إسرائيل تُحْكم حصارها العسكري على «حزب الله» وتقطع طرق إمداده

فرضت رقابة على المنافذ الجوية والبرية والبحرية

آثار الغارة الإسرائيلية التي دمرت معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (رويترز)
آثار الغارة الإسرائيلية التي دمرت معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (رويترز)
TT

إسرائيل تُحْكم حصارها العسكري على «حزب الله» وتقطع طرق إمداده

آثار الغارة الإسرائيلية التي دمرت معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (رويترز)
آثار الغارة الإسرائيلية التي دمرت معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (رويترز)

تستكمل إسرائيل حصارها العسكري على «حزب الله»، براً وبحراً وجوّاً؛ فبعد الحظر الذي فرضته على الطائرات المدنية الإيرانية والعراقية، ومنعها من الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت، على خلفية اتهامها بنقل أسلحة إلى الحزب، أقدمت على إقفال معبر المصنع، الذي يمثّل الشريان البرّي الحيوي، ويربط البقاع اللبناني بريف دمشق في سوريا، بينما تخضع السفن القادمة إلى المرافئ البحرية لرقابة دولية مشددة، سواء من قوات «اليونيفيل» أم من البحرية الإسرائيلية، بينما كان لافتاً كلام لوزير الأشغال العامة علي حمية الذي قال بعد زيارته رئيس البرلمان نبيه بري إنه «من الواضح أننا ذاهبون إلى حصار جوي وبري»، على الرغم من أن المطار مستمر بالعمل.

ونفذت إسرائيل، فجر الجمعة، غارة على منطقة المصنع في شرق لبنان، على الحدود السورية؛ ما أدى إلى قطع الطريق الدولي بين البلدين.

وأفاد وزير الأشغال في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسيّة»، بأن غارة إسرائيلية «استهدفت، فجر الجمعة، منطقة المصنع الحدودية بين لبنان وسوريا؛ ما أدى إلى قطع الطريق الدولي بين البلدين»، مشيراً إلى أن «الطريق الذي يعدّ ممراً رئيسياً للاحتياجات الإنسانية وعشرات الآلاف من اللبنانيين إلى سوريا بات مقطوعاً».

توقُّف حركة العبور

إقفال طريق المصنع أعقب ليلة من الغارات الإسرائيلية المكثفة المتواصلة على ضاحية بيروت الجنوبية، معقل «حزب الله»، وكانت من الأعنف التي يشنها الجيش الإسرائيلي منذ كثف حملة قصفه الجوي على لبنان في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وأدى قطع الطريق إلى توقّف حركة العبور بين لبنان وسوريا بالاتجاهين، ونتيجة الازدحام الشديد أُجبرت السيارات والمركبات على العودة من حيث أتت، واضطُرَّ مئات النازحين إلى الانتقال سيراً على الأقدام من لبنان إلى سوريا، وبالعكس.

وتتهم إسرائيل «حزب الله» بنقل أسلحة من حليفته سوريا إلى لبنان عبر هذا الطريق.

حصار عسكري

رأى الخبير العسكري، العميد سعيد القزح، أن قصف معبر المصنع «يؤشر إلى أن إسرائيل مصممة على إحكام حصارها العسكري على (حزب الله)»، مؤكداً أن «قطع هذا الطريق الرئيسي الذي يربط لبنان بسوريا، قد يكون مقدمة لإقفال كل المعابر التي يمكن أن تشكِّل خطوط إمداد للحزب». وقال القزح لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تعلن إسرائيل فرض حصار عسكري على (حزب الله) فهذا يعني أنها وضعت كلّ قنوات الإمداد تحت المراقبة المشددة وهدفاً لغاراتها الجوية، وبدأت ذلك مع حظر هبوط الطائرات المدنية الإيرانية والعراقية في مطار بيروت الدولي، ثم انتقلت إلى قصف المعابر البرية غير الشرعية في مناطق القاع والقصر في البقاع اللبناني، كما عمدت إلى استهداف شاحنات، زاعمة أنها تنقل صواريخ وأسلحة للحزب».

ولا يقف الحصار الإسرائيلي عند حدود لبنان، بل أبعد من ذلك كثيراً. وأوضح العميد القزح أن «تتبُّع إسرائيل مسار أسلحة (حزب الله) يبدأ من معبر البوكمال عند الحدود السورية - العراقية، ويشمل كل الأراضي السورية. فالإسرائيلي يرى أن لبنان وسوريا ساحة واحدة، كما أن الأخيرة تعدّ الحديقة الخلفية للحزب، الذي يحوز مخازن للأسلحة ومصانع للصواريخ والمسيّرات، خصوصاً في منطقة مصياف التي نفّذت فيها القوات الإسرائيلية عملية إنزال جوي قبل أسابيع».

الموانئ تحت الرقابة

ومع أن إسرائيل لم تفرض حصاراً بحرياً، ولم تغلق حركة الملاحة أمام السفن القادمة إلى الموانئ اللبنانية، فإنها تضع كل الموانئ تحت الرقابة المشددة.

وقال القزح: «كلّ السفن القادمة إلى لبنان تخضع للرقابة، وأحياناً التفتيش، من قبل القوات البحرية التابعة لقوات (اليونيفيل) وضمن تطبيق القرار 1701، وقد تُضطر البحرية الإسرائيلية إلى اعتراض بعض البواخر الآتية إلى لبنان»، مؤكداً أن «(حزب الله) سيتأثر سلباً بالحصار العسكري، خصوصاً إذا طال أمد الحرب».

وقال: «صحيح أن الحزب يمتلك ترسانة كبيرة، لكن إذا بدأ الاجتياح البرّي واضطُرَّ إلى استخدام قوّة نارية هائلة، وإذا بقي الحصار محكماً ولم يعوّض الأسلحة التي يستخدمها، فإن ذلك سيؤثر في قدراته التسليحية، وهذا سيظهر مع تقدُّم الوقت».

«حزب الله»: لدينا ما يكفي

ورغم اعتراف «حزب الله» بتأثير الضربات الإسرائيلية على بنيته العسكرية والقتالية، بدءاً من استهداف العشرات من مخازن الأسلحة في جنوب لبنان والضاحية والبقاع، وانتهاءً باغتيال قادته وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصر الله، يؤكد مصدر مقرّب من الحزب أن الحصار العسكري «لن يضعف القدرات العسكرية البشرية والتسليحية». وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن الحزب «اكتسب خبرات كبيرة في السنوات الأخيرة، وهو يتكيّف سريعاً مع كل هذه التطورات، وسبق له أن مرّ بتجربة قاسية في (حرب تموز) 2006، وخرج منها منتصراً». وأضاف: «لدى الحزب ما يكفي من الاحتياطي الاستراتيجي لخوص حرب قاسية وصعبة تمتدّ أشهراً وربما سنوات».


مقالات ذات صلة

تقرير: القتال المكثّف في لبنان سينتهي خلال أسبوعين إلى 3 أسابيع

شؤون إقليمية دبابة إسرائيلية قرب الحدود الجنوبية للبنان (أ.ب)

تقرير: القتال المكثّف في لبنان سينتهي خلال أسبوعين إلى 3 أسابيع

نشرت «القناة 12» الإسرائيلية، الجمعة، تقريراً يفيد بأن مسؤولاً أمنياً إسرائيلياً يرجح أن القتال المكثف في الشمال سينتهي خلال أسبوعين أو 3 أسابيع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

وزير خارجية فرنسا يتوجه إلى الشرق الأوسط ويبدأ زيارته بالسعودية

يتوجه وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى السعودية في مستهل جولة تستمر أربعة أيام تنتهي في إسرائيل والضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي نظام القبة الحديدية الدفاعي يتصدى لصواريخ أُطلقت من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأعلى (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي: إطلاق أكثر من 180 صاروخاً من لبنان على إسرائيل

قال الجيش الإسرائيلي إن أكثر من 70 صاروخاً أُطلق من لبنان خلال الساعتين الماضيتين، مؤكداً اعتراض العديد منها بواسطة الدفاعات الجوية.

المشرق العربي لبنانيون ينظرون إلى دمار خلفته غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: عدد القتلى المدنيين في لبنان بالقصف الإسرائيلي «غير مقبول»

قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوغاريك إن عدد القتلى المدنيين في لبنان جراء الحملة الإسرائيلية على جماعة «حزب الله» اللبنانية «غير مقبول».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي لا تزال الكتل النيابية في البرلمان اللبناني عاجزة بتوازناتها الحالية عن انتخاب رئيس للجمهورية (أرشيفية - رويترز)

«أكسيوس»: أميركا تريد استغلال ضعف «حزب الله» للدفع نحو انتخاب رئيس لبناني

قال مسؤولون أميركيون إن «البيت الأبيض» يرغب في استغلال الضربة الكبيرة التي وجهتها إسرائيل لقيادة «حزب الله» وبنيته التحتية للدفع نحو انتخاب رئيس لبناني جديد.


الأمم المتحدة: عدد القتلى المدنيين في لبنان بالقصف الإسرائيلي «غير مقبول»

لبنانيون ينظرون إلى دمار خلفته غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
لبنانيون ينظرون إلى دمار خلفته غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة: عدد القتلى المدنيين في لبنان بالقصف الإسرائيلي «غير مقبول»

لبنانيون ينظرون إلى دمار خلفته غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
لبنانيون ينظرون إلى دمار خلفته غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، الجمعة، إن عدد القتلى المدنيين في لبنان جراء الحملة الإسرائيلية على جماعة «حزب الله» اللبنانية «غير مقبول إطلاقاً».

وأضاف دوجاريك، للصحافيين: «يجب على جميع الأطراف بذل كل ما في وسعهم في جميع الأوقات لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، وضمان عدم تعرض المدنيين للأذى على الإطلاق»، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.

وأعلن وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض، الخميس، أن الحصيلة الإجمالية للقصف الإسرائيلي منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مقتل نحو ألفي شخص، بينهم 127 طفلاً و261 امرأة، وإصابة نحو 10 آلاف بجروح.

وكثف الجيش الإسرائيلي قصفه ضد «حزب الله» منذ 23 سبتمبر (أيلول)، بهدف إعادة سكان شمال إسرائيل الذين نزحوا، جراء تبادل إطلاق النار عبر الحدود مع لبنان، إلى منازلهم.

وقتل كثير من كبار قادة «حزب الله» في ضربات جوية، وصولاً إلى الأمين العام للحزب حسن نصر الله، في غارة استهدفت مقراً تحت الأرض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت.