هوكستين يطلق «التفاوض» بين لبنان وإسرائيل لـ«تطبيق حرفي للقرار 1701»

تلقى في بيروت رداً إيجابياً على «المسار المقترح»... والخطوة اللاحقة رهن تجاوب تل أبيب

TT

هوكستين يطلق «التفاوض» بين لبنان وإسرائيل لـ«تطبيق حرفي للقرار 1701»

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في مقر الأخير (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في مقر الأخير (أ.ف.ب)

أطلق مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى المنطقة، آموس هوكستين، شرارة «التفاوض غير المباشر» بين لبنان وإسرائيل، وذلك في أول زيارة له إلى بيروت منذ توسع المواجهات بين إسرائيل و«حزب الله» أواخر الشهر الماضي.

وفيما التقى هوكستين في بيروت، الاثنين، رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزف عون، قالت مصادر لبنانية شاركت في بعض اجتماعات هوكستين لـ«الشرق الأوسط» إن الموفد الأميركي أتى مع خطة عمل يريد أن يجلب إليها طرفي المواجهة.

وكشفت المصادر أن هوكستين تلقى «رد فعل إيجابياً» من لبنان، على أن يستكمل اتصالاته مع الإسرائيليين ليكون في تل أبيب مع نهاية الأسبوع إذا لمس إيجابيات في اتصالاته.

وأكدت المصادر أن هوكستين لم يحمل أي شروط إسرائيلية لوقف النار، وأنه - على الأقل - لم يطرح أياً من الشروط التي تم تداولها عن طلب إسرائيل حرية الحركة في الأراضي والأجواء اللبنانية مستقبلاً. وأشارت المصادر إلى أن «الموفد الأميركي رسم مساراً ينتهي بتنفيذ حرفي للقرار 1701، لا تعديله، ووقف دائم لإطلاق النار». وأكدت أن هوكستين أبلغ الجميع بأن واشنطن تريد «تنفيذاً حرفياً للقرار وليس تعديله».

لقاء بري

واستهل هوكستين لقاءاته في بيروت مع بري، بحضور السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون، والمستشار الإعلامي لبري علي حمدان. وأكد بري بعد اللقاء الذي دام لأكثر من ساعة أن الاجتماع «كان جيداً، والعبرة في النتائج».

وتحدث هوكستين معرباً عن حزنه «لأنني أشهد آلام شعب لبنان». وقال: «أمضينا 11 شهراً نحاول أن نحتوي الأزمة ولم نتمكن من حلها، وخلال كل زيارة كنت أنبه إلى أن الوضع ملح، وأن الوضع القائم لا يمكن أن يستمر، وكان علينا أن نصل إلى حل، أو أن الأمور ستتصاعد وتخرج عن السيطرة، وقد وقفت في هذا المكان مرة وراء مرة، خاصة في شهر أغسطس (آب) مؤخراً، ونبهت حول ضرورة إنهاء الوضع، والحل كان ممكناً، ولكن تم رفضه، وخرجت الأوضاع عن السيطرة كما كنا نخشى».

وأضاف: «أود أن أكون واضحاً للغاية أن ربط مستقبل لبنان بنزاعات أخرى في المنطقة، لم يكن، وليس في مصلحة الشعب اللبناني، وكما قال رئيسنا (الرئيس بايدن) هدفنا الوصول إلى اتفاق شامل يشمل قرار مجلس الأمن 1701، ويضمن أن يكون هذا النزاع هو الأخير لأجيال عديدة».

واعتبر أن القرار 1701 «كان ناجحاً في إيقاف الحرب في عام 2006، ولكن علينا أن نكون صريحين: (لم يقم أي أحد بأي شيء لتطبيقه)، وعدم التطبيق خلال كل هذه السنوات ساهم في الأزمة التي وصلنا إليها الآن، وهذا يجب أن يتغير، لأن التزام الطرفين بالـ1701 لا يكفي. وأنا عدت اليوم إلى بيروت لأقوم بمباحثات مع الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني ورؤساء وقادة سياسيين آخرين، وبصراحة أي شخص يمكن أن يلعب دوراً أساسياً لوضع لبنان على طريق جديد من القوة والاستقرار، وأيضاً الازدهار الاقتصادي».

رئيس البرلمان نبيه بري خلال استقبال المبعوث الأميركي آموس هوكستين (أ.ف.ب)

ورأى أن لبنان «وكل رؤساء سلطاته وقادته يحتاجون لدعم العالم، وأن الولايات المتحدة الأميركية وشركاءنا ملتزمون بدعم لبنان»، قائلاً إن «الحكومة اللبنانية عليها أن تضع احتياجات شعبها أولاً، وإن العالم سيقف إلى جانب لبنان وقادته، إذا قاموا بأخذ الخيارات الشجاعة والصعبة والضرورية والمطلوبة في هذا الوقت لمصلحة كل الشعب اللبناني».

وشدد على أن «أميركا تريد إنهاء هذه المواجهة وهذا النزاع بأسرع وقت ممكن، هذا ما يريده الرئيس بايدن، وهذا ما نريده ونعمل من أجله جميعاً»، وقال: «إننا نعمل مع الحكومة اللبنانية والدولة اللبنانية ومع الحكومة الإسرائيلية للوصول إلى صيغة تضع حداً لهذا النزاع للأبد، وتضع آليات أيضاً تسمح، ليس بإنهاء النزاع بأن يتوقف الآن ونبدأ مجدداً في الأسبوع المقبل أو الشهر المقبل أو العام المقبل، بل لينتهي النزاع نهائياً، والجميع يستطيعون العودة إلى منازلهم، ويعرفون أننا وصلنا إلى عهد جديد من الازدهار، وهذا ما نحاول أن ننفذه بأسرع وقت ممكن».

وأكد أن «التزامنا هو أن نحل هذا النزاع استناداً وبناءً على القرار 1701، هذا ما سيكون شكل الحلول، وللقيام بذلك، يجب أن نتأكد من كل الأطراف في هذا النزاع أن يعرفوا أن القرار 1701 سيطبق».

1701 كما هو

وفي رد غير مباشر على تأكيد لبنان الالتزام بالقرار 1701، قال: «هذا ما قاله الجميع في 2006، وهذا ما وصلنا إليه الآن، نحن بعيدون عن الكثير مما كان يجب أن يطبق من القرار 1701. أنا هنا اليوم لكي أستطيع أن أجري المحادثات، ليس حول تغيير 1701... القرار 1701 كما هو، وهذا ما سنتطلع إليه كأساس لوضع حد لهذا النزاع، ولكن ما يجب القيام به بالإضافة إلى ذلك التأكد من تطبيقه وتنفيذه بطريقة عادلة ودقيقة وشفافة لكي يعرف الجميع المسار الذي نحن عليه، وأعتقد أن ذلك يأتي من الثقة التي يجب أن تعطيها الحكومة الإسرائيلية والحكومة اللبنانية للشعوب على جانبي الحدود، وأيضاً المجتمع الدولي الذي يجب أن يساهم في دعم لبنان وإعادة بنائه، وما يواجهه من دمار».

وأضاف هوكستين: «يجب أن تكون هناك إعادة إعمار، ويجب أن تكون هناك إعادة إعمار اقتصادية للبنان، وعلى المجتمع الدولي أن يلتزم القيام بذلك، أميركا ملتزمة وسيكون علينا دعم الجيش اللبناني، لأننا إذا أردنا أن يكون الجيش اللبناني هو الجزء المهم في وقف هذه الأعمال العدائية وإنهاء هذا النزاع، سيكون الجيش اللبناني بحاجة إلى المجتمع الدولي ومساعدته. الجيش اللبناني باستطاعته أن يحمي لبنان ومرافئه بما في ذلك الحدود وكل جزء من البلد، ولكنه يحتاج إلى المساعدة».

ورفض التعليق على ما أورده موقع «أكسيوس» عن شروط إسرائيل لوقف النار، قائلاً: «لن أعلق على تقارير مختلفة في الإعلام عن أجزاء مختلفة، ومغالطات مختلفة، وتكتيكات ومفاوضات مختلفة، وستكون لدينا محادثات مع الحكومة اللبنانية والحكومة الإسرائيلية حول أفضل الطرق للوصول إلى وقف الأعمال العدائية، ووضع حد لهذا النزاع».

لقاء ميقاتي

وخلال الاجتماع الذي جمع هوكستين مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، شدد الأخير، وفق بيان صادر عن مكتبه على «أن الأولوية هي لوقف إطلاق النار والتطبيق الشامل والكامل للقرار 1701؛ لكونه الركيزة الأساسية للاستقرار في المنطقة»، مشيراً إلى «أن الجهود الدبلوماسية ناشطة للتوصل إلى وقف قريب لإطلاق النار».

وأرسى القرار 1701 وقفاً للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة في يوليو (تموز) 2006. وينصّ القرار على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل)، وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.

ويكرر لبنان على لسان مسؤوليه تمسكه بتطبيق القرار 1701، واستعداده لفرض سيادته على كامل أراضيه فور التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع إسرائيل، التي صعدت منذ 23 سبتمبر (أيلول) غاراتها الجوية على معاقل «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها، ثم بدأت نهاية الشهر ذاته عمليات توغل بري جنوباً.

أبو الغيط

وتزامنت زيارة هوكستين مع زيارة يجريها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى بيروت، حيث التقى أيضاً ميقاتي وبري، في إطار المساعي المبذولة لوقف التصعيد الإسرائيلي. وقال أبو الغيط بعد لقائه بري: «الجامعة تقف إلى جانب لبنان في هذه المحنة».

وبعد لقائه ميقاتي، أكد أبو الغيط أن «لدى القيادة اللبنانية، سواء في مجلس النواب أو الحكومة، استعداداً واضحاً وإيجابياً للتفاعل مع الورقة الأميركية، وهناك أمل بأن تتحرك الأمور بشأن لبنان في هذه الأزمة الحادة جداً التي يواجهها». وأشار إلى أنه بحث مع رئيس الحكومة اللبنانية «الإجراءات المتاحة التي يمكن القيام بها دبلوماسياً على النطاق العربي، وأعتقد أننا على وشك التوصل إلى تفاهم في هذا الشأن نخطر به أشقاءنا في العالم العربي».


مقالات ذات صلة

60 قتيلاً على الأقلّ في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

المشرق العربي مبنى مُدمر جراء غارة إسرائيلية على مدينة صور (أ.ب)

60 قتيلاً على الأقلّ في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

قُتل 60 شخصاً على الأقلّ في غارات إسرائيلية، يوم (الاثنين)، على قرى عدّة في شرق لبنان، على ما أفادت وزارة الصحة اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أشخاص يحملون أمتعتهم أثناء عبورهم من لبنان إلى سوريا وهم يسيرون بجوار حفرة ناجمة عن ضربة إسرائيلية وقعت في وقت مبكر من صباح الجمعة عند معبر جوسيه بين سوريا ولبنان... 28 أكتوبر 2024 (رويترز)

العبور من لبنان يتراجع 90 % بعد ضرب إسرائيل معبراً بوسط سوريا

انخفض عدد الوافدين من لبنان إلى سوريا عند معبر حدودي ثانوي بنسبة 90 في المائة، كما قال مسؤول محلي، الاثنين، بعد غارة إسرائيلية استهدفته.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سيدات جنوبيات نازحات إلى أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

توتر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين في لبنان

تتفاقم الهواجس من فتنة داخلية قد تعمد إسرائيل إلى إذكائها في ظل توافر معظم عناصرها، بخاصة لجهة التوتر المسيطر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين.

بولا أسطيح (بيروت)
خاص عَلم لـ«حزب الله» مرفوع قرب موقع استهداف إسرائيلي مباني في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

خاص «خبراء» من «الحرس الثوري» يشرفون على معارك جنوب لبنان

أكد مصدر سياسي لبناني على صلة وثيقة بـ«حزب الله» لـ«الشرق الأوسط»، إشراف «خبراء» من «الحرس الثوري» على المعارك التي يخوضها الحزب، لكنه نفى وجود مقاتلين إيرانيين.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدينة صور بجنوب لبنان (أ.ف.ب) play-circle 00:38

لبنان: أوامر إخلاء إسرائيلية لأحياء في صور وسط غارات قتلت 7 أشخاص

أفادت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم الاثنين، بسقوط 7 قتلى جراء غارة إسرائيلية استهدفت مدينة صور بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل تستغل تعثّر المباحثات بتحويل جنوب لبنان إلى «أرض محروقة»

الدخان يتصاعد جراء قصف إسرائيلي استهدف الواجهة البحرية السياحية لمدينة صور في جنوب لبنان (أ.ب)
الدخان يتصاعد جراء قصف إسرائيلي استهدف الواجهة البحرية السياحية لمدينة صور في جنوب لبنان (أ.ب)
TT

إسرائيل تستغل تعثّر المباحثات بتحويل جنوب لبنان إلى «أرض محروقة»

الدخان يتصاعد جراء قصف إسرائيلي استهدف الواجهة البحرية السياحية لمدينة صور في جنوب لبنان (أ.ب)
الدخان يتصاعد جراء قصف إسرائيلي استهدف الواجهة البحرية السياحية لمدينة صور في جنوب لبنان (أ.ب)

تستغل إسرائيل التعثر في المباحثات الآيلة للتوصل إلى اتفاق لوقف النار في جنوب لبنان، بتوسعة القصف الذي طال الواجهة البحرية السياحية لمدينة صور بجنوب لبنان، واستكمال مخطط تحويل المنطقة الحدودية إلى «أرض ممسوحة ومحروقة»، استخدمت فيها الجرافات إلى جانب أحزمة التفخيخ بالمتفجرات، فضلاً عن قصف جوي عنيف يطول مختلف الأراضي اللبنانية.

الدخان يتصاعد على الواجهة البحرية السياحية لمدينة صور إثر غارات إسرائيلية (إ.ب.أ)

وتراجعت الآمال التي كانت معقودة على اختراق دبلوماسي، يلي زيارة للمبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين إلى تل أبيب كانت مزمعة، الاثنين، حسبما روجت وسائل إعلام إسرائيلية ومحلية خلال اليومين الماضيين، إذ تبين أن هوكستين لم يقم بزيارة إلى المنطقة بعد، وكان لا يزال حتى مطلع الأسبوع، في الولايات المتحدة، حسبما قالت مصادر لبنانية مواكبة لحركة المبعوث الأميركي.

وقالت المصادر لـ«الشرق الاوسط» إن التحرك الفعّال الوحيد الذي يُعول عليه في هذا الوقت، هو التحرك الأميركي الذي يلقى مؤازرة عربية وأوروبية، داعية لانتظار نتائج زيارة هوكستين إلى تل أبيب للقاء المسؤولين الإسرائيليين، التي يُتوقع أن تكون في الأيام المقبلة.

تنفيذ الـ1701 من الجهتين

وكانت تقديرات لبنانية تحدثت عن مساعٍ للتوصل إلى اختراق في التأزم القائم قبل موعد الانتخابات الأميركية، رغم أن لبنان لم يقطع الأمل بذلك، ويواصل تحركاته على أكثر من مستوى، ويقودها رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وتحدث النائب فريد الخازن، الاثنين، بعد لقائه بري، عن جهود يبذلها رئيس البرلمان «مع الأطراف الإقليمية والدولية لمحاولة التوصل إلى وقف إطلاق النار»، مشدداً على أهمية الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات الراهنة، وحماية أمن لبنان وسيادته.

وشدد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي على «أولوية الوقف الفوري لإطلاق النار والعمل مع الجهات الدولية للتوصل الى حل ديبلوماسي لتطبيق القرار 1701 كاملاً»، وذلك خلال اجتماعه مع وزير الدفاع البريطاني جون هيلي في دار السفارة اللبنانية في لندن.
وشكر ميقاتي لبريطانيا «دعمها المستمر للجيش اللبناني وتعزيز خبراته»، ونوّهاً بـ«أهمية دور اليونيفيل لحفظ الاستقرار في الجنوب». ودعا بريطانيا إلى "دعم جهود اليونيفيل وتعاونها مع الجيش».
من جانبه، شدد الوزير البريطاني على أن «المساعي الدبلوماسية قائمة لوقف إطلاق النار» . وقال: «نحن نقوم بالتعاون مع الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وألمانيا بدعم الجيش اللبناني عبر تطوير التقنيات العسكرية وفي المجالات كافة»، حسبما أفادت رئاسة الحكومة اللبنانية.

ويكثف لبنان المطالبة بدعم دولي لتنفيذ القرار 1701، عبَّر عنه وزير الخارجية عبد الله بوحبيب الذي طالب المشاركين في أعمال الدورة التاسعة على المستوى الوزاري لأعمال الاتحاد من أجل المتوسط في مدينة برشلونة، بالدعم والمساعدة «لتحقيق وقف فوري لإطلاق النار، وتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته بصورة متوازنة من الطرفين، وتعزيز قدراتنا الدفاعية»، مشيراً إلى أن «لبنان يريد العيش مع محيطه المتوسطي بأمان وسلام، والتأسيس لشراكة قائمة على العدل والمساواة».

تصعيد عسكري

غير أن هذه التحركات اللبنانية، تقابلها تل أبيب بتجاهل سياسي، وبتصعيد عسكري، بلغ ذروته في إصدار أوامر بإخلاء مربعات سكنية واقعة على الواجهة البحرية السياحية للمدينة، سبقت قصفاً عنيفاً بلغ 8 غارات، بعد ظهر الاثنين. وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأنه بدايةً من بعد الظهر، بدأ الطيران الإسرائيلي تدميراً ممنهجاً في مدينة صور بسلسلة غارات متتالية استهدفت المباني السكنية في قلب المدينة؛ ما أدى إلى انهيار عدد كبير من المباني.

آثار الدمار الناتج عن غارات إسرائيلية استهدفت مدينة صور (أ.ب)

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن الجيش هاجم أهدافاً لـ«حزب الله» في منطقة صور، وأغار الطيران على «مستودعات أسلحة وصواريخ مضادة للدروع، ومبانٍ عسكرية، ومواقع استطلاع لوحدات عسكرية مختلفة في (حزب الله)، منها وحدة (عزيز) المسؤولة عن عمليات الإطلاق من منطقة جنوب غربي لبنان نحو الأراضي الإسرائيلية».

وأظهرت مقاطع فيديو نشرها صحافيون محليون غارات متزامنة تستهدف المدينة. وتلقَّى اتحاد بلديات صور في وقت سابق اتصالاً من متحدث باللغة العربية طلب خلاله إبلاغ السكان في 4 شوارع على الأقل بضرورة إخلاء منازلهم، وفق ما أفاد به مصدر في اتحاد البلديات.

وإثر الاتصال، أوعز الاتحاد إلى الدفاع المدني، وفق ما أوردت الوكالة، «الطلب ممن تبقى في المدينة عبر مكبرات للصوت بضرورة إخلاء هذه المناطق؛ ما أَحْدَثَ حالة من الهلع والذعر».

وتعرضت مدينة صور المدرجة على قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو» لضربات إسرائيلية عنيفة، الأسبوع الماضي، ألحقت دماراً واسعاً في وسطها. ونفذ الطيران الإسرائيلي حزاماً نارياً واسعاً عبر سلسلة من الغارات الجوية شمل عدداً كبيراً من قرى قضاءي صور وبنت جبيل في الجنوب. كما نفّذ حزاماً آخر على بلدة الناقورة ومحيطها عبر سلسلة غارات جوية ترافقت مع قصف مدفعي عنيف ومركز.

وسقط 7 قتلى و17 جريحاً في غارة إسرائيلية على مبنى في حي الرمل في صور، كما أغار الطيران الحربي على مبنى في مدينة صور قرب مطعم «الجواد» ما أدى إلى سقوط 3 ضحايا. أما في بلدة البرج الشمالي، فقد ارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرة أخرى مستهدفاً أحد المباني؛ ما أدى إلى مقتل 5 أشخاص، بينهم مسعفان من «الهيئة الصحية الإسلامية».

أرض محروقة

وفي سياق التدمير بالمنطقة الحدودية، تستكمل إسرائيل مساعيها لتحويل القرى على الحافة الحدودية إلى «أرض ممسوحة ومحروقة»، حسبما قالت مصادر لبنانية، على خلفية مضي الجيش في تفخيخ المنازل والمنشآت وتفجيرها، وهو ما نفذته في بلدات يارين ومروحين والضهيرة وأم التوت الواقعة في القطاع الغربي، بالتزامن مع تفجيرات أخرى في القطاع الشرقي، وإدخال الجرافات لهدم البيوت في بلدة عيترون.

جرافة عسكرية إسرائيلية تتوغل قرب الحدود مع لبنان (رويترز)

وتتبع إسرائيل هذه الاستراتيجية في المناطق التي تدخلها، والتي شملت معظم القرى الواقعة على الحدود مباشرة، بينما تحاول التقدم إلى قرى الخط الثاني عبر الالتفاف، وإيجاد مساحات فارغة تتيح لها التقدم. وقالت مصادر أمنية لبنانية إن هذا التقدم «غير دائم، بالنظر إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يستطع تثبيت مواقع له في داخل القرى والبلدات، حيث يعمل على تفخيخ المنازل فيها وتفجيرها عبر إدخال قوات محدودة، سرعان ما تنسحب منها».

مواجهات على الحدود

وأعلن «حزب الله» أن مقاتليه «كمنوا» لجنود إسرائيليين، واشتبكوا معهم قرب بلدة كفركلا الحدودية اللبنانية، موضحاً أنه «أثناء تقدم القوات الإسرائيلية باتجاه تل نحاس عند أطراف بلدة كفركلا، وعند وصولهم لنقطة المكمن اشتبك المجاهدون معهم بالأسلحة الرشاشة والصاروخية؛ ما أدى إلى احتراق آليتين، ووقوع الجنود بين قتيل وجريح».

كذلك أعلن الحزب استهداف قوات إسرائيلية بالصواريخ والمدفعية عند بوابة فاطمة 4 مرات. وقال في بيانات متتالية، إنه قصف تجمعات عسكرية إسرائيلية في مستعمرات المنارة ومرغليوت وغرب الوزاني، كما استهدف شركة «يوديفات» للصناعات العسكرية جنوب شرقي عكا بمسيرة انقضاضية، وقال إنها «أصابت هدفها بدقة». كما أطلق مقاتلوه «صلية صاروخية نوعية على قاعدة (ستيلا ماريس) البحرية شمال غربي ‏حيفا».

من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي عن إصابة 7 ضباط وجنود في معارك جنوب لبنان خلال الساعات الـ24 الماضية. وأفادت منصة إعلامية إسرائيلية بإطلاق أكثر من 20 صاروخاً نحو «كريات شمونة» ومحيطها في الجليل.