الأمم المتحدة «مذهولة» من «تهديد» نتنياهو للبنانيين

خيّرهم بين «الانتفاضة» على «حزب الله» أو مواجهة الدمار

مشاهد الدمار من موقع الغارة الإسرائيلية على منطقة النويري في بيروت الإدارية (رويترز)
مشاهد الدمار من موقع الغارة الإسرائيلية على منطقة النويري في بيروت الإدارية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة «مذهولة» من «تهديد» نتنياهو للبنانيين

مشاهد الدمار من موقع الغارة الإسرائيلية على منطقة النويري في بيروت الإدارية (رويترز)
مشاهد الدمار من موقع الغارة الإسرائيلية على منطقة النويري في بيروت الإدارية (رويترز)

أعربت الأمم المتحدة اليوم (الجمعة)، عن «ذهولها» حيال اللهجة التحريضية التي تخيم على النزاع بين إسرائيل و«حزب الله»، مناشدة من يتولون مراكز السلطة إنهاء «مواقفهم العدوانية»، وفق ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد حض هذا الأسبوع، الشعب اللبناني على الانتفاضة ضد «حزب الله»، أو المخاطرة بمصير مماثل لقطاع غزة في ظل حكم «حماس».

وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني، في إحاطة صحافية من جنيف: «نحن مذهولون من اللغة التحريضية العارمة من قبل أطراف متعددة».

وأضافت: «اللهجة الأخيرة التي تهدد الشعب اللبناني ككل وتدعوه إما إلى الانتفاضة ضد (حزب الله)، أو مواجهة الدمار مثل غزة، تنطوي على مخاطر أن يُفهم منها أنها تشجع أو تقبل العنف الموجه ضد المدنيين والأهداف المدنية، في انتهاك للقانون الدولي».

كما نددت بـ«التشهير المستمر بالأمم المتحدة، خصوصا (الأونروا)»، الوكالة التابعة للأمم المتحدة والتي تغيث نحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني منتشرين في غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا، ووصفته بأنه «غير مقبول».

وشددت على وجوب «أن يتوقف هذا النوع من الخطاب السام، من أي مصدر».

وتشوب الخلافات منذ مدة طويلة، العلاقة بين إسرائيل و«الأونروا»، إذ تتهم الدولة العبرية الوكالة الأممية بأن بعض موظفيها شاركوا في هجمات «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وبدأت إسرائيل في 23 سبتمبر (أيلول)، حملة قصف جوي كثيفة في لبنان تقول إنها ضد أهداف لـ«حزب الله»، وأعلنت في 30 منه بدء عمليات برية «محدودة ومركزة» عند الحدود. وأفادت الدولة العبرية الثلاثاء، بتوسيع نطاق هذه العمليات لتشمل القطاع الغربي في جنوب لبنان.

وأكدت شامداساني أن «أعمال القتل والتدمير، فضلاً عن المواقف العدوانية من جانب أولئك الذين هم في مواقع السلطة، يجب أن تنتهي».

وحذرت المتحدثة من أن «اتساع النزاع والتصعيد التدريجي يعرضان حياة ورفاه ملايين الأشخاص في مختلف أنحاء المنطقة للخطر».

وأعلنت منظمة الصحة العالمية أنها تحققت من وقوع 18 هجوماً على مراكز للرعاية الصحية بلبنان منذ 17 سبتمبر، ما أسفر عن مقتل 72 شخصاً وإصابة 40 آخرين بين العاملين في قطاع الصحة.

وبينما تسجل المنظمة مثل هذه الهجمات، إلا أنها لا تنسبها لأي جهة.

وذكر المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية كريستيان ليندماير، أن 96 مرفقاً للرعاية الصحية أُجبرت على الإغلاق في جنوب لبنان.

وأفادت تقارير بأن 5 مستشفيات خرجت عن العمل بعد تعرضها لأضرار، بينما تم إخلاء 4 مستشفيات بشكل جزئي.

وأضاف ليندماير أنه مع زيادة عدد النازحين في لبنان وتقلص القدرة على الحصول على الرعاية الطبية، «نواجه وضعاً يكون فيه خطر تفشي الأمراض أعلى بكثير».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تطالب «اليونيفيل» بالابتعاد 5 كيلومترات داخل حدود لبنان

المشرق العربي مجلس الأمن خلال اجتماعه (صور الأمم المتحدة)

إسرائيل تطالب «اليونيفيل» بالابتعاد 5 كيلومترات داخل حدود لبنان

طالبت إسرائيل، خلال جلسة لمجلس الأمن، «اليونيفيل» بالابتعاد 5 كيلومترات عن الحدود مع لبنان، بينما رسمت واشنطن ملامح «خريطة طريق» تشمل نزع سلاح «حزب الله».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية مركبات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يجري «مراجعة شاملة» بعد إطلاق النار على قوات «يونيفيل»

قال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إنه تم إخطاره بإصابة اثنين من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل)، «عن غير قصد» أثناء قتال «حزب الله» في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي سيارات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل» 9 أغسطس 2024 (رويترز)

رئيس المجلس الأوروبي: استهداف إسرائيل القوة الدولية في جنوب لبنان «غير مقبول»

ندَّد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الجمعة، باستهداف إسرائيل قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان، معتبراً «إطلاق النار على (اليونيفيل) غير مقبول».

«الشرق الأوسط» (فينتيان)
المشرق العربي جان بيير لاكروا مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام (حسابه عبر منصة «إكس»)

الأمم المتحدة: سلامة وأمن قوات «يونيفيل» في لبنان «في خطر متزايد»

قال جان بيير لاكروا، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، الخميس، إن سلامة وأمن قوات الأمم المتحدة في لبنان «في خطر متزايد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي صورة التقطت من مدينة صور في جنوب لبنان تظهر تصاعد الدخان من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية صدّيقِين الجنوبية في 10 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

لبنان يدعو الأمم المتحدة للضغط على إسرائيل لتنهي عملياتها العسكرية

دعا لبنان ومعه دول أخرى خلال اجتماع بالأمم المتحدة في جنيف، اليوم (الخميس)، إلى ممارسة المزيد من الضغوط على إسرائيل لإنهاء عملياتها العسكرية في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

إسرائيل تطالب «اليونيفيل» بالابتعاد 5 كيلومترات داخل حدود لبنان

المندوبان الفرنسي نيكولا دو ريفيير والبريطانية باربرا وودوارد مع نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة روبرت وود خلال جلسة لمجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)
المندوبان الفرنسي نيكولا دو ريفيير والبريطانية باربرا وودوارد مع نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة روبرت وود خلال جلسة لمجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)
TT

إسرائيل تطالب «اليونيفيل» بالابتعاد 5 كيلومترات داخل حدود لبنان

المندوبان الفرنسي نيكولا دو ريفيير والبريطانية باربرا وودوارد مع نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة روبرت وود خلال جلسة لمجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)
المندوبان الفرنسي نيكولا دو ريفيير والبريطانية باربرا وودوارد مع نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة روبرت وود خلال جلسة لمجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)

طالبت إسرائيل القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» بـ«الابتعاد» خمسة كيلومترات، شمال الخط الأزرق؛ لتجنب الأخطار الناجمة عن القتال مع «حزب الله» في جنوب لبنان، في حين رسمت الولايات المتحدة ملامح «خريطة طريق» لنزع سلاح التنظيم المدعوم من إيران، ومنع إيران من إعادة تسليحه، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، وفقاً لقرارات مجلس الأمن.

وجاءت هذه المطالبة الإسرائيلية، خلال جلسة عقدها مجلس الأمن، مساء الخميس، بطلب من فرنسا، واستمع خلالها إلى إحاطة من وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو، التي حذّرت من أن «الصراع المدمر في لبنان، إلى جانب الضربات المكثفة في سوريا، والعنف المستعر في غزة والضفة الغربية المحتلة، يشير إلى منطقة تتأرجح بشكل خطير على شفا حرب شاملة».

وأكدت أنه «يجب على (حزب الله) والجماعات المسلحة غير الحكومية الأخرى التوقف عن إطلاق الصواريخ والقذائف على إسرائيل»، مطالِبة الأخيرة بـ«وقف قصفها للبنان، وسحب قواتها البرية منه». وشددت على أنه «يتعين على الأطراف التزام العودة إلى وقف الأعمال العدائية، والتنفيذ الكامل لقراريْ مجلس الأمن 1559 و1701».

علم الأمم المتحدة يرفرف على الجزء الخلفي من إحدى المركبات المدرعة التابعة للقوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) خلال دورية في مرجعيون بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

وأكدت ديكارلو أنه «يتعين على الدولة اللبنانية أن تسيطر على كل الأسلحة داخل أراضيها»، داعية الزعماء السياسيين في لبنان إلى «اتخاذ خطوات حازمة نحو معالجة الفراغ» الرئاسي. وحضّت على «بذل كل جهد ممكن لعكس هذه الدورة من العنف، وإعادة لبنان وإسرائيل - والمنطقة - من شفا الكارثة».

وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو خلال إحاطتها عن لبنان في مجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)

وتبعها وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار - لاكروا، الذي قال إن الوضع الراهن يُعرّض قوات حفظ السلام لـ«خطر شديد». وإذ أشار إلى الاستهداف الإسرائيلي لقوات حفظ السلام، وإصابة اثنين من عناصرها، الخميس، أكد أن «سلامة قوات حفظ السلام وأمنها معرَّضان للخطر بشكل متزايد، الآن».

«وقف النار فوراً»

من جهته، أكد المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة، نيكولا دو ريفيير، أن «الوضع في لبنان خطير جداً»، وعدَّ أن «الوقت حان لخفض التصعيد»، والتوصل إلى «وقف إطلاق نار فوري ودائم في لبنان». وأشار إلى استضافة فرنسا مؤتمراً وزارياً في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي من أجل «المبادرة إلى ثلاثة أهداف على الصعيد السياسي. إن الهدف هو إعادة إطلاق الجهود الرامية للتوصل إلى حل دبلوماسي يستند إلى القرار 1701، ويتضمن البعد الإنساني هدف تعبئة المجتمع الدولي لتلبية حاجات الحماية والطوارئ للشعب اللبناني. وأخيراً وليس آخراً، ولضمان سيادة لبنان، نريد زيادة الدعم للمؤسسات اللبنانية، وخاصة القوات المسلّحة اللبنانية».

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار - لاكروا متحدثاً في مجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)

وتحدَّث نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، روبرت وود، الذي عَدَّ أنه «لكي يكون الحل الدبلوماسي مستداماً، يتعين على الأطراف أن تنفذ بالكامل القرار 1701 الذي يطالب (حزب الله) بالانسحاب من منطقة الحدود، ونشر القوات المسلّحة اللبنانية في الجنوب»، بالإضافة إلى «فرض حظر الأسلحة، واتخاذ الخطوات اللازمة للمساعدة في ضمان عدم عودة إيران إلى إمداد ما تبقّى من وكلائها الإرهابيين بالأسلحة».

تكاليف باهظة

ورأى أن الحل «يتطلب أيضاً أن يضع الزعماء السياسيون في لبنان خلافاتهم جانباً ويشكلوا حكومة تستجيب لحاجات الشعب اللبناني»، مؤكداً أن «الحل لهذه الأزمة ليس في لبنان الضعيف، بل في لبنان القوي والسيادي الحقيقي المحميّ بقوة أمنية شرعية».

وطالب المجتمع الدولي بـ«التنديد بإيران؛ لتقويضها سيادة لبنان»، وبـ«حزب الله؛ لمهاجمته إسرائيل». وشدد على أنه «يتعين علينا أن نكون مستعدين لفرض تكاليف باهظة على إيران؛ لانتهاكها قرارات هذا المجلس».

الصين وروسيا

وعبَّر المندوب الصيني فو تسونغ عن «القلق البالغ» لبلاده من «التصعيد الخطير»، واستهداف قوات «اليونيفيل»، مؤكداً أن «الشرق الأوسط لا يستطيع أن يتحمل حرباً شاملة». وأضاف: «لا بد أن يكون التوصل إلى وقف إطلاق النار أولوية قصوى». وطالب إسرائيل بـ«التخلي عن هوس استخدام القوة (...) والتوقف عن انتهاك سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وإنهاء سلوكها المغامر الذي قد يجرّ المنطقة إلى كارثة جديدة».

وعرض المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا، العمليات العسكرية الإسرائيلية على كل الأراضي اللبنانية، وطالب بـ«التنفيذ الكامل والشامل للقرار 1701، الذي يحدد التزامات إسرائيل.

ويتلخص هذا الالتزام في وقف جميع العمليات العسكرية الهجومية، وسحب قواتها المسلّحة من جنوب لبنان، ووقف احتلال الأراضي اللبنانية. كما يتضمن القرار التزامات على (حزب الله) بسحب فِرقه من شمال لبنان إلى شمال نهر الليطاني». وأكد أن بلاده «ستواصل بذل الجهود الدبلوماسية لتهدئة الموقف ومنع سيناريو كارثي للشرق الأوسط بأكمله».

موقف لبنان

وأكد القائم بأعمال المندوب اللبناني، هادي هاشم، أن «القرار 1701، الذي يتمسك به لبنان بالكامل، هو الحلّ الأمثل»، مجدداً «التزام لبنان بالمبادرة الأميركية الفرنسية المدعومة من دول عربية شقيقة وأخرى صديقة، والداعية إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماً، يتم خلالها معالجة المسائل الحدودية العالقة، والتي تبلغنا موافقة إسرائيل عليها قبل أن تعود وتتنصل منها، وتُصعّد عدوانها».

وأكد أيضاً أن «لبنان مستعدّ للحل الدبلوماسي وجاهز لتسهيل مهمة الوسيطين الأميركي والفرنسي»، وعَدَّ أن الجانب الإسرائيلي «مخطئ في محاولته كسر القرار 1701، بخلق واقع عسكري جديد على الأرض يؤمِّن له حلولاً غير عادلة».

ما تريده إسرائيل

المندوب الإسرائيلي داني دانون (رويترز)

وقال المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، إن الجنود الإسرائيليين في الميدان «سيعملون على إضعاف قدرات (حزب الله)، وإزالة قدرته على شن هجمات ضد شعبنا، وتقليص شبكة الإرهاب التي تمتد عبر جنوب لبنان»، وعَدَّ أن «هناك طريقاً واحداً فقط للسلام في إسرائيل ولبنان: يجب أن يكون دون (حزب الله)، ويجب تنفيذ قرار مجلس الأمن لعام 2006 الذي أنهى آخِر حرب بين إسرائيل و(حزب الله) بالكامل. ويدعو البند الرئيسي في القرار إلى نزع سلاح جميع الجماعات المسلَّحة، بما في ذلك (حزب الله)، ونشر الجيش اللبناني وسيطرته على الجنوب بأكمله». كذلك قال إن إسرائيل توصي بابتعاد قوات «اليونيفيل» خمسة كيلومترات شمالاً في أسرع وقت ممكن»؛ من أجل «تجنب الخطر مع تصاعد القتال».