قطع المعبر الحدودي الرئيسي بين سوريا ولبنان يفاقم مشقّات السوريين

نازحون يعبرون الحدود من لبنان إلى سوريا (أ.ف.ب)
نازحون يعبرون الحدود من لبنان إلى سوريا (أ.ف.ب)
TT

قطع المعبر الحدودي الرئيسي بين سوريا ولبنان يفاقم مشقّات السوريين

نازحون يعبرون الحدود من لبنان إلى سوريا (أ.ف.ب)
نازحون يعبرون الحدود من لبنان إلى سوريا (أ.ف.ب)

تكبّدت ريم للمجيء براً من سوريا إلى لبنان كلفة نقل فاقت تذكرة سفرها جواً من بيروت إلى أثينا، بعدما أدت غارات إسرائيلية إلى قطع المعبر الحدودي الرئيسي بين البلدين، وضاعفت كلفة نقل المسافرين والبضائع. بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

جراء النزاع المتواصل منذ نحو 14 سنة في سوريا، انكفأت معظم شركات الطيران العربية والأجنبية عن الهبوط داخل المجال الجوي السوري، أو الهبوط في مطار دمشق الذي تم استهدافه عشرات المرات.

وعلى وقع الأزمة الاقتصادية الخانقة جراء النزاع المدمر، شكّل لبنان متنفساً لسوريين يقصدونه بغرض السفر من مطاره أو من أجل الطبابة والتسوق وشراء سلع ومنتجات باتت مفقودة في السوق المحلية.

وخلّفت غارة إسرائيلية استهدفت مطلع أكتوبر (تشرين الأول) منطقة المصنع اللبنانية الحدودية حفرة كبيرة، ما أدى إلى قطع الطريق الدولية بين البلدين، من دون أن يعاد فتحها بعد.

وتمنع الحفرة التي يصل طولها إلى نحو ثلاثين متراً على مساري الطريق، وعمقها نحو عشرة أمتار تقريباً، عبور أي سيارة أو حافلة، وفق ما شاهد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتقول ريم العجمي (67 عاماً) التي سافرت الثلاثاء عبر بيروت إلى أثينا لزيارة ابنتها لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» «استقليت بداية سيارة من منزلي نقلتني إلى ما بعد الحدود السورية».

وتضيف «عندما وصلنا إلى الحفرة، ساعدني متطوعو الهلال الأحمر على عبورها بواسطة كرسي مدولب، ثم أقلتني سيارة من الجانب اللبناني نحو المطار» في بيروت.

واستعانت السيدة بحمالين بمقابل مادي لنقل حقائبها عبر الحفرة التي تقول إنها كانت شديدة الوعورة وخشيت أن تسقط فيها.

وتشرح ريم أنها دفعت 320 دولاراً ثمن تذكرة السفر من بيروت إلى أثينا، فيما كلفتها الرحلة من دمشق إلى بيروت 400 دولار.

تحت أشعة شمس حارقة، يعبر يومياً مئات الأشخاص غالبيتهم من لبنان إلى سوريا، ويتعين على الجميع أن ينزل بالحفرة سيراً على الأقدام أو على كرسي متحرّك لمن لا يستطيع المشي، أو على نقّالة طبية للجرحى أو المصابين.

وجاء استهداف المعبر الحدودي الرئيسي بين البلدين غداة اتهام الجيش الإسرائيلي «حزب الله» بنقل «وسائل قتالية حساسة» لاستخدامها في جنوب لبنان، محذراً من أنه «لن يسمح بتهريب هذه الوسائل القتالية ولن يتردد في التحرك إذا اضطر لذلك».

«رئة» البلدين

ويشكو مسافرون عبر الحدود من ارتفاع كلفة النقل منذ قطع الطريق.

ويقول السائق اللبناني علي المولى (31 عاماً) بينما يقف قرب الحفرة «كانت أجرة السيارة تتراوح بين 100 و150 دولاراً، لكنها باتت اليوم تتراوح بين 400 و500 دولار».

ويشير إلى «معوقات عديدة خلف ذلك، منها التنقل بين سيارتين واجتياز الحفرة إضافة إلى المخاطر الكبيرة على الطريق سواء في سوريا أو في لبنان، ولا أحد يقبل بأقل من ذلك».

ويعدّ معبر المصنع الحدودي أكبر وأهم المعابر البرية التي تصل بين سوريا ولبنان، وهو وجهة الاستيراد والتصدير البرية الرئيسية بالنسبة إلى لبنان، وبوابة العبور المركزية بالنسبة إلى السوريين.

خلال سنوات الحرب في سوريا، انكفأت معظم شركات الطيران العربية والأجنبية عن العبور داخل المجال الجوي السوري، أو الهبوط على مدارج مطار دمشق الذي استهدفته إسرائيل عشرات المرات.

وقاطعت معظم العلامات التجارية والصناعية أسواق دمشق على وقع العقوبات الغربية على الحكومة السورية، منذ اندلاع النزاع.

وتحوّل معبر المصنع، المعروف بجديدة يابوس، إلى طريق رئيسية لكل من يريد أن يقصد مطار بيروت، أو سفارة أجنبية لتقديم طلب تأشيرة أو لمّ الشمل للسوريين، وكذلك لإحضار سلع وأدوية غير متوفرة في سوريا وحتى الوقود.

ويقول المولى «لطالما كانت سياراتنا المتجهة إلى دمشق محمّلة بالأدوية الأجنبية المفقودة، وأجهزة تقنية غير متوافرة، إلى جانب عبوات البنزين التي كان يصلُ المئات منها يومياً إلى دمشق».

ويُضيف «هذه الطريق بمثابة رئة يتنفس منها البلدان».

انتعاش العقارات

يعتمد قسم من السوريين على البنزين المهرّب من لبنان على وقع أزمة المحروقات المزمنة والشح الدائم في الغاز والمازوت.

وارتفع ثمن سعر لتر البنزين في السوق السوداء بعد قطع الطريق الدولية من عشرين ألفاً إلى نحو ثلاثين ألف ليرة سورية (دولارين تقريباً).

وانعكس هذا الارتفاع على أجرة سيارات النقل بين البلدين وسيارات الأجرة العامة وكذلك تسعير المواد الأولية.

ودفع التصعيد الإسرائيلي على لبنان منذ 23 سبتمبر (أيلول) أكثر من 460 ألف شخص إلى العبور من لبنان إلى سوريا، وفق السلطات اللبنانية، معظمهم سوريون.

وتقول المسؤولة في محافظة ريف دمشق آلاء الشيخ لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» «نخشى يومياً من ارتفاع أعداد الوافدين» مع طول أمد الحرب.

وتوضح أن المحافظة تعمل على توفير مراكز إيواء للوافدين من لبنان «هذا هو هاجسنا الأساسي (...) لأن ما هو متوفر لا يتناسب مع المتطلبات والاحتياجات».

وانعكس قدوم الوافدين على قطاع العقارات، مع ارتفاع أسعار الشقق المؤجرة بنسبة تراوحت بين 50 و100 في المائة.

ويقول مالك مكتب العقارات طارق شبيب «بعد ساعات من بدء قدوم الوافدين، ارتفعت الإيجارات مباشرة وصار متوسط الإيجار في الأماكن العادية يعادل نحو 700 دولار».

ويُضيف شبيب (42 عاماً) «وصلت الإيجارات في مناطق فارهة إلى نحو 1500 دولار جراء ارتفاع الطلب وبقاء العرض على حاله».


مقالات ذات صلة

«البنتاغون»: لم نشارك في عملية اغتيال يحيى السنوار

المشرق العربي يحيى السنوار في غزة يوم 28 أكتوبر 2019 (رويترز)

«البنتاغون»: لم نشارك في عملية اغتيال يحيى السنوار

قال الجيش الأميركي إن قواته لم تلعب أي دور في العملية الإسرائيلية التي قتل فيها زعيم «حماس» يحيى السنوار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي صورة التقطتها الطائرة المسيّرة ليحيى السنوار وهو مغطى الوجه (تايمز أوف إسرائيل) play-circle 00:50

جندي إسرائيلي يصف اللحظات الأخيرة في حياة السنوار... وماذا وُجد بحوزته؟

بثت وسائل إعلام عبرية، اليوم (الخميس)، تصريحات لأحد الجنود المشاركين في قتل زعيم حركة «حماس» الفلسطينية يحيى السنوار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم زعيم حركة «حماس» يحيى السنوار (أرشيفية - إ.ب.أ)

إجماع غربي على الإشادة بمقتل يحيى السنوار

التقت ردود الفعل الغربية على مقتل زعيم حركة «حماس» يحيى السنوار، على الإشادة بالخطوة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خلال تجمع في غزة عام 2022 (د.ب.أ)

تقارير إعلامية: إسرائيل عرفت منذ شهور أن السنوار يختبئ في رفح 

أفادت تقارير إعلامية عبرية بأن أجهزة الأمن الإسرائيلية كان على علم منذ أشهر بأن زعيم «حماس» يحيى السنوار كان يختبئ في حي تل السلطان في رفح.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)

غارات إسرائيلية تستهدف مناطق متعددة في جنوب لبنان وشرقه

شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية، مساء اليوم (الخميس)، سلسلة غارات استهدفت بلدات في شرق وجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الشرطة الإسرائيلية تنقل جثمان السنوار إلى مشرحة بتل أبيب

السنوار خلال مسيرة بمناسبة «يوم القدس» في غزة يوم 14 أبريل 2023 (رويترز)
السنوار خلال مسيرة بمناسبة «يوم القدس» في غزة يوم 14 أبريل 2023 (رويترز)
TT

الشرطة الإسرائيلية تنقل جثمان السنوار إلى مشرحة بتل أبيب

السنوار خلال مسيرة بمناسبة «يوم القدس» في غزة يوم 14 أبريل 2023 (رويترز)
السنوار خلال مسيرة بمناسبة «يوم القدس» في غزة يوم 14 أبريل 2023 (رويترز)

أعلنت الشرطة الإسرائيلية، الخميس، أن جثمان زعيم «حركة حماس» يحيى السنوار نقل إلى مشرحة في تل أبيب لإجراء «فحوص إضافية» بعد إعلان الجيش مقتله في غزة.

وقالت الشرطة: «وصل جثمان زعيم (حماس) يحيى السنوار قبل وقت وجيز إلى المركز الوطني للطب الشرعي لإجراء فحوص إضافية».

والسنوار (61 عاماً) المكنّى «أبو إبراهيم» كان بمثابة «الرجل الحي الميت» وهدفاً رئيسياً لإسرائيل منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة على جنوب الدولة العبرية، وأشعل شرارة حرب في غزة، تمددت إلى لبنان، ويُخشى أن تتحول إلى نزاع إقليمي.