إسرائيل تواصل سياسة الأرض المحروقة في جنوب لبنان

«حزب الله» «يتقشّف» بالصواريخ ويزيد عدد المسيرات مستهدفاً قاعدة بحرية ومطاراً عسكرياً قرب حيفا

الدمار الذي أصاب مبنى «المنشية» الأثري على مقربة من قلعة بعلبك في البقاع (إ.ب.أ)
الدمار الذي أصاب مبنى «المنشية» الأثري على مقربة من قلعة بعلبك في البقاع (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تواصل سياسة الأرض المحروقة في جنوب لبنان

الدمار الذي أصاب مبنى «المنشية» الأثري على مقربة من قلعة بعلبك في البقاع (إ.ب.أ)
الدمار الذي أصاب مبنى «المنشية» الأثري على مقربة من قلعة بعلبك في البقاع (إ.ب.أ)

واصل الجيش الإسرائيلي اعتماد سياسة الأرض المحروقة في جنوب لبنان عبر تفجير مزيد من القرى الحدودية، مستمراً في محاولة التقدم نحو مدينة بنت جبيل الحدودية، فيما كثّف «حزب الله» هجماته بالمسيرات، كما بالصواريخ المتوسطة، في وقت يسجَّل تراجع في عدد الصواريخ القصيرة المدى التي يطلقها «حزب الله» في الفترة الأخيرة.

وركّز «حزب الله» قبل توسيع الحرب، على استهداف المواقع العسكرية والمستوطنات والبلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود، التي كان يقصفها برشقات من صواريخ قصيرة المدى مثل «الكاتيوشا»، التي يعتقد أن الحزب يمتلك آلافاً منها... لكن مع إخلاء تلك البلدات، تراجع الحزب إلى العمق اللبناني بفعل العملية البرية الإسرائيلية، وبات يطلق صواريخ متوسطة المدى ليطول فيها مناطق بعيدة في العمق الإسرائيلي مثل عكا وحيفا وصفد وصولاً إلى تل أبيب، وهي تحتاج إلى صواريخ نوعية، عادة لا تُطلق على شكل رشقات، مثل «الكاتيوشا».

«حزب الله» يتقشّف بصواريخه ويستهدف قاعدة بحرية ومطاراً عسكرياً قرب حيفا

واصل «حزب الله» إطلاق صليات الصواريخ والمسيرات باتجاه شمال إسرائيل في عمليات دقيقة، لكن مع تسجيل تراجع في أعداد الصواريخ التي تقدر ما بين 120 و150 صاروخاً يومياً، بعدما كانت قد وصلت في شهر أغسطس (آب) الماضي إلى أكثر من 300 صاروخ يومياً.

وأعلن «حزب الله»، الجمعة، عن استهدافه قاعدة بحرية إسرائيلية ومطاراً عسكرياً قرب مدينة حيفا، للمرة الثانية في أقل من 24 ساعة، فيما أدّت صواريخه إلى توقف مباراة لكرة القدم وهروب اللاعبين في مستوطنة «كفار سابا»، بعد تفعيل صفارات الإنذار تحذيراً.

وقال الحزب، في بيان له، إن مقاتليه استهدفوا برشقة «صاروخية نوعية» قاعدة «ستيلا ماريس البحريّة» الواقعة شمال غربي مدينة حيفا، التي قال إنها تضم قاعدة رصد ومراقبة بحرية، كما أعلن عن استهداف قاعدة ومطار رامات ديفيد، جنوب شرقي حيفا، برشقة «صاروخية نوعية».

وبعد الظهر، أفاد الجيش الإسرائيلي بإطلاق 5 صواريخ من لبنان باتجاه شمال إسرائيل ووسطها، مشيراً إلى أنه تم اعتراض بعضها، وسقط صاروخ في الجليل الغربي. وبعدما كانت قد أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن صفارات الإنذار دوّت في تل أبيب والجليل الأعلى وخليج حيفا، أشارت إلى تسلّل مسيرات باتجاه الجليل الأعلى، وسقوط صاروخ في أحد المنازل في عكا.

وأعلن بعد ذلك أنه استهدف عصراً قاعدة «تل نوف الجوية» جنوب تل أبيب بصلية صواريخ. وتحدثت قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» عن تزامن غير مسبوق لاستمرار الصليات الصاروخية واختراق المسيرات من ضواحي تل أبيب وحيفا ونهاريا وعكا إلى الجليل الأعلى وإصبع الجليل، حيث استمرت صافرات الإنذار تدوي لمدة ساعة كاملة.

وعن تراجع عدد صواريخ «حزب الله»، يقول رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري» (أنيجما)، رياض قهوجي، إن «الحزب بدأ ترشيد الصواريخ كي يستطيع الاستمرار في الحرب، خصوصاً إذا طال أمدها». وعبّر لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقاده أنه سوف يسجَّل تراجع في إطلاق الصواريخ أكثر إذا طالت الحرب، لأن الحزب فقد كثيراً من مخازن الأسلحة والصواريخ، مشيراً إلى أن «المصنع الأساسي للصواريخ هو في منطقة مصياف في سوريا، وهناك محدودية في قدرة التحرك داخلياً وعبر الحدود بسبب الوجود المستمر للمسيرات الإسرائيلية وكثافة الغارات». من هنا، يقول قهوجي: «(حزب الله) يقنن استخدام الصواريخ الموجودة في أنفاقه حتى يستمر في المعركة التي لا يعلم إلى متى ستطول».

ومقابل تقشفه باستخدام الصواريخ، يستمر «حزب الله» في استخدامه المسيرات، التي يلفت قهوجي إلى أنها أظهرت قدرة أكبر على الاختراق لأنها تستطيع المناورة والتحليق على ارتفاع منخفض، وبالتالي هي أكثر نجاحاً.

الجيش الإسرائيلي: مركز تدريب لـ«حزب الله» على مقربة من موقع «اليونيفيل»

وبعد استهدافات إسرائيلية عدة طالت مواقع تابعة لقوات «اليونيفيل»، قال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إنه دمّر مركز تدريب على مقربة من موقع قوات «اليونيفيل». وقال، في بيان له، إنه «رصد مركز تدريب تابعاً لـ(حزب الله) يبعد نحو 200 متر عن موقع لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) في الجنوب اللبناني، وصادر أسلحة ووثائق هناك».

ولفت، في بيان له، أن «المبنى استخدمه مسلحون لأغراض التدريب وتخزين كميات كبيرة من الأسلحة، كما كان يحوي منصات إطلاق صواريخ تم تجهيزها لقصف تجمعات سكنية إسرائيلية»، مشيراً كذلك إلى أن «الجيش الإسرائيلي عثر أيضاً على وثائق توضح الأساليب التي يتبعها (حزب الله) في عملياته وخرائط لإسرائيل وفتحات أنفاق»، لافتاً إلى أنه تم تدمير المبنى.

إسرائيل تستمر باعتماد سياسة الأرض المحروقة

واصل الجيش الإسرائيلي، الجمعة، سياسة الأرض المحروقة، حيث قام بتفجير منازل داخل 3 بلدات محيطة لبنت جبيل. وقالت الوكالة الوطنية للإعلام: «يُسجل منذ الصباح قيام جيش العدو الإسرائيلي بأعمال تفجير داخل بلدات يارون وعيترون ومارون الراس في منطقة بنت جبيل، تستهدف تدمير منازل سكنية فيها». وأفادت عن شنّ «الطيران الحربي الإسرائيلي» غارة جوية مستهدفاً مدينة بنت جبيل القريبة، التي تحظى برمزية خاصة لدى «حزب الله»، إذ ألقى أمينه العام السابق حسن نصر الله من ملعبها عام 2000 خطاب «التحرير» بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان بعد 22 عاماً من احتلاله.

وتحاول القوات الإسرائيلية منذ أيام التقدم في منطقة بنت جبيل، في إطار عمليات توغل بري في جنوب لبنان بدأتها في 30 سبتمبر (أيلول).

وحصلت الجمعة مواجهات عند محور العديسة، وأعلن «حزب الله» في بيانات متفرقة عن استهدافه «تجمعاً للقوات الإسرائيلية في جل الحَمّار جنوب بلدة العديسة، وتجمعاً آخر في مستوطنة مرغليوت ومسكفعام المقابلة بصلية صاروخية».

وتعرّضت بلدات حدودية عدة في جنوب لبنان في الأسابيع الأخيرة لعمليات تفجير، فيما تقول إسرائيل بين الحين والآخر إنها تفجر أنفاقاً وبنى تحتية ومستودعات لـ«حزب الله» في المنطقة الحدودية، وأحصت الوكالة الوطنية للإعلام عمليات تفجير إسرائيلية في 7 قرى حدودية على الأقل، بينها بلدة محيبيب الواقعة على تلة والمحاذية لميس الجبل.

تحذير جديد لأهالي الجنوب وانتشال 4 جثث من الخيام

وفيما ساد الهدوء الحذر في الضاحية الجنوبية لبيروت نهاراً، لم يتوقف القصف الإسرائيلي باتجاه البقاع والجنوب، حيث هدّد الجيش الإسرائيلي باستهداف الطواقم الصحية.

جانب من الدمار الذي لحق بالضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

وفي البقاع، استهدفت غارات إسرائيلية بلدات حربتا غرب قضاء بعلبك، وحوش السيد الحدودية مع سوريا شمال الهرمل، فيما سقط 4 قتلى في غارة استهدفت بلدة الغندورية في الجنوب، وأدى القصف المدفعي الذي طال محيط برك رأس العين وسهل القليلة، جنوب مدينة صور، إلى إصابة 6 سوريين، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، مشيرة إلى أنها المرة الأولى التي تتعرض فيه المنطقة للقصف بالقذائف الثقيلة من عيار 155 مليمتراً.

واستهدف القصف المدفعي لأول مرة منذ بداية الحرب قرى ضمن صور، هي حانين وشقرا والطيري وكونين، بحسب الوطنية.

ووجّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي تحذيراً إلى سكان جنوب لبنان، عبر حسابه على منصة «إكس» طالباً منهم عدم العودة إلى منازلهم في الجنوب وإلى حقول الزيتون. وقال: «هذه مناطق قتال خطيرة. كما نلفت انتباهكم من جديد إلى قيام (حزب الله) باستخدام سيارات الإسعاف لنقل مخربين وأسلحة، لذا نحذر من استمرار هذه الظاهرة، وندعو الطواقم الطبية إلى تجنب التعامل مع عناصر (حزب الله) وعدم التعاون معهم. جيش الدفاع يؤكد أنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد أي مركبة تنقل مسلحين بغضّ النظر عن نوعها».

وتمكنت الجمعة فرق «الصليب الأحمر» الدولي و«الصليب الأحمر» اللبناني وقوات «اليونيفيل» من انتشال 4 جثامين من تحت الأنقاض في وطى الخيام سقطوا في غارات إسرائيلية الأسبوع الماضي، فيما يستمر البحث والتأكد من عدم وجود مزيد من القتلى قبل إنهاء البحث، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام».


مقالات ذات صلة

تقرير أميركي: ملامح اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل

الولايات المتحدة​ انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)

تقرير أميركي: ملامح اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل

نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين إقليميين وأميركيين قولهم اليوم (الجمعة)، إن ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

نفّذت القوات الأسرائيلية أوسع اختراق بري داخل العمق اللبناني، منذ بدء الحرب، بوصولها إلى مشارف نهر الليطاني من جهة ديرميماس، وفصل النبطية عن مرجعيون.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

إسرائيل تستهدف أحياء مسيحية ملاصقة للضاحية الجنوبية لبيروت

تجدّدت الغارات الإسرائيلية، الجمعة، على الأحياء المسيحية المقابلة لضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء خمسة أبنية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)

نفّذت القوات الإسرائيلية أوسع اختراق بري داخل العمق اللبناني منذ بدء الحرب، بوصولها إلى مشارف نهر الليطاني من جهة ديرميماس، ودخلت إلى أطراف البلدة، وذلك في محاولة لفصل النبطية عن مرجعيون، والتمهيد لهجوم على بلدة الطيبة من الجهتين الغربية والشمالية، وتحييد تلة الطيبة التي تشرف شرقاً على سهل الخيام الذي يستعد الجيش الإسرائيلي لتمديد عمليته البرية إليه، في محاولة للسيطرة على مدينة الخيام.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن الجيش الإسرائيلي نصب حاجزاً عند مفرق ديرميماس في جنوب لبنان ليفصل بين مرجعيون والنبطية. وقطع الجيش الإسرائيلي الطريق عند المدخل الغربي لبلدة ديرميماس قرب محطة وقود، بالسواتر الترابية، حيث تتمركز آليات تابعة له. وأوردت تقارير إعلامية أن القوات الإسرائيلية منعت دوريات قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والجيش اللبناني من المرور باتجاه مرجعيون.

5 كيلومترات

وقالت مصادر لبنانية مواكبة لتطورات المعركة في الجنوب، إن القوات الإسرائيلية تقدمت من بلدة كفركلا التي تسيطر عليها، باتجاه الغرب عبر حقول الزيتون، لمسافة تصل إلى 5 كيلومترات، مستفيدة من غياب مقاتلي الحزب في تلك المناطق المسيحية، مثل محيط القليعة وبرج الملوك وديرميماس. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الثغرة «مكنت القوات الإسرائيلية من الوصول إلى مشارف نهر الليطاني، للمرة الأولى منذ عام 2006 وفصلت النبطية عن مرجعيون»، علماً بأن المدفعية الإسرائيلية كانت قد قطعت ذلك الطريق مراراً على مدار الأشهر الماضية، كما نفذت مسيّرات عمليات اغتيال عليها.

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

ومهّدت إسرائيل لهذا التقدم، بتغطية نارية. وقالت مصادر أمنية لبنانية في الجنوب إن المدفعية الإسرائيلية «لم تهدأ طوال ليل الخميس - الجمعة في استهداف المرتفعات المطلة على ديرميماس، سواء في قلعة الشقيف، أو أرنون ويحمر ووادي زوطر ودير سريان»، لافتة إلى أن هذا التمهيد المدفعي «يسعى عادة إلى توفير تغطية نارية تواكب تقدم المشاة»، وأكدت المصادر أن التحركات البرية الإسرائيلية «سارت على إيقاع قصف جوي عنيف، وتحليق للمسيّرات، لتأمين القوة المتقدمة». ورجحت أن مسار العبور سلك كفركلا - تل النحاس - برج الملوك باتجاه ديرميماس، وأشارت إلى أن البلدة «شبه خالية من السكان، إذ تضم بضع عائلات فقط، كما لا يحظى (حزب الله) بوجود فيها».

وأطلق «حزب الله» صواريخه باتجاه القوات الإسرائيلية في تلك المنطقة، حسبما قال في ثلاثة بيانات، أكد فيها أنه استهدف التجمعات والآليات الإسرائيلية على تخوم ديرميماس بالصواريخ. وتحدثت وسائل إعلام عن «رشقات صواريخ متتالية استهدفت تجمعات إسرائيلية في الخيام ومحيط تل النحاس وصاروخ موجه استهدف تحركات آلية في كروم الزيتون قرب محطة مرقص في أطراف ديرميماس».

دبابة وجرافة

وانتشرت صورة في وسائل الإعلام اللبنانية لدبابة إسرائيلية تتمركز وراء مرتفع مكشوف من جهة الشرق (بلدة القليعة)، لكنه محمي من جهتي الغرب والشمال. أما من الجهة الجنوبية، فتشرف عليه بلدة ديرميماس التي دخلت إليها القوات الإسرائيلية.

وقال الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية مصطفى أسعد إن الصورة التي تداولتها وسائل إعلام لبنانية وتظهر جرافة تسير وراء دبابة على مثلث القليعة - مرجعيون - ديرميماس «تعني أن قوة مهاجمة من المشاة انتقلت من المنطقة وأمنتها، سواء سيراً على الأقدام أو بآليات مدولبة وسريعة، ودخلت إلى بلدة ديرميماس».

وأفاد رئيس بلدية البلدة، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، بحصول «توغل إسرائيلي بسيط داخل البلدة»، مشيراً إلى أن الجنود الإسرائيليين «توغلوا بين حقول الزيتون من جهة بلدة كفركلا».

ويقول «حزب الله» إنه لم يقم مراكز تجمع عسكري له في أراضي بلدات مسيحية أو درزية في الجنوب، وذلك في ظل رفض من تلك المكونات لوجود الحزب في أراضيهم. ويقول مقربون منه إنه يحجم عن ذلك لسببين؛ أولهما «سبب سياسي، لتجنب السجال مع أبناء الطوائف الأخرى»، وثانيهما «لضرورات أمنية».

مسيرة إسرائيلية تحلق في أجواء الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

مرتفعات الطيبة

وتسعى القوات الإسرائيلية من هذا التقدم إلى الإشراف على مجرى نهر الليطاني، الذي يُعتقد أن جزءاً من منصات الإسناد الصاروخي لـ«حزب الله» توجد فيه، وهي المنصات التي تمنع القوات الإسرائيلية من التقدم في بلدة الخيام. كما تسعى إلى الالتفاف على بلدة الطيبة الاستراتيجية التي تضم مرتفعات مشرفة على نهر الليطاني من الغرب، ومرتفعات مشرفة على سهل الخيام من جهة أخرى. ولم تدخل إليها القوات الإسرائيلية من جهة الشرق بعد، رغم المحاولات للتوغل فيها، ورغم الغارات الجوية التي استهدفتها على مدى أشهر.

وفي حال التوغل من جهة ديرميماس، فإن القوات الإسرائيلية ستفتح مجالاً للتوغل في الطيبة من الجهتين الغربية والشمالية، إضافة إلى محور مركبا - العديسة من الجهة الشرقية، وذلك في محاولة لتحقيق اختراق والتفاف عليها.

«الطيبة» لتأمين التوغل بـ«الخيام»

وتعد بلدة الطيبة أبرز الموانع التي تحول دون افتتاح القوات الإسرائيلية جبهة من الجهة الغربية للتقدم باتجاه مدينة الخيام، كون الدبابات الإسرائيلية «ستكون تحت نيران الصواريخ المضادة للدروع في حال العبور بسهل الخيام»، وهو ما حال دون افتتاح الجيش الإسرائيلي لمحور توغل جديد من الجهة الغربية للتقدم إلى الخيام التي فشل مرتين في السيطرة عليها، الأولى قبل أسبوعين حين توغل من الجهتين الشرقية والجنوبية، والمرة الثانية قبل أيام حين أضاف محوراً جديداً من شمال شرق المدينة قرب إبل السقي، وتمكن في المرتين من الوصول إلى أطرافها الشرقية والجنوبية، وبينها أسفل معتقل الخيام، فيما تعرضت آلياته لاستهداف ناري حين توسعت من المطلة إلى سهل الخيام (جنوب غرب) باتجاه المدينة.

القبة الحديدية تعترض صواريخ أطلقها «حزب الله» باتجاه شمال إسرائيل (إ.ب.أ)

وقال «حزب الله» إنه استهدف تجمعات إسرائيلية 6 مرات على أطراف الخيام الشرقية والجنوبية بالصواريخ، كما أطلق مقاتلوه صواريخ مضادة للدروع باتجاه إحدى الدبابات الإسرائيلية على مشارف الخيام، مما أدى إلى احتراقها.

وتقول المصادر إن القوات الإسرائيلية «تسعى للسيطرة على إحدى مدينتين، إما بنت جبيل وإما الخيام»، وذلك بعد التوغل في عدة قرى، وتفجير المنازل فيها، ومسحها بالكامل. ويعد الدخول إلى بنت جبيل معقداً من الناحية العسكرية، كونها مدينة كبيرة وتتضمن أحياء واسعة ومترامية الأطراف، وقد فشلت محاولات سابقة للتوغل فيها والسيطرة عليها، رغم القتال على أطرافها، خصوصاً الحي الواقع على تخوم عيناثا.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية باشتباكات عنيفة في مدينة الخيام، حيث «تُسمع بوضوح أصوات الانفجارات والاشتباكات بالأسلحة الرشاشة»، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف وغارات على مدينة الخيام.