العام الدراسي اللبناني ينطلق رغم مخاطر الحرب

«التربية» أمّنت بدائل لمدارس تحوّلت مراكز إيواء

أطفال نازحون من قرى بعلبك يلهون بملعب إحدى المدارس في دير الأحمر تحولت مركز إيواء (أ.ب)
أطفال نازحون من قرى بعلبك يلهون بملعب إحدى المدارس في دير الأحمر تحولت مركز إيواء (أ.ب)
TT

العام الدراسي اللبناني ينطلق رغم مخاطر الحرب

أطفال نازحون من قرى بعلبك يلهون بملعب إحدى المدارس في دير الأحمر تحولت مركز إيواء (أ.ب)
أطفال نازحون من قرى بعلبك يلهون بملعب إحدى المدارس في دير الأحمر تحولت مركز إيواء (أ.ب)

بعد تأخر استمر 6 أسابيع عن موعده المعتاد؛ بسبب ظروف الحرب وعمليات التدمير والتهجير الجارية، انطلق العام الدراسي بقطاع التعليم الرسمي في لبنان بمراحله: الأساسي، والمتوسّط، والثانوي، وبدأت الدراسة حضورياً وعن بُعد في آن واحد، انسجاماً مع خطّة الطوارئ التي وضعها وزير التربية والتعليم العالي القاضي عبّاس الحلبي، الهادفة إلى عدم إضاعة العام الدراسي على الطلاب.

يعدّ إطلاق العام الدراسي قراراً جريئاً، خصوصاً أن معظم مباني المدارس الحكومية تحوّلت إلى مراكز إيواء منذ أكثر من شهر عندما بدأت عمليات النزوح من المناطق المدمرة في الجنوب والضاحية الجنوبية وأخيراً في البقاع؛ نتيجة الحرب الإسرائيلية على لبنان.

وكشف مستشار وزير التربية، ألبير شمعون، أن الوزارة «أوقفت الأسبوع الماضي فتح مدارس جديدة أمام النازحين تحت أي ظرف». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «برامج التدريس بدأت بشكل فعّال وطبيعي في كل المدارس الخالية من النازحين، البالغ عددها 330 مدرسة في جميع المناطق». وقال: «من أجل التعويض عن المدارس المشغولة من قبل النازحين، تقرر توزيع الطلاب عليها بحيث تتفرّغ 3 أيام لتعليم طلابها الأساسيين؛ أي أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء، وأيام الخميس والجمعة والسبت للطلاب النازحين».

وأشار إلى أن الوزارة «لديها خريطة بالمدارس التي تحوّلت إلى مراكز إيواء، وجرى تسجيل الطلاب المقيمين فيها بمدارس لا تبعد ألفي متر عن مركز الإيواء للذين تأمنت لهم وسائل النقل، أما الذين لا يمكنهم الانتقال من مراكز الإيواء إلى المدارس لأسباب أمنية، خصوصاًَ في منطقة بعلبك الهرمل (البقاع)، فسيجري تعليمهم أونلاين (عن بُعد) مراعاة للظروف الأمنية القاهرة».

وفرضت الحرب الإسرائيلية تحديات كبيرة على التعليم في لبنان بقطاعيه الرسمي والخاص؛ إذ شمل التهجير القسري الفئتين، لكن وطأته على التعليم الخاص أقل تكلفة، بالنظر إلى قدرة عائلات الطلاب على إيجاد المدارس البديلة. كما أن عمليات التهجير الأخيرة من مدن رئيسية مثل صور والنبطية وبنت جبيل (الجنوب) وبعلبك (البقاع)، عمّقت من أزمة التعليم.

وأفاد شمعون بأن «كل الطلاب الذين نزحوا في الأيام الأخيرة ولم يتسنّ لهم التسجيل في المدارس البديلة، تحوّلوا حكماً إلى نظام التعليم عن بُعد»، كاشفاً أن الوزارة «استأجرت مدارس خاصّة لتعتمدها للتدريس الرسمي خلال دوام مسائي (بعد الظهر)، أي بعد أن تنتهي هذه المدارس من تعليم طلابها في الفترة الممتدة من السابعة صباحاً حتى الثانية ظهراً».

ويشكّل التعليم الرسمي 25 في المائة من نسبة التعليم في لبنان؛ إذ إن القطاع الخاص؛ سواء في المدارس والجامعات، يشكّل 75 في المائة.

ولفت شمعون إلى أن «عدد الطلاب المسجلين في التعليم الرسمي نحو 220 ألف طالب في مراحل التعليم الأساسي، والمتوسط، والثانوي»، مؤكداً أنه «رغم قساوة الحرب، فإن أرقام الوزارة لم تسجّل عمليات انتقال من التعليم الرسمي إلى الخاص». وقال: «لا شكّ في أن الحرب تضغط على الناس مالياً، فآلاف العائلات اضطرت لاستئجار مساكن في مناطق أقل خطراً، وليس باستطاعتهم تحمّل تكاليف التعليم الخاص الذي يشكّل عبئاً كبيراً».

ثياب نازحين معلّقة على مقاعد الدراسة بمدرسة في دير الأحمر تحولت مركز إيواء (رويترز)

ويدفع طلاب التعليم الثانوي الضريبة العليا لهذه الحرب؛ لسببين: الأول خوفهم من عدم إكمال البرامج التعليمية ما دام الوضع الأمني متحرّكاً ولا أحد يعرف تطوّرات الحرب الإسرائيلية. والثاني الخشية من الانتقال إلى المرحلة الجامعية بمؤهلات أقلّ من المستوى المعهود.

لا خوف

وطمأن مدير التعليم الثانوي في وزارة التربية، خالد فايد، بأن «العام الدراسي انطلق جديّاً في 70 ثانوية خالية من النازحين وبنسبة 95 في المائة»، مشيراً إلى أن «هناك عدداً من الطلاب لم يسجّلوا بعد، وسننجز هذا الأمر بنهاية الأسبوع المقبل في حدّ أقصى». وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك 132 ثانوية تحوّلت إلى مراكز إيواء؛ استعدنا 15 منها، وجهزنا أجزاء منها لاستئناف التعليم، وذلك للتعويض عن 75 ثانوية مقفلة بالكامل في المناطق المدمرة بالجنوب والضاحية والبقاع». وشدد فايد على أنه «لا خوف على العام الدراسي، وكلّ الطلاب سيكملون المناهج التعليمية، والفترة القصيرة التي تأخر فيها انطلاق العام الدراسي لن تكون عائقاً أمام الطلاب».

مستقبل الطلاب

من جهته، أعلن «المجلس التربويّ» في حزب «القوّات اللّبنانيّة»، دعمه الكامل «قرار وزارة التّربية والتعليم العالي فتحَ المدارس الرّسميّة وبدء العام الدّراسيّ في الرّابع من تشرين الثاني (نوفمبر الحالي)، كما الخطّة التي أعدّتها مديريّة التعليم في وزارة التّربية، والتي تقضي بتعليم التلاميذ اللّبنانيّين كافة»، عادّاً أن هذا القرار «يأتي في وقت حرج يتطلّب من الجميع التّكاتف للعمل من أجل ضمان مستقبل أولادنا وتعليمهم، في مواجهة التحديات والصعوبات الناتجة عن الأوضاع الحالية المهيمنة على البلاد».

ودعا الدولة اللّبنانيّة إلى «اتّخاذ خطوات ملموسة تجاه مسألة النازحين في المدارس بما يؤمن لهم بدائل ملائمة، لتوفير مساحاتٍ للتّعليم والتّعلّم، ما يضمن عودة الأمور إلى نصابها، والحدّ من الضغوط الاقتصاديّة والاجتماعيّة الناتجة عن الأوضاع الحاليّة، بحيث تستعيد المدارس هويّتها التربويّة أماكنَ للتعلّم والتنمية».


مقالات ذات صلة

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب) play-circle 00:54

مقتل مدير مستشفى و6 من زملائه في قصف إسرائيلي على شرق لبنان

قُتل مدير مستشفى دار الأمل قرب بعلبك في شرق لبنان مع ستة من زملائه العاملين في المستشفى، الجمعة، في ضربة إسرائيلية استهدفت منزله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رجال إنقاذ وسكان يتجمعون حول أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية على قرية يونين بسهل البقاع شرق لبنان في 21 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل 47 في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

قال مسؤول لبناني إن 47 شخصاً على الأقل، قُتلوا في غارات إسرائيلية على شرق لبنان، اليوم الخميس، لتُواصل إسرائيل بذلك حملة على جماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل تستهدف أحياء مسيحية ملاصقة للضاحية الجنوبية لبيروت

الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستهدف أحياء مسيحية ملاصقة للضاحية الجنوبية لبيروت

الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

تجدّدت الغارات الإسرائيلية، الجمعة، على الأحياء المسيحية المقابلة لضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء خمسة أبنية، يقع أحدها في شارع مكتظ.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارتين، بعد ظهر الجمعة، على مبنيين يقعان على أطراف ضاحية بيروت الجنوبية في منطقة الشياح المعروفة باسم «طريق صيدا القديمة»، التي تفصل الشياح عن عين الرمانة، وهي خطوط التماس القديمة، خلال الحرب اللبنانية. كما قصف، مساء، مبنى يقع خلف خط بولفار كميل شمعون، الذي يفصل الضاحية الجنوبية عن المناطق ذات الغالبية المسيحية التي يقع فيها المبنى المستهدف.

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

ويضمّ المبنى، في طوابقه الأربعة الأولى، مؤسسات تجارية عدة ونادياً رياضياً ومختبراً، بينما الطوابق السبعة الأخرى سكنية. واستهدف الصاروخ القسم السكني من المبنى، ما أدى إلى انهياره، بينما صمدت الطوابق الأولى. وجاء استهداف المبنيين بعد إنذار إسرائيلي لسكانهما ومحيطهما بالإخلاء، قالت الوكالة الوطنية إنه أسفر عن «حركة نزوح ملحوظة» من منطقة عين الرمانة المتاخمة للشياح، والتي تقطنها غالبية مسيحية. وجاءت الضربات بعد غارات مماثلة استهدفت، صباح الجمعة، ثلاثة أبنية في منطقتي الحدث وحارة حريك، بعد إنذار إسرائيلي.

وأظهر البث المباشر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، سحب دخان وغبار تتصاعد على أثر الغارات الثلاث على المنطقة. وأفادت الوكالة بأن غارتين شنّهما «الطيران الحربي المُعادي» استهدفتا منطقة الكفاءات في الحدث، مشيرة إلى «تصاعد الدخان بشكل كثيف من محيط الجامعة اللبنانية». وأعلن الجيش الإسرائيلي، في وقت لاحق، أن مقاتلاته الحربية «أتمّت جولة جديدة من الضربات» على ضاحية بيروت الجنوبية.

امرأة وأطفال ينزحون من موقع قريب لمبنى دمرته غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

وجاءت غارات الجمعة، غداة شنّ إسرائيل سلسلة غارات كثيفة استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية وجنوب لبنان وشرقه. وشنت إسرائيل ضربات على مناطق عدة في جنوب لبنان، بعد أوامر إخلاء للسكان شملت مبنى في مدينة صور الساحلية، وبلدتين في محيطها. وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان، منذ إنهاء المبعوث الأميركي آموس هوكستين زيارته إلى بيروت، الأربعاء، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل. وللمرة الأولى منذ بدء عملياتها البرية، توغّلت القوات الإسرائيلية إلى داخل بلدة دير ميماس، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية، مشيرة إلى أن «طائرة استطلاع معادية» حلقت فوق البلدة، وهي «تطلب من المواطنين عدم الخروج من منازلهم». وأعلن «حزب الله»، الجمعة، استهدافه، مرتين، جنوداً إسرائيليين عند أطراف كفركلا، «بقذائف المدفعية».