«حزب الله» يعيد انتشاره لحماية «قاعدته اللوجيستية» في سوريا

إسرائيل تركز على استهداف المعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية

أضرار خلفتها غارة إسرائيلية على معبر الجوسية الحدودي بين سوريا ولبنان الجمعة (أ.ف.ب)
أضرار خلفتها غارة إسرائيلية على معبر الجوسية الحدودي بين سوريا ولبنان الجمعة (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يعيد انتشاره لحماية «قاعدته اللوجيستية» في سوريا

أضرار خلفتها غارة إسرائيلية على معبر الجوسية الحدودي بين سوريا ولبنان الجمعة (أ.ف.ب)
أضرار خلفتها غارة إسرائيلية على معبر الجوسية الحدودي بين سوريا ولبنان الجمعة (أ.ف.ب)

مع تصاعد الحرب التي تشنها إسرائيل ضده في لبنان، يسعى «حزب الله» إلى «حماية قاعدته اللوجيستية» في سوريا، من خلال عمليات إعادة الانتشار التي ينفذها ضمن المناطق التي يوجد فيها، وذلك بهدف ضمان استمراره في القتال.

وذكرت مصادر محلية في مناطق ريف حمص المحاذية للحدود مع لبنان، أن أعداداً كبيرة من مقاتلي الحزب، الذين قَدَموا من مناطق شرق سوريا، التي تسيطر عليها ميليشيات «الحرس الثوري» الإيراني وميليشيات تابعة له، بقوا في المناطق التي يسيطر عليها الحزب في ريف المحافظة، في حين انسحبت أعداد صغيرة منهم إلى لبنان.

وأشارت المصادر إلى أن المقاتلين الجدد تمركزوا مع نظرائهم في مناطق ريف حمص المحاذية للحدود مع لبنان، لافتة إلى أن هؤلاء نادراً ما يظهرون بشكل علني، كما أنهم يقومون، وبشكل دوري، بتغيير أماكن تمركزهم بسبب الغارات الإسرائيلية التي تستهدف أماكن وجودهم ومواقعهم بشكل مستمر.

أضرار خلفتها غارة إسرائيلية على معبر الجوسية الحدودي بين سوريا ولبنان الجمعة (أ.ف.ب)

بدورها، تحدثت مصادر محلية في منطقة القلمون الغربي بريف دمشق، المحاذية للحدود مع لبنان، عن أن أعداداً قليلة جداً من مقاتلي الحزب المنتشرين في قرى وبلدات المنطقة انسحبت إلى لبنان.

وقالت المصادر: «إضافة إلى الموجودين، يأتي مقاتلون جدد تابعين للحزب، لا نعلم من أين، وينضمون إلى الموجودين، وهم يغيّرون باستمرار أماكن وجودهم ضمن تلك المناطق خشية الغارات الإسرائيلية».

مصادر متابعة أشارت إلى أنه قبل عام 2011، كان لـ«حزب الله» وجود محدود للغاية في المنطقة السورية الحدودية مع لبنان، ولكن بعد تدخله إلى جانب الجيش السوري في سنوات الحرب الأولى بالبلاد، انتشرت مواقعه من محافظة القنيطرة إلى ريف حمص الغربي مروراً بقرى ريف دمشق، الموازية لمواقع الحزب على الجانب المقابل من الحدود.

أعلام سوريا و«حزب الله» في القصير خلال يونيو 2013 (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب بعد تدخله في الحرب السورية، حرص على إيجاد مواقع له وموطئ قدم لمقاتليه في مناطق ريف حمص والقلمون الغربي الشاسعة، المحاذية للحدود مع لبنان.

وذكرت المصادر أن تجربة «حرب تموز» عام 2006، أظهرت للحزب أن لديه معضلة لوجيستية، تمثلت في قلة العمق الاستراتيجي، وقد أمكن التعامل معها من خلال انتشاره الواسع في الأراضي السورية المحاذية للحدود مع لبنان، بعد تدخله في الحرب السورية.

وقالت: «حالياً في ظل الحرب الإسرائيلية، تشكل مناطق انتشار الحزب في سوريا قاعدة لوجيستية له... في كل تشكيل عسكري يوجد شيء اسمه قسم الشؤون الإدارية، وهو المسؤول عن عمليات التزود بالسلاح والمؤن والمال».

وأضافت: «قاعدة (حزب الله) اللوجيستية في سوريا، هي قسم الشؤون الإدارية بالنسبة له، للتزود بالسلاح والمؤن والمال الآتي من إيران عبر ما يسمى طريق طهران - بغداد - البوكمال - حمص - ريف دمشق - البقاع».

غارة إسرائيلية على مستودع صواريخ لـ«حزب الله» في اللاذقية 17 أكتوبر الحالي (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وأوضحت المصادر أن مسألة بقاء أو إزالة هذه القاعدة اللوجيستية هي مسألة حياة أو موت بالنسبة للحزب، وأضافت: «يوجد لدى الحزب مقاتلون كثر، ولكن إذا انقطعت إمدادات السلاح والمؤن والمال فكيف سيقاتل».

ولفتت إلى أنه بناءً على ذلك، يسعى «حزب الله» جاهداً إلى حماية قاعدته اللوجيستية الوحيدة التي يتم من خلالها التزود بالسلاح والمؤن والمال، على الرغم من تقييد دمشق لتحركات مقاتلي الحزب والميليشيات الإيرانية في الأراضي السورية، مع تزايد احتمالات توسع الحرب التي تشنها إسرائيل على الحزب في لبنان، لتشمل سوريا، ومحاولة دمشق تجنبها.

وقالت: «المؤشرات تدل على أن الحرب الإسرائيلية على الحزب قد تطول، وبالتالي من المستبعد أن يسحب مقاتليه لا من ريف حمص، ولا من القلمون الغربي، بل العكس، يمكن أن يعزز وجوده هناك للإبقاء على قاعدته اللوجيستية»، لافتة إلى أنه كلما طالت حرب إسرائيل على «حزب الله» في لبنان يصبح الأخير بحاجة أكثر لهذه القاعدة، وتصبح احتمالات توسع الحرب لتشمل سوريا، أكثر.

ومنذ تصعيد حربها على «حزب الله» في لبنان كثفت إسرائيل غاراتها على الأراضي السورية، خصوصاً في محافظتي حمص وحماة وسط البلاد، وتقول إنها تستهدف بنى تحتية للحزب.

واستهدفت، صباح الجمعة، غارات لطائرات إسرائيلية معبر «جوسيه - القاع» على الحدود اللبنانية السورية، الذي يقع قرب منطقة القصير في ريف حمص؛ ما أدى إلى خروجه عن العمل، وذلك بعد استهداف معبر «المصنع - جديدة يابوس» ثلاث مرات.

وتشهد الحدود السورية - اللبنانية تصعيداً إسرائيلياً على المعابر والنقاط الحدودية، في محاولة لقطع طرق الإمداد عن «حزب الله» اللبناني والميليشيات الإيرانية الموجودة في سوريا.

فمنذ شهر، كثفت إسرائيل ضرباتها الجوية والصاروخية على مواقع يُعتقد أنها تستخدم لنقل الأسلحة والمعدات العسكرية إلى داخل لبنان. وشملت هذه العمليات المعابر الشرعية وغير الشرعية، التي تقول إسرائيل إنها ممرات تابعة لـ«حزب الله».

ووفقاً لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فقد استهدفت إسرائيل الحدود السورية - اللبنانية 23 مرة، منذ 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، وامتدت هذه الاستهدافات إلى عمق الأراضي السورية، حيث استهدفت مواقع ومباني تابعة لقوات النظام السوري وأجهزته الأمنية عند الحدود بين البلدين؛ ما أسفر عن تدمير عدة مواقع، وخروج معابر مهمة شرعية عن الخدمة، وتسبب ذلك بإعاقة حركة مرور النازحين من لبنان باتجاه الأراضي السورية.


مقالات ذات صلة

وفاة حالة وإصابة العشرات بالكوليرا في مخيم «الهول» شرق سوريا

المشرق العربي الخدمات الطبية بمخيم «الهول» محدودة أمام عدد سكانه (الشرق الأوسط)

وفاة حالة وإصابة العشرات بالكوليرا في مخيم «الهول» شرق سوريا

سُجلت بمخيم «الهول» شرق سوريا حالة وفاة بالكوليرا وعشرات الإصابات لأول مرة منذ تأسيسه قبل 10 سنوات.

كمال شيخو (الحسكة)
شؤون إقليمية القصف التركي على مواقع «قسد» يركز على حقول النفط ومحطات الكهرباء والبنى التحتية (الإدارة الذاتية- إكس)

تركيا مستمرة في تصعيد ضرباتها على «قسد» وتدفع بتعزيزات إلى شرق سوريا

دفعت القوات التركية بتعزيزات لقواعدها في شمال محافظة الرقة، شمال سوريا، في ظل استمرار ضرباتها الجوية لمواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال وشرق سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أهالي القامشلي يشيعون في موكب مهيب 7 موظفين ضحايا جراء القصف التركي على محطة السويدية للنفط (الشرق الأوسط)

أكراد سوريون يخشون هجوماً تركياً جديداً ضد «الإدارة الذاتية»

يشعر غالبية سكان مدينة القامشلي بالقلق على مستقبل «الإدارة الذاتية» ومناطق سيطرتها بعد 10 سنوات على تأسيسها.

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي رجلان على دراجة نارية وخلفهما منشأة نفطية تعرَّضت لقصف تركية في محافظة الحسكة الجمعة (أ.ف.ب)

عشرات الضحايا بغارات تركية مكثفة على شمال شرقي سوريا

جدّدت تركيا غاراتها الجوية المكثفة على مناطق متفرقة في إقليم «شمال شرقي سوريا» منذ فجر الجمعة.

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية جانب من مباحثات إردوغان وبوتين على هامش قمة مجموعة «بريكس» في قازان جنوب روسيا (الرئاسة التركية)

إردوغان طلب من بوتين دفع التطبيع بين أنقرة ودمشق

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنه طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دفع الاتصالات بين أنقرة ودمشق لتطبيع العلاقات ولمَّحَ إلى عملية عسكرية في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

نازِحو غزة يصنعون ملابس الشتاء من البطاطين

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
TT

نازِحو غزة يصنعون ملابس الشتاء من البطاطين

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)
يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)

على أبواب فصل الشتاء البارد والممطر، يصنع فلسطينيون نازِحون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين، في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء، بعد اضطرارهم للسكن في خيام وملاذات مؤقتة قرب شاطئ البحر.

وتقوم نداء عطية (31 عاماً) وآخرون بأخذ المقاسات، وقص قماش البطاطين وخياطتها في خيمة بالقرب من الشاطئ في المواصي بخان يونس جنوب قطاع غزة.

ويتم العمل بالكامل يدوياً، ويتطلّب جهداً شاقاً، وفي غياب الكهرباء، حيث يتسنى لهم توليد الطاقة باستخدام دواسات دراجة متصلة بحزام بماكينة الخياطة الخاصة بهم. وقالت نداء لـ«رويترز»: «قدوم فصل الشتاء للمرة الثانية والناس من دون أي ملابس».

وفي مكان قريب، وقف طفل صغير على طاولة، بينما كانت امرأة أخرى تأخذ مقاساته لتصنع له سترة تحميه من برد الشتاء. وقالت نداء: «ما في أي ملابس دخلت البلد، حاولنا وفكّرنا ملياً إحنا كيف يمكن نُوجِد حل لعدم توافر الأقمشة، فطلعنا بفكرة إعادة تدوير البطانيات الحرارية لملابس شتوية».

يصنع الفلسطينيون ملابسهم بإعادة تدوير البطاطين في محاولة يائسة للحصول على قليل من الدفء (رويترز)

وتعتمد مبادرة (إبرة وخيط) التي أطلقتها نداء في سبتمبر (أيلول) في الغالب على متطوعين، لكن بعضهم يحصلون على مبلغ صغير، وتُباع الملابس بما يتراوح بين 70 و120 شيقل (18 إلى 30 دولاراً)، لكن الأسعار تكون أقل لمن يُحضرون معهم البطانيات.

قد يكون الشتاء في غزة قاسياً؛ إذ يتّسم بدرجات حرارة منخفضة ورياح قوية، وفي العام الماضي غمرت الأمطار الغزيرة بعض الملاجئ. وبعد مرور ما يزيد على عام على اندلاع الحرب، صار الكثيرون من سكان غزة بلا دخل، ويحاول بعضهم بيع ممتلكاته، ومنها ملابس مستعمَلة، لكن قلة فقط منهم صار بإمكانهم تحمّل أسعار السلع الأساسية.

ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، انخفض حجم المساعدات الدولية التي تدخل غزة إلى أدنى مستوى له على مدى العام، في حين حذّر تقرير مرصد دولي لمراقبة الجوع من مجاعة وشيكة.

نازحون

نزح معظم سكان غزة، البالغ عددهم نحو مليوني شخص، بسبب الهجوم الإسرائيلي المتواصل على القطاع الساحلي.

وقالت سميرة طموس، التي تنحدر من مدينة غزة في شمال القطاع، ولكنها تعيش الآن في مأوى مؤقت في المواصي: «بقالنا سنة نازحين وزيادة، إجى علينا شتا، وهاي إجى علينا كمان شتا».

وأضافت، بينما كانت ابنتها البالغة من العمر 13 عاماً والمصابة بمتلازمة داون ترتدي ملابس مصنوعة في إطار المبادرة: «ما عندناش أي ملابس شتوية بالمرة، لا في السوق، ولا ألبّس بنتي المريضة عندي كمان، والمعابر مسكّرة، اضطريت آخد الغطا البطانية علشان أعملها لبس لبنتي علشان تتدفى؛ لأن إذا أنا استحملت البرد هي ما تستحمل البرد».

وبدأ الهجوم الإسرائيلي على غزة رداً على هجوم قاده مسلّحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقال مسؤولون إسرائيليون إن هجوم «حماس» أدى لمقتل 1200 شخص، واحتجاز نحو 250 رهينة.

وتقول وزارة الصحة في القطاع إن الهجوم الإسرائيلي أسفر حتى الآن عن مقتل نحو 43 ألف شخص.