بري لـ«الشرق الأوسط»: لن نقع في «فخ» نتنياهو وننزلق إلى الحرب

«حزب الله» استهدف ضواحي حيفا مقابل الضاحية الجنوبية لبيروت

«حزب الله» متمسك بقواعد الاشتباك (رويترز)
«حزب الله» متمسك بقواعد الاشتباك (رويترز)
TT
20

بري لـ«الشرق الأوسط»: لن نقع في «فخ» نتنياهو وننزلق إلى الحرب

«حزب الله» متمسك بقواعد الاشتباك (رويترز)
«حزب الله» متمسك بقواعد الاشتباك (رويترز)

استهداف «حزب الله» لضواحي حيفا في رده على اغتيال إسرائيل عدداً من قياداته وكوادره العسكرية في عمق الضاحية الجنوبية لبيروت، لم يؤدِّ إلى تغيير قواعد الاشتباك وإسقاط الخطوط الحمراء، على غرار ما فعلته بقتل وجرح العشرات من المدنيين، بمقدار ما أنه أراد بقصفه لضواحيها إرساء قاعدة جديدة تقوم على أن قصف الضاحية يستدعي الرد بالمثل باستهداف الضواحي المحيطة بحيفا، مع فارق أساسي يتعلق بعدم استهدافه المدنيين، وحصر ردّه بتوجيه ضربات صاروخية لعدد من منشآتها العسكرية، ومن بينها المطار الذي انطلقت منه الطائرة الحربية التي قصفت المبنى الذي يضم الملجأ الذي كان يشغله أبرز الوجوه العسكرية في الحزب.

فإسرائيل كانت قد استبقت رد الحزب بشن مئات الغارات على امتداد يومين، مستهدفة القرى الجنوبية الأمامية والأخرى الواقعة في عمق الجنوب، وذلك في سياق الخطة التي وضعها رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو بتغيير الوضع على الأرض لضمان عودة المستوطنين إلى أماكن سكنهم في الشمال الإسرائيلي، بخلاف الرأي السائد لدى المجتمع الدولي بأن لا مجال لعودتهم إلا بالتوصل إلى وقف النار في الجنوب، كشرط لتهدئة الوضع على امتداد الجبهة الشمالية.

ضواحي حيفا مقابل ضاحية بيروت

لكن نتنياهو يصر على فرض أمر واقع بتحويل منطقة جنوب الليطاني إلى أرض محروقة غير صالحة للسكن من جهة، وبضرب البنى التحتية العسكرية لـ«حزب الله» ومؤسساته، ومواصلة اغتياله العدد الأكبر من قياداته وكوادره العسكرية، بما يفرض على الحزب التسليم بشروطه دون أي مقابل من جهة ثانية، وهذا ما يفسر مئات الغارات التي شنها الطيران الحربي الإسرائيلي، واستهدفت البلدات الحدودية، وامتدت إلى تلك الواقعة في عمق الجنوب، والتي جاءت فور تنفيذ الغارة على الضاحية الجنوبية وفي أعقاب تفخيخها أجهزة اتصالات الحزب من «بيجر» ولا سلكية.

عروس تلتقط صورة من مكان مشرف على مدينة حيفا (أ.ف.ب)
عروس تلتقط صورة من مكان مشرف على مدينة حيفا (أ.ف.ب)

ويراهن نتنياهو، كما تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، على أن الحزب بحاجة إلى وقت مديد للخروج من الصدمات التي أصابته، سواء باغتيال هذا العدد من قياداته وكوادره العسكرية، أو تفجير أجهزته الخاصة بشبكة اتصالاته. ويرى أن الظروف مواتية للمضي في إنهاك الحزب على نحو يؤدي إلى شل قدراته القتالية، ولم يعد أمامه سوى الانصراف إلى إعادة ترتيب أوضاعه الداخلية.

لكن الحزب، رغم حجم الصدمة التي أصابته، بادر للرد على كل هذه الاغتيالات باستهدافه ضواحي حيفا، لتمرير رسالة بأن لديه من القدرات والكفاءات ما يسمح بملء الفراغ، رغم أن مسلسل اغتيال قياداته وكوادره العسكرية أفقده ما لدى هؤلاء من خبرات قتالية كانت وراء تطوير إمكاناته وتعزيزها بأسلحة متطورة.

نتنياهو يسعى لاستدراج «حزب الله»

وإذ تستبعد المصادر الدبلوماسية قيام نتنياهو باحتلال جزء من الجنوب أو فصله عن البقاع بسيطرة الجيش الإسرائيلي على الطريق البقاعية المؤدية إلى سوريا، لفرض حصار يمنع إيصال الإمدادات العسكرية إلى وحداته القتالية في الجنوب، فإنها ترجح في المقابل أنه لا يزال يراهن على استدراج الحزب للانزلاق نحو الحرب المفتوحة، بما يسمح له بالتحريض عليه دولياً من ناحية، وجر الولايات المتحدة الأميركية للدخول في صدام مع إيران على خلفية أن أذرعها في المنطقة، بقيادة القوة الضاربة المتمثلة بالحزب، هي من تهدد الاستقرار، وتعمل على زعزعته.

إلا أن واشنطن لن تلتفت إلى التحريض الإسرائيلي على طهران، ما دام التواصل بينهما، بحسب المصادر نفسها، لم ينقطع، وأن الأخيرة تراهن على فوز المرشحة كامالا هاريس على منافسها الرئاسي الرئيس السابق دونالد ترمب، ليكون في وسعها تطوير الحوار لإعادة ترتيب العلاقة بين البلدين، وهذا ما يفسر تقاطعهما على استيعاب التأزم في المنطقة.

بري: لن نقع في فخ نتنياهو

لكن رهان نتنياهو على استدراج الحزب ليبادر إلى توسيع الحرب ليس في محله، وسيكتشف أن رهانه لن يلقى التجاوب، وهذا ما أكده رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بقوله لـ«الشرق الأوسط» إن نتنياهو يستمر في تحويله البلدات الجنوبية إلى أرض محروقة غير مأهولة يصعب العيش فيها بإتلافه مساحاتها الخضراء الصالحة للزراعة بالقنابل الفوسفورية الحارقة، وتدمير المنازل وتسويتها بالأرض، وقتل المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ ومسعفين وعاملين في القطاع الصحي، و«نحن من جانبنا لا نريد الحرب ولن ننزلق إليها، لكن من حقنا الدفاع عن النفس بكل ما أوتينا من قوة وإمكانات، ولن ندّخر جهداً لتأمين مقومات الصمود لأهلنا في الجنوب لمنع إسرائيل من تهجيرهم».

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (الوكالة الوطنية)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (الوكالة الوطنية)

واتهم بري نتنياهو بأنه يضغط بالنار لجر لبنان والمنطقة لحرب كبرى، و«نحن من جانبنا لن ننجر، ولن نقع في الفخ الإسرائيلي، لا بل سنقاوم مخططه، ونتمسك بقواعد الاشتباك، ونطالب بتطبيق القرار 1701، وما على المجتمع الدولي إلا الضغط لتطبيقه على جانبي الحدود بإلزام إسرائيل بوقف خرقها الأجواء اللبنانية، ونطالب الولايات المتحدة الأميركية بأن تمارس الضغط الكافي على نتنياهو لوقف عدوانه على لبنان، بدلاً من أن تتركه يبتزها، ويشل قدرتها على التحرك لوقف العدوان، ويتفلّت من الضغوط لوقف العدوان، وهو يستغل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الذي يدفع واشنطن إلى التردد في حسم موقفها للقيام بالضغط المطلوب، وضمان وقف النار، والشروع بوضع تطبيق القرار 1701 على نار حامية».


مقالات ذات صلة

عون: اللبنانيون ملّوا الحروب ولا حل للانتهاكات الإسرائيلية إلا بالدبلوماسية

المشرق العربي أفراد من الجيش اللبناني في موقع استهداف إسرائيلي لقيادي في «الجماعة الإسلامية» جنوب بيروت (أ.ف.ب)

عون: اللبنانيون ملّوا الحروب ولا حل للانتهاكات الإسرائيلية إلا بالدبلوماسية

جدد الرئيس اللبناني جوزيف عون تمسكه بالحلول الدبلوماسية لأزمة الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب والخروق الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طلاب يتجمعون على درج المتحف الوطني في بيروت (رويترز)

المناصفة الطائفية في انتخابات بلدية بيروت يكتنفها الغموض ومخاوف من خلط الأوراق

أحدثت اقتراحات القوانين الرامية إلى تعديل قانون البلديات لحماية المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي لبيروت إرباكات.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي أسلاك شائكة أمام مبنى «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)

لبنان: عقبات سياسية وقانونية وشعبية تواجه مهمة الحكومة لاستعادة الانتظام المالي

ألزمت الحكومة اللبنانية نفسها بالانكباب راهناً على إعداد مشروع قانون معالجة الخسائر المالية الذي يسمح بإعادة التوازن للانتظام المالي.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي (الشرق الأوسط)

«الخارجية» اللبنانية تنبه السفير الإيراني بعدم «التدخل في شؤون البلاد»

قدم السفير الإيراني لدى بيروت مجتبى أماني توضيحاتٍ للجانب اللبناني حول منشور له تطرَّق فيه إلى مسألة «نزع السلاح».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي البرلمان اللبناني منعقد في جلسة تشريعية (الوكالة الوطنية)

البرلمان اللبناني يقرّ رفع السرية المصرفية لتسهيل مكافحة الفساد وتبييض الأموال

أقرّ البرلمان اللبناني، الخميس، قانون رفع السرية المصرفية المطلوب من صندوق النقد الدولي، بأكثرية 87 صوتاً.

نذير رضا (بيروت)

تركيا وروسيا تطالبان برفع العقوبات على سوريا وتدعمان إدارتها

مشاورات تركية - روسية حول سوريا والتطورات في المنطقة عقدت في إسطنبول (الخارجية التركية)
مشاورات تركية - روسية حول سوريا والتطورات في المنطقة عقدت في إسطنبول (الخارجية التركية)
TT
20

تركيا وروسيا تطالبان برفع العقوبات على سوريا وتدعمان إدارتها

مشاورات تركية - روسية حول سوريا والتطورات في المنطقة عقدت في إسطنبول (الخارجية التركية)
مشاورات تركية - روسية حول سوريا والتطورات في المنطقة عقدت في إسطنبول (الخارجية التركية)

أكدت تركيا وروسيا ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وجدّدتا تمسكهما بوحدتها ودعم إدارتها الجديدة لتحقيق الاستقرار، واتفقتا بشأن ضرورة وقف الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

وأكد نائب وزير الخارجية التركي ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا؛ لأن هذه هي الطريقة الأكثر فاعلية وجدوى لدعم الحكومة السورية سياسياً ومالياً، مشدداً على ضرورة وقف الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

وعقد الجانبان: التركي، برئاسة يلماظ، والروسي برئاسة نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، جولة مشاورات جديدة، في إسطنبول، حول التطورات في سوريا، والوضع الأمني في الشرق الأوسط، وطرق تحقيق الاستقرار وإرساء السلام في المنطقة، إلى جانب بحث تطورات الحرب الروسية - الأوكرانية.

نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماظ مستقبلاً نظيره الروسي ميخائيل بوغدانوف في إسطنبول (الخارجية التركية)
نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماظ مستقبلاً نظيره الروسي ميخائيل بوغدانوف في إسطنبول (الخارجية التركية)

وأكد الجانبان، خلال المشاورات التي عقدت، مساء الجمعة، دعمهما الإدارة السورية الجديدة، سياسياً واقتصادياً، من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد، وأكدا ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

وشدد نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماظ، خلال الاجتماع، على أن أولوية بلاده في سوريا تتمثل في ضمان الاستقرار والأمن عبر الحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها، وأن بلاده تتابع عن كثب مجريات التطورات في سوريا، انطلاقاً من حرصها على حماية أمنها القومي.

واتفق الجانبان على أهمية التصدي للتنظيمات الإرهابية، ودعم الإدارة السورية في مواجهتها.

وجاء الاجتماع التركي - الروسي بعد أيام من تصريحات للرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، بأن هناك مفاوضات حالياً مع تركيا وروسيا بشأن وجودهما العسكري في سوريا، وتلميحه إلى إمكانية تقديمهما دعماً عسكرياً لحكومته.

وقال الشرع إن روسيا زودت الجيش السوري بالأسلحة لعقود، وإنها قدمت الدعم الفني لمحطات الطاقة السورية، ما يعني أن سوريا قد تحتاج إلى روسيا في المستقبل.

وبالنسبة لتركيا، يجري الحديث عن اتفاق عسكري مع الإدارة السورية يمكن أن يساعد في توسيع نفوذها بالقرب من حدود إسرائيل، وتقليص المسلحين الأكراد في شمال البلاد، وإبقاء إيران تحت السيطرة.

الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع (رويترز)
الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع (رويترز)

وطالب الشرع، في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» الولايات المتحدة برفع العقوبات المفروضة على بلاده، بشكل دائم.

ومنذ تولي الشرع السلطة، خففت أوروبا والولايات المتحدة مؤقتاً بعض العقوبات الصارمة التي فرضت منذ عام 2014 على نظام بشار الأسد. لكن الشرع أكد أن هناك حاجة إلى تخفيف أكبر بكثير حتى يتمكن من إعادة بناء اقتصاد البلاد المنهار.

وأوضح الشرع أن العقوبات يجب أن تُرفع؛ لأنها فُرضت «رداً على الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد بحق الشعب، وهذا النظام لم يعد يتولى السلطة، والعقوبات تعوق حكومته وقدرتها على إعادة بناء اقتصادها».

والشهر الماضي، حدد مسؤولون أميركيون 8 مطالب لرفع العقوبات؛ منها تدمير مخازن الأسلحة الكيماوية، والتعاون في جهود مكافحة الإرهاب، وقال الشرع إن بعض الشروط الأميركية «بحاجة إلى مناقشة أو تعديل»، دون مزيد من التفاصيل.

مندوب تركيا الدائم بالأمم المتحدة أحمد يلدز (الخارجية التركي)
مندوب تركيا الدائم بالأمم المتحدة أحمد يلدز (الخارجية التركي)

في السياق ذاته، دعا مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير أحمد يلدز، إلى رفع العقوبات عن سوريا، وتقديم الدعم الدولي لإعادة الإعمار من أجل إنجاح عملية الانتقال السياسي.

وقال يلدز، في كلمة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا ليل الجمعة – السبت، شارك فيها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إن الحكومة السورية حققت تقدماً كبيراً منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، وإن هذه التطورات تشكل بداية لعملية انتقالية يتبناها السوريون.

وأكد يلدز ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا فوراً، وأن تكون إعادة بناء البنية التحتية، وتوفير الخدمات العامة، وتحسين ظروف المعيشة، «أولوية مشتركة».

ولفت إلى أن تركيا وجهت نداء واضحاً إلى المجتمع الدولي بضرورة تقديم دعم فعال لعملية إعادة إعمار سوريا.

وذكر يلدز أن هذه الاعتداءات الإسرائيلية تنتهك سيادة سوريا، وتشكل تهديداً خطيراً للأمن والسلام الإقليميين، وتقوض الاستقرار الداخلي، وتضر بالقدرة على محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي.

وأكد أن تركيا تدين هذه الهجمات بشكل لا لبس فيه، وتدعو مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لمنع المزيد من التصعيد، وستظل ملتزمة - بقوة - بدعم الشعب السوري في التغلب على تحديات هذا الفصل الجديد.