واشنطن تطرح معادلة «تحييد المدنيين»... بانتظار بلورة مقترح لوقف النار في لبنان

حراك دبلوماسي باتجاه بيروت... وقاليباف: طهران تدعم القرارات اللبنانية

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تطرح معادلة «تحييد المدنيين»... بانتظار بلورة مقترح لوقف النار في لبنان

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف (أ.ف.ب)

شهدت العاصمة اللبنانية، بيروت حراكاً دبلوماسياً خجولاً، تمثل في اتصالات دولية مع القيادات اللبنانية، بقيت مضامينها في إطار «العموميات»، كما أفاد مرجع لبناني رفيع لـ«الشرق الأوسط»، عادّاً أن المسؤولين الغربيين الذين يعول على تدخلهم للضغط على إسرائيل «ليسوا قادرين، كما هي حال الفرنسيين، أو لم يحزموا أمرهم بعد، وهو حال الأميركيين».

وأتى جديد الاتصالات الدولية بمكالمة هاتفية، أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، سبقها اتصال أجراه موفد الرئيس الأميركي، آموس هوكستين برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على اتصالين أجراهما وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ببري وميقاتي.

في حين أتت زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني المحافظ، محمد باقر قاليباف، في إطار «التعاطف والدعم»، كما قال مسؤول لبناني التقى قاليباف، الذي أكد أن بلاده «ستظل تدعم القرارات اللبنانية الصادرة من الحكومة والمقاومة والشعب اللبناني».

وأشار المرجع اللبناني إلى أن هذه الاتصالات «إيجابية»، بمعنى حصولها الذي يؤشر إلى بداية حراك دولي متعاطف مع لبنان، «الذي تبدى في كل الاتصالات».

وكشف المرجع عن وعود أميركية بمساعٍ «تحصر المواجهات على الجبهات»، ولا تطال المدنيين من الجانبين. غير أن المرجع نفسه لم يتفاءل كثيراً بهذه المساعي، «لأن أولويتها لم تكن وقف إطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي على لبنان».

وأوضح مصدر لبناني، اطلع على مضامين الاتصالات، أن الموقف الفرنسي الذي عبّر عنه الرئيس ماكرون «كان أقرب إلى تبني المقاربة اللبنانية، في حين كان التركيز الأميركي على جوانب إنسانية، مثل المساعدات وسياسة انتخاب رئيس للجمهورية»، مشيراً إلى أن الجانب الأميركي أبلغ اللبنانيين بأنه «يحاول الضغط على الحكومة الإسرائيلية لتخفيف معاناة المدنيين، تمهيداً لبلورة مقترح ينهي الصراع القائم».

وجرى خلال الاتصال بين ماكرون وبري، وفقاً لبيان صدر عن مكتب الأخير، «التداول بالأوضاع الراهنة التي يمر بها لبنان والمساعي السياسية الرامية لوقف العدوان الإسرائيلي»؛ حيث أكد رئيس المجلس الموقف الرسمي اللبناني، الذي تبنَّته الحكومة اللبنانية، المُطالب بوقف فوري لإطلاق النار، ونشر الجيش اللبناني حتى الحدود الدولية تطبيقاً للقرار الأممي «1701»، كما تطرّق الاتصال للجهود التي تبذلها فرنسا مشكورة لعقد مؤتمر دولي لدعم لبنان لتجاوز الأزمة الإنسانية الناجمة عن نزوح أكثر من مليون و200 ألف لبناني، وكيفية مساعدة لبنان على إغاثتهم. وجدد بري شكره لفرنسا ورئيسها على الجهود التي تبذلها على مختلف الأصعدة، لدعم لبنان وشعبه في هذه المحنة.

وفي الاتصال بين ميقاتي وهوكستين، جرى البحث وفقاً لبيان عن رئاسة الحكومة اللبنانية «في سبل التوصل إلى وقف إطلاق النار، ووقف المواجهات العسكرية، للعودة إلى البحث عن حل سياسي متكامل ينطلق من تطبيق قرار مجلس الأمن رقم (1701)».

وصباح السبت، وصل قاليباف إلى بيروت على متن طائرة خاصة يقودها بنفسه، بعد أسبوع على زيارة وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الذي أعلن من بيروت التمسك بربط وقف إطلاق النار بين لبنان وغزة.

وعند وصوله، تفقد قاليباف برفقة اثنين من نواب «حزب الله» موقع الغارة الإسرائيلية الأعنف التي استهدفت قلب بيروت الخميس، وأسفرت عن مقتل 22 شخصاً على الأقل، وقالت إسرائيل إنها استهدفت خلالها مسؤول التنسيق والارتباط في «حزب الله»، وفيق صفا، الذي لا يزال مصيره مجهولاً.

رئيس مجلس الشورى الإيراني من موقع استهداف مسؤول التنسيق والارتباط في «حزب الله» وفيق صفا قبل يومين (أ.ب)

ومن أمام ركام بناية مهدمة جراء الضربة، قال قاليباف بالفارسية: «إن النظام الصهيوني المتوحش، وعلى رأسه رئيس وزرائه، الشبيه بالذئب، يرتكبون هذه الجرائم». وأضاف قاليباف: «أنّ المنظمات الدولية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لديهم القدرة (على وقف إسرائيل)، ولكنهم للأسف ظلوا صامتين».

والتقى قاليباف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي أكّد خلال اللقاء، أن «أولويات الحكومة في هذه المرحلة هي العمل على وقف إطلاق النار، ووقف العدوان الإسرائيلي، والحفاظ على أمن لبنان وسلامة أبنائه»، وفق بيان من مكتب ميقاتي.

وبعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري، قال قاليباف: «إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستظل تدعم القرارات اللبنانية، سواء من حكومتها والصادرة من المقاومة وشعب لبنان، وستدعمها بكل قوة».

ولفت إلى أنه يحمل رسالة من القيادة الإيرانية بالتأكيد على أن طهران «ستبقى وتظل واقفة إلى جانب لبنان حكومة وشعباً في كل هذه الظروف الصعبة»، مشيراً إلى أن بلاده «على أتم الجهوزية والاستعداد لتقديم أي نوع من المساعدات لهؤلاء النازحين والمتضررين من هذه الحرب، ولكن تحت إشراف وإدارة حكومية، وحبذا لو كان هناك جسر جوي مباشر بين إيران ولبنان لتقديم مثل هذه المساعدات».

وقال المسؤول الإيراني إنه سيتوجه بعد بيروت إلى جنيف للحضور والمشاركة في اجتماعات الاتحاد العالمي للبرلمانات، التي تنعقد على مستوى رؤساء البرلمانات العالمية، قائلاً للصحافيين: «ثقوا تماماً بأنه على هامش هذه الاجتماعات وأثناء مقابلاتي ولقائي كل المسؤولين ورؤساء البرلمانات الدولية، سأنقل هذه الرسالة التي فحواها هذا الاضطهاد، وهذه المظلومية للشعبين الفلسطيني واللبناني».

عناصر أمنية ومواطنون لبنانيون في منطقة النويري بعد استهداف مسؤول التنسيق والارتباط في «حزب الله» وفيق صفا قبيل وصول رئيس مجلس الشوري الإيراني (رويترز)


مقالات ذات صلة

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أبنية مدمرة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:42

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

أعاد «حزب الله» تفعيل معادلة «بيروت مقابل تل أبيب» التي كثيراً ما رفعها، عبر استهداف قلب إسرائيل.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تجددت الغارات الإسرائيلية (الأحد) على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 12 موقعاً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي، بغارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب) play-circle 00:37

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني بالجنوب يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
TT

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

تجددت الغارات الإسرائيلية العنيفة، مساء اليوم (الأحد)، على ضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 12 موقعاً.

ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء مرفقاً بخرائط إلى سكان مناطق الغبيري وشويفات العمروسية والحدث وحارة حريك وبرج البراجنة.

وقال: «أنتم توجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله)»، محذّراً من ضربات وشيكة على منطقة الغبيري.

قال أدرعي، مساء اليوم، إن الجيش شن سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية في بيروت استهدفت 12 مقر قيادة عسكرية لـ«حزب الله».

وأضاف أن الضربات الإسرائيلية استهدفت «مقرات لاستخبارات (حزب الله) ووحدة الصواريخ البحرية والوحدة 4400 المسؤولة عن نقل الوسائل القتالية من إيران مروراً بسوريا إلى (حزب الله)».

وفي وقت سابق اليوم قال أدرعي إن إسرائيل لن تسمح بفرض أي معادلات عليها، وطالب بتجنب «أبواق (حزب الله) الإعلامية».

وأضاف أدرعي على منصة «إكس» دون توضيح: «كل من يحاول فرض المعادلات عليه أن يقوم بجولة في الضاحية الجنوبية ببيروت وسيفهم ذلك الليلة على وجه التحديد».

وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان منذ إنهاء المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، زيارته إلى بيروت، الأربعاء الماضي، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل.

وبعد تبادل القصف مع «حزب الله» مدة عام تقريباً، بدأت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول)، حملة جوية واسعة تستهدف خصوصاً معاقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها.

وأعلنت منذ نهاية الشهر نفسه بدء عمليات توغل بري في جنوب لبنان. وأحصى لبنان مقتل 3583 شخصاً على الأقل بنيران إسرائيلية منذ بدء «حزب الله» وإسرائيل تبادل القصف.