أكراد سوريون يخشون هجوماً تركياً جديداً ضد «الإدارة الذاتية»

الغارات الجوية المكثفة أحدثت خسائر مادية جسيمة

أهالي القامشلي يشيعون في موكب مهيب 7 موظفين ضحايا جراء القصف التركي على محطة السويدية للنفط (الشرق الأوسط)
أهالي القامشلي يشيعون في موكب مهيب 7 موظفين ضحايا جراء القصف التركي على محطة السويدية للنفط (الشرق الأوسط)
TT

أكراد سوريون يخشون هجوماً تركياً جديداً ضد «الإدارة الذاتية»

أهالي القامشلي يشيعون في موكب مهيب 7 موظفين ضحايا جراء القصف التركي على محطة السويدية للنفط (الشرق الأوسط)
أهالي القامشلي يشيعون في موكب مهيب 7 موظفين ضحايا جراء القصف التركي على محطة السويدية للنفط (الشرق الأوسط)

يخشى أكراد سوريون من عملية عسكرية برية تركية جديدة ضد مناطق سيطرة «الإدارة الذاتية»، وذلك غداة استهداف الطائرات التركية مقرات عدة تتبع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).

وقالت قوى الأمن الداخلي (الأسايش) لإقليم «شمال شرقي سوريا»، في بيان، اليوم (السبت)، إن تركيا قصفت مناطقها منذ مساء الأربعاء الماضي (23 أكتوبر الحالي) بـ 680 ضربة، أسفرت عن سقوط 17 شخصاً بينهم 3 عسكريين، وجرح وإصابة 48 آخرين، وذكرت في حصيلة غير نهائية أن الهجمات التركية توزعت كالتالي: «الطائرات المسيّرة نفذت 99 ضربة، أما الطائرات الحربية قصفت 13 مرة، بينما سقطت 573 قذيفة هاون، وبذلك يصبح المجموع العام 686 ضربة مميتة».

أهالي القامشلي يشيعون 7 موظفين ضحايا القصف التركي على محطة السويدية للنفط (الشرق الأوسط)

ويخشى سكان المنطقة (من الأكراد والعرب والمسيحيين) أن تكون هذه الهجمات مقدمة لعملية برية عسكرية واسعة النطاق، لاستهداف «الإدارة الذاتية» وجناحها العسكري «قسد» وقوى الأمن الداخلي التابعة لها، والحكم الذاتي الذي تتمتع به مناطقها، على غرار العمليات العسكرية التركية التي نفّذتها أنقرة داخل سوريا خلال السنوات السابقة في مدينة عفرين بريف حلب (غصن الزيتون - مارس/ آذار 2018)، وعملية (نبع السلام - أكتوبر/تشرين الأول 2029) في مدينتي تل أبيض بالرقة ورأس العين (سري كانيه) بالحسكة.

أثار القصف التركي على محطة السويدية بريف محافظة الحسكة ثاني أكبر محطة بعد محطة حلب الحرارية شمالاً (الشرق الأوسط)

ومع استمرار الهجمات التركية، يشعر غالبية سكان مدينة القامشلي بالقلق على مستقبل هذه الإدارة ومناطق سيطرتها بعد 10 سنوات على تأسيسها، في ظل التهديدات المتكررة التي حرمت الأهالي من الاستقرار، وسط تدهور معيشي واقتصادي غير مسبوق، تعيشه معظم المناطق السورية منذ سنوات.

وذكرت «الإدارة الذاتية» في بيان نشر على موقعها الرسمي، اليوم (السبت)، أن الهجمات التركية تسببت في تدمير قطاع الكهرباء و«حرمت أكثر من 250 ألف عائلة من الكهرباء، وانقطاع المياه وخلق أزمة كبيرة لقطاع المخابز»، وعدت الإدارة عمليات القصف «إبادة واضحة لمشروع شعبنا ودعماً للإرهابيين»، في إشارة إلى عناصر الفصائل السورية المعارضة الموالين لتركيا، مستنكرة الصمت الدولي ووصفته بـ«العار».

وحذر رئيس هيئة الطاقة في «الإدارة الذاتية»، زياد رستم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من أن الأضرار والخسائر التي تعرض لها قطاع الطاقة جراء الضربات التركية خلال الأيام الماضية، تقدر بأكثر من خمسة ملايين دولار أميركي، وأشار إلى أن «ثلاث محطّات لتحويل الكهرباء (كوباني بحلب، وعامودا وتربسبيه بالحسكة) خرجت عن الخدمة؛ إثر تعرضها للقصف الذي دمر محولاتها الرئيسية»، منوهاً بأن القصف شمل أكثر من 10 حقول نفطية في المنطقة، ما «سينعكس سلباً ويؤثر على السكان في كل المجالات والقطاعات».

نشطاء أكراد ينظمون وقفة احتجاجية أمام مقر الأمم المتحدة في مدينة القامشلي اليوم السبت (الشرق الأوسط)

وبحسب شهود عيان وسكان أكراد محليين، استهدفت الطائرات التركية معملاً مدنياً لصناعة الألبان والأجبان في مدينة المالكية (ديريك)؛ ما أدى لإصابة 3 سيدات عاملات بجروح، إحداهن في حالة حرجة، كما طال القصف جراجاً لتصليح السيارات في المنطقة الصناعية بالمدينة ذاتها؛ ما تسبب بحالة من الذعر والرعب عاشها السكان والأهالي.

وحثت منظمة «أطباء بلا حدود» العاملة في مخيمات بشمال شرقي سوريا، جميع الأطراف المتحاربة إعطاء الأولوية لسلامة المدنيين، والامتناع عن استهداف البنية التحتية الأساسية خلال هذا الصراع.

وقالت المنظمة الإنسانية في بيان، نشر (السبت)، على صفحتها الرسمية بموقع «فيسبوك»: «التصعيد الأخير يستهدف البنية التحتية المدنية ويلحق الضرر بمرافق الرعاية الصحية؛ ما يؤدي إلى سقوط ضحايا من المدنيين، ومن شبه المؤكد أن هذا التصعيد سيؤثر بشدة على وصول الناس إلى الخدمات الأساسية، وسيؤدي إلى تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي لمنطقة دمرها بالفعل أكثر من عقد من الصراع».


مقالات ذات صلة

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا بعد التصريحات الأخيرة لروسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لم تصدر أي تفاصيل حول نتائج لقاء الموفد الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الأحد، مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

بينما يحاول رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ووزير خارجيته فؤاد حسين، العمل للحيلولة دون توجيه ضربة إسرائيلية إلى العراق، تتناقض مواقف القوى السياسية العراقية. ففي وقت أعلن البرلمان العراقي أنه سوف يعقد الاثنين جلسة مغلقة لمناقشة التهديدات الإسرائيلية، خرقت بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران جدار الصمت الذي التزمت به طوال الأيام الماضية باستئنافها التهديد ضد إسرائيل بالتزامن مع دخول رئيسَي الحكومة السابقين حيدر العبادي وعادل عبد المهدي على خط التصعيد.

السوداني خلال كلمة له في الذكرى المئوية لتأسيس وزارة الخارجية قال إن «العراق دعا مبكراً إلى تكثيف الجهود لإنهاء الحرب في فلسطين ولبنان وحماية المدنيين، والعمل على عدم اتساع نطاق الحرب»، مشيراً إلى أن «الكيان الصهيوني هدد العراق بذرائع واهية تكشف عن نياته العدوانية؛ ما استلزم منا التأكيد على عدم جعل العراق منطلقاً لأي هجوم». وفي مسعى منه لتجنيب العراق المواجهة المحتملة مع إسرائيل، أكد السوداني أنه وجّه «وزارة الخارجية بمتابعة ملف التهديد الصهيوني بالمحافل الدولية لمنع محاولات الكيان إشعال الحرب في المنطقة بشكل أكبر».

عين العاصفة

وبينما خرقت الفصائل المسلّحة جدار الصمت طوال الأيام الماضية بعد تهديدات إسرائيلية بدت جادة هذه المرة لتوجيه ضربة ضد العراق، فقد دخل رؤساء وزراء سابقون على خط التعبير عن المخاوف من إمكانية حصول هذه الضربة والمآلات التي يمكن أن تنتهي إليها.

وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي إن «اللحظة الإقليمية والدولية لحظة تحوّلية خطيرة وخطرة، وعراقنا في عين العاصفة».

صورة للأمين العام السابق لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله الذي اغتالته إسرائيل مرفوعة في أحد شوارع بغداد (أ.ف.ب)

وقال العبادي في تدوينة له على منصة «إكس» إن «العراق قادر على الخروج منها أقوى وأكثر تماسكاً، ولقد برهن العراقيون على قدرتهم وشجاعتهم في مواجهة التحديات الوجودية في الماضي القريب، ويمكنهم فعل ذلك مرة أخرى». غير أن العبادي حذّر مما أسماه «ثلاث خطايا وهي: الانقسام السياسي على مستوى السياسات والقرارات الوطنية. والسماح للمغامرين بقيادة السياسات والقرارات الوطنية. والانحياز الجبهوي في السياسات والقرارات الوطنية لصالح أحد المحاور المتصارعة بالضد من المصلحة الوطنية العراقية». وأضاف العبادي: «رسالتي للسّاسة: علينا رفض الروح الانهزامية، وعلينا بوحدة الصف وعقلانية السياسة وواقعية القرار».

من جهته، قال رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي في تدوينة له إن «العراق والمنطقة - كانا وما زالا - في صلب (بلفور) و(سايكس - بيكو)»، مبيناً أن «ترتيبات وجودية وسيادية ومستقبلية ندفع عالياً أثمانها، فلا انهزام، ولا هروب من مواجهتها، ولا وقوف على التل»، على حد قوله.

إلى ذلك، حددت الفصائل المسلحة طبيعة الرد المحتمل في حال وجهت إسرائيل ضربات إلى العراق جرى تداول العديد من الأهداف المفترضة لها داخل العراق. وقال مصدر لأحد الفصائل المسلحة في تصريحات صحافية إن الفصائل تؤكد أن «التهديد الصهيوني باستهداف بغداد ليس مفاجئاً، وهو متوقع منذ أشهر، ونحن في جهوزية تامة لأي سيناريو من الآن». وأضاف: «طبيعة الرد على أي عدوان يطال بغداد ستحددها تنسيقية فصائل المقاومة، ولكن في كل الأحوال سيكون هناك رد مضاعف، لكن طبيعة الأهداف التي سيتم توجيه الضربات إليها ستختلف حتماً».

وأشار المصدر إلى أن «الرد لن يطال الكيان بل حلفاءه، وهذه رسالة قلناها من قبل ونكررها؛ لأنه لن يكون بمقدور المحتل ضرب بغداد دون دعم معلوماتي وفني من أميركا وغيرها، ومستعدون لنقل المعركة إلى مستويات أكبر». وبيّن أنه «إذا لم تنتهِ حرب الإبادة في فلسطين ولبنان ستبقى مسيّراتنا تضرب الكيان المحتل، ولن نتراجع عن موقفنا المبدئي مهما كانت الضغوط والتضحيات».