«الديمقراطي» الكردستاني: لا «فيتو» على مشاركة أي طرف في حكومة الإقليم

أحزاب «تشكك» في نتائج الانتخابات وأخرى تنسحب من البرلمان

رجل كردي يرتدي الملابس التقليدية يُصوِّت بمركز اقتراع خلال الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان بأربيل الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
رجل كردي يرتدي الملابس التقليدية يُصوِّت بمركز اقتراع خلال الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان بأربيل الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
TT

«الديمقراطي» الكردستاني: لا «فيتو» على مشاركة أي طرف في حكومة الإقليم

رجل كردي يرتدي الملابس التقليدية يُصوِّت بمركز اقتراع خلال الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان بأربيل الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
رجل كردي يرتدي الملابس التقليدية يُصوِّت بمركز اقتراع خلال الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان بأربيل الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

يشدد الحزب الديمقراطي الكردستاني، الفائز الأكبر في انتخابات برلمان إقليم كردستان (39 من أصل 100 مقعد)، على أهمية حماية كيان الإقليم، ويؤكد أنه لا يفرض «فيتو» على مشاركة أي حزب أو شخصية سياسية في الحكومة المقبلة، التي ستتشكل بعد المصادقة على نتائج الانتخابات.

تأتي تأكيدات الحزب في ظل إعلان بعض الأحزاب الكردية «الصغيرة» عدم مشاركتها في الحكومة، وكذلك تشكيكها في نتائج الانتخابات، التي جرت في العشرين من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بالإضافة إلى انسحاب بعض الأعضاء من البرلمان.

وتجلَّى تشدد الحزب الديمقراطي، خلال اجتماع عقدته اللجنة المركزية للحزب تحت إشراف زعيمه مسعود بارزاني، حيث ناقش الاجتماع، وفقاً لبيان صادر عنه، بشكل مستفيض، مرحلة ما بعد المصادقة على النتائج النهائية، والإجراءات القانونية لتشكيل الكابينة الحكومية والمؤسسات الشرعية في الإقليم.

ونقل البيان عن بارزاني تأكيده أنه «ليس للحزب الديمقراطي أي (فيتو) على أي شخص أو جهة». كما أكد أن «الأولوية لديه والشيء المهم في هذه المرحلة هو حماية كيان الإقليم، ووجود حكومة واحدة شاملة، وحماية حقوق وحريات شعب كردستان وخدمة المواطنين».

موظفو المفوضية المستقلة للانتخابات بالعراق يقومون بفرز الأصوات مع نهاية الانتخابات البرلمانية في مركز اقتراع بأربيل الأسبوع الماضي (أربيل)

وحتى مع انتهاء معضلة انتخابات برلمان الإقليم، التي تأخرت لأكثر من سنتين، تشير ترجيحات المراقبين إلى صعوبة حسم الاتفاق على تشكيل الحكومة في وقت قريب.

ويتوقع الباحث والخبير في الشأن الكردي كفاح محمود أن «تنطلق مفاوضات تشكيل الحكومة بعد العشرين من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وهو التاريخ المحدَّد لانتهاء فترة المصادقة على نتائج الانتخابات من قِبل المحكمة الاتحادية».

وتُعدّ هذه المرة الأولى التي تقع فيها مسؤولية المصادقة على انتخابات الإقليم، على عاتق المحكمة الاتحادية، حيث أشرفت المفوضية العليا للانتخابات الاتحادية على العملية الانتخابية السادسة في كردستان. وفي الدورات الخمس السابقة، كانت مفوضية انتخابات الإقليم وقضاؤه المسؤولين عن الإشراف والمصادقة على نتائج الانتخابات.

مناطق النفوذ

يقول كفاح محمود، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحزب الديمقراطي لديه أريحية واضحة في تشكيل الحكومة بوصفه الفائز الأكبر في الانتخابات. ومن المعروف أن انتخاب رئيس الوزراء والحكومة بحاجة إلى أغلبية (النصف زائد واحد)؛ لتمريرها في البرلمان».

ويُقر محمود بصعوبة المفاوضات التي ستجرى للتوصل إلى اتفاق حول تشكيل الحكومة الجديدة داخل البرلمان.

ومع ذلك، يعتقد مسؤول كردي رفيع أن «أغلبية (النصف زائد واحد) غير كافية لتمرير الحكومة». ويشرح هذا المسؤول، الذي يُفضل عدم ذكر اسمه، ذلك بالقول، لـ«الشرق الأوسط»: «من المستحيل تشكيل الحكومة وفق النسبة اللازمة لتمريرها في البرلمان، الأمر يتطلب اتفاقاً كاملاً بين الحزبين؛ الديمقراطي والاتحاد الوطني».

ويضيف: «تكمن مشكلة الإقليم في تقاسم مناطق النفوذ بين الحزبين الرئيسيين، لذا لا يستطيع أي طرف منهما تشكيل الحكومة دون الآخر. وحتى إذا نجح أحدهما، فإن رئيس الحكومة الجديد، سواء أكان من الديمقراطي أم الاتحاد الوطني، لن يستطيع، بأي حال من الأحوال، التحكم بمناطق نفوذ الطرف الآخر».

وفاز الحزب الديمقراطي الكردستاني بـ39 مقعداً في الانتخابات الأخيرة، بينما حقق غريمه التقليدي «الاتحاد الوطني» 23 مقعداً، وحل «حراك الجيل الجديد» ثالثاً بترتيب الأحزاب الفائزة بـ15 مقعداً.

الاتحاد الإسلامي يعلّق مشاركته

على الرغم من إدارة العملية الانتخابية من قِبل مفوضية الانتخابات الاتحادية، وهو ما كان أحد مطالب معظم الأحزاب الكردية، باستثناء الحزب الديمقراطي، حيث كانت بقية الأحزاب تتهمه بالتلاعب في نتائج الانتخابات، لا تزال حالة عدم الرضا عن نتائج الانتخابات قائمة. وقد عبرت بعض الأحزاب الكردية عن هذه الحالة، حيث اتخذ «المجلس القيادي للاتحاد الإسلامي الكردستاني»، في اجتماعٍ عقده يوم السبت، قراراً نهائياً بعدم المشاركة في تشكيل حكومة كردستان المقبلة.

وقال الحزب، في بيان له، في معرض تقييمه نتائج الانتخابات، إنه «جرى نقاش حول التجاوزات التي رافقت العملية الانتخابية، وتكليف المفوضية العليا للانتخابات، بالتنسيق مع الجهات المعنية الأخرى، لمتابعة هذه المسائل، وإجراء التدابير اللازمة».

وأضاف: «تقرَّر بالإجماع، خلال الاجتماع، عدم مشاركة الاتحاد الإسلامي الكردستاني في الحكومة المقبلة، وأن يستمر في تبنّي نهجه المُعارض داخل برلمان كردستان». وحصل الاتحاد الإسلامي على 7 مقاعد في برلمان الإقليم.

امرأة كردية تتحقق من قوائم الناخبين أثناء استعدادهم للتصويت خلال الانتخابات البرلمانية في مركز اقتراع بأربيل الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

وفي مؤشر على تشكيكه بنتائج الانتخابات، أكد عضو مجلس النواب الاتحادي عن حزب الاتحاد الإسلامي، مثنى أمين، خلال مؤتمر صحافي عقده السبت، أن حزبه «مستعد للسفر إلى كوريا الجنوبية؛ من أجل التحقق من سلامة أجهزة التصويت الإلكتروني، وضمان عدم تعرضها للتلاعب»؛ في إشارة إلى أن أجهزة التصويت الإلكترونية قد استوردتها المفوضية من كوريا.

وأوضح أمين أن «كتلة الاتحاد الإسلامي الكردستاني، إلى جانب التحالفات الأخرى، كانت قد طالبت بمراجعة أجهزة التصويت، التي استُخدمت في الانتخابات الأخيرة؛ نظراً لوجود شكوك حول النتائج التي أعلنتها المفوضية».

انسحاب من البرلمان

بدورها، أعلنت جماعة العدل الإسلامية الكردستانية، التي فازت بثلاثة مقاعد في برلمان كردستان، انسحابها من البرلمان؛ لـ«عدم الرغبة في قبول المقاعد الثلاثة التي مُنحتها».

وقال أمير الجماعة، علي بابير، خلال مؤتمر صحافي عُقد السبت، إن «العودة إلى رأي الشعب مبدأ أساسي في الإسلام، ومِن حق الشعب محاسبة المسؤولين على أدائهم في التشريع، وتنفيذ القوانين».

علي بابير يعلن انسحابه من برلمان كردستان (شبكات تواصل)

وعبّر بابير عن عدم قناعته «بنسبة 100 في المائة من نزاهة نتائج الانتخابات»، مشيراً إلى أن «هناك تزويراً واسعاً شابَ العملية الانتخابية، وأن هذا التزوير قد يكون جرى من جهات خارج العراق».

وأضاف أن «الجماعة اتخذت هذا الموقف (مغادرة البرلمان) لحماية أصواتهم وتحذير السلطات من مخاطر التلاعب. ونرى أنه من الضروري الإعلان عن موقفنا، ولن نشارك في برلمان مليء بالتزوير والتلاعب».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تغادر لتنفيذ ضربات على إيران (رويترز)

غموض يحيط استخدام إسرائيل الأجواء العراقية لضرب إيران

لا يزال الغموض يكتنف ما إذا كانت إسرائيل قد استخدمت الأجواء العراقية لقصف إيران، في وقت أعلنت فصائل مسلحة عراقية توجيهها ضربات فجر الأحد إلى الجولان وإيلات.

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية رتل لقوات من الجيش العراقي (رويترز)

مسؤول عسكري: الهجوم الإسرائيلي على إيران لم يشمل العراق

نفى مسؤول عسكري رفيع تعرُّض مواقع عراقية للقصف من الطيران الإسرائيلي في أثناء قيامه، فجر السبت، بمهاجمة إيران.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي أوقفت الخطوط الجوية العراقية جميع رحلاتها بشكلٍ مؤقت لأسباب احترازية (الخطوط العراقية)

استئناف حركة الطيران في العراق وإيران بعد توقفها لساعات

أعلن وزير النقل العراقي، رزاق السعداوي، إيقاف حركة الطيران بشكل تام في جميع المطارات العراقية بشكل مؤقت.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (أ.ب)

فؤاد حسين: سماء العراق ليست فضاء للحرب

عبَّر وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، عن قلق حكومة بلاده من استخدام سماء البلاد فضاءً للحرب التي تلوح بين إيران وإسرائيل.

ميشال أبونجم (باريس)

البحر يلفظ 15 جثة على سواحل تونس الشرقية

مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

البحر يلفظ 15 جثة على سواحل تونس الشرقية

مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
مهاجرون اعتُرض قاربهم من طرف خفر السواحل التونسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

انتشل خفر السواحل التونسي نهاية الأسبوع 15 جثة لفظها البحر على شواطئ محافظة المهدية في شرق تونس التي تشهد عمليات هجرة غير نظامية كثيرة، على ما أفاد به متحدث قضائي «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الاثنين).

وأوضح المتحدث الرسمي باسم محكمة المهدية والمستير، فريد بن جحا: «انتُشلت الجثث السبت والأحد، وأُخذت عينات منها للتعرف عليها؛ لأنها متآكلة».

وفُتح بحث قضائي لتحديد جنسيات أصحاب الجثث؛ «لأنه لا يمكن التعرف عليها نظراً إلى أنها متآكلة جداً، ومجهولة المعالم»، وفقاً لفريد بن جحا.

تعدّ تونس إلى جانب ليبيا نقطتَي الانطلاق الرئيسيتين في شمال أفريقيا للمهاجرين الساعين إلى عبور البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا.

ولقي 12 مهاجراً تونسياً حتفهم في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأُنقذ 29 آخرون إثر غرق مركب كان يقلهم قبالة جزيرة جربة جنوب شرقي تونس.

ويبعد أقرب السواحل الإيطالية نحو 150 كيلومتراً عن سواحل تونس.

وكان قضى وفُقد أكثر من 1300 مهاجر خلال عام 2023 في غرق قوارب قبالة الساحل التونسي، وفق «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية».

ومنذ مطلع العام حتى منتصف مايو (أيار) الماضي، غرق 103 قوارب هجرة وفق وزارة الداخلية التونسية. وخلال الأشهر الأربعة الأولى من العام، قال الحرس الوطني إنه «اعترض أو أنقذ» 21545 مهاجراً، بزيادة تناهز 22.5 في المائة على أساس سنوي.

ووفق آخر الأرقام الصادرة عن «المنظمة الدولية للهجرة»، وخلال السنوات العشر الماضية، لقي أكثر من 30 ألف مهاجر حتفهم في البحر الأبيض المتوسط؛ أكثر من 3 آلاف منهم خلال العام الماضي فقط.

وقال وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوسي، في نهاية سبتمبر الماضي على منصة «إكس»، إن تونس «منعت منذ بداية العام خروج أكثر من 61 ألف مهاجر كانوا يريدون الوصول إلى الشواطئ الأوروبية».

وتبين إحصاءات منظمة «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» غير الحكومية أن 400 شخص على الأقل لقوا حتفهم أو فُقدوا قبالة السواحل التونسية منذ يناير (كانون الثاني) حتى يونيو (حزيران) من العام الحالي.