إسرائيل تتعمد استهداف الطواقم الطبية وعمّال الإغاثة في لبنان

150 شخصاً منهم قُتلوا و130 سيارة إسعاف و100 مركز طبي جرى استهدافها

متطوعون من «الصليب الأحمر» اللبناني يُجْلون امرأة في مدينة النبطية جنوب لبنان (أ.ف.ب)
متطوعون من «الصليب الأحمر» اللبناني يُجْلون امرأة في مدينة النبطية جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تتعمد استهداف الطواقم الطبية وعمّال الإغاثة في لبنان

متطوعون من «الصليب الأحمر» اللبناني يُجْلون امرأة في مدينة النبطية جنوب لبنان (أ.ف.ب)
متطوعون من «الصليب الأحمر» اللبناني يُجْلون امرأة في مدينة النبطية جنوب لبنان (أ.ف.ب)

بدا واضحاً في الأسابيع الـ3 الماضية أن إسرائيل باشرت، عن سابق تصوُّر وتصميم، استهداف المستشفيات والطواقم الطبية وعمّال الإغاثة وسيارات الإسعاف في مختلف المناطق اللبنانية التي تتعرض لقصف مكثف، خصوصاً تلك الواقعة جنوب البلاد.

وتهدف تل أبيب من ذلك إلى إنهاء كل مظاهر الحياة والاستمرارية، خصوصاً في المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني، التي تخطط لجعلها أشبه بأرض محروقة، وفرض منطقة عازلة بالقوة لم تتضح حتى الساعة مساحتها، ولا من سيتسلمها، وما إذا كانت تخطط لاحتلال دائم لها.

وقال وزير الصحة فراس الأبيض مؤخراً، إن إسرائيل تستهدف الطواقم الطبية «بشكل مباشر وممنهج»، كاشفاً عن خروج 13 مستشفى عن العمل، واستشهاد أكثر من 150 شخصاً من العاملين في المجال الصحي، بالإضافة إلى استهداف 100 مركز طبي و130 سيارة إسعاف.

وأطلق المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط في اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر»، نيكولاس فون آركس، الأسبوع الماضي، نداءً لـ«حماية طواقم الرعاية الصحية وسيارات الإسعاف والمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية». وقال إن «الهجمات على منشآت صحية مقلقة للغاية».

وأفادت الهيئة الصحية الإسلامية، التابعة لـ«حزب الله»، بـ«استشهاد أكثر من 80 من عمال الإنقاذ خلال العام الماضي، منهم 70 خلال الأسابيع الثلاثة الماضية». أما «جمعية كشافة الرسالة» التابعة لـ«حركة أمل» فقالت إنها فقدت 21 شخصاً.

وأعلن الجيش الإسرائيلي مؤخراً، وبصراحة، أن «أي مركبة يظهر أنها تحتوي على مسلحين يعتزمون تنفيذ هجمات إرهابية، بغض النظر عن نوع المركبة، تعد هدفاً عسكرياً».

سيناريو غزة

وتشير صبحية نجار، المتخصصة في السياسات العامة، ومنسقة حملة «الحماية الاجتماعية للجميع» في مركز العلوم الاجتماعية للأبحاث التطبيقية (CESSRA) إلى أنه «يجري تدمير القطاع الصحي بشكل منهجي، علماً أن هذا القطاع كان منهكاً ومتعباً وهزيلاً، خصوصاً في المناطق مثل قضاء بعلبك - الهرمل، بنت جبيل وصور»، مؤكدة أن «السيناريو نفسه يتكرر في غزة».

وتوضح نجار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «إسرائيل تستهدف المراكز والطواقم الطبية، بالإضافة إلى سيارات الإسعاف والإطفاء في لبنان، لأسباب متعددة؛ فهي أولاً: تسعى إلى إضعاف قدرة الحزب على معالجة الجرحى، وتقديم الرعاية الصحية اللازمة، ما يزيد من الضغوط على النظام الصحي. ثانياً: يُعد استهداف الطواقم الطبية وسيلة لإحداث الفوضى والرعب بين السكان، ما يضعف الروح المعنوية، ويزيد من حالة التوتر في المجتمع، أضف على ذلك أن هذه الاستهدافات تؤثر في المساعدات الإنسانية الطبية والغذائية، حيث تعوق وصولها إلى المحتاجين».

وتشدد نجار على أن كل ذلك «يتعارض مع القوانين الدولية التي تحمي الطواقم الطبية، وتعدها محايدة».

قواعد ملزمة

أما رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية، المحامي بول مرقص فيشير إلى أن «إسرائيل تتذرع بأن المراكز الطبية وسيارات الإسعاف تخفي أسلحة ومسلحين. فإن كان الاختباء والتخزين محظورين بمقتضى اتفاقيات جنيف لعام 1949، إلا أن استعمال الأسلحة وكثافة النار على نحو مطلق للقضاء عليها بما يعرّض الأطباء والممرضين والمرضى والمدنيين عموماً هو أيضاً محظور»، موضحاً في تصريح لـ «الشرق الأوسط» أن «المواد 42 و57 و58 من البروتوكول الأول تنص على مبدأ اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنُّب إيقاع الأضرار بهؤلاء، والمادة 35 تنص على مبدأ التناسب وعدم الإطلاقية في استعمال وسائل القتال. مع الإشارة إلى أن هذه القواعد قد أصبحت عُرفية، بمعنى أنها أصبحت ملزمة للبشرية جمعاء والدول قاطبة، بصرف النظر عن إجراءات الانضمام الشكلية».

صمت دولي مريب

من جهتها، ترى الناشطة السياسية الدكتورة منى فياض أن ما يجري في هذا الصدد «جزء من الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل، بحيث تتعمد ألا يكون هناك أحياء في كل المواقع التي تقصفها، بمنعها الوصول لإسعاف الجرحى، وهذا يتنافى مع كل القوانين والأعراف الإنسانية والمعاهدات الدولية المرتبطة بالحروب».

وتشدد فياض على أن «لا حجج تبرر الإقدام على استهداف هذه الطواقم، وحتى لو كان بعضها يناصر الحزب، فأي منطق يقول بالمجازفة، ولو بنسبة 1 في المائة بقتل المدنيين؟»، مستهجنة «الصمت الدولي المريب».


مقالات ذات صلة

اشتباكات عنيفة بين قوات إسرائيلية و«حزب الله» في محور عيتا الشعب

المشرق العربي تصاعُد الأدخنة جراء القصف الإسرائيلي في قرية كفار تبنيت على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية (رويترز)

اشتباكات عنيفة بين قوات إسرائيلية و«حزب الله» في محور عيتا الشعب

شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية، اليوم (الاثنين)، سلسلة غارات استهدفت عدداً من البلدات الجنوبية، كما قصفت المدفعية الإسرائيلية بلدات عدة في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي من وحدة المدفعية يخزنون قذائف الدبابات في منطقة تجمع على الحدود بين إسرائيل وغزة في جنوب إسرائيل في يناير الماضي (أ.ب)

تكلفة باهظة لحروب إسرائيل... إنفاق عسكري متزايد يفاقم الأعباء الاقتصادية

أشار تقرير إخباري إلى أن الحرب كبدت الاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحة، إضافة إلى تزايد الإنفاق الأميركي القياسي على المساعدات العسكرية لإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي جرّافة تزيل الركام الناتج عن استهداف إسرائيلي لفرع مؤسسة «القرض الحسن» في بعلبك (أ.ف.ب)

مقتل 6 أطفال ونساء جراء قصف إسرائيلي على شرق لبنان

قُتل 6 أطفال ونساء وأُصيب 8 آخرون، الاثنين، جراء قصف إسرائيلي استهدف أحد أحياء بعلبك في شرق لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

إسرائيل تبحث «أفكاراً جديدة» لصفقة الرهائن بعد مقتل السنوار

قال المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن مسؤولين رفيعي المستوى ناقشوا، مساء أمس، «أفكاراً جديدة» بشأن صفقة لتحرير المحتجَزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال مقابلة مع قناة العربية (لقطة من فيديو)

ترمب: سيعود السلام إلى الشرق الأوسط إذا عدت رئيساً

قال المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية الرئيس السابق دونالد ترمب، الأحد، إن «السلام سيعود إلى الشرق الأوسط إذا عدت رئيساً».

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الوسيط الأميركي يستأنف تحركه باتجاه لبنان

هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)
هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)
TT

الوسيط الأميركي يستأنف تحركه باتجاه لبنان

هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)
هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)

يصل الموفد الرئاسي الأميركي، آموس هوكستين، اليوم (الاثنين)، إلى بيروت حيث من المقرر أن يلتقي رئيسَي المجلس النيابي نبيه برّي، والحكومة نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزف عون.

ويعاود الوسيط الأميركي تحركه لإعادة الهدوء إلى الجنوب في ظل تصاعد وتيرة الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل التي تمعن في تحويل الجنوب إلى أرض محروقة؛ لاعتقادها أن ذلك يتيح لها إملاء شروطها على الحكومة اللبنانية بتعديل القرار «1701».

وتقول مصادر غربية لـ«الشرق الأوسط» إن تعديل الـ«1701» يلقى معارضة من واشنطن التي تعطي الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية على وقف النار.

ميدانياً، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، أن مقاتلاته قتلت 3 من القادة الميدانيين لـ«حزب الله».