلية التعداد السكاني (إعلام وزارة التخطيط)
وزير التخطيط محمد تميم خلال ترؤسه اجتماعاً لخلية التعداد السكاني (إعلام وزارة التخطيط)
TT

بغداد: التعداد السكاني سيُستخدم للتنمية ومستقبل أفضل للعراقيين

وزير التخطيط محمد تميم خلال ترؤسه اجتماعاً لخلية التعداد السكاني (إعلام وزارة التخطيط)
وزير التخطيط محمد تميم خلال ترؤسه اجتماعاً لخلية التعداد السكاني (إعلام وزارة التخطيط)

ينشغل الفضاء العراقي من أقصى جنوب البلاد إلى أقصى شمالها بأدق التفاصيل للتعداد السكاني العام، المقرر إجراؤه الأربعاء المقبل، ويشمل جميع محافظات البلاد، ومن ضمنها إقليم كردستان.

وجرى آخر تعداد سكاني عام 1997، لكن من دون شمول محافظات إقليم كردستان، التي كانت خارجة عن سيطرة الحكومة في بغداد، بعد خضوعها لعقوبات دولية عقب غزوها دولة الكويت عام 1990.

وتؤكد وزارة التخطيط العراقية، المُشرفة على إجراء التعداد، منذ أيام، إكمالها جميع مستلزمات التعداد السكاني، وأن العملية ستستمر نحو 10 أيام بعد إجرائه في العشرين من الشهر الحالي، وأعلنت الحكومة حظراً للتجوال يومي الأربعاء والخميس المقبلين.

خريطة للتنمية

بدوره، أكد وزير التخطيط ونائب رئيس مجلس الوزراء، محمد تميم، السبت، «أن التعداد السكاني سيرسم خريطة التنمية في العراق».

تميم يراقب الإجراءات والتحضيرات للتعداد السكاني المقبل (إعلام وزارة التخطيط)

وقال تميم في كلمة وجهها إلى المواطنين بمناسبة قرب موعد انطلاق التعداد: «إن التعداد السكاني هو أول تعداد تنموي شامل للعراق يجري منذ 37 عاماً، وهو أول تعداد إلكتروني، ويمثل رسالة على الاستقرار الاجتماعي والأمني والاقتصادي في البلاد». في إشارة إلى تعداد عام 1987، الذي شمل جميع المحافظات العراقية.

وأضاف تميم أن «التعداد السكاني يأتي ضمن أولويات البرنامج الحكومي، كونه أول تعداد تنموي تقوم به وزارة التخطيط، وأن الحكومة دعمت إجراءاته؛ لأنه يمثل استحقاقاً وطنياً ودستورياً». وأشار إلى أن «التعداد سيرسم للحكومة والحكومات اللاحقة خريطة التنمية وتقديم الخدمات والمشروعات للمواطنين، وأن بياناته سيجري استخدامها للتنمية واستشراف مستقبل أفضل للعراقيين، وتحقيق حالة من الاستقرار السكاني».

بدورها، أعلنت مديرية إحصاء أربيل، السبت، عن إتمام تدريب 300 عدّاد، استعداداً للمرحلة المقبلة من التعداد السكاني، مشيرة إلى أن العدادين سيباشرون اليوم زيارة المنازل داخل الأحياء السكنية بالمحافظة لتعبئة الاستمارة العائلية.

وقال مدير إحصاء أربيل، الدكتور دلزار حمة صالح، خلال مؤتمر صحافي، السبت: «لقد أنجزنا المرحلة الأخيرة من تدريب 300 عدّاد في محافظة أربيل؛ حيث استمر التدريب لمدة 3 أيام متواصلة».

وأضاف: «إن العدّادين سيبدأون، اليوم، زيارة المنازل لتعبئة الاستمارة العائلية التي تحتوي على مجموعة من الأسئلة، وستستمر هذه الحملة حتى نهاية يوم 19 من الشهر الحالي».

وأشار صالح إلى أنه «سيجري فرض حظر للتجوال في يومي 20 و21 من الشهر الحالي؛ إذ سيقوم العدادون بزيارة المنازل مجدداً للتأكد من صحة المعلومات المدونة، أو لتسجيل أي تغييرات طرأت على الوضع العائلي خلال تلك الفترة، وسيجري تثبيت تلك المعلومات بدقة زمنية»، ودعا المواطنين في أربيل إلى «التعاون مع فرق التعداد، وفتح منازلهم أمامهم للإجابة عن الأسئلة»، مؤكداً «أهمية المشاركة في هذه العملية الوطنية».

كان رئيس هيئة المناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم، فهمي برهان، قد طالب، في وقت، الحكومة الاتحادية بتأجيل إجراء التعداد السكاني إلى موعد آخر؛ بسبب «عدم معالجة مسألة المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد، المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي». بيد أن الطلب قوبل بالرفض من حكومة بغداد، ويبدو أن الأمور تسير باتجاه إنجاز التعداد في جميع المحافظات العراقية.