«حي المزة»... لعنة «الحرس» و«حزب الله» تلاحق المدنيين السوريين

الأهالي يدفعون ثمن جيرة قيادات تستهدفهم إسرائيل

قصف إسرائيلي استهدف شقة للحرس الثوري وسط منطقة سكنية مزدحمة بحي الشيخ سعد في المزة الثلاثاء (الشرق الأوسط)
قصف إسرائيلي استهدف شقة للحرس الثوري وسط منطقة سكنية مزدحمة بحي الشيخ سعد في المزة الثلاثاء (الشرق الأوسط)
TT

«حي المزة»... لعنة «الحرس» و«حزب الله» تلاحق المدنيين السوريين

قصف إسرائيلي استهدف شقة للحرس الثوري وسط منطقة سكنية مزدحمة بحي الشيخ سعد في المزة الثلاثاء (الشرق الأوسط)
قصف إسرائيلي استهدف شقة للحرس الثوري وسط منطقة سكنية مزدحمة بحي الشيخ سعد في المزة الثلاثاء (الشرق الأوسط)

تلاحق لعنة الوجود العسكري الكثيف لإيران و«حزب الله» اللبناني في حي المزة الراقي بدمشق السكان المدنيين، إذ تصعد إسرائيل من ضرباتها للقيادات العسكرية، ما يتسبب إضافة إلى مقتل تلك القيادات، في سقوط المدنيين، عدا عن دمار منازلهم.

ومنذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، ضربت إسرائيل بثلاث غارات مباني سكنية في الحي، كان آخرها، الثلاثاء الماضي، أدت إلى مقتل 14 مدنياً و11 من العسكريين والعاملين مع «حزب الله»، بينهم القيادي في «الحرس الثوري» ماجد ديواني وحسن جعفر قصير صهر الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، الذي قتل بغارات إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية قبل نحو الأسبوعين.

موقع غارة جوية إسرائيلية في ضاحية المزة على المشارف الغربية للعاصمة السورية دمشق 8 أكتوبر (أ.ف.ب)

ومع تزايد ضربات إسرائيل على مبانٍ وشقق سكنية في المزة، أصبح ما كان يتحدث به سكان المزة السوريون همسا، يجاهرون بترديده الآن.

ومما يرددونه ويعكس مخاوفهم من الوجود العسكري لإيران و«حزب الله» بينهم: «بسبب وجود إيران و(حزب الله) قرفنا من السكن في المنطقة. هاجس الموت لا يفارقنا، لا ننام بسبب القلق من صواريخ إسرائيل».

يستاء سكان الحي من امتلاك إيران و«حزب الله» لعدد كبير من المباني والشقق السكنية في مختلف أحياء دمشق، خصوصاً الراقية منها، ولأن المدنيين هم من يدفعون ضريبة هذا الوجود وسط صمت رسمي من السلطات السورية.

سكان حي المزة الراقي يتفقدون الأضرار بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت حسن قصير صهر زعيم «حزب الله» واثنين آخرين في مبنى سكني 2 أكتوبر (رويترز)

ويتردد بين السوريين في دمشق قلق وجودهم في أحياء المزة، تنظيم كفرسوسة، دمر، ومشروع دمر، وقرى الأسد...، التي تتعرض لغارات إسرائيلية مستمرة كونها باتت مقرات لإيران و«الحزب». وبنبرة غاضبة يقول احد الأشخاص «نحن لا أحد يسأل عنا. المسؤولون (السوريون) يزورون المكان بعد كل ضربة ويعزون القيادات وتلتقط صورهم للنشر ومن ثم يذهبون. هذه قمة الاستهتار بحياة الناس. لماذا لا يتصرفون؟».

عناصر أمن ومدنيون أمام مبنى بالشيخ سعد التابع للمزة في دمشق بعد هجوم إسرائيلي أسفر عنه مقتل مدنيين بينهم أكاديمي يمني وعائلته (أ.ف.ب)

تؤكد مصادر إيرانية وأخرى سورية مقربة من «حزب الله» أن إيران والحزب ومنذ وقت بعيد يمتلكون عدداً كبيراً من الأبنية والشقق في ريف دمشق الجنوبي خصوصاً في منطقة «السيدة زينب» والقرى والبلدات المحيطة بها، وكذلك في قرى تقع على طريق مطار دمشق الدولي، وفي أحياء ومناطق في دمشق منها الراقية مثل المزة، وتنظيم كفرسوسة، ومشروع دمر، وقرى الأسد.

مئات الشقق

تضيف المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات «إيران» و«حزب الله»، اشتروا المزيد بعد تعزيز وجودهم في البلاد بإرسالهم آلاف مقاتليهم للقتال إلى جانب الجيش السوري، على أثر اندلاع الحراك السلمي في سوريا منتصف مارس (آذار) 2011 والذي تحول بعد أشهر قليلة إلى مواجهات طاحنة بين الجيش وفصائل المعارضة المسلحة.

لافتة باتجاه السيدة زينب جنوب دمشق

وإضافة إلى ذلك، قامت إيران و«حزب الله»، بشكل مباشر أو عن طريق سماسرة عقارات سوريين باستئجار عدد كبير من الأبنية والشقق السكنية في دمشق خلال سنوات الحرب، وفقاً للمصادر ذاتها التي لفتت إلى أن إيران و«حزب الله» استغلا الأوضاع المعيشية الصعبة بسبب الأزمات التي غرقت فيها البلاد، عدا عن اتباع أسلوب الإغراءات المالية في عمليات الشراء والاستئجار، مؤكدة أنهم «باتوا يمتلكون مئات الشقق عدا عن المستأجرة».

سكان حي المزة بدمشق يتفقدون الأضرار في موقع الغارة الإسرائيلية على مبنى تابع لـ«الحرس الثوري» 20 يناير (رويترز)

ووفق مصادر سورية عليمة، فإنه بعد أن كانت أماكن إقامة واجتماعات أغلب القيادات العسكرية الإيرانية وكذلك التابعة لـ«حزب الله»، في منطقة «السيدة زينب» والقرى الواقعة على طريق مطار دمشق الدولي، قبل اندلاع الحرب في غزة، وتكثيف إسرائيل غاراتها ضدهم في ريف دمشق الجنوبي ومقتل عدد كبير منهم، جرى نقل أماكن إقامتهم واجتماعاتهم إلى أحياء دمشق الراقية.

وتعلق المصادر أن «السيدة زينب» ومحيطها ومحيط مطار دمشق الدولي كانت إيران تتولى مسؤولية تأمينها أمنياً، لكن الوضع تغير بعد تكثيف إسرائيل لضرباتها هناك، أما أحياء ومناطق دمشق الراقية فتقع مسؤولية تأمينها على عاتق الأجهزة الأمنية السورية.

تتبع دقيق

وتلفت المصادر إلى أنه ورغم ذلك باتت أماكن وجود قادة «الحرس الثوري» و«حزب الله» في أحياء ومناطق دمشق الراقية هدفاً لإسرائيل وكبدتهم خسائر فادحة في الأرواح حيث قتلت قيادات وازنة من الجهتين، وذلك نتيجة التتبع الإسرائيلي الدقيق لأماكن وجودهم، وهو أمر يدل على إصرار تل أبيب على إضعاف تواجد إيران والحزب في سوريا.

تجمع المدنيين في موقع غارة إسرائيلية على مبنى سكني يتردد إليه أعضاء من الحرس الثوري و«حزب الله» في المزة بدمشق 8 أكتوبر (أ.ف.ب)

واستهدفت ضربة الثلاثاء الماضي 3 طوابق في مبنى مؤلف من 14 طابقاً يقع في منطقة «الشيخ السعد» بحي المزة، وأدت بحسب «المرصد» إلى مقتل 9 مدنيين، بينهم 2 من «حزب الله».

كما تحدث «المرصد» في تقرير أن عدد الضحايا المدنيين بسبب الضربات الإسرائيلية الأخيرة لحي المزة يعكس خطورة العيش في الحي بعد أن أقدمت إيران وميليشياتها على شراء عشرات الشقق.

وذكر أن إسرائيل استهدفت منذ مطلع العام الحالي الأراضي السورية 104 مرات، كان نصيب دمشق وريفها منها 44 ضربة. وتسببت الضربات بمقتل 257 من العسكريين وإصابة 179 آخرين بجروح، ومن بين القتلى 25 من «الحرس الثوري» و47 من «حزب الله». كما تسببت بمقتل 39 مدنياً وإصابة نحو 48 آخرين، فضلاً عن مقتل رجل الأعمال المقرب من إيران براء قاطرجي.


مقالات ذات صلة

عُمَد البلدات الشمالية في إسرائيل: وقف إطلاق النار مع «حزب الله» بمثابة «صفقة استسلام»

شؤون إقليمية منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية (القبة الحديدية) تعترض صواريخ أُطلقت من جنوب لبنان فوق كريات شمونة في شمال إسرائيل (إ.ب.أ)

عُمَد البلدات الشمالية في إسرائيل: وقف إطلاق النار مع «حزب الله» بمثابة «صفقة استسلام»

هاجم عمدة بلدة المطلة ديفيد أزولاي، الحكومة، وسط التقارير المتزايدة التي تفيد بإمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار قريباً مع «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي أبنية مدمرة في منطقة الرويس بضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة: محادثات وقف النار في لبنان تمضي قدماً

قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دينون اليوم إن المحادثات الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع جماعة «حزب الله» اللبنانية «تمضي قدماً».

«الشرق الأوسط» (نبوبورك)
خاص آثار دمار في جنوب لبنان من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

خاص بايدن وماكرون يعلنان الثلاثاء وقفاً للنار بين لبنان وإسرائيل

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر واسعة الاطلاع أن الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون سيعلنان صباح الثلاثاء وقفاً للعمليات العدائية.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب (رويترز)

لبنان يندّد بالهجوم على جنود إيطاليين بقوة «اليونيفيل»

ندّد لبنان، اليوم (الاثنين)، بالهجمات على «اليونيفيل» في جنوب البلاد، ومن بينها هجوم صاروخي وقع الأسبوع الماضي، وأسفر عن إصابة 4 جنود إيطاليين بجروح طفيفة.

«الشرق الأوسط» (روما)
شؤون إقليمية جانب من الدمار جراء الغارة الإسرائيلية التي استهدفت منطقة البسطة في بيروت (أ.ف.ب)

إسرائيل: استهدفنا مركز قيادة لـ«حزب الله» في «غارة البسطة»

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الاثنين)، إن الغارة التي شنتها طائراته على منطقة البسطة في وسط بيروت، استهدفت مركز قيادة تابعاً لـ«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

لبنان أمام «حوار روما المتوسطي»: نتطلع إلى دعمكم لبناء دولة قوية

وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاجاني في مؤتمر «حوار روما المتوسطي»... (إ ب أ)
وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاجاني في مؤتمر «حوار روما المتوسطي»... (إ ب أ)
TT

لبنان أمام «حوار روما المتوسطي»: نتطلع إلى دعمكم لبناء دولة قوية

وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاجاني في مؤتمر «حوار روما المتوسطي»... (إ ب أ)
وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاجاني في مؤتمر «حوار روما المتوسطي»... (إ ب أ)

جدّد وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بوحبيب، التأكيد أن بلاده مستعدة للوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في القرار «1701»، مشدداً على أنه «لن يكون هناك سلاح دون موافقة الحكومة اللبنانية، ولا سلطة غير سلطة الحكومة اللبنانية».

وأثنى بوحبيب، في كلمة ألقاها خلال افتتاح مؤتمر «حوار روما المتوسطي»، على عمل قوات الـ«يونيفيل» في جنوب لبنان. وقال: «اللبنانيون ممتنون لأن 17 دولة أوروبية تشكل جزءاً لا يتجزأ وأساسياً في الـ(يونيفيل). وفي هذا الصدد، يدين لبنان بشدة أي هجوم عليها، ويدعو جميع الأطراف إلى احترام سلامة وأمن القوات ومقراتها. علاوة على ذلك، يدين لبنان الهجمات الأخيرة على الكتيبة الإيطالية، ويأسف لمثل هذه الأعمال العدائية غير المبررة».

وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب (رويترز)

وشدد على أن اللبنانيين يتطلعون إلى دولة قوية تدافع عن حقوقهم وسيادتهم وسلامة أراضيهم، مضيفاً: «كانت القناعة السائدة بين صناع القرار السياسي في مرحلة ما بعد الاستقلال هي أن قوة لبنان تكمن في ضعفه: إذا لم يكن لبنان يشكل تهديداً لجيرانه، فلن يهددنا أحد. وبالتالي، كان للفشل في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة في إقامة الدولة الفلسطينية آثار سلبية على لبنان بدءاً من منتصف الستينات. ومنذ ذلك الحين لم تتحقق جهودنا لبناء مؤسسات عسكرية وأمنية قوية».

وقال: «لكي يحدث ذلك، نحتاج إلى دعمكم لبناء قوات مسلحة وأمنية للدفاع عن أراضينا وحمايتها. تتطلب التحديات السائدة بذل جهود وطنية ودولية جماعية لبناء أجهزة أمنية لبنانية قوية. هدفنا الأساسي هو تمكين السلطة الوطنية الشرعية، باعتبارها الضامن للأمن والسلام. وفي هذا السياق، فإن التنفيذ المتوازي والكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم (1701) هو بوابة الاستقرار».

وجدد التأكيد على أن «لبنان مستعد للوفاء بالتزاماته المنصوص عليها في القرار المذكور أعلاه. وهذا يعني حرفياً: (لن يكون هناك سلاح دون موافقة الحكومة اللبنانية، ولا سلطة غير سلطة الحكومة اللبنانية). ويتطلب تحقيق هذا الهدف شرطين ضروريين، هما وقف فوري لإطلاق النار، وانتشار قوات مسلحة لبنانية إضافية جنوب نهر الليطاني»، مؤكداً أنه «وبمجرد تحقيق ما سبق، وبالتعاون مع قوات الـ(يونيفيل)، فسيكون لبنان قادراً على بسط سلطته على أراضيه».

وختم بوحبيب: «نجدد التزام لبنان بالسلام والأمن في منطقتنا، وندعو إلى العودة الآمنة للنازحين إلى قراهم وبلداتهم. ومع ذلك، فإن الأمن والسلام الدائمين والمستدامين على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية يتطلبان إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية. وإلا، فإن الاحتلال المستمر سيولد مقاومة وصراعات محتملة في المستقبل».