الإعلام السوري يتابع الانتخابات الأميركية بتحفظ... ويقلل من فوز ترمب

الخبر كان آخر النشرة في القناة الرسمية و«سانا» اكتفت بـ200 كلمة

جانب من متابعة نتائج الانتخابات الأميركية في جامعة هوارد في واشنطن (أ.ب)
جانب من متابعة نتائج الانتخابات الأميركية في جامعة هوارد في واشنطن (أ.ب)
TT

الإعلام السوري يتابع الانتخابات الأميركية بتحفظ... ويقلل من فوز ترمب

جانب من متابعة نتائج الانتخابات الأميركية في جامعة هوارد في واشنطن (أ.ب)
جانب من متابعة نتائج الانتخابات الأميركية في جامعة هوارد في واشنطن (أ.ب)

لم يظهر الإعلام الرسمي السوري اهتماماً واضحاً في تغطيته لنتائج الانتخابات الأميركية، واكتفت الصحف الثلاث الرسمية وقنوات التلفزيون، بنشر وبث تقارير نقلاً عن وسائل الإعلام الأجنبية، فيما غابت الانتخابات عن الافتتاحيات ومقالات الرأي والتحليل، ما عدا مقالات قليلة جداً، ركزت قبل يوم على عدم بناء الآمال على الفائز بالرئاسة، سواء كان ديمقراطياً أم جمهورياً.

وفيما لم يتجاوز خبر تغطية الوكالة الرسمية (سانا) لفوز دونالد ترمب بالانتخابات الأميركية، 200 كلمة، كان موقع الحدث في نشرة الأخبار بالتلفزيون الرسمي السوري، غير متقدم.

صحيفة «تشرين» الحكومية، قالت، اليوم الأربعاء، في تقريرها حول نتائج الانتخابات، إن الرئاسة الأميركية «حطت رحالها في عهدة ترمب. وبهذا ينتهي ترقب ويبدأ ‏ترقب آخر داخلياً وخارجياً، أي أميركياً وعالمياً»، وإن حالة «اللا يقين» ستبقى سارية في الداخل الأميركي، من حيث ‏«الفوضى وإمكانية حدوث حرب أهلية أو قلب نتيجة الانتخابات بطريقة أو أخرى، ‏وسط كل ذلك تبقى فرضية اغتيال ترمب قائمة».

وعلى مستوى العالم أضافت «تشرين»، أن «أميركا ستكون في مرحلة ‏انتقالية إلى حين التنصيب الرسمي للرئيس في 20 يناير (كانون الثاني) 2025، حيث ستسري ‏تبعاتها على الصراع الدائر في الشرق الأوسط بلا أدنى شك». مضيفة أنه «سيتبع ذلك مرحلة انتقالية جديدة حتى تتضح ملامح سياسة ترمب في ولايته الثانية» و«تعاطيه مع الصراع في منطقتنا»، بحسب «تشرين»، التي رأت أن لا حاجة ‏إلى العودة لوعود ترمب الانتخابية التي أطلقها في هذا الشأن، لأنها «مجرد وعود لا ‏يُبنى عليها ولا يجب الوقوف عندها أساساً»، وأكدت أن «ما يُبنى عليه هو ما سنراه وما يمكن ‏تطبيقه، وعلى نحو خاص في غزة ولبنان».

بدورها، صحيفة «البعث» الناطقة باسم حزب البعث، اكتفت بنشر تقرير إخباري مقتضب تناول إعلان ترمب فوزه في الانتخابات، ونقلت مقتطفات من خطابه في مقر حملته الانتخابية في ولاية فلوريدا منها قوله: «إنّ ما حدث هو انتصار سياسي غير مسبوق من قبل»، وحول ما يتعلق بسياسته الخارجية القول: «لم نبدأ أي حرب في عهدي السابق، وسنتيح المجال سوياً لمستقبل أميركا العظيم والمجيد»، فيما نشرت وكالة «سانا» خبراً مختزلاً عن أرقام التصويت، نقلاً عن وسائل الإعلام الأميركي، والتلفزيون الرسمي بث نبأ فوز ترمب كخبر ثانوي بعد أخبار غزة ولبنان.

التقرير ذاته نشرته صحيفة «الثورة» التي استبقت نتائج الانتخابات بمقال تساءلت كاتبته: «هاريس أم ترمب... وهل هناك خلاف بينهما حقاً... أم أنهما وجهان لعملة إرهابية تصفوية لأجندات فوضوية وتخريبية واحدة؟!»، لتجيب الكاتبة: «أياً كان الرئيس الأميركي الـ47 فليس علينا أن نتأمل منه الكثير أو حتى القليل، لا سيما إذا ما علمنا أن ترمب وهاريس يجمعهما الولاء المطلق لأمن (إسرائيل) ويدعمان حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة». وفيما يخص سوريا، قالت: «نحن السوريين لن يختلف علينا الأمر أيضاً، فسواء كان الرئيس القادم جمهورياً أم ديمقراطياً... فهو لن يحمل لنا إلا المزيد من الإرهاب، ودعم ميليشياته وتنظيماته الإرهابية على الأراضي السورية، وتشديد الحصار والعقوبات التي تطال السوريين في لقمة عيشهم».

أما صحيفة «الوطن» المقربة من الحكومة، فقالت في تقرير لها نشر قبل صدور النتائج النهائية، إن الانتخابات الأميركية «كشفت مدى التحولات العميقة الحاصلة داخل المجتمع الأميركي». وركزت الصحيفة على «المخاوف الأمنية المستمرة من أعمال شغب واحتجاجات على النتائج المنتظرة».

كما نشرت «الوطن» مقال رأي ركز على سجل السياسات التي اتبعها رؤساء الولايات المتحدة من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، منذ الإعلان عن الكيان الإسرائيلي عام 1948، الذي بحسب الصحيفة: «يؤكد عدم وجود أي فرق أو اختلاف بين هؤلاء الرؤساء تجاه تبني المشروع الصهيوني ودعم إسرائيل».


مقالات ذات صلة

مرحلة «البطة العرجاء»... لماذا تستغرق أميركا 11 أسبوعاً بين انتخاب الرئيس وتنصيبه؟

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يلوّح بيده لأنصاره بعد إلقاء كلمته بينما يمسك بيد السيدة الأولى ميلانيا (أ.ف.ب)

مرحلة «البطة العرجاء»... لماذا تستغرق أميركا 11 أسبوعاً بين انتخاب الرئيس وتنصيبه؟

فاز دونالد ترمب بالانتخابات الأميركية، لكن خلافاً للتقاليد السائدة حول العالم، لن يتوجه ترمب للبيت الأبيض مباشرةً، وإنما سيتعيّن عليه الانتظار لنحو 11 أسبوعاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب يتحدث إلى أنصاره خلال حفل مراقبة ليلة الانتخابات في مركز مؤتمرات ويست بالم بيتش (إ.ب.أ)

أول متهم مدان يفوز بسباق البيت الأبيض... ما مصير قضايا ترمب الجنائية؟

أصبح الرئيس المنتخب دونالد ترمب، يوم (الأربعاء)، أول مجرم مدان يفوز بسباق البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي دورية لجنود أميركيين على مشارف الرميلان بالحسكة شمال شرقي سوريا التي يسيطر عليها الأكراد (أرشيفية - أ.ف.ب)

ترمب قد يغيّر المعادلة في سوريا

ترمب قال لناشطين سوريين إنه سيطلب من الأطراف المعنية «الوقف الفوري لإطلاق النار والانتقال إلى طاولة المفاوضات»، وسيوجه تحذيرات إلى إيران لوقف تمويل ميليشياتها.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نيجيريون يرتدون ملابس مطبوع عليها اسم ترمب في مسيرة دعم بولاية إيمو عام 2020 (أ.ف.ب)

صعوبات تواجه استعادة ترمب صورة أميركا «الباهتة» في أفريقيا

يطرح فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية تساؤلات حول صيغة علاقات واشنطن مع قارة أفريقيا، ومدى تعاطي الإدارة الأميركية المقبلة مع صراعات القارة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا رجل فلسطيني يسير بجوار أنقاض منزل دمرته غارات إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

فوز ترمب قد يُسرّع مفاوضات «هدنة غزة»... لكن «تسوية عادلة» محل شك

فوز ترمب، الذي وعد بإنهاء الحرب في الشرق الأوسط، حرّك تساؤلات حول إمكانية أن تتلقى جهود الوسطاء مزيداً من الدعم لإبرام هدنة في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

ترمب قد يغيّر المعادلة في سوريا

معبر جوسية الحدودي بين سوريا ولبنان بعد أن تسببت ضربة إسرائيلية في حفرة كبيرة عرقلت المرور من خلاله (أ.ف.ب)
معبر جوسية الحدودي بين سوريا ولبنان بعد أن تسببت ضربة إسرائيلية في حفرة كبيرة عرقلت المرور من خلاله (أ.ف.ب)
TT

ترمب قد يغيّر المعادلة في سوريا

معبر جوسية الحدودي بين سوريا ولبنان بعد أن تسببت ضربة إسرائيلية في حفرة كبيرة عرقلت المرور من خلاله (أ.ف.ب)
معبر جوسية الحدودي بين سوريا ولبنان بعد أن تسببت ضربة إسرائيلية في حفرة كبيرة عرقلت المرور من خلاله (أ.ف.ب)

ترمب قال بشكل واضح من دون أن يكشف عن تفاصيل أخرى، مفضلاً ترك الأمر لمرحلة لاحقة، إنه سيطلب من الأطراف المعنية «الوقف الفوري لإطلاق النار والانتقال إلى طاولة المفاوضات»، كما أكد أنه سيوجه تحذيرات مباشرة إلى إيران لوقف تمويل ميليشياتها.

وفي حين كانت الأنظار تتجه نحو الخطط والسياسات التي كانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ترغب في تنفيذها بمنطقة الشرق الأوسط، على اعتبار أن حظوظ مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، كانت مؤاتيه، فإن الأوضاع انقلبت رأساً على عقب بعد فوز دونالد ترمب.

بحسب مقالة رأي في صحيفة «واشنطن بوست»، كانت إدارة بايدن تسعى إلى محاولة تقديم مساعدة لسوريا من أجل التخلص من السيطرة الإيرانية. وتقول إن كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة تريدان مساعدة دمشق لمنع إيران من الاستمرار في إمداد «حزب الله» عبر الحدود السورية، في الحرب التي تخوضها ضده إسرائيل.

الرئيس السوري بشار الأسد في القمة العربية بجدة مايو 2023 (رويترز)

ويعتقد المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون أن الرئيس السوري بشار الأسد قد يدعم مثل هذه الضوابط؛ لأنه أصبح مستاءً من الوجود الإيراني القاسي في دمشق. وإذا نجح الأسد في الحد من عمليات إعادة الإمداد الإيرانية، فإن إدارة بايدن تبدو مستعدة لإيماءات متبادلة، على أساس «خطوات إيجابية لخطوات إيجابية».

وينقل الكاتب عن مصدر إسرائيلي، قوله: «نحن نأمل في أن نتمكن من جعل الأسد، على الأقل، يوقف تدفق الأسلحة إلى (حزب الله) عبر سوريا، وربما أكثر». وأضاف: «الولايات المتحدة مستعدة لمنح السوريين بعض الفوائد إذا سلكوا هذا الطريق».

اتصالات المعارضين

وبحسب سوريين ناشطين في ملف الأزمة السورية في واشنطن، فإن هذا التوجه ليس جديداً، وقد بدأ منذ العام الماضي، وأن الاتصالات معهم لم تشمل فقط ممثلين عن إدارة بايدن، بل وعن الرئيس السابق ترمب، في ظل المساعي الجارية لإحداث فرق على الأرض في ملف الأزمة السورية.

يقول أيمن عبد النور، الناشط السياسي المعارض، إن مساعدين للسيناتور الجمهوري، بن كاردن، أبلغوهم منذ نحو عام، أن قانون مناهضة وقف التطبيع مع نظام الأسد، سيتم تجميده، بما يتيح عملياً إعادة التواصل مع النظام السوري.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن الديمقراطيين في المقابل هددوا بأن أي محاولة لتعطيل هذا التجميد سيجري رفضها، خصوصاً أن الجمهوريين متفقون معهم في هذا الأمر.

عمال الإنقاذ فوق أنقاض مبنى منهار بعد زلزال ضرب اللاذقية الساحلية غرب سوريا (رويترز)

تابع عبد النور أن الأمر نفسه سينطبق على قانون «قيصر» الذي جرى تجميد عدد من مواده بعد الزلزال الذي ضرب سوريا، فبراير (شباط) 2023، وتحول إلى «تقليد» جرى الحفاظ عليه في تمرير الكثير من القضايا، من بينها تمرير اتفاق خط نقل الغاز إلى لبنان عبر الأراضي السورية، وكذلك خط النفط إلى سوريا. وهو ما توسع أيضاً عبر تمكين الأمم المتحدة من تنفيذ عدد من المشروعات وزيادة ميزانيتها في سوريا، رغم أنها تتعارض مع قانون قيصر.

مواقف مختلفة بين الحزبين

غير أن عبد النور يقول إن الاتصالات التي كانت تجري مع إدارة بايدن، ومع المرشحة كامالا هاريس، لم تكن بمستوى اللقاءات التي جرت مع دونالد ترمب. فمقابل لقاء واحد عبر دائرة «زووم» مع هاريس بتنظيم من مؤسسة «إينغايجمنت»، أجرى ترمب 4 لقاءات شخصية مباشرة، مع السوريين واللبنانيين، إضافة لـ15 لقاء من مستشاريه وأفراد من عائلته ومن والد صهره اللبناني، عرضوا فيها موقفه من كيفية وقف الحروب في المنطقة.

أرشيفية لعناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري)

يضيف المعارض السوري أن ترمب قال بشكل واضح من دون أن يكشف عن تفاصيل أخرى، مفضلاً ترك الأمر لمرحلة لاحقة، إنه سيطلب من الأطراف المعنية «الوقف الفوري لإطلاق النار والانتقال إلى طاولة المفاوضات». كما أكد ترمب أنه سيوجه تحذيرات مباشرة إلى إيران لوقف تمويل ميليشياتها، وأنه سيقوم بفرض قيود على المصادر المالية لطهران، تحقيقاً لهذا الأمر.

أكراد سوريا!

في المقابل، يقول بسام إسحاق، ممثل مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، الجناح السياسي لـ«قسد»، في واشنطن، إن ما يسمعونه من الديمقراطيين والجمهوريين، لم يتعد حتى الآن «الوعود الكلامية». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن الحذر هو سيد الموقف، وخصوصاً الآن بعد فوز ترمب.

قصف تركي على مواقع «قسد» في شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

يضيف إسحاق أنهم يرغبون في معرفة مشروعاته الخاصة بشمال شرقي سوريا، وبما يتعلق بمستقبل القوات الأميركية الموجودة في تلك المنطقة التي يبلغ عددها نحو 900 عنصر، باعتبار أن ترمب كان قد أمر في عام 2019 بسحبها، لكنه أوقف القرار، بعد ضغوط من مستشاريه ومن «البنتاغون» نفسه.

ويوضح ممثل (مسد) في أميركا أنهم لا يعرفون بعدُ كيف ستكون علاقة ترمب مع تركيا ورئيسها رجب طيب إردوغان، علماً أنهم يتخوفون من أن تأتي أي صفقة مع أنقرة على حسابهم.

في ختام هذا التقرير قد يتساءل كثيرون إن كان العد العكسي لتحريك «المياه الراكدة» في الأزمة السورية قد بدأ؟ وهل سيترجم ترمب وعوده الانتخابية بما يؤدي إلى حلحلة الكثير من الملفات والحروب المندلعة والمترابطة في المنطقة؟ أسئلة تحتاج الانتظار قليلاً للإجابة عليها، إلى أن يعود ترمب، رسمياً، إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.