وزير الصحة اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: وضع المستشفيات حتى الآن تحت السيطرة

ارتفاع عدد ضحايا الاستهداف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية وحركة نزوح لافتة

رجال الإنقاذ يبحثون بين الأنقاض في الموقع الذي تعرض لغارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
رجال الإنقاذ يبحثون بين الأنقاض في الموقع الذي تعرض لغارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
TT

وزير الصحة اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: وضع المستشفيات حتى الآن تحت السيطرة

رجال الإنقاذ يبحثون بين الأنقاض في الموقع الذي تعرض لغارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
رجال الإنقاذ يبحثون بين الأنقاض في الموقع الذي تعرض لغارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

ارتفعت حصيلة الضحايا الذين قضوا في الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، الجمعة الماضي، إلى 50 شخصاً، وفق آخر إحصاء صادر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة.

ويرجّح أن يرتفع هذا العدد نظراً لفقدان العشرات الذين يعتقد أنهم ما زالوا تحت ركام المبنى السكني الذي دمرته الغارات الإسرائيلية.

وكشف وزير الصحّة اللبناني، فراس الأبيض، لـ«الشرق الأوسط»، أن «عدد المفقودين حتى الآن يقارب الـ15 شخصاً»، مشيراً إلى أن الوزارة «تولي أهمية قصوى لمعالجة مئات الجرحى، سواء الذين أصيبوا في الاستهداف الإسرائيلي للمباني السكنية في الضاحية، أو مصابو تفجير أجهزة الاتصالات، خصوصاً أصحاب الإصابات البالغة».

تجهيزات خاصة

وتحسباً لتطورات جديدة متوقّعة في ظلّ التصعيد الإسرائيلي ضدّ لبنان، اتخذت وزارة الصحة سلسلة من الإجراءات التي تعزز وضع المستشفيات الحكومية والخاصة في بيروت وجبل لبنان وصيدا، وحتى البقاع، وأعلن الوزير الأبيض أن الوزارة «أنهت جميع التجهيزات الخاصة بمركز علاج الجروح في مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت، وتعاقدت مع الجهاز الطبي الخاص به، خصوصاً الأطباء المتخصصين في الترميم والتأهيل والعمليات الجراحية الطارئة»، كاشفاً في الوقت نفسه عن أن المستشفى التركي في صيدا «سيوضع قيد العمل في الأيام القليلة المقبلة».

ومع تقديم العلاج للمئات من أصحاب الإصابات المتوسطة والطفيفة، غادر معظم هؤلاء المستشفيات بعد الاطمئنان إلى وضعهم الصحي، ما خفّف الاكتظاظ عن المستشفيات التي غصّت بالآلاف يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، بعد سلسلة التفجيرات التي ضربت أجهزة الـ«بيجرز» وأجهزة الاتصالات اللاسلكية. وأشار وزير الصحة إلى أن «الوضع الآن تحت السيطرة، لكنه متحرّك بفعل الجرائم الإسرائيلية المتمادية، والخوف من مفاجآت إسرائيلية جديدة».

رفع الأنقاض

واستمرّت لليوم الثالث على التوالي عمليات رفع الأنقاض في ظروف صعبة للغاية، فيما باشرت الأدلة الجنائية في وحدة الشرطة القضائية التابعة للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عملها، وبدأت أخذ عينات من جثامين الضحايا الذين نقلوا إلى المستشفيات في الساعات الأخيرة، وإجراء فحوص الـ«DNA» لتحديد هويات أصحابها.

وأفاد مصدر في الدفاع المدني بأن «الفرق الفنية تواجه صعوبات في عمليات رفع الأنقاض، نظراً لكون المباني المستهدفة تقع ضمن حيّ مكتظ». وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ما يعيق عمل رفع الأنقاض وجود أهالي المفقودين والسكان المنتشرين في المكان، عدا عن عملية إخلاء مبنى ثالث من سكانه الذين يضطرون للدخول والخروج بسيارات كبيرة من أجل نقل أمتعتهم وما يضطرون لنقله من أثاث وأمتعة». وقال المصدر الذي رفض ذكر اسمه: «هناك مبنى دُمّر بالكامل وسوّي بالأرض، ومبنى ثانٍ استهدفت الصواريخ الإسرائيلية الطابقين السفليين منه، حيث كان اجتماع قادة (حزب الله) وجرى اغتيالهم، وقد طُلب من السكان إخلاؤه بسرعة لأن أساساته باتت متصدّعة ومعرضة للسقوط».

وكانت إسرائيل شنّت، بعد ظهر الجمعة، 4 غارات على 3 مبانٍ في حي الجاموس في ضاحية بيروت الجنوبية، استهدفت خلالها اجتماعاً لقيادة «وحدة الرضوان» في «حزب الله»، وأسفرت عن مقتل قائدها إبراهيم عقيل وقياديين آخرين و13 عنصراً نعاهم «حزب الله»، بالإضافة إلى نحو 30 مدنياً بينهم عدد من الأطفال والنساء، وهم من سكان المباني التي استهدفت من قبل إسرائيل.

وتترافق عمليات رفع الأنقاض مع انتشار كثيف للجيش اللبناني، وعناصر أمن تابعين لـ«حزب الله» وشرطة بلدية حارة حريك. وأكد شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» أن الحي الذي استهدفته الغارات الإسرائيلية يشهد حركة نزوح كبيرة، خوفاً من استهدافه مجدداً». وأوضح أن «هناك خشية حقيقية من عمليات إسرائيلية جديدة في المنطقة، بعدما تبين وجود مكاتب عائدة لـ(حزب الله) في هذا الحيّ»، مشيراً إلى أن «الناس تتجه إلى المناطق الجبلية مثل عاليه وبحمدون وعاريا وغيرها من المناطق القريبة جغرافياً من الضاحية الجنوبية وثمة سهولة في الوصول إليها».


مقالات ذات صلة

السفارات تتريّث بإجلاء رعاياها... مطار بيروت يعمل بأدنى طاقته

المشرق العربي عناصر من الصليب الأحمر في موقع استهدفته غارات إسرائيلية في بلدة شبعا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

السفارات تتريّث بإجلاء رعاياها... مطار بيروت يعمل بأدنى طاقته

تتريث السفارات الأجنبية في لبنان بإجلاء رعاياها من البلاد رغم الحرب التي تتصاعد وتيرتها، وتعمّق القصف الإسرائيلي على 5 محافظات لبنانية.

يوسف دياب (بيروت)
تحليل إخباري لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

تحليل إخباري كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة على بنيامين نتنياهو.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي سوريون ولبنانيون على معبر المصنع بين لبنان وسوريا هرباً من القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط)

إسرائيل تقطع رحلة الهروب إلى سوريا بقصف المعابر الحدودية

قطعت الغارات الإسرائيلية طرق العبور من لبنان إلى سوريا، بقصف أربعة معابر حدودية في شمال شرقي البلاد، بعد أربعة أيام من حركة نزوح لافتة باتجاه سوريا.

حسين درويش (بعلبك (لبنان))
المشرق العربي سوريون ولبنانيون على معبر المصنع بين لبنان وسوريا هرباً من القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط) play-circle 02:57

النازحون السوريون يعانون جحيم حرب جديدة

أوضاع صعبة يعيشها آلاف السوريين الذين اضطروا مجدداً للهرب من مخيمات كانت تؤويهم في مناطق الجنوب اللبناني والبقاع بعد قرار إسرائيل توسعة الحرب على لبنان.

بولا أسطيح (بيروت)
أوروبا إحدى ضحايا انفجارات أجهزة البيجر على نقالة خارج المركز الطبي بالجامعة الأميركية في بيروت (رويترز)

النرويج تُصدر طلباً دولياً للبحث عن شخص على صلة بـ«أجهزة بيجر حزب الله»

قالت الشرطة النرويجية، الخميس، إنها أصدرت طلباً دولياً للبحث عن رجل نرويجي من أصل هندي، مرتبط ببيع أجهزة البيجر التي يستخدمها «حزب الله» وانفجرت الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

إسرائيل تعلن عن هجوم على مقر ل «حزب الله» في منطقة حارة حريك في بيروت

TT

إسرائيل تعلن عن هجوم على مقر ل «حزب الله» في منطقة حارة حريك في بيروت

يتجمع الناس في موقع غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
يتجمع الناس في موقع غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

قتل شخص واحد على الأقل وأصيب 50، باستهداف الطيران الإسرائيلي، مساء اليوم (الجمعة)، الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، معقل «حزب الله»، بسلسلة من الغارات هي الأعنف منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وسُمع صداها في أرجاء العاصمة بيروت والمناطق المجاورة.

 

وأعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذ غارات جديدة ضد أهداف تابعة لـ«حزب الله»، في جنوب لبنان، وذلك بعد دقائق من خطاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي أكد فيه أن العمليات العسكرية ضد «حزب الله» ستتواصل.

وأعلن الجيش في بيان، أنه «يضرب حالياً (...) أهدافاً تابعة لـ(حزب الله) الإرهابي في جنوب بيروت».

إلى ذلك، ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» في لبنان، أن طائرات إسرائيلية شنّت سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت. وبثّت وسائل إعلام محلية مشاهد مباشرة أظهرت أعمدة دخان تتصاعد من مواقع عدة في الضاحية الجنوبية، بينما أكدت أن الضربة غير مسبوقة.

رجل يتفاعل في موقع غارة جوية إسرائيلية في الضاحية الجنوبية (أ.ب)

وقال مصدر أمني في لبنان إن الضربات الإسرائيلية هي أكبر هجوم على الضاحية الجنوبية لبيروت منذ بداية الصراع، وأضاف: «إسرائيل قصفت منطقة يوجد فيها عادة كبار مسؤولي (حزب الله)».

المستهدف نصر الله

وقالت وسائل إعلام عبرية أن المستهدف من الضربة هو الأمين العام لـ«حزب الله»، كما نقلت «أكسيوس» نقلاً عن مصدر إسرائيلي، أن الهجوم الإسرائيلي على بيروت كان يستهدف حسن نصر الله.

وقالت «القناة الثانية عشرة» إن «هدف الضربة: نصر الله. (الجيش الإسرائيلي) يتحقق مما إذا كان الأمين العام لحزب الله موجوداً في المبنى الواقع في قلب الضاحية» الذي تم ضربه.

كذلك قالت «القناة الحادية عشرة» إن «هدف الضربة في الضاحية: نصر الله». من جهته، قال الجيش الإسرائيلي في اتصال مع «وكالة الصحافة الإسرائيلية»: «لا تعليق لنا على هذا الموضوع».

وتعليقاً على هذه الأخبار، أكد مصدر مقرب من «حزب الله» دون الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن نصر الله «بخير»، كما قالت وكالة «تسنيم الإيرانية»، إن نصر الله في مكان آمن.

وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه هاجم مقراً لـ«حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هغاري، إن الضربة استهدفت «المقر المركزي» لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وجاءت الضربات بعد وقت قصير من تعهد نتنياهو بأن العمليات العسكرية ضد «حزب الله» ستتواصل، ما يقلّص الآمال حيال إمكانية تطبيق هدنة مُدتها 21 يوماً دعت إليها فرنسا والولايات المتحدة، هذا الأسبوع.

6 مبان سويت بالأرض

ودمّرت الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت 6 أبنية تماماً، على ما أفاد مصدر مقرب من الحزب، الجمعة، في هجمات تعد الأعنف على معقل «حزب الله» منذ الحرب التي خاضها ضد إسرائيل في صيف 2006.

وقال المصدر من دون الكشف عن اسمه لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «6 أبنية سُوّيت تماماً بالأرض»، بعد وقت قصير من إعلان الجيش الإسرائيلي استهداف «المقر الرئيسي» للحزب في الضاحية الجنوبية. وتردّد دويّ الانفجارات الضخمة في أرجاء العاصمة ومحيطها.

خطاب نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

وقال نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: «ما دام (حزب الله) يختار مسار الحرب، فلا خيار أمام إسرائيل، ولدى إسرائيل كل حق في إزالة هذا التهديد، وإعادة مواطنينا إلى ديارهم بأمان»، مضيفاً أن العمليات ضد الحزب «ستتواصل إلى أن نحقق أهدافنا».

وفي بيان منفصل، تعهّد وزير الدفاع، يوآف غالانت، أيضاً بهزيمة «أعداء إسرائيل القريبين والبعيدين».

الأمم المتحدة

وقالت الأمم المتحدة إنها تتابع بقلق كبير الضربات الإسرائيلية على منطقة «مكتظة بالسكان» في الضاحية الجنوبية.

وصرّح المتحدث باسم المنظمة ستيفان دوجاريك في إفادة صحافية بأن «أي شخص ينظر إلى صور الدخان المتصاعد من منطقة مكتظة بالسكان يجب أن يشعر بالفزع»، مضيفاً: «نحاول جمع المزيد من المعلومات بينما نتحدث».

وقال ستيفان دوجاريك: «نكرر دعوتنا مرة أخرى إلى تهدئة فورية والأطراف للعودة فوراً وبشكل عاجل إلى وقف الأعمال القتالية». وشدد على أن «جميع الأطراف المعنية يجب أن تحمي المدنيين، ومن ذلك الامتناع عن شن هجمات عشوائية».