الضاحية «مدينة أشباح»... وسكانها يترددون في تفقد منازلهم

يرون أن الإعلانات الإسرائيلية حول الأسلحة «ذريعة لإخلائها»

آثار الغارات الإسرائيلية على منطقة الليلكي في الضاحية الجنوبية كما بدت صباح الثلاثاء (رويترز)
آثار الغارات الإسرائيلية على منطقة الليلكي في الضاحية الجنوبية كما بدت صباح الثلاثاء (رويترز)
TT

الضاحية «مدينة أشباح»... وسكانها يترددون في تفقد منازلهم

آثار الغارات الإسرائيلية على منطقة الليلكي في الضاحية الجنوبية كما بدت صباح الثلاثاء (رويترز)
آثار الغارات الإسرائيلية على منطقة الليلكي في الضاحية الجنوبية كما بدت صباح الثلاثاء (رويترز)

رفض علي ف. (35 عاماً) دخول ضاحية بيروت الجنوبية لتفقّد منزله بعد غارات ليل الاثنين، وقال: «لن أخاطر... وحين يتم تدمير المبنى، سيصلني الخبر آجلاً أم عاجلاً».

ترك علي منزله على عجل، قبيل الإنذارات التي وجهتها القوات الإسرائيلية لسكان الضاحية لإخلاء منازلهم قبل أيام، ويتردد الآن في العودة لإخراج أي من أغراضه. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد هناك أي شخص يسكن في المبنى. إذا انقطعت الكهرباء في أثناء الصعود إلى الشقة، سأعلق في المصعد، ولن أجد مَن ينقذني».

وتعرّضت الضاحية الجنوبية لبيروت خلال الليل لضربات بعدما وجّه الجيش الإسرائيلي إنذاراً للسكان بإخلاء المناطق القريبة من المباني، التي قال إنها تحتوي على البنية التحتية لـ«حزب الله»، جنوب العاصمة اللبنانية.

دمار هائل خلفته الغارات الإسرائيلية في منطقة الليلكي بالضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

وباتت الضاحية الجنوبية لبيروت، «مدينة أشباح»، حسبما يقول عنصر في الدفاع المدني كان على تخوم الضاحية ليل الاثنين، بُعيد إعلان الجيش الإسرائيلي أهدافاً لقصفها في المنطقة. أخلى معظم السكان منازلهم، ونزحوا إلى أماكن فارغة. يقول زوارها، صباح الثلاثاء، إن الباقين في الضاحية لا يتعدوا العشرات، وهم من المسعفين وعناصر الدفاع المدني، وبعض أفراد يخدمون في الشرطة البلدية.

وأصدر الجيش الإسرائيلي، مساء الاثنين، تحذيراً للسكان لإخلاء 3 مناطق في الضاحية، هي منطقة الرويس قرب برج البراجنة، ومنطقة المريجة قرب الليلكي، ومنطقة بئر العبد في حارة حريك.

آثار الدمار في منطقة بئر العبد بعد غارات إسرائيلية ليلية استهدفت الضاحية (أ.ف.ب)

تقع المناطق الثلاث على خط جغرافي يمتد لنحو 5 كيلومترات، وتعدّ تلك الأحياء بأكملها مشغولة بالعمارات السكنية التي تؤوي عشرات الآلاف من السكان، وهي منطقة الثقل السكاني في الضاحية التقليدية، قبل أن تتوسع الضاحية خلال السنوات العشرين الماضية باتجاه أحياء الحدت شرقاً، والشويفات جنوباً.

تسأل منى التي تسكن منطقة الرويس في الضاحية: «ماذا يوجد في تلك المناطق حتى يتم استهدافها؟ هل يُعقل أن يكون هناك مستودع أسلحة في مبنى سكني مكشوف يقع على جانب أوتوستراد هادي نصر الله»، في إشارة إلى مبنيين في بئر العبد والرويس تم استهدافهما، ويقعان بمحاذاة الطريق العام على أوتوستراد هادي نصر الله. وتضيف: «هل يُعقل أن تكون هناك منشأة عسكرية تحت مبنى في مجمع تقيم فيه عشرات العائلات». وترى أن الجيش الإسرائيلي «يسعى لإفراغ المنطقة بأكملها من سكانها، ولن يسمح للسكان بالعودة، لكنه يتذرع بوجود أسلحة».

نازحون من الضاحية يفترشون أرصفة العاصمة اللبنانية ( د.ب.أ)

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنه نفّذ «ضربات دقيقة على مواقع تصنيع أسلحة وبنى تحتية تابعة لـ(حزب الله) في الضاحية الجنوبية لبيروت، ليل الاثنين». وعاش سكان المناطق المحيطة بالضاحية ليلةً صعبةً على إيقاع دوي انفجارات هائلة، وانفجارات كان وميضها منقولاً على شاشات التلفزة.

وشنّت المقاتلات الإسرائيلية قبيل منتصف الليل، غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت، وتحديداً على مناطق: الليلكي، والمريجة، وحارة حريك وبرج البراجنة. وتسببت الغارات في تدمير عدد من المباني، وهي عبارة عن مجمعات سكنية.

وأشارت المعلومات إلى تدمير 8 مبانٍ في المريجة، وبعض الأبنية في الضاحية الجنوبية التي أغار عليها الجيش الإسرائيلي ولم تكن ضمن الخرائط التي عمّمها.

وفي حين لم يفد عن وقوع قتلى في ضربات الضاحية، فإن وزارة الصحة اللبنانية قالت، اليوم (الثلاثاء)، إن ما لا يقل عن 95 شخصاً قُتلوا، وأُصيب 172 في الضربات الإسرائيلية على المناطق الجنوبية في لبنان وسهل البقاع وبيروت في الساعات الـ24 الماضية.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون وقائد قوات الـ«يونيفيل» الجنرال أرولدو لاثارو يتجولون في بلدة الخيام (أ.ف.ب) play-circle 00:55

ميقاتي يشدد على تطبيق «1701»... وقيام لجنة المراقبة بدورها

جدّد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي التأكيد على أولوية تطبيق القرار 1701، مشدداً على أنه «ممنوع أن يكون هناك أي عائق أمام الجيش للقيام بواجباته».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص حاجز أمني للنظام السابق على طريق القزاز - ببيلا إلى «السيدة زينب» وقد خلا من المظاهر المسلحة (الشرق الأوسط)

خاص فكُّ عزلة «السيدة زينب» عن محيطها مع البلدات المجاورة

العزلة المحكمة التي فرضها «الحرس الثوري» الإيراني على بلدة «السيدة زينب» جنوب دمشق انتهت، بحسب جولة «الشرق الأوسط» فيها وفي البلدات المجاورة.

موفق محمد (دمشق )
شؤون إقليمية سيارة إسعاف تنقل جرحى إلى المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت بعد انفجار أجهزة «البيجر» في عناصر من «حزب الله» (أ.ف.ب)

عميلان سابقان بالموساد يرويان تفاصيل جديدة عن تفجيرات «البيجر» في لبنان

أدلى اثنان من عملاء الاستخبارات الإسرائيلية السابقين بتفاصيل جديدة عن عملية سرية قاتلة كانت تخطط لها إسرائيل على مدار سنوات، واستهدفت عناصر «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أقراص من «الكبتاغون» مبعثرة بعد العثور عليها قرب العاصمة السورية دمشق الأسبوع الماضي (رويترز) play-circle 02:40

ماذا كشف سقوط الأسد عن تجارة «الكبتاغون» في سوريا؟

منذ سقوط الرئيس السوري بشار الأسد تم الكشف عن منشآت تصنيع مخدر «الكبتاغون» على نطاق واسع في جميع أنحاء سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مبادرة جنبلاط تُشجع خصوم الأسد اللبنانيين على زيارة دمشق

أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)
أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)
TT

مبادرة جنبلاط تُشجع خصوم الأسد اللبنانيين على زيارة دمشق

أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)
أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)

تتوالى زيارات خصوم الرئيس السوري السابق بشار الأسد اللبنانيين إلى دمشق بعد سنوات من المنع.

وبعد يوم من مبادرة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الأحد، إلى زيارة سوريا، حيث التقى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع؛ يستعد وفد إسلامي - مسيحي من «لقاء سيدة الجبل»، لزيارة دمشق، يوم الجمعة، للمشاركة في قداس في مطرانية الموارنة وزيارة الجامع الأموي، من دون أن يتضمن جدول أعماله لقاء الشرع.

ويتحدث رئيس «لقاء سيّدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد، عن «مجموعة أهداف للزيارة التي تحظى بمباركة البطريرك بشارة الراعي، وأبرزها تهنئة الشعب السوري على سقوط نظام الأسد ومعه جسر العبور بين طهران وبيروت».

وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط» إنه سيجري تأكيد أننا «ننظر بعين الأمل لا القلق من المسار الجديد الذي دخلته المنطقة، وبروز اتجاه سياسي جديد في سوريا»، مضيفاً أن «الزيارة لن يتخللها لقاء مع الشرع أو تقديم أي مذكرة له بوصفه يمثل الدولة السورية، لأننا نرى أن هذا شأن سوري».

رئيس «لقاء سيدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد (أرشيفية)

وتابع سعيد: «سنحضر قداساً يترأسه المطران سمير نصار، وستكون هناك زيارة للجامع الأموي، وغداء في الشام، قبل العودة إلى بيروت».

ويشير سعيد إلى أن الوفد سيسعى إلى تأكيد «التمسك بالعيش المشترك في زمن صعود الأصوليات يميناً ويساراً والتيارات المتشددة داخل الطوائف»، معتبراً أنه «يُفترض إعطاء فرصة للتجدد مع أملنا بقيام دولة عادلة سواء في لبنان أو في سوريا قادرة على حماية كل المواطنين والجماعات خصوصاً بعد سقوط مقولة إن أحزاباً تحمي الجماعات، مع سقوط الأسد و(حزب الله)».

موقف «القوات»

تأتي هذه الزيارة بعد مواقف أطلقها الشرع خلال لقاء جنبلاط، خصوصاً تأكيده أن «سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق، وستحترم سيادته، واستقلال قراره واستقراره الأمني».

وقد تركت هذه المواقف ارتياحاً لدى نواب وقوى سياسية. وقالت مصادر في «القوات اللبنانية» لـ«الشرق الأوسط»: إنه «لا بد من التنويه بمواقف الشرع، وتحديداً قوله إن ما حصل أعاد إيران 40 سنة إلى الوراء؛ وبهذا نتقاطع استراتيجياً معه على مستوى المنطقة».

كما تحدثت المصادر في «القوات اللبنانية» عن أنه «فيما يتعلق بتأكيد الشرع أن سوريا الجديدة لن تكون كسوريا القديمة؛ فإنها أفضل للعلاقات بين الدولتين» لافتةً إلى أن «التخلص من نظام الأسد خطوة استراتيجية كبرى، كما أن إقفال طريق سوريا أمام إيران خطوة (فوق الاستراتيجية)».

وعن احتمال توجه وفد من «القوات» لزيارة سوريا، قالت المصادر: «الأمور مرهونة بأوقاتها، فالشرع يشكل راهناً فريق عمله، ونحن منهمكون في الاستحقاق الرئاسي».

التنسيق الرسمي

وفي الوقت الذي بدأ التنسيق الأمني اللبناني - السوري عبر جهاز الأمن العام قبل فترة، يبدو أن التنسيق الحكومي يتقدم هو الآخر.

وأعلن وزير الصحة في الحكومة السورية الانتقالية ماهر الشرع، الأسبوع الماضي، أن «التواصل بيننا وبين الدولة اللبنانية قائم من اليوم الأول»، كاشفاً عن لقاء قريب بينه وبين وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض. إلا أن الأبيض قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التواصل لم يحصل بعد» لكنه أبدى ترحيباً بالتعاون مع وزارة الصحة السورية لأن «الأمن الصحي (السوري - اللبناني) مشترك، وكثير من الهموم واحدة».