غزة... «صدفة» تقتل «صانع الطوفان»

إسرائيل اعتبرت تصفية السنوار «إنجازاً عسكرياً ومعنوياً كبيراً وانتصاراً» يمهد الطريق لـ«واقع جديد»

صورة تداولتها وسائل إعلام إسرائيلية للجثة التي يشتبه بأنها للسنوار
صورة تداولتها وسائل إعلام إسرائيلية للجثة التي يشتبه بأنها للسنوار
TT

غزة... «صدفة» تقتل «صانع الطوفان»

صورة تداولتها وسائل إعلام إسرائيلية للجثة التي يشتبه بأنها للسنوار
صورة تداولتها وسائل إعلام إسرائيلية للجثة التي يشتبه بأنها للسنوار

أعلنت إسرائيل، رسمياً، مقتل زعيم حركة «حماس» يحيى السنوار، مصادفة، خلال قصف على منزل في رفح جنوب قطاع غزة، بعد بضع ساعات من إعلان الجيش التحقيق في احتمال تصفيته.

وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس، مقتل السنوار، معتبراً أنه «نصر كبير». وقال إن تصفية «العقل المدبر للمذابح والمجازر» في 7 أكتوبر، تعد «إنجازاً عسكرياً ومعنوياً كبيراً وانتصاراً للعالم الحر»، يمهد الطريق لـ«تغيير يقود إلى واقع جديد في غزة من دون سيطرة حماس وإيران... ويفتح الباب لاحتمال الإطلاق الفوري لسراح الأسرى» الإسرائيليين في القطاع.

وبعد دقائق من تصريحات وزير الخارجية، أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي «تصفية الرأس المدبر لمجزرة السابع من أكتوبر». وقال في بيان باسم الجيش والشاباك (الأمن الداخلي)، إنه «في ختام عملية مطاردة استغرقت عاماً كاملاً، قضت يوم أمس (الأربعاء)... في جنوب قطاع غزة على الإرهابي المدعو يحيي السنوار».

ورغم أن الاغتيال تم مصادفة، إلا أن أدرعي قال إن الجيش والشاباك «نفذا عشرات العمليات على مدار الأشهر الأخيرة أدت إلى تقليص منطقة عمل يحيي السنوار مما أسهم أخيراً في القضاء عليه».

وأضاف أن الجيش والشاباك «يعملان على مدار الأسابيع الأخيرة بقيادة المنطقة الجنوبية العسكرية وفرقة غزة في منطقة جنوب قطاع غزة بناء على معلومات استخبارية لجهاز الشاباك وهيئة الاستخبارات التي أشارت إلى مناطق مشبوهة قد يتواجد في داخلها قادة حماس. قوة من لواء 828 عملت في المنطقة رصدت وقتلت ثلاثة مخربين. وبعد استكمال عملية تشخيص الجثة يمكن التأكيد أن المدعو يحيى السنوار قد قتل».

«حماس» فقدت الاتصال به منذ أيام

وقال مصدران في حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، اليوم الخميس، إن مستويات مختلفة في الحركة تلقت تأكيدات بمقتل يحيى السنوار. وأكد مصدر مقيم خارج غزة أن مسؤولين أمنيين في «حماس» نقلوا مؤشرات على مقتل زعيم الحركة، فيما أشار مصدر آخر داخل القطاع إلى أنه «تم بدء نقل الخبر إلى القيادة داخل القطاع بالطرق الأمنية المتبعة».

السنوار في مدينة غزة في أبريل 2023 (أ.ف.ب)

وقبل هذا التأكيد، قالت مصادر من حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتصال مفقود مع دائرة تأمين السنوار منذ أيام، وبالتالي لم يكن هناك تواصل خلال الفترة الماضية». وأضافت: «يصعب الجزم بمصير السنوار حتى الآن»، مضيفة: «ضيق الدائرة الأمنية المحيطة به واقتصارها على شخصين إلى 3 أشخاص فقط يضيف عقبات أمام محاولة التوصل إلى معلومات عاجلة». وتابعت أن «الدائرة المغلقة التي تحيط بالسنوار هي فقط التي كانت تعرف عنه كل شيء وتتولى مسؤولية تواصله مع الآخرين».

من مخيمات الصفيح إلى قيادة «الطوفان»

ولد السنوار، في مخيم خان يونس للاجئين عام 1962، وهو أحد مخيمات الصفيح. تنحدر عائلته من قرية المجدل التي هجّرت منها عقب نكبة عام 1948 لتستقر في قطاع غزة. تلقَّى تعليمه في مدارس «أونروا» في مخيم خان يونس والتحق بعدها بالجامعة الإسلامية التي تخرج فيها بدرجة البكالوريوس في الدراسات العربية.

بدأت أولى خطوات نشاطه السياسي من خلال العمل الطلابي تحت مظلة «الكتلة الإسلامية» بالجامعة وكان رئيس المجلس الطلابي بالجامعة.

منتصف الثمانينات، تعرف السنوار على مؤسس حركة «حماس» الشيخ أحمد ياسين وبات مقربا من الدوائر المحيطة به. بعد تأسيس حركة حماس عام 1987 شرع السنوار بلعب أدوار تنظيمية أوسع وأسس برفقة عددْ من زملائه جهازا أمنياً داخليا لـ«حماس» سمي بجهاز «المجد» وذلك بتكليف من الشيخ ياسين. عام 1988 اعتقلته السلطات الإسرائيلية بتهمة قتل أربعة عملاء وحكمت عليه بالسجن المؤبد أربع مرات.

قاد السنوار حركة «حماس» داخل السجون إذ تولى الهيئة القيادية العليا لأسرى الحركة وخاض مواجهات عديدة مع سلطات السجون وسلسلة من الإضرابات عن الطعام. كما تولى السنوار المهام الأمنية داخل «حماس» داخل السجون وأشرف على العديد من عمليات التحقيق الداخلي للحركة، وتنقل بين سجون إسرائيلية عديدة وأمضى سنوات في أقسام العزل. تعرض السنوار خلال سنوات الأسر لأزمة صحية حادة كادت تودي بحياته ونقل على إثرها لتلقي العلاج في المستشفيات الإسرائيلية.

أشرف السنوار من داخل سجنه على مفاوضات صفقة الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط والذي أفرج عنه بموجبها عام 2011 إلى جانب نحو 1000 أسير فلسطيني. بعد الإفراج عنه، نشط السنوار داخل صفوف الحركة إذ انتخب عضواً في المكتب السياسي عام 2012 وصولا لانتخابه رئيسا للمكتب السياسي في غزة عام 2017. أعيد انتخابه لفترة ثانية عام 2021 وصولا لتوليه رئاسة الحركة عام 2024 خلفاً لإسماعيل هنية الذي اغتالته إسرائيل في طهران.

السنوار في غزة عام 2022 (أ.ف.ب)

في أعقاب عملية «طوفان الأقصى» التي أطلقتها «حماس» في 7 أكتوبر الماضي، وضعت إسرائيل السنوار على رأس قائمة أهدافها، باعتباره «العقل المدبر» للعملية، وأضحى عنواناً لعمليتها العسكرية على القطاع. كان السنوار خطط برفقة عدد من أعضاء المجلس العسكري لكتائب «القسام» لشن هجوم كبير على إسرائيل كان يهدف من خلاله لإحداث صدمة كبيرة لإسرائيل وتغيير في موازين القوى معها.

لاحقت أجهزة الأمن الإسرائيلية السنوار فوق الأرض وتحتها في غزة من دون أن تفلح بالوصول إليه. أشارت تقارير إسرائيلية إلى وصول بعض المعلومات عنه لأجهزة الأمن إلا أن الخشية من وجود أسرى إسرائيليين أعاقت محاولات اغتياله.

لمحت طرفاً من طيفه في فيديو داخل نفق، لكن أفلح السنوار في تجنب الملاحقة والاغتيال طيلة الأشهر الماضية عبر اعتماده على أدوات اتصال بدائية تمكن من خلالها من التواصل مع قادة «القسام» الميدانيين في غزة وكذلك مع أعضاء المكتب السياسي بالخارج، كما بعث برسائل للوسطاء في مفاوضات التهدئة مع إسرائيل.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في معارك بشمال غزة

المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في معارك بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، مقتل أحد جنوده في معارك في شمال قطاع غزة. وأضاف أن الجندي القتيل يدعى رون إبشتاين (19 عاماً) وكان ينتمي إلى لواء غيفعاتي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب (أ.ب)

إلغاء زيارة وزير الخارجية الهولندي لإسرائيل

ذكرت وكالة الأنباء الهولندية «إيه إن بي»، اليوم الخميس، أن زيارة مقررة لوزير الخارجية الهولندي إلى إسرائيل أُلغيت.

«الشرق الأوسط» (أمستردام )
تحليل إخباري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت يحضران حفلاً في قاعدة عسكرية في أكتوبر الماضي (رويترز) play-circle 02:06

تحليل إخباري «إسرائيل في ورطة»... تداعيات قانونية وسياسية لمذكرة اعتقال نتنياهو

تشكل مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت، وفق خبراء قانون «إحراجاً كبيراً وإدانة غير مباشرة لإسرائيل»، ما سيضع إسرائيل تحت ضغط دولي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي المرجح أن يختار جوزيب بوريل البالغ من العمر 77 عاماً التقاعد بعد أن تنقّل في مناصب رئيسة (أ.ف.ب)

بوريل: العمليات الإنسانية الأممية في غزة قد تتوقف الاثنين بسبب نفاد الوقود والطعام

قال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، إن العمليات الإنسانية للأمم المتحدة بقطاع غزة قد تتوقف، يوم الاثنين المقبل.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم المحكمة الجنائية الدولية (رويترز)

المدّعي العام للجنائية الدولية يطالب الدول الأعضاء بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عنها

طالب المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، الخميس، الدول الأعضاء في المحكمة، والبالغ عددها 124، بالتحرك لتنفيذ مذكرات التوقيف التي أصدرتها.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)
هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)
هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

عدّت مسؤولة بالأمم المتحدة، أمس، أن الغارات الإسرائيلية على مدينة تدمر، أول من أمس، هي «على الأرجح الأكثر فتكاً» في سوريا حتى الآن، فيما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن عدد قتلى هذه الغارات ارتفع إلى 82.

وأوضح «المرصد السوري» أن 56 من القتلى ينتمون إلى فصائل موالية لإيران من جنسية سورية، و22 من جنسية غير سورية، غالبيتهم من حركة «النجباء» العراقية، بينما ينتمي 4 آخرون إلى جماعة «حزب الله» اللبنانية. وأشار أيضاً إلى إصابة 31 آخرين، بينهم 7 مدنيين.

وقالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «مرة أخرى، ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق... أمس (الأربعاء)، قُتل عشرات الأشخاص في غارة قرب تدمر، هذه الضربة الإسرائيلية هي على الأرجح الأكثر فتكاً حتى الآن».

وأضافت رشدي: «تقول إسرائيل إن ضرباتها تستهدف مواقع مرتبطة بإيران أو (حزب الله) أو (الجهاد الإسلامي) الفلسطيني. لكننا مرة أخرى نشهد سقوط ضحايا من المدنيين، جراء غارات ضخمة على مناطق سكنية في وسط دمشق».

كما أعربت عن قلقها حيال «الوضع المتفجر» في الجولان المحتل، وأعمال العنف الأخرى «في العديد من مواقع العمليات الأخرى»، خصوصاً في شمال غربي البلاد. وحذّرت من أن «هذا العام يتجه ليكون الأكثر عنفاً منذ 2020، وأن خطر حدوث دمار أكبر يلوح في الأفق».

وتابعت رشدي: «من الواضح أن الأولوية الملحة بالنسبة لسوريا هي وقف التصعيد. فالبلاد تشهد عواصف متواصلة ناتجة من نزاع إقليمي وموجات متزايدة للنزاع على أراضيها». وأشارت إلى أنه «مع تضاؤل المساعدات الإنسانية وتكثيف الخطابات والأعمال العدائية، يضطر السوريون إلى العيش في ظروف صعبة وغير محتملة على نحو متزايد».

وأشارت إلى أن تقارير المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تظهر أن أكثر من نصف مليون شخص فروا من الضربات الجوية الإسرائيلية في لبنان، وعبروا إلى سوريا منذ أواخر سبتمبر (أيلول)، ولا يزال هناك تدفق مستمر، مضيفة أن السوريين يشكلون نحو 63 بالمائة من هؤلاء النازحين، ومعظمهم من النساء والأطفال.

وقالت المسؤولة الأممية: «نحن الآن في لحظة محورية لدفع العملية السياسية إلى الأمام، بالتزام حقيقي وعمل جاد»، وطالبت جميع الأطراف السورية والدولية بأن «ترسل إشارة بأنها على استعداد لوضع جميع القضايا على الطاولة».

وعدّت أيضاً أن الوقت مناسب لصياغة مسار يسمح للشعب السوري بتحقيق تطلعاته المشروعة، واستعادة سيادة سوريا ووحدتها وحماية السلم والأمن الدوليين.