منسق الأمم المتحدة لدى لبنان لـ«الشرق الأوسط»: الوضع الإنساني «كارثي»

ريزا طالب بوقف عاجل لإطلاق النار... وحذر من تفاقم الأزمة «إذا طالت الحرب»

المنسق المقيم للأمم المتحدة منسق الشؤون الإنسانية لدى لبنان عمران ريزا (الشرق الأوسط)
المنسق المقيم للأمم المتحدة منسق الشؤون الإنسانية لدى لبنان عمران ريزا (الشرق الأوسط)
TT

منسق الأمم المتحدة لدى لبنان لـ«الشرق الأوسط»: الوضع الإنساني «كارثي»

المنسق المقيم للأمم المتحدة منسق الشؤون الإنسانية لدى لبنان عمران ريزا (الشرق الأوسط)
المنسق المقيم للأمم المتحدة منسق الشؤون الإنسانية لدى لبنان عمران ريزا (الشرق الأوسط)

حذر المنسق المقيم للأمم المتحدة منسق الشؤون الإنسانية لدى لبنان، عمران ريزا، بأنه «إذا استمرت الحرب لمدة أطول، فسيتفاقم الوضع الكارثي أكثر، وستزداد الأمور سوءاً على الجميع»، مشدداً على الحاجة إلى «وقفٍ عاجل لإطلاق النار»، في ظل تفاقم الوضع الإنساني والضغط الإنساني الهائل على مؤسسات الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية للتعامل مع أزمة النازحين الطارئة بفعل التصعيد العسكري، والتي دفعت بأكثر من مليون شخص إلى النزوح من أماكن سكناهم. وإذ أشار إلى أن الحاجات هائلة تفوق 400 مليون دولار، فقد أعلن أن 12 في المائة من الاحتياجات أُمّنت عبر المانحين، وأن الأمم المتحدة تنتظر المزيد لتلبية الاحتياجات.

الوضع كارثي

ويصف ريزا، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، الوضع الإنساني في الأسبوعين الأخيرين، منذ 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، بـ«الكارثي»، بعد تراكم الأزمة منذ نحو عام. ويقول: «هي كارثة بالنسبة إلى المدنيين. لدينا الآن أكثر من ستمائة ألف نازح، وأكثر من مليون متضرر، ولدينا 300 ألف شخص عبروا الحدود»، علماً بأن كثيراً من هؤلاء الأشخاص «لم ينزحوا مرة واحدة فقط، بل انتقلوا إلى أكثر من مكان بحثاً عن الأمان». ويؤكد أن هذه الحرب التي دخلت تصعيداً كبيراً منذ 23 سبتمبر الماضي، «هي أزمة تضرب المدنيين بشدة في لبنان»؛ ذلك «أننا نتحدث عن أكثر من مليون متضرر؛ أي نحو ربع سكان لبنان».

وقال إن الأمم المتحدة قد تحركت للتعامل مع هذه الأزمة، ويشير ريزا إلى «أننا نحاول تلبية جميع احتياجات هؤلاء الناس، ولكن من أجل القيام بذلك؛ فإننا نحتاج إلى الموارد»، لافتاً إلى أنه على مدار العام الماضي «كنا نقول باستمرار إننا لا نملك أموالاً كافية، وذلك عندما كان هناك 110 آلاف نازح» فقط.

وأطلقت الأمم المتحدة في الأسبوع الماضي نداءً إنسانياً عاجلاً لجمع 426 مليون دولار من المانحين لتغطية الاحتياجات الإنسانية. ويشير ريزا إلى أنه «جرى توفير 12 في المائة بالفعل من الحاجات حتى الآن، ونتوقع المزيد من المانحين»، لافتاً إلى أن دولاً مانحة قدمت وعوداً بدعم إضافي. ويقول: «إننا ممتنون جداً لجميع المساهمات الدولية، ولمساهمة دول مجلس التعاون الخليجي التي ساعدت في توفير الإمدادات الصحية والإغاثية العاجلة»، مضيفاً: «إننا نتطلع إلى مزيد من المساهمات، ونتوقعها».

ريزا في مكتبه يستعرض الاحتياجات الإنسانية للنازحين جراء الحرب الأخيرة على لبنان (الشرق الأوسط)

تنسيق مع الحكومة

وتنسق الأمم المتحدة وممثلو منظماتها لدى لبنان مع الحكومة اللبنانية بشكل يومي، ضمن استراتيجيات لتوفير الاحتياجات؛ من مأوى، وغذاء، ومتطلبات صحية، ومياه، وذلك للتأكد من أنها تستجيب بشكل صحيح لاحتياجات الناس.

ويقول ريزا إن «تفاعلنا الآن مع الحكومة بشأن هذه الاستجابة ممتاز»، من غير أن ينفي ضعف مقدرات الحكومة بعد نحو 5 سنوات من الأزمات المتلاحقة، في وقت يعاني فيه السكان من المعضلة نفسها جراء الأزمات المالية والمعيشية والاقتصادية التي ضربت لبنان بدءاً من 2019. ويضيف: «بات الناس أقل قدرة مما كانوا عليها في حرب 2006، كما أن الحكومة ضعيفة، كذلك المؤسسات والبلديات». لذلك؛ «نحاول مساعدة الحكومة على الاستجابة، والتأكد من أنها شفافة وخاضعة للمساءلة»، كما «نعمل على التأكد من أن التمويل المقبل يجب أن يسلك طريقه إلى المحتاجين بطريقة شفافة ونزيهة».

وتتعاون الأمم المتحدة مع كثير من الشركاء الذين باتوا يمتلكون خبرات بعد الأزمات التي عانى منها لبنان على مدار السنوات الأخيرة، وهي نقطة مساعِدة بما يتخطى الواقع في عام 2006، على ضوء وجود منظمات غير حكومية محلية ومنظمات دولية تعمل في لبنان، كما تضمن السلوكيات في مراكز الإيواء لمنع الانتهاكات.

عمران ريزا يتحدث لـ«الشرق الأوسط» بمكتبه في بيروت (الشرق الأوسط)

وضع مختلف عن 2006

وإلى جانب قدرات الناس والحكومة، تنسحب الآن المتغيرات عما كانت عليه في 2006، على الوضع السياسي، فالحكومة هي حكومة تصريف أعمال، ويعاني البلد من شغور رئاسي، فضلاً عن أن حضور بعض الدول في لبنان خلال ذلك الوقت كان أكبر. يقول ريزا: «الآن ليس في لبنان الحضور نفسه. لذا؛ فقد كان الوضع مختلفاً تماماً، فضلاً عن أن الحرب في 2006 استمرت 33 يوماً فقط، بينما الآن مر عام كامل»، لافتاً إلى أسئلة ناس التقاهم في الجنوب، خلال زيارات متكررة إلى المناطق الحدودية، عن التقديرات لانتهاء الحرب، قبل أن «يصبح الوضع أسوأ بكثير خلال الأسبوعين الأخيرين».

ويوضح ريزا أنه «في الأسبوع الأول، كان من الصعب للغاية معالجة الأمر، وحتى الآن، لا يزال هناك نازحون في الشوارع دون مأوى»، قائلاً: «إننا نعمل مع الحكومة للتأكد من أننا نوفر المأوى للجميع، وأننا قادرون على توفير الطعام والرعاية الصحية... وما إلى ذلك. لكن الأمر ليس سهلاً».

أزمة النازحين على الطرقات

ويأمل منسق الأمم المتحدة لدى لبنان أن «نتمكن في الأيام المقبلة من إيواء الناس بشكل مناسب»، مع اقتراب موسم الشتاء؛ حيث «لا يمكننا ترك الناس دون مأوى». ويشكل نقص الملاجئ وإمدادات المياه والصرف الصحي، والقلق من تفشي الأوبئة، هاجساً له، رغم التعاون الوثيق مع المؤسسات الأممية والدولية والشركاء. يقول: «كثير من الوكالات يستجيب».

وينفي ريزا التمييز بين النازحين واللاجئين الفلسطينيين والسوريين والأجانب، يقول: «يوجد كثير من اللبنانيين والسوريين في مدارس (أونروا) المحمية الآن». ويشير إلى مباحثات مع الحكومة حول الأماكن التي يمكن مساعدة السوريين على اللجوء إليها، لافتاً إلى أنهم تلقوا رداً إيجابياً من الحكومة.

وإذ يعرب عن قلقه بشأن ما سيحدث للعام الدراسي وتعليم الأطفال، يقول «إننا نتطلع أيضاً إلى مناطق أخرى؛ ليس فقط من أجل ألا يكون الناس في ملاجئ جماعية، بل أيضاً ليكون بإمكانهم العيش في منازل أو شقق»، مضيفاً: «لذلك؛ فنحن ننظر في جميع الخيارات».

نازحون داخلياً في وسط بيروت يفترشون الطرقات (أ.ف.ب)

حرب طويلة الأمد

ولا تنظر الأمم المتحدة إلى الحلول المتوقعة للأزمة في الجانبين الإنساني والعسكري، ويشدد ريزا على أن «الحل سياسي دبلوماسي»، لكن حتى يمكن الوصول إليه «فإننا نحتاج إلى وقف لإطلاق النار». ويضيف: «نحن لا نرى ما يدعو إلى التفاؤل حتى الآن، لكن ما نحن متفائلون به هو الاستجابة التي نحصل عليها من شركائنا لنكون قادرين على مساعدة النازحين والقيام بالمهام حيالهم»، مشيراً إلى إجلاء نحو ألف شخص في قافلة من عين إبل الأسبوع الماضي، وتوزيع مساعدات في صور يوم الأحد الماضي، وشدد على «أننا نحاول التأكد من أن الناس يمكنهم الوصول إلينا ويمكننا الوصول إليهم».

ويناشد ريزا «جميع الأطراف بأن عليهم احترام القوانين الدولية والقوانين الإنسانية، وأن يمنحونا إمكانية الوصول الآمن، وأن نتمكن من الذهاب ومساعدة الناس»، لافتاً إلى «كثير من الانتهاكات، مثل مقتل رجال إطفاء وعاملين في القطاع الصحي والدفاع المدني وموظفين بالأمم المتحدة»، ويضيف: «التكلفة على البنية الأساسية الإنسانية والمدنية والصحية آخذة في الارتفاع».


مقالات ذات صلة

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

أعلن «حزب الله» أنه دمر، الأحد، 6 دبابات «ميركافا» إسرائيلية في جنوب لبنان، 5 منها في بلدة البياضة الساحلية الاستراتيجية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أبنية مدمرة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:42

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

أعاد «حزب الله» تفعيل معادلة «بيروت مقابل تل أبيب» التي كثيراً ما رفعها، عبر استهداف قلب إسرائيل.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تجددت الغارات الإسرائيلية (الأحد) على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 12 موقعاً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
TT

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

تجددت الغارات الإسرائيلية العنيفة، مساء اليوم (الأحد)، على ضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 12 موقعاً.

ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء مرفقاً بخرائط إلى سكان مناطق الغبيري وشويفات العمروسية والحدث وحارة حريك وبرج البراجنة.

وقال: «أنتم توجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله)»، محذّراً من ضربات وشيكة على منطقة الغبيري.

قال أدرعي، مساء اليوم، إن الجيش شن سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية في بيروت استهدفت 12 مقر قيادة عسكرية لـ«حزب الله».

وأضاف أن الضربات الإسرائيلية استهدفت «مقرات لاستخبارات (حزب الله) ووحدة الصواريخ البحرية والوحدة 4400 المسؤولة عن نقل الوسائل القتالية من إيران مروراً بسوريا إلى (حزب الله)».

وفي وقت سابق اليوم قال أدرعي إن إسرائيل لن تسمح بفرض أي معادلات عليها، وطالب بتجنب «أبواق (حزب الله) الإعلامية».

وأضاف أدرعي على منصة «إكس» دون توضيح: «كل من يحاول فرض المعادلات عليه أن يقوم بجولة في الضاحية الجنوبية ببيروت وسيفهم ذلك الليلة على وجه التحديد».

وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان منذ إنهاء المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، زيارته إلى بيروت، الأربعاء الماضي، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل.

وبعد تبادل القصف مع «حزب الله» مدة عام تقريباً، بدأت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول)، حملة جوية واسعة تستهدف خصوصاً معاقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها.

وأعلنت منذ نهاية الشهر نفسه بدء عمليات توغل بري في جنوب لبنان. وأحصى لبنان مقتل 3583 شخصاً على الأقل بنيران إسرائيلية منذ بدء «حزب الله» وإسرائيل تبادل القصف.