أميركا تجلي المئات من رعاياها… وآلاف عالقون في لبنان

جهود واتصالات من وزارة الخارجية و«البنتاغون» والبيت الأبيض

طائرة نقل عسكرية يونانية تحمل مواطنين يونانيين وقبارصة جرى إجلاؤهم من لبنان وتستعد للهبوط في مطار لارنكا بقبرص (أ.ب)
طائرة نقل عسكرية يونانية تحمل مواطنين يونانيين وقبارصة جرى إجلاؤهم من لبنان وتستعد للهبوط في مطار لارنكا بقبرص (أ.ب)
TT

أميركا تجلي المئات من رعاياها… وآلاف عالقون في لبنان

طائرة نقل عسكرية يونانية تحمل مواطنين يونانيين وقبارصة جرى إجلاؤهم من لبنان وتستعد للهبوط في مطار لارنكا بقبرص (أ.ب)
طائرة نقل عسكرية يونانية تحمل مواطنين يونانيين وقبارصة جرى إجلاؤهم من لبنان وتستعد للهبوط في مطار لارنكا بقبرص (أ.ب)

كشف مسؤولون أميركيون أن الولايات المتحدة نجحت في إجلاء نحو 250 من الأميركيين وأقاربهم، خلال هذا الأسبوع عبر رحلات جوية من لبنان، رغم تصاعد القصف والغارات الإسرائيلية ضد معاقل «حزب الله»، بما فيها تلك القريبة للغاية من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، مؤكدين أن آلافاً آخرين لا يزالون هناك في ظل تناقص الرحلات التجارية.

وفي واشنطن، اجتمع مسؤولون كبار في وزارة الخارجية والبيت الأبيض مع النائب عن ميشيغان العباس فرحات والمدير التنفيذي للجنة مكافحة التمييز العربية الأميركية عابد أيوب لمناقشة الجهود الحكومية لمساعدة المواطنين الأميركيين على مغادرة لبنان. كما التقى فرحات وأيوب بشكل منفصل مسؤولين من وزارة الأمن الداخلي الأميركية.

وقال أيوب إن اجتماع البيت الأبيض خُصِّص «لإبراز كثير من النقاط المهمة حول القضايا التي يواجهها أفراد مجتمعنا على الأرض، وكثير من المشكلات اللوجيستية التي يواجهونها عندما يتعلق الأمر بهذا الإجلاء».

ركاب قادمون من لبنان ينزلون في مطار إلدورادو الدولي ببوغوتا (أ.ف.ب)

عمليات إجلاء

وبينما يدعو بعض المسؤولين في ميشيغان، وهي موطن أكبر تجمُّع للأميركيين العرب في الولايات المتحدة، السلطات الأميركية إلى القيام بعمليات إجلاء، أفادت الناطقة باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) سابرينا سينغ بأن هذا الأمر غير مطروح الآن، وقالت إن «الجيش الأميركي جاهز بالطبع، ولديه مجموعة واسعة من الخطط. وإذا احتجنا إلى إجلاء المواطنين الأميركيين من لبنان، فإننا قادرون على ذلك بالتأكيد»، ولكن «لم يُطلَب منا القيام بذلك».

وتحرك ممثلو الجاليات اللبنانية والعربية بقوة في هذا الاتجاه بعدما صعَّدت إسرائيل غاراتها الجوية على لبنان، وبدأت توغلاً برياً «محدوداً» في جنوبه مستهدفة قادة «حزب الله» وبنيته التحتية، وبعدما أطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية باتجاه إسرائيل، ما عزز المخاوف من انفجار حرب إقليمية شاملة.

وفي رسالة وجهتها لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، حضت حاكمة ميشيغان غريتشن ويتمر السلطات الأميركية على بذل مزيد من الجهد لإنقاذ الرعايا الأميركيين العالقين في لبنان، وكتبت: «تَصِلُنا بالفعل تقارير عن وفيات مؤكدة، ونخشى أن يكون هناك المزيد»، مضيفة أنه «لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي بينما يعاني ناخبونا وذووهم».

ورتبت دول أخرى، مثل بريطانيا واليونان واليابان وكولومبيا، رحلات جوية، أو أرسلت طائرات عسكرية لنقل مواطنيها.

وجاء ذلك بينما كانت هناك عائلة أميركية في حالة حداد على أحد أفرادها من سكان ديربورن في ديترويت: كامل أحمد جواد، الذي قُتل، الثلاثاء، في جنوب لبنان، حيث قرر البقاء لمساعدة المدنيين المسنين أو الضعفاء أو الفقراء الذين لا يستطيعون الفرار.

وأفادت ابنته نادين في بيان بأنه كان يُهَاتِفُ ابنته، الثلاثاء، عندما طرحته الضربة أرضاً.

ندرة التذاكر

قاعة الوصول في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت (أ.ف.ب)

ونصحت وزارة الخارجية الأميركية، على مدار عام، الرعايا الأميركيين بعدم السفر إلى لبنان، كما أوضحت أن عمليات الإجلاء التي تديرها الحكومة نادرة، لكنها عرضت قروضاً طارئة للمساعدة في السفر.

وأكد بعض الأميركيين أن أقاربهم من المواطنين أو من حاملي الإقامة الدائمة «غرين كارد» كافحوا أياماً أو أسابيع للحصول على مقاعد على متن رحلات جوية إلى خارج لبنان، وذكروا أن القيود المفروضة على سحب الأموال من المصارف بسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان وانقطاع الكهرباء والإنترنت جعلت الأمر صعباً.

وأفادت المحامية ريبيكا أبو شديد المقيمة في واشنطن بأنها دفعت 5 آلاف دولار لإحضار قريبة لها على المقعد الأخير في رحلة طيران من بيروت، السبت الماضي.

وكذلك أفادت المواطنة الأميركية من أصل لبناني جينا شامي، التي تعيش في ديربورن، بأن أميركيين من عائلتها يكافحون من أجل الاتصال بالسفارة الأميركية بعد أن أجبرت الغارات الجوية بعضهم على مغادرة مساكنهم في لبنان. ولفتت إلى أن السفارة الأميركية عرضت قروضاً لرحلات الطيران، لكنهم لم يتمكنوا من العثور على مقاعد.

وأفادت شامي وأفراد عائلة أخرى، من قدامى الأميركيين من أصل لبناني في تكساس، بأن ذويهم حصلوا للتو على تذاكر سفر.

«الخارجية» والسفارة

وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أن الولايات المتحدة ستواصل تنظيم الرحلات الجوية ما دام الوضع الأمني ​​في لبنان متردياً، وما دام هناك طلب. وقال إن شركة «طيران الشرق الأوسط» خصصت أيضاً نحو 1400 مقعد على الرحلات الجوية للأميركيين، خلال الأسبوع الماضي، ولكنه لم يستطع أن يتحدث عن تكاليف هذه الرحلات التي لا تخضع لأي إشراف تنظيمي من الحكومة الأميركية، لكنه قال إن الحد الأقصى للأجرة التي سيجري فرضها على رحلة تعاقدية تنظمها الولايات المتحدة سيكون 283 دولاراً للشخص الواحد.

ركاب يصطفون أمام مكاتب تسجيل الوصول في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت (رويترز)

وكشف أن أكثر من 6 آلاف مواطن أميركي اتصلوا بسفارة الولايات المتحدة في بيروت طلباً لمعلومات حول مغادرة البلاد خلال الأسبوع الماضي، مضيفاً أن الوزارة أدركت أن بعض الأميركيين، وكثير منهم يحملون الجنسيتين الأميركية واللبنانية، ويقيمون في البلاد منذ فترة طويلة، قد يختارون البقاء، علماً أن السفارة مستعدة لتقديم قروض مؤقتة للأميركيين الذين يختارون البقاء في لبنان، ولكنهم يريدون الانتقال إلى منطقة أكثر أماناً في البلاد. كما ستقدم السفارة قروضاً طارئة للأميركيين الذين يرغبون في المغادرة على متن الرحلات المتعاقَد عليها مع الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».