استنفار أمني وعسكري شمال سوريا... أولى ثمار تقارب أنقرة ودمشق

أمر تركي بحل «صقور الشمال» لرفضه فتح معبر أبو الزندين

آخر المظاهرات التي خرجت تندد بفتح معبر ابو الزندين  الجمعة الماضية (متداولة)
آخر المظاهرات التي خرجت تندد بفتح معبر ابو الزندين الجمعة الماضية (متداولة)
TT

استنفار أمني وعسكري شمال سوريا... أولى ثمار تقارب أنقرة ودمشق

آخر المظاهرات التي خرجت تندد بفتح معبر ابو الزندين  الجمعة الماضية (متداولة)
آخر المظاهرات التي خرجت تندد بفتح معبر ابو الزندين الجمعة الماضية (متداولة)

رفض أحد الفصائل المحلية المسلحة المدعومة من تركيا الانصياع لأوامر أنقرة، فتح معبر «أبو الزندين» في الشمال السوري، الذي يفصل بين الفصائل المعارضة ومناطق النظام، وقالت مصادر محلية، إن أمراً صدر من أنقرة بحلّ «لواء صقور الشمال»، لمعارضته فتح المعبر ورفض التطبيع مع دمشق، بما ينذر بتفجر التوتر شمال سوريا.

وحسب المصادر، دفع فصيل «لواء صقور الشمال» بتعزيزاته من عفرين بريف حلب الشمالي، حيث يتمركز، باتجاه قطاعاته المحاذية لقطاعات القوة المشتركة و فرقة السلطان مراد المدعومة من تركيا، وسط مخاوف من اتجاه الأمور في الشمال نحو مزيد من التعقيد، مع احتمال انضمام اللواء إلى «الجبهة الشامية»، وفق المصادر.

كانت صحيفة «الوطن» المحلية في دمشق، قد أفادت في وقت سابق، بحسم أنقرة موقفها بوضع معبر أبو الزندين في الخدمة، ولو بالقوة ضد المحتجين في مدينة الباب شمال شرقي حلب.

وجرت ثلاث محاولات تركية منذ نهاية يونيو (حزيران) الماضي، لفتح معبر «أبو الزندين»، الواصل بين مناطق سيطرة الفصائل التابعة لتركيا، ومناطق سيطرة دمشق في منطقة الباب.

غير أن المحاولات قوبلت برفض شعبي من المعارضين السوريين المدنيين، الذين نصبوا خيمة اعتصام عند المعبر لمنع فتحه، كما هاجمت بعض الفصائل المسلحة المعبر ومنعت مرور الشاحنات، تحت تهديد السلاح.

لواء صقور الشمال (أرشيفية - المرصد السوري)

من جانبه، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين، وجود حالة توتر أمني وعسكري في مناطق الشمال السوري، بين فصيل «لواء صقور الشمال» بقيادة حسن خيرية، من جهة، والقوات التركية من جهة أخرى، على خلفية إصدار الجانب التركي، مؤخراً، أوامر بحل الفصيل وتسليم جميع قطاعاته للواء حرس الحدود والشرطة العسكرية.

القرار جاء بعد رفض الفصيل «المصالحة مع قوات النظام، وفتح معبر أبو الزندين الذي يربط بين مناطق فصائل (الجيش الوطني) بمناطق سيطرة قوات النظام».

وحسب المرصد الذي أفاد أيضاً بدعوة قائد المجلس العسكري في قبيبة الموالي بإدلب، إلى استنفار كامل لـ«الوقوف في وجه هذا القرار وضد أي دولة تساند حل هذا الفصيل»، مؤكداً قبولهم إجراء الإصلاحات ومحاربة الفاسدين ضمن الفصيل، من دون حله.

كما رفض القرار التركي بحل فصيل «لواء صقور الشمال» كلٌّ من مجلس قبيلة بني خالد في الشمال السوري ومجلس قبيلة النعيم، ووجهوا نداءً إلى جميع الفصائل وأبناء العشائر للوقوف صفاً واحداً إلى جانب الفصيل ضد القرارات التي تحاك ضده، وعلى رأسها فتح المعابر مع دمشق.

مسلحون يمنعون شاحنات من المرور عبر معبر أبو الزندين (أرشيفية - المرصد السوري)

وبينما تتعزز حالة رفض فتح معبر أبو الزندين، بوصفه خطوة في ملف التقارب السوري - التركي الذي تشرف عليه موسكو، نقلت وكالة الأنباء الروسية (نوفوستي)، الاثنين، عن مصدر في المكتب الرئاسي التركي، قوله إنه فيما يخص تحديد موعد للقاء الرئيسين السوري والتركي: «نسمع روايات مختلفة في وسائل الإعلام، ولكن لا توجد اتفاقات رسمية حتى الآن بشأن هذا الموضوع، وسنعلن تفاصيل الاجتماع بين الرئيسين في الوقت المناسب إذا تم التوصل إلى اتفاق».

محتجون قطعوا قبل أسابيع الطريق الدولية عند معبر أبو الزندين شرق حلب تعبيراً عن رفضهم فتحه (متداولة)

كانت تقارير إعلامية عدة قد تحدثت الفترة الماضية عن احتمال عقد لقاء بين الرئيسين السوري والتركي، في وقت يتبادل فيه الطرفان الترحيب بتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، كلٌّ بشروطه. إذ تطالب تركيا دمشق باتخاذ إجراءات لتحسين العلاقات، وفي المقابل تشترط دمشق انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية ووقف دعم الفصائل المعارضة في الشمال، قبل بدء المفاوضات.


مقالات ذات صلة

تركيا: «تحرير الشام» لعبت دوراً في مكافحة «داعش» و«القاعدة»

المشرق العربي مسلحان من «قسد» عند مدخل مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا (رويترز)

تركيا: «تحرير الشام» لعبت دوراً في مكافحة «داعش» و«القاعدة»

أبدت تركيا تمسكاً بتصفية «الوحدات» الكردية، في وقت تواجه فيه احتمالات التعرض لعقوبات أميركية نتيجة هجماتها على مواقع «قسد» في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص مقهى الروضة (الشرق الأوسط)

خاص مقهى الروضة الدمشقي يتخلّص من القبضة الأمنية ويستعيد رواده

بينما انهمك أصحاب المحال التجارية في دمشق بطمس العلم السوري القديم، استعاد مقهى الروضة التاريخي زبائنه بعد تخلّصه من القبضة الأمنية التي كانت تُحصي أنفاسه.

سعاد جروس (دمشق)
المشرق العربي أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)

«الإنتربول» الأميركي يطالب بيروت بتوقيف مدير المخابرات الجوية في نظام الأسد

في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، باشرت الإجراءات القضائية الدولية بملاحقة رموز هذا النظام؛ إذ تلقّى النائب العام التمييزي في…

يوسف دياب
المشرق العربي سوريون يحتفلون بالإطاحة بنظام بشار الأسد في دمشق (رويترز)

المنظمة الدولية للهجرة تطالب بـ«إعادة تقييم» العقوبات على سوريا

شددت المنظمة الدولية للهجرة (الجمعة) على أن إعمار سوريا وإنماءها يتطلبان «إعادة تقييم» العقوبات الدولية المفروضة عليها وتعزيز دور النساء.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي الوفد الدبلوماسي الأميركي، وفيه مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، مغادراً فندقاً في دمشق (إ.ب.أ)

«لقاء إيجابي» غير مسبوق بين وفد أميركي والشرع في دمشق

عقد وفد أميركي رفيع «لقاءً إيجابياً» مع قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع خلال زيارة لدمشق هي الأولى من نوعها لدبلوماسيين أميركيين منذ نحو عقد.

علي بردى (واشنطن)

الشتاء يضرب غزة... ووفاة رضيعة بسبب البرد القارس

أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)
أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)
TT

الشتاء يضرب غزة... ووفاة رضيعة بسبب البرد القارس

أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)
أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)

يضرب البرد القارس الفلسطينيين، البالغ عددهم نحو مليونَي شخص، الذين نزحوا؛ بسبب الحرب الإسرائيلية، في حين توفيت رضيعة من البرد، وفق وسائل إعلام فلسطينية.

وتوفيت، أول من أمس (الجمعة)، الرضيعة عائشة عدنان سفيان القصاص (20 يوماً)؛ نتيجة البرد الشديد داخل خيمة في منطقة مواصي خان يونس، حسبما ذكرت وسائل إعلام فلسطينية.

ويكافح كثير من الفلسطينيين منذ 14 شهراً لحماية أنفسهم من الرياح والبرد والأمطار، وسط برد قارس يضرب القطاع. كما أن هناك نقصاً في البطانيات والملابس الدافئة، وقليلاً من الخشب لإشعال النار، كما أن الخيام والأقمشة المشمعة التي تعيش فيها الأسر أصبحت مهترئة بشكل متزايد بعد أشهر من الاستخدام المكثف، وفقاً لعمال الإغاثة والسكان.

وتقول شادية عياده، التي نزحت من مدينة رفح إلى منطقة المواصي الساحلية، إنه ليس لديها سوى بطانية واحدة وزجاجة ماء ساخن لحماية أطفالها الـ8 من الارتعاش داخل خيمتهم الهشّة. وتتابع لوكالة «أسوشييتد برس»: «نشعر بالخوف في كل مرة نعلم فيها من توقعات الطقس أن الأيام الممطرة والعاصفة مقبلة؛ لأن خيامنا ترتفع مع الرياح. نخشى أن يؤدي الطقس العاصف القوي إلى تدمير خيامنا ذات يوم بينما نحن داخلها».

رضا أبو زرادة التي نزحت من شمال غزة مع عائلتها وسط أحفادها في خيمتها بخان يونس (أ.ب)

مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً، تخشى أيادا أن يمرض أطفالها الذين يفتقرون للملابس الدافئة. وقالت إن أطفالها عندما فروا من منزلهم لم يكن لديهم سوى ملابس الصيف. وقد اضطروا إلى اقتراض بعض الملابس من الأقارب والأصدقاء للتدفئة.

مخاوف من انتشار أمراض الشتاء

وتحذِّر الأمم المتحدة من أن الناس الذين يعيشون في ملاجئ مؤقتة قد لا يصمدون في الشتاء. وقالت الأمم المتحدة، في تحديث يوم الثلاثاء، إن ما لا يقل عن 945 ألف شخص يحتاجون إلى إمدادات الشتاء، التي أصبحت باهظة الثمن في غزة. كما تخشى الأمم المتحدة من أن تتفشى الأمراض المعدية، التي انتشرت في الشتاء الماضي، مرة أخرى وسط ارتفاع سوء التغذية.

وفي هذا الصدد، قالت لويز واتريدغ المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن الوكالة كانت تخطط طوال العام لفصل الشتاء في غزة، لكن المساعدات التي تمكَّنت من إدخالها إلى القطاع «ليست كافية حتى للناس». وزَّعت «الأونروا» 6 آلاف خيمة على مدى الأسابيع الأربعة الماضية في شمال غزة، لكنها لم تتمكَّن من نقلها إلى أجزاء أخرى من القطاع، بما في ذلك المناطق التي شهدت اشتداد المعارك.

أحد أحفاد رضا أبو زرادة يجلس على التراب مرتدياً جوارب ممزقة خلال اللعب بالقرب من خيمتهم بخان يونس بقطاع غزة (أ.ب)

وتابعت واتريدغ أن نحو 22 ألف خيمة عالقة في الأردن، و600 ألف بطانية و33 شاحنة محملة بالمراتب كانت راكدة في مصر منذ الصيف؛ لأن الوكالة ليست لديها موافقة إسرائيلية أو طريق آمن لإحضارها إلى غزة، ولأنها اضطرت إلى إعطاء الأولوية للمساعدات الغذائية التي تشتد الحاجة إليها. وقالت إن كثيراً من الفرش والبطانيات تعرضت للتدمير منذ ذلك الحين؛ بسبب الطقس والقوارض.

وقالت ديون وونغ، نائبة مدير برامج المنظمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن «لجنة الإنقاذ الدولية تكافح من أجل جلب ملابس الشتاء للأطفال؛ لأن هناك كثيراً من الموافقات التي يتعيَّن الحصول عليها من السلطات المختصة». وقالت وونغ: «إن قدرة الفلسطينيين على الاستعداد للشتاء محدودة للغاية في الأساس».

أحفاد رضا أبو زرادة يتدفأون على نيران من الورق الكرتون في خيمة في خان يونس (أ.ب)

وقالت وكالة تابعة للحكومة الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق شحنات المساعدات إلى غزة، في بيان، إن إسرائيل عملت لأشهر مع المنظمات الدولية لإعداد غزة للشتاء، بما في ذلك تسهيل شحن المدافئ والملابس الدافئة والخيام والبطانيات إلى القطاع، وفق «أسوشييتد برس».

قُتل أكثر من 45 ألف فلسطيني في الحرب في غزة، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. كما أن أكثر من نصف القتلى من النساء والأطفال. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه قتل أكثر من 17 ألف مسلح، دون تقديم أدلة. ويقول المفاوضون إن إسرائيل و«حماس» تتجهان نحو اتفاق وقف إطلاق النار، الذي سيشمل زيادة المساعدات إلى المنطقة.

في الوقت الحالي، فإن الملابس الشتوية المعروضة للبيع في أسواق غزة باهظة الثمن بالنسبة لمعظم الناس، كما قال السكان وعمال الإغاثة.

«أخاف أن أستيقظ من النوم»

قالت رضا أبو زرادة، (50 عاماً)، التي نزحت من شمال غزة مع عائلتها، إن البالغين ينامون مع الأطفال بين أذرعهم لإبقائهم دافئين داخل خيمتهم، وتابعت: «تمشي الفئران علينا في الليل لأننا لا نملك أبواباً والخيام ممزقة. البطانيات لا تدفئنا. نشعر بالصقيع يخرج من الأرض. نستيقظ متجمدين في الصباح». قالت: «أخاف أن أستيقظ ذات يوم لأجد أحد الأطفال متجمداً حتى الموت».

رضا أبو زرادة التي نزحت من شمال غزة مع عائلتها وسط أحفادها في خيمتها بخان يونس (أ.ب)

في ليلة الخميس، حاربت آلام الركبة التي تفاقمت بسبب الطقس البارد لقلي الكوسة على نار مصنوعة من قصاصات الورق والكرتون خارج خيمتهم. كانت تأمل أن تدفئ الوجبةُ الصغيرةُ الأطفالَ قبل النوم.

وفي السياق، يخشى عمر شبيت، النازح من مدينة غزة والذي يقيم مع أطفاله الـ3، أن يؤدي إشعال النار خارج خيمته إلى جعل عائلته هدفاً للطائرات الحربية الإسرائيلية. وقال: «ندخل خيامنا بعد غروب الشمس ولا نخرج لأن الجو بارد جداً وتزداد البرودة بحلول منتصف الليل. ابنتي البالغة من العمر 7 سنوات تكاد تبكي في الليل بسبب البرد».