جولة آستانة تدعو لوقف التصعيد في المنطقة وموسكو مستعدة لحوار مع ترمب حول سوريا

توافق على استئناف عمل «الدستورية» ودفع التقارب بين دمشق وأنقرة

جانب من لقاءات آستانة الأخيرة التي جمعت وزير الخارجية الإيراني بممثلي الوفد السوري (إرنا)
جانب من لقاءات آستانة الأخيرة التي جمعت وزير الخارجية الإيراني بممثلي الوفد السوري (إرنا)
TT

جولة آستانة تدعو لوقف التصعيد في المنطقة وموسكو مستعدة لحوار مع ترمب حول سوريا

جانب من لقاءات آستانة الأخيرة التي جمعت وزير الخارجية الإيراني بممثلي الوفد السوري (إرنا)
جانب من لقاءات آستانة الأخيرة التي جمعت وزير الخارجية الإيراني بممثلي الوفد السوري (إرنا)

دعت روسيا وإيران وتركيا إلى وقف التصعيد العسكري الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط، وأعربت الأطراف الثلاثة المنخرطة في «مسار آستانة» عن قلق بسبب تدهور الوضع الإقليمي، وحذّرت من «تأثيرات سلبية» على سوريا. وجددت الأطراف في ختام الجولة الـ22 للمفاوضات حول سوريا في العاصمة الكازاخية آستانة التزامها بدفع تسوية سياسية تستند إلى استئناف عمل اللجنة الدستورية.

وبدا أن ملف التصعيد في المنطقة، وحالة الترقب التي سيطرت بعد فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، شغلا الحيز الأكبر من المناقشات في آستانة على مستوى اللقاءات الثنائية بين الوفود المشاركة وخلال الجلسات العامة الموسعة.

وترأس الوفد الروسي الممثل الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، فيما ترأس الوفد الإيراني علي أصغر حاجي، مستشار وزير الخارجية للشؤون السياسية.

ومثّل تركيا في المحادثات وفدٌ برئاسة السفير إحسان مصطفى يورداكول، مدير عام العلاقات الثنائية السورية في وزارة الخارجية.

وحضر الاجتماعات وفد الحكومة الذي يرأسه نائب وزير الخارجية أيمن رعد، وترأس وفد المعارضة أحمد طعمة. وشارك في الاجتماعات أيضاً ممثلون عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والصليب الأحمر الدولي، كما حضر مراقبون من الأردن ولبنان والعراق، بالإضافة إلى وفد أممي ترأسه الممثل الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» مصادر حضرت اللقاءات إن جزءاً مهماً من المناقشات تركز حول التداعيات المحتملة للهجمات الإسرائيلية المتواصلة في غزة ولبنان، وعلى الوضع في سوريا، خصوصاً على خلفية محاولة إسرائيل توسيع رقعة المعركة وجر أطراف إقليمية إليها.

ترمب والمواجهة المحتملة

وجرى التأكيد خلال المناقشات على أهمية منع انزلاق سوريا إلى المواجهة المتفاقمة. كما حظي فوز ترمب ومحاولة استطلاع خطواته المقبلة تجاه المنطقة عموماً، وسوريا على وجه الخصوص، بمساحة واسعة من المناقشات، خصوصاً مع ازدياد التكهنات بأن ترمب قد يسير خطوات لتنفيذ وعود سابقة بسحب القوات الأميركية المتمركزة في مناطق سورية.

وبرز هذا الملف في حديث المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا في ختام الاجتماعات.

وزير الخارجية الروسي خلال اجتماع الأسبوع الماضي في العاصمة الكازاخية آستانة (رويترز)

وقال لافرنتييف إن بلاده منفتحة على الحوار مع الإدارة الأميركية الجديدة فور تشكيلها، لبحث الملفات المتعلقة بسوريا.

وأضاف: «إذا كانت هناك مقترحات، فإن الجانب الروسي منفتح، ونحن على استعداد لمواصلة الاتصالات مع الأميركيين».

وحسب لافرنتييف: «لا يمكن التوصل إلى بعض الحلول الوسط إلا من خلال المفاوضات».

اللافت في هذا الإطار أن مصدراً في المعارضة السورية تحدث إلى «الشرق الأوسط» كشف عن توافر قناعة لدى المجتمعين بأن انسحاب الأميركيين من سوريا «ليس حتمياً حتى لو تحدث ترمب عن ذلك».

وأوضح أن الرئيس المنتخب حديثاً «بات أكثر براغماتية من فترة ولايته السابقة، ولديه استجابة أوسع للدولة العميقة وأكثر فهماً للملفات السياسية الخارجية».

وزاد المصدر بأن «الموقف التركي يصب أيضاً في هذا الاتجاه، والسبب أن أنقرة بقدر ما هي راغبة في انسحاب أميركا بقدر ما هي لا تريد انسحاباً أحادياً من دون التنسيق معها، خصوصاً أن (قسد) لديها أوراق للانفتاح على النظام وعلى روسيا».

كما أن المناقشات تطرقت لفكرة أنه «في وقت تعمل إسرائيل على محاولة تقويض النفوذ الإيراني في المنطقة عموماً، يستبعد أن يحرص ترمب على الانسحاب في الظروف الراهنة».

تقارب دمشق - أنقرة

الموضوع الثالث الذي برز في المناقشات الثنائية، إلى جانب التصعيد الإسرائيلي، وترقب خطوات ترمب، تمثل في تحرك روسي لتأكيد معارضة أي عملية عسكرية تركية محتملة في مناطق الشمال السوري. وهو أمر تحدث عنه لافرنتييف بوضوح في مؤتمر صحافي ختامي.

وبدلاً من ذلك، دفعت روسيا نحو تجاوز العقبات التي عرقلت التقارب بين دمشق وأنقرة، وأكدت خلال اللقاءات مع وفدي البلدين، وخلال الجلسات العامة، على ضرورة تثبيت هذا المسار ودفعه، وهو أمر انعكس أيضاً في البيان الختامي الصادر باسم الضامنين الثلاثة.

وركز البيان الختامي على «ضرورة استئناف الجهود والاتصالات لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق».

وجاء في البيان: «أكدنا من جديد أهمية تجديد الاتصالات بين تركيا وسوريا على أساس الالتزام الصارم بمبادئ احترام وحدة وسلامة أراضي البلدين وسيادتهما». وأشار إلى أنه «خلال المفاوضات أكدت الأطراف أهمية مواصلة الجهود لإعادة العلاقات بين تركيا وسوريا على أساس الاحترام المتبادل وحسن النية وحسن الجوار من أجل مكافحة الإرهاب، وتهيئة الظروف المناسبة لحياة آمنة وطوعية وكريمة».

وفي هذا الإطار رحب البيان بـ«جهود روسيا وإيران وسوريا وتركيا ضمن النسق الرباعي عملاً بالاتفاقيات التي تم التوصل إليها في اجتماعات وزراء الدفاع في 25 أبريل (نيسان) 2023، ووزراء الخارجية التي نظمت في موسكو في 10 مايو (أيار) 2023»، وأكد على «أهمية استئناف الاتصالات بهذه الصيغة الرباعية».

وأشار البيان أيضاً إلى أهمية دفع الجهود لضمان «عودة السوريين بمشاركة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتكثيف العملية السياسية وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع السوريين».

الأسد يبحث مع المبعوث الروسي لافرنتييف في 25 يوليو الماضي رفض تركيا الانسحاب من الأراضي السورية (أرشيفية)

اللجنة الدستورية

ورأت روسيا وإيران وتركيا أنه من المهم استئناف عمل اللجنة الدستورية السورية، وجاء في البيان: «دعونا إلى استئناف أنشطتها مبكراً، وعقد الجلسة التاسعة للجنة الصياغة بنهج بناء من الأطراف السورية».

كما أكدت الأطراف تصميمها على دعم عمل اللجنة الدستورية، وشددت على ضرورة قيامها بأعمالها للتحضير للإصلاح الدستوري دون أي عوائق بيروقراطية ولوجستية. ودعت إلى توفير كافة الشروط اللازمة بشكل عاجل لعمل اللجنة دون عوائق، بما في ذلك حل مشكلة اختيار الموقع المناسب، كما جاء في البيان.

وأكد المشاركون في الاجتماع أن الأزمة في سوريا ليس لها حل عسكرياً، مشيرين أيضاً إلى الحاجة لاستعادة البنية التحتية السورية، وتسهيل العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين، وأكدوا تصميمهم على مواصلة العمليات من أجل الإفراج المتبادل عن الأشخاص المحتجزين أو المختطفين.

بالإضافة إلى ذلك، أعربت روسيا وتركيا وإيران عن قلقها بشأن الوضع الإنساني في سوريا، ورفضت جميع العقوبات الأحادية الجانب، وشددت على أهمية الاستمرار في تقديم وزيادة حجم المساعدات الإنسانية لسوريا، ولفتت الانتباه إلى قرار دمشق تمديد التصاريح لوكالات إنسانية تابعة للأمم المتحدة التي تستخدم المعابر الحدودية «باب الهوى» و«باب السلام» و«الراعي» على الحدود مع تركيا.

وأشار البيان إلى أن الدول الثلاث تدرك التأثير السلبي لتصاعد العنف في الشرق الأوسط على الوضع في سوريا، مشددة على الحاجة الملحة إلى قيام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ووكالات الأمم المتحدة وجميع المنظمات الإنسانية بوضع تدابير الاستجابة الطارئة، لأولئك الذين اضطروا إلى النزوح من لبنان إلى سوريا بعد تصاعد الأعمال العدائية في لبنان.

سوريون يعبرون الحدود البرية مشياً قادمين من لبنان عند نقطة المصنع (أ.ب)

مكافحة الإرهاب... وخفض التصعيد

وتكررت في البيان فقرات درجت الدول الضامنة الثلاث على تكرارها في كل الاجتماعات السابقة حول تصميمها على «مواصلة التعاون من أجل مكافحة الإرهاب بجميع مظاهره، والتصدي للمخططات الانفصالية التي تهدف إلى تقويض سيادة سوريا وسلامة أراضيها وتهديد الأمن القومي للدول المجاورة، بما في ذلك الهجمات والتسلل عبر الحدود».

واستعرضت الأطراف بالتفصيل الوضع في منطقة خفض التصعيد بإدلب، وشددت على ضرورة الحفاظ على الهدوء «على الأرض» من خلال التنفيذ الكامل لجميع الاتفاقات القائمة بشأن إدلب، وشددت أيضاً على أهمية منع أي أنشطة تخريبية لأطراف ثالثة يمكن أن تزيد من زعزعة استقرار الوضع.

كما أدان الطرفان تصرفات الدول الداعمة للإرهاب، التي تقوض وحدة الدولة السورية.

وجاء في البيان: «ندين أي محاولات من أي دولة لدعم التطلعات الإرهابية والانفصالية لمجموعات عرقية وطائفية معينة من السكان وتسليحهم».

واتفقت روسيا وإيران وتركيا على عقد الجولة المقبلة من محادثات آستانة بشأن سوريا في النصف الأول من عام 2025، حسب البيان المشترك .


مقالات ذات صلة

دمشق: «آستانة» ساهمتْ في الحفاظ على وحدة أراضينا... ونتطلع للمزيد

المشرق العربي أعضاء من بعثة الأمم المتحدة إلى إدلب السورية تنفيذاً لخطة «التعافي المبكر» التي انطلقت عشية مؤتمر «كوب 29» للتغير المناخي (أ.ف.ب)

دمشق: «آستانة» ساهمتْ في الحفاظ على وحدة أراضينا... ونتطلع للمزيد

قالت دمشق إن نتائج «مسار آستانة» أسهمت في «الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها»، معربةً عن تتطلع الى المزيد في تحرير أرضها من «الاحتلال الأميركي والتركي».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جانب من المفاوضات في أستانا (أرشيفية - رويترز)

الجولة «الأخيرة» من «مفاوضات أستانا» تدفع التطبيع السوري - التركي

سيطر الارتباك لبعض الوقت، مع اختتام أعمال جولة المفاوضات السورية في العاصمة الكازاخية أستانا، وبالتزامن مع الإعلان عن البيان الختامي.

رائد جبر (موسكو)
المشرق العربي مخيم للنازحين السوريين في مرجعيون بجنوب لبنان... مسألة النازحين السوريين أحد الموضوعات المطروحة أمام اجتماعات آستانة (رويترز)

موسكو مرتاحة لمسار التطبيع بين دمشق وأنقرة

حذّر الكرملين (الثلاثاء) من رفع سقف التوقعات السياسية خلال جولة مفاوضات آستانة، بينما كررت سوريا تمسكها بضرورة انسحاب تركيا من أراضيها من أجل تطبيع العلاقات.

رائد جبر (موسكو)
المشرق العربي صورة أرشيفية لاجتماعات سابقة في أستانا (رويترز)

التطبيع السوري - التركي و«تعزيز الثقة» على رأس أولويات جولة أستانا

أكملت روسيا وتركيا وإيران التحضيرات لعقد جولة جديدة من المفاوضات في إطار «مسار أستانا» في العاصمة الكازاخية.

رائد جبر (موسكو) «الشرق الأوسط» (دمشق)

غارة إسرائيلية على «جسور وطرق» تربط سوريا بالحدود اللبنانية 

 جانب من الدمار جراء غارة إسرائيلية سابقة على سوريا (أرشيفية - رويترز)
جانب من الدمار جراء غارة إسرائيلية سابقة على سوريا (أرشيفية - رويترز)
TT

غارة إسرائيلية على «جسور وطرق» تربط سوريا بالحدود اللبنانية 

 جانب من الدمار جراء غارة إسرائيلية سابقة على سوريا (أرشيفية - رويترز)
جانب من الدمار جراء غارة إسرائيلية سابقة على سوريا (أرشيفية - رويترز)

استهدفت غارة جوية إسرائيلية، الأربعاء، بلدة القصير في وسط سوريا قرب الحدود مع لبنان، حسبما أفادت وكالة الأنباء السورية (سانا)، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنها طالت جسورا وحواجز عسكرية وأوقعت 15 إصابة بين قوات النظام.

وقال الجيش الإسرائيلي إن الغارة استهدفت «طرقا تربط الجانب السوري من الحدود بلبنان، وتستخدم لتهريب أسلحة» إلى «حزب الله».

وأشارت «سانا» إلى «عدوان استهدف منطقة القصير بريف حمص»، مضيفة أن وسائط الدفاع الجوي تصدّت «لأهداف معادية في أجواء ريف حمص الغربي».

ونقلت الوكالة عن مصدر عسكري قوله إنّ الجيش الإسرائيلي شنّ غارة «من اتجاه الأراضي اللبنانية مستهدفا جسوراً على نهر العاصي والطرق على الحدود السورية اللبنانية في منطقة القصير بريف حمص».

وأشار المصدر إلى «وقوع أضرار كبيرة في هذه الجسور والطرق وخروجها عن الخدمة».

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان تنفيذ «طائرات عسكرية إسرائيلية غارات على جسور وحواجز» تابعة لقوات النظام السوري.

وأفاد عن إصابة 15 شخصاً من قوات النظام وفصائل موالية، في حصيلة أولية.

وعلى وقع الحرب في لبنان، كثفت إسرائيل في الأسابيع الماضية وتيرة استهدافها لمناطق حدودية تضم معابر بين لبنان وسوريا، ما أسفر خصوصا عن خروج معبرين رئيسيين من الخدمة، هما معبر جديدة يابوس-المصنع، وهو الأبرز بين البلدين، ومعبر جوسيه-القاع. كما استهدفت معابر وطرقا غير قانونية في منطقة القصير، وجسرا في البلدة يصل بين ضفتي نهر العاصي.

وتقول إسرائيل إنها تريد أن تمنع شحنات السلاح من الوصول إلى «حزب الله» في لبنان.

وفرّ أكثر من نصف مليون شخص من لبنان متوجهين إلى سوريا خلال نحو شهرين، منذ بدء جولة التصعيد الإسرائيلية الأخيرة على معاقل «حزب الله» في 23 سبتمبر (أيلول)، وفق ما ذكرت السلطات اللبنانية.

وقتل 3 أشخاص وأصيب 5 آخرون بجروح، الخميس الماضي، جراء الغارات الإسرائيلية على منطقة القصير.

وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن إحدى الغارات استهدفت «مستودع أسلحة ومخزن وقود لـ(حزب الله) في (المدينة الصناعية) بمدينة القصير»، ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص، لم يتمكن من تحديد جنسياتهم، إضافة إلى إصابة 5 مدنيين سوريين بجروح. من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إن الغارة استهدفت مستودعات ذخيرة ومقار يستخدمها «حزب الله» في سوريا.