قدّرت وزارة الهجرة العراقية وصول نحو 7 آلاف مواطن لبناني إلى الأراضي العراقية، هرباً من الحرب الدائرة هناك، والهجمات التي تشنّها إسرائيل على لبنان، وخصوصاً المناطق التي توجد بها أغلبية شيعية.
في غضون ذلك، دعا رئيس مجلس محافظة النجف، البرلمان إلى الاستفادة من الخبرات الموجودة بين صفوف النازحين، من خلال التعاقد معهم للعمل في المؤسسات الحكومية.
وقال المتحدث باسم وزارة الهجرة، علي عباس جهانكير، لـ«الشرق الأوسط»، إن «اجمالي عدد اللبنانيين الواصلين إلى العراق ما زال غير دقيق؛ كون المنافذ البرية والجوية، مثل منطقة القائم ومطارَي النجف وبغداد لم ترسِل إحصاءات كاملة».
ويضيف جهانكير: «الإحصاءات المتوفرة لدينا تشير إلى وجود 4600 نازح، ونتوقع وجود 7 آلاف نازح، استناداً إلى الأرقام الأولية التي وصلتنا من العتبات الدينية والمنافذ الحدودية».
لا توطين للبنانيين
ونفى جهانكير مزاعم الرغبة في توطين النازحين اللبنانيين في العراق، وذكر أن «القصة لا تتعلق بالتوطين، إنما هناك مدن للزائرين وفنادق استوعبتهم في كربلاء والنجف، لكن بعض العائلات فضّلت الذهاب إلى أقارب وأصدقاء في بعض المحافظات العراقية».
وكان ناشطون عراقيون تحدّثوا عن محاولات سياسية لتوطين اللبنانيين في مدن عراقية، وسرّب بعضهم تسجيلات لم يتسنّ التأكد من صحتها بأن محافظة ديالي واحدة من المواقع المرشّحة لاستقرارهم.
وتابع جهانكير: «لدينا في محافظة ديالي بعض العوائل اللبنانية هناك، وفي محافظة صلاح الدين أيضاً، وكذلك في مدينة السماوة الجنوبية نحو 5 عوائل فضّلت الذهاب إلى هناك لمعارفها وأصدقائها، استناداً إلى رغبتهم».
وارتبطت قضية «توطين» المواطنين العرب في العراق بأحداث حرب غزة التي اندلعت في 7 أكتوبر (كانون الأول) 2023، حيث امتلأت الأجواء العراقية وقتذاك بالكلام عن الرغبة في توطين المواطنين الفلسطينيين الهاربين من غزة، بهدف إخلائها من سكانها لرغبةٍ إسرائيلية وغربية.
وكان الحديث عن محافظة الأنبار (غرباً) لتكون مكاناً لتوطينهم، غير أن القوى السياسية الشيعية رفضت ذلك بشدة، وتستعيد بعض الاتجاهات السُّنية اليوم تلك الذكريات، وتتَّهم القوى الشيعية بالسعي لتوطين اللبنانيين في العراق.
وأشار جهانكير إلى أن «المحطة الأولى لوجود اللبنانيين هي العتبات الدينية في النجف وكربلاء، بصفتها مهيّأة لاستقبال النازحين بالنظر لوجود مدن الزائرين، وبالإمكان استثمارها بدلاً من بناء المخيمات التي تستغرق عملية بنائها أسابيع».
وكانت وزارة الهجرة وجّهت، الاثنين، نداءً عاجلاً إلى المواطنين اللبنانيين في العراق، ودَعتهم إلى التواصل مع الوزارة من خلال (الأرقام الهاتفية)، بهدف «تسجيلهم ضمن قاعدة بيانات الوزارة، وتأمين احتياجاتهم الضرورية، وتقديم كل ما تستطيع الوزارة لخدمة تلك الأُسر حتى انتهاء الأزمة الحالية».
ومطلع الأسبوع الحالي، استقبلت كوادر وزارة الهجرة والمهجّرين مجموعة من العائلات اللبنانية في منفذ القائم الحدودي مع سوريا، ضمّت 897 لاجئاً، وقدّمت لهم «التسهيلات الضرورية».
وفي محافظة صلاح الدين سجّلت السلطات المحلية ودائرة الهجرة وصول 93 نازحاً لبنانياً.
وأصدرت سفارة بغداد في دمشق، الاثنين الماضي، تعليمات أكّدت فيها إمكانية دخول النازحين اللبنانيين بسياراتهم الخاصة.
من جانبه، اقترح رئيس مجلس محافظة النجف، غيث رعد الكلابي، على البرلمان العراقي استثمار الكفاءات الطبية اللبنانية التي أتت ضمن موجة النزوح.
وذكر الكلابي في مقترحه الموجّه إلى البرلماني الاتحادي، انه «نظراً لوفود عدد من أصحاب الكفاءات والاختصاصات الدقيقة المختلفة، ومنها في المجالات الطبية الدقيقة؛ لذا نقترح استثمار هذه الكفاءات العلمية، وكلٌّ حسب اختصاصه وحاجة البلد».
وطلب الكلابي من البرلمان «الإيعاز إلى الوزارات المعنية للنظر بالمقترح، وإجراء الاختبارات الضرورية اللازمة، وتوقيع عقود عمل لهم حسب الضوابط المعتمدة».
وعراقياً، قال المسؤول في الهجرة، إن «مستجدات الأوضاع، وموقف إقليم كردستان، وراء إرجاء موعد غلق المخيمات الذي كان مقرّراً في نهاية يوليو (تموز) الماضي»، وأضاف جهانكير: «تركنا الخيار إلى العوائل للعودة إلى ديارها، أو البقاء في مناطق النزوح وليس في المخيمات».
وكشف عن «عودة أكثر من 10 آلاف عائلة خلال الأشهر الماضية إلى ديارها، وما زال لدينا 19 ألف عائلة موجودة في مخيمات النزوح، أغلبهم من الأقلية الإيزيدية».