هرباً من الحرب... لبنانيون يلجأون إلى البحر والبر بديلاً عن رحلات جوية «خطرة ومكتظة»

الخط الشمالي من بيروت إلى عمان الأكثر طلباً... والرحلات البحرية إلى تركيا وقبرص تلقى رواجاً

مسافرون قادمون من لبنان يسيرون عند معبر جديدة يابوس الحدودي في جنوب غربي سوريا (أ.ف.ب)
مسافرون قادمون من لبنان يسيرون عند معبر جديدة يابوس الحدودي في جنوب غربي سوريا (أ.ف.ب)
TT

هرباً من الحرب... لبنانيون يلجأون إلى البحر والبر بديلاً عن رحلات جوية «خطرة ومكتظة»

مسافرون قادمون من لبنان يسيرون عند معبر جديدة يابوس الحدودي في جنوب غربي سوريا (أ.ف.ب)
مسافرون قادمون من لبنان يسيرون عند معبر جديدة يابوس الحدودي في جنوب غربي سوريا (أ.ف.ب)

يعيش اللبنانيون منذ أكثر من أسبوعين حالة من القلق النفسي والإحباط وسط تصاعد حدة القصف الإسرائيلي الذي طال مناطق عدة في البلاد، حيث لم تقتصر الضربات العنيفة على الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية فحسب، بل امتدت إلى بلدات وقرى مختلفة في جبل لبنان والبقاع والشمال.

وتسببت الأحداث الأخيرة في ظهور موجة من النزوح الداخلي. تتحدث الأرقام عن نحو مليون و200 ألف نازح لبناني، حملوا أحلامهم وآمالهم وبضعة أمتعة في سياراتهم، ولجأوا إلى منازل مستأجرة بعضها بمبالغ ضخمة، أو إلى مراكز إيواء عادةً ما تكون عبارة عن مدارس رسمية فتحت أبوابها لاستقبالهم.

ووسط حالة عدم اليقين التي تسيطر على الأجواء في لبنان، تبرُز مشكلة يواجهها الأشخاص الذين يبحثون عن سُبل لمغادرة البلاد هرباً من الحرب، حيث أوقفت جميع شركات الطيران الأجنبية رحلاتها التجارية إلى مطار رفيق الحريري الدولي، ولا يمكن لأي مسافر الآن حجز تذاكر إلا عبر شركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية، وهي الوحيدة التي لا تزال تسيّر رحلات من وإلى بيروت.

«لا ضمانات»

يعود سبب امتناع شركات الطيران من الهبوط في بيروت للقصف الكثيف الذي يصيب أحياناً أهدافاً قريبة جداً من المطار، حيث إن الطريق من وإلى المطار يعد غير آمن بحد ذاته.

وقال وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، الثلاثاء، إن السلطات تلقت خلال اتصالاتها الدولية «تطمينات» بخصوص عدم استهداف إسرائيل مطار بيروت، لكنها لا ترقى إلى «ضمانات»، على وقع تواصُل شَنّ غارات كثيفة في محيط المرفق الجوي منذ الأسبوع الماضي.

وكثّفت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول) الماضي غاراتها الجوية، خصوصاً على ضاحية بيروت الجنوبية التي يقع مطار رفيق الحريري، الوحيد في البلاد، عند أطرافها. وشنّت إسرائيل غارات في جنوب البلاد وشرقها، استهدفت إحداها منطقة المصنع الحدودية؛ ما أدى إلى قطع المعبر البري الرئيسي بين لبنان وسوريا. وأكد حمية أن الحكومة اللبنانية «تسعى إلى أن تُبقي المرافق العامة براً وبحراً وجواً سالكة، وأولها مطار رفيق الحريري الدولي»، بوابة لبنان جواً إلى العالم.

مسافرون ينتظرون رحلاتهم الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي (أ.ف.ب)

وفي خضم حالة الخوف والهلع المنتشرة بين اللبنانيين، يلجأ كثير من الأشخاص مؤخراً إلى البر والبحر للوصول إلى بلدان مجاورة، إمّا للاستقرار فيها مؤقتاً، وإما للسفر عبرها إلى وجهات أخرى.

ووفقاً لمعلومات نشرتها قناة محلية، الثلاثاء، عَبَرَ نحو 60 ألف لبناني نقطة المصنع الحدودية مع سوريا منذ 23 سبتمبر، أي تاريخ بداية تصعيد إسرائيل القصف الجوي على مناطق لبنانية عدة، بعدما كانت الضربات تقتصر تقريباً على بلدات جنوبية حدودية منذ بداية حرب غزة قبل عام.

الهرب براً

بعد فشل الشاب اللبناني الثلاثيني وئام في الحصول على تذاكر سفر خلال مدة زمنية قريبة لعائلته المكونة من 3 أفراد بسبب زيادة الطلب على الرحلات الجوية، وعدم قدرة «طيران الشرق الأوسط» على تسيير مزيد من الرحلات اليومية، لجأ إلى أحد مكاتب السفر في جبل لبنان لتأمين مقاعد على متن حافلة، والسفر براً إلى الأردن.

ويقول وئام في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لم تتحمل زوجتي أصوات القصف التي نسمعها كل ليلة، حيث يشتد الضرب في ساعات الفجر، ووسط حالة الرعب من المستقبل وما قد ينتظرنا من مآسٍ، قررنا السفر إلى الأردن لمحاولة إيجاد مكان آمن لنا ولطفلتنا البالغة من العمر بضعة أشهر فقط».

ويضيف: «حجزنا مقاعد على متن حافلة تُقل اللبنانيين من بيروت إلى عمّان، حيث يسلك السائق طريق الشمال - من طرابلس - بعدما تَعَرَّضَ الطريق الرئيسي إلى سوريا (المصنع) للقصف».

وعن أسعار التذكرة وصعوبة الرحلة، يوضح الشاب الذي يعمل عن بُعد خبيراً مالياً في إحدى الشركات الأجنبية: «طلب المكتب منا مبلغاً قدره 200 دولار للشخص الواحد لتوصيلنا إلى عمّان، وقضينا نحو 15 ساعة على الطريق. ومع التوقف في كثير من النقاط للاستراحة، إلا أن الرحلة أرهقتنا بالفعل، خصوصاً مع وجود ابنتنا التي تحتاج إلى رعاية كبيرة بسبب سنها الصغيرة».

وفي هذا السياق، تشرح خبيرة الحجوزات سارة البنا، التي تعمل في شركة «نخال» للسياحة والسفر اللبنانية، أن إقبال الناس على الرحلات البرية، من لبنان إلى سوريا والأردن ازداد كثيراً وسط الأوضاع الصعبة.

وتوضح لـ«الشرق الأوسط» أنهم يتلقون يومياً عشرات الاتصالات من عائلات تطلب المغادرة «بأي وسيلة».

وتتابع: «نُسيّر أسبوعياً أكثر من 3 حافلات - بسعة 40 شخصاً للواحدة - من بيروت إلى عمّان عبر شمال لبنان بعد تعرُّض طريق المصنع للقصف، وتتراوح أسعار التذاكر بين 150 و250 دولاراً للشخص الواحد، فالسعر يحدده الطلب على كل رحلة وفقاً لموعدها وساعة الانطلاق... وما إلى ذلك».

وتضيف البنا: «يحتاج الطريق البري من 15 إلى 18 ساعة عبر طرابلس، ومن ثم حمص السورية وصولاً إلى عمّان، ولكن هناك أكثر من محطة للاستراحة، بسبب وجود كثير من كبار السن والصغار على متن الحافلات».

إعلان أصدرته إحدى وكالات السفر اللبنانية للترويج لرحلات برية من بيروت إلى عمَّان

من جهتها، تصف لارا، المسؤولة عن الحجوزات في مكتب سفريات «يلا ترافيل» في بيروت الإقبال الكثيف على الرحلات البرية عبر الحافلات إلى عمان، وتقول: «نتلقى يومياً المئات من الرسائل عبر (واتساب) للاستفسار عن الرحلات، حيث قررت عائلات كثيرة السفر معاً، والهرب من لبنان وسط الأوضاع الصعبة».

وتضيف: «حافلاتنا تسير يومياً عبر الطريق الشمالي وصولاً إلى طرابلس ومن ثم سوريا والأردن، وتكون المقاعد محجوزة بشكل كامل».

وعن الحالة النفسية للعائلات، تقول لارا إن معظم المسافرين تظهر عليهم ملامح الحزن عند صعودهم على متن الحافلات، وتستطرد: «الركاب نازحون من الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية، ولكنهم أيضاً سكان مناطق جبلية وشمالية في لبنان تعد آمنة نوعاً ما، والكل يحلم بليلة نوم هادئة واحدة بعيدة عن أصوات القصف، في بلدان أخرى للأسف».

«برايفت تاكسي»

لا تقتصر الرحلات البرية من لبنان إلى سوريا والأردن على الحافلات الكبيرة، حيث تظهر أيضاً شركات نقل تتيح سيارات أجرة خاصة، معروفة بـ«برايفت تاكسي»، لنقل الأشخاص إلى الوجهة التي يريدونها، ولكن بأسعار مرتفعة.

وتكلفة سيارة الأجرة الخاصة التي يمكنها نقل 6 مسافرين حداً أقصى مع أمتعتهم، تتراوح بين ألف و100 دولار، وألف و500 دولار للرحلة، وفقاً لسائق سيارة أجرة رفض الكشف عن اسمه.

ويوضح: «هناك طلب على هذا النوع من الرحلات من قِبل العائلات التي تضم أطفالاً صغاراً، أو مرضى كباراً بالسن، حيث إن السيارة الخاصة أكثر راحةً وخصوصية مقارنةً بالحافلات، ويمكن للمسافرين تحديد مدة الاستراحات والأماكن التي يرغبون في التوقف عندها».

ولم يكن لخالة فاطمة، شابة لبنانية من سكان العاصمة بيروت، مَفَرٌّ إلا اللجوء إلى سيارة أجرة خاصة للنزوح إلى سوريا، وذلك بسبب وضعها الصحي الصعب. وتشرح: «خالتي تعاني شللاً نصفياً، وتحتاج إلى رعاية طبية دائمة وأدوية كثيرة. وخوفاً من الحرب وانقطاع الأدوية في لبنان، لجأت إلى سوريا عبر سيارة أجرة، ومن هناك ستقرر وجهتها التالية».

السفر بحراً

للبنانيين الراغبين في السفر بحراً وجهتان أساسيتان: قبرص وتركيا. وعن هذه الرحلات، توضح البنا من شركة «نخال»: «الوجهة الأكثر رواجاً اليوم عبر البحر هي منطقة ميرسين في تركيا، حيث تحتاج الرحلة لنحو 18 ساعة. أما قبرص، التي يلجأ إليها الكثيرون أيضاً، فتحتاج لـ7 ساعات تقريباً فقط».

لبنانيون يفرون من القصف الإسرائيلي على متن قارب متجه إلى قبرص (رويترز)

وتشرح الخبيرة: «تتنوع الرحلات البحرية، وهناك في لبنان عدد من السفن التي تنقل الناس إلى وجهات بعيدة، فالقوارب الصغيرة التي يمكنها ضمّ نحو 10 أشخاص هي الأكثر تكلفةً - نحو 3 آلاف دولار على الشخص الواحد».

وتقول البنا: «نقطة التجمع الأساسية لهذه الرحلات هي مرفأ ضبية في بيروت، وعلى اللبنانيين المسافرين إلى قبرص الحصول على تأشيرة كالعادة، وهي تحتاج إلى نحو 8 أيام عمل، أو إبراز تأشيرة (شينغن) صالحة».

ولكن كحال النقل البري، هناك دائماً خيارات أقل تكلفةً، وهي البواخر الكبيرة التي تنطلق من ميناء طرابلس في شمال البلاد، ووجهتها الأساسية منطقة تاشوجو بالقرب من ميرسين في تركيا.

ويوضح أحمد الموظف في إحدى شركات السفر بلبنان والمشارك في تنظيم الرحلات هذه: «تبدأ الرحلة من مرفأ طرابلس في شمال لبنان، وتبلغ التكلفة 350 دولاراً للشخص الواحد، والآن لدينا نحو 3 رحلات أسبوعياً يمكنها نقل 400 مسافر في كل مرة. ولكن هناك خطط لرفع عدد الرحلات إلى 5 بسبب الضغط».

مجموعة من اللبنانيين يفرون من البلاد على متن قارب متجه إلى قبرص من ميناء ضبية (رويترز)

«طائرات خاصة»

تتحدث سارة البنا من شركة «نخال» عن حلول إضافية للخروج من لبنان، ولكنها لا تناسب إلا «الطبقة الثرية» على حد تعبيرها.

وتشرح: «هناك طائرات خاصة صغيرة توصلك من مطار بيروت الدولي إلى أنطاليا أو إسطنبول في تركيا، بشكل مريح وسريع».

وعن تكلفة هذه الرحلات، تقول: «الرحلة الجوية الخاصة (سعة 4 أشخاص) إلى إسطنبول، تبلغ تكلفتها نحو 28 ألفاً و500 دولار، أما الرحلة إلى مدينة أنطاليا فتُكَلف المسافرين نحو 18 ألف دولار».

وعن الإقبال على هذه الرحلات، تقول البنا: «الطلب ضعيف، ولكنه ليس منعدماً».


مقالات ذات صلة

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أبنية مدمرة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:42

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

أعاد «حزب الله» تفعيل معادلة «بيروت مقابل تل أبيب» التي كثيراً ما رفعها، عبر استهداف قلب إسرائيل.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تجددت الغارات الإسرائيلية (الأحد) على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 12 موقعاً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي، بغارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب) play-circle 00:37

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني بالجنوب يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
TT

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي المقررة الاثنين من أي بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على العراق، أفادت مصادر برلمانية بأن الجلسة ستشهد مناقشة هذا الموضوع في جلسة سرية.

وتسود الأوساط الرسمية والشعبية العراقية مخاوف متزايدة من احتمال وقوع الضربة في أي لحظة، وسط تداول واسع لعشرات الأهداف المحتملة للقصف، ويتبع معظمها فصائل مسلحة، بما في ذلك محطات فضائية مملوكة لهذه الفصائل.

وفي ظل غياب موقف رسمي حكومي واضح حيال التهديدات الإسرائيلية، خاصة بعد المذكرة التي وجهتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة والتي تضمنت شكوى ضد العراق، هي الأولى منذ قصف مفاعل «تموز» العراقي عام 1981 خلال الحرب العراقية - الإيرانية؛ صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن التهديدات الإسرائيلية أصبحت أكثر جدية من أي وقت مضى.

البرلمان العراقي الذي استأنف فصله التشريعي قبل أسبوعين عقب انتخاب رئيس جديد له، فشل في عقد جلسة بسبب الخلافات حول ما يُعرف بـ«القوانين الجدلية»، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقانون العفو العام، وقضية عائدية العقارات إلى أصحابها الأصليين. إلا أن تصاعد مخاطر التهديدات الإسرائيلية ضد العراق دفع البرلمان إلى عقد جلسة يوم الاثنين، تضمنت بنوداً عادية دون التطرق إلى القوانين الخلافية.

وفي حين لم تتضح بعد طبيعة النقاشات التي سيجريها البرلمان، أو ما إذا كانت ستُتخذ قرارات محددة، أكدت رئاسة البرلمان أن أي قرارات تصدر ستكون داعمة لجهود الحكومة.

صمت على جبهة الفصائل

في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتخاذ قرارات صارمة لحفظ سيادة البلاد، التزمت الفصائل المسلحة الموالية لإيران الصمت منذ أيام. وكان السوداني، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قد أصدر أوامر صارمة بشأن التعامل مع أي ضربات صاروخية قد تنفذها الفصائل المسلحة التي دأبت على توجيه ضربات من الأراضي العراقية نحو إسرائيل.

ووفقاً لتعليمات السوداني، فإن مسؤولية إطلاق أي صاروخ تقع على عاتق القطعات العسكرية الماسكة للأرض، والتي ستتحمل تبعات ذلك.

وبينما يسود الصمت جبهة الفصائل المسلحة، تشير الأوساط السياسية العراقية إلى أن هذا الصمت يأتي بناء على أوامر إيرانية بالتزام الهدوء، خاصة بعدما وضعت إسرائيل إيران على قائمة أهدافها المحتملة في المستقبل القريب، رغم إشارات السلام التي بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين بإصدارها.

وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الحرب والسلم يجب أن يُتخذ ضمن المؤسسات الدستورية وفق المادة (61) من الدستور، عبر تقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء وتصويت أغلبية أعضاء البرلمان ومصادقة رئيس الجمهورية، وبالتالي إعلان حالة الطوارئ».

وأضاف السعدي أن «الخطورة تكمن في أن الفصائل المسلحة غير مكترثة بتحذيرات رئيس الوزراء، وسيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة على المدى المنظور، منها قد تكون اغتيالات لشخصيات ومعسكرات ومقرات تابعة لفصائل المقاومة».

وتوقع السعدي أن «يشهد العراق عمليات إسرائيلية قبل نهاية العام؛ مما قد يعقّد الوضع، خاصة أن العراق يقع في محيط إقليمي حساس وملتهب؛ مما سيؤدي إلى ارتدادات كبيرة داخل النظام السياسي العراقي».

وفيما يتعلق باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بحماية النظام السياسي العراقي، أوضح السعدي أن «الاتفاقية تهدف إلى الحفاظ على النظام السياسي وحماية مؤسسات الدولة والديمقراطية في العراق. ومن منظور الولايات المتحدة، تُعتبر الفصائل المسلحة خارج المؤسسات الرسمية؛ مما قد يوفر لإسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم أنها تدافع عن نفسها».

والجدير بالذكر أن فصائل «المقاومة» قد استهدفت إسرائيل خلال شهرَي أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بأكثر من مائة هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة؛ مما دفع الولايات المتحدة للتدخل عدة مرات للوساطة مع الحكومة العراقية بهدف منع الفصائل من توجيه ضربات أخرى إلى إسرائيل.