إسرائيل تنفي رواية الحوثي: القبة الحديدية اعترضت الصاروخ

تحقيقات داخل الجيش بشأن طريقة التعامل مع الهجوم

فرق إطفاء إسرائيلية تخمد (الأحد) حريقاً قرب تل أبيب نشب جراء صاروخ أطلق من اليمن (أ.ف.ب)
فرق إطفاء إسرائيلية تخمد (الأحد) حريقاً قرب تل أبيب نشب جراء صاروخ أطلق من اليمن (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تنفي رواية الحوثي: القبة الحديدية اعترضت الصاروخ

فرق إطفاء إسرائيلية تخمد (الأحد) حريقاً قرب تل أبيب نشب جراء صاروخ أطلق من اليمن (أ.ف.ب)
فرق إطفاء إسرائيلية تخمد (الأحد) حريقاً قرب تل أبيب نشب جراء صاروخ أطلق من اليمن (أ.ف.ب)

في الوقت الذي أعلنت فيه جماعة الحوثي اليمنية والمدعومة إيرانياً، أنها تمكنت من قصف إسرائيل بـ«صاروخ حديث» اخترق منظومتها الدفاعية، نفى الجيش الإسرائيلي عبر بيان رسمي، تلك الرواية، وادعى بأن مضادات «القبة الحديدية» اعترضت الصاروخ فوق سماء مركز البلاد، وأن الحريق الذي نشب في الحقول الزراعية جاء نتيجة سقوط الشظايا.

وقالت مصادر عسكرية إن الصاروخ اليمني وصل إلى أجواء مدينة اللد، أي بجوار مطار بن غوريون الدولي، وإن منطقة تل أبيب ووسط إسرائيل برمتها، شهدت صباح، الأحد، حالة من الهلع مع تفعيل صفارات الإنذار، لكن الأمور هدأت بعد الإعلان عن تفجيره.

وأشارت أوساط أمنية إلى أن إطلاق صاروخ مثل هذا، بحد ذاته، وقطعه مسافة تقارب 2000 كيلومتر، ووقوع الشظايا الصاروخية قرب مطار بن غوريون، كلها إشارات خطيرة تحتم رداً إسرائيلياً، لكنه ذكّر في الوقت ذاته بأن الحوثيين تلقوا ضربة شديدة بقصف ميناء الحديدة، وقد يكون إطلاق هذا الصاروخ جزءاً من الرد.

وذكرت صحيفة «هآرتس» أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية أطلقت منظومتي الدفاع «حيتس» و«القبة الحديدية» في محاولة لاعتراض الصاروخ، الذي تسببت شظاياه في أضرار مادية بمحطة قطار على أطراف مدينة موديعين، ما أسفر عن أضرار مادية، إضافة إلى اندلاع حريق في بلدة كفار دانيال قرب اللد، في حين أكد الجيش الإسرائيلي أنه لا يوجد أي تغيير في تعليمات الجبهة الداخلية.

وقالت الصحيفة إن «الجيش يفحص ما إذا كانت عملية الاعتراض (ناجحة)». في حين أشارت «القناة 12» العبرية إلى أنه جرى اعتراض الصاروخ في الجو بواسطة منظومة «حيتس»، لكن جرى إطلاق صواريخ أخرى من «القبة الحديدية» لاعتراض شظايا الصاروخ التي سقطت على عدة مناطق، ما أدى إلى سماع دوي انفجارات في وسط البلاد. وذكرت أن أنظمة الدفاع متعددة الطبقات تهدف إلى اعتراض الصواريخ الباليستية ومنع أضرارها الكبيرة.

محاولات اعتراض

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان صدر عن سلاح الجو، أن الفحص الأولي يفيد بأن «الصاروخ انفجر في الجو»، وأكد أنه نفذ «عدة محاولات اعتراض بواسطة منظومتي (حيتس) و(القبة الحديدية)»، وأضاف: «نعمل على فحص نتائجها»، مشيراً إلى أن «تفعيل الإنذارات تم وفقاً للسياسة المعتمدة، ويجري التحقيق في الحادث بشكل كامل».

وتابع: «جرى تحديد شظايا الاعتراض التي سقطت في مناطق مفتوحة وفي محطة قطار (فئتي موديعين)، وتعمل فرق الإطفاء على إخماد حريق نشب في منطقة مفتوحة قرب كفار دانيال».

وأشارت تقارير إسرائيلية إلى أن الدفاعات الجوية أطلقت أكثر من 20 صاروخاً من منظومتي «حيتس» و«مقلاع داود»، ولم تستطع إسقاط الصاروخ، علماً بأن هاتين المنظومتين مخصصتان للتصدي للصواريخ بعيدة المدى.

بدورها، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن سلاح الجو يحقق في احتمالات أن صاروخ الاعتراض من منظومة «حيتس» الذي أُطلق نحو الصاروخ اليمني «قد أصابه جزئياً».

وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن التحقيقات تتركز على أن «عملية الاعتراض لم تكن ناجحة تماماً، ولكن يتم أيضاً فحص إمكانية أنه جرى تنفيذ عملية اعتراض (جزئي)».

وأشارت «القناة 12» إلى أن الهجوم الباليستي جاء في سياق تهديدات أطلقها الحوثيون في الأسابيع الماضية بوصفها رد فعل على الغارات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة. وقالت إن الصاروخ تسبب في إدخال مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الملاجئ، وذلك للمرة الأولى منذ أشهر التي تشهد فيها مناطق وسط البلاد هذا النوع من التحذيرات من هجمات صاروخية.

نسخة إيرانية

ووفق موقع «واللا»، فإن الحوثيين غير قادرين على تصنيع الصواريخ الباليستية محلياً، بل يعتمدون على الدعم الإيراني في هذا الشأن. وذكر أن الصاروخ الذي أُطلق (الأحد)، والذي يحمل اسم «طوفان» هو نسخة من الصاروخ الإيراني «قادر»، الذي يُعدّ بدوره نسخة مطورة من الصاروخ «شهاب 3».

ويصل مدى صاروخ الحوثيين إلى 2000 كيلومتر، ما يجعله قادراً على الوصول إلى إسرائيل من شمال اليمن في غضون 12 إلى 15 دقيقة، ويطلق من منصات متنقلة، ويتبع مساراً باليستياً على شكل قوس.

استعراض للصواريخ الباليستية الإيرانية خلال حفل للقوات المسلحة بطهران في أغسطس 2023 (رويترز)

ويتراوح وزن الصاروخ من 15 إلى 17 طناً قبل الإطلاق، في حين يبلغ وزن الرأس الحربي 650 كيلوغراماً من المتفجرات، وهو قادر على إحداث أضرار جسيمة بالأهداف المدنية والعسكرية على حد سواء.

ووفقاً للتحليلات، فإن مرحلة الإعداد لإطلاق الصاروخ لا تتجاوز 30 دقيقة، ما يُعقد عمليات الكشف المبكر واعتراضه، ولدى دخوله الغلاف الجوي يستمر الصاروخ في اكتساب سرعة كبيرة بفعل الجاذبية، ما يزيد من خطورة ارتطامه بالأرض.

لماذا لم يتم اعتراضه مبكراً؟

ووفق «واللا»، فإنه عادة ما تتم مراقبة الصاروخ عبر عدة أنظمة إنذار ورادار، منها الرادارات الإسرائيلية والأميركية في المنطقة، لكن لم يتم التأكد بعد ما إذا كان الصاروخ قد جرى اكتشافه واعتراضه في الوقت المناسب.

وأشار الموقع إلى «عدة مراحل لاكتشاف الصاروخ» استعداداً لاعتراضه، والتي عدّ أنها «تعطلت هذا الصباح». وعندما يُعد الصاروخ للإطلاق، يكون مكشوفاً في منطقة مفتوحة، ومرئياً لأقمار التجسس الاصطناعية الإسرائيلية والأميركية، التي من المفترض أن تراقب مواقع الإطلاق المحتملة.

وعند إطلاق الصاروخ، يجري رصد الحرارة الهائلة التي يولدها محركه من خلال شبكة الأقمار الاصطناعية الأميركية المتخصصة في التحذير من إطلاق الصواريخ الباليستية، ومن المفترض أن تُنقل المعلومات إلى الجيش الإسرائيلي.

وعندما يكون الصاروخ في مساره نحو إسرائيل، هناك عدة أنظمة رادار يجب أن تكتشفه وتتابع مساره، بدءاً من رادارات السفن الأميركية والإسرائيلية في البحر الأحمر، ورادار «X» بعيد المدى، المصنوع من شركة «رايثيون»، والموجود في النقب ويشغله جنود أميركيون، وأخيراً بواسطة رادار منظومة «حيتس».

مقاتلة «إف 18» تنطلق من حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر لصد هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

وتابع «واللا»: «لا يزال من غير الواضح ما إذا جرى اكتشاف الصاروخ في الوقت المناسب، ولماذا لم يتم اعتراضه في وقت أبكر، كما هو مفترض من منظومة الدفاع الجوي (حيتس) المصممة للعمل بهذه الطريقة».

وأكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه «كان من المفترض أن يجري اكتشاف الصاروخ الباليستي واعتراضه بعيداً عن الأراضي الإسرائيلية باستخدام منظومتي (حيتس 2) و(حيتس 3)، وكان يجب أن يتم رصده من خلال أنظمة رادار أرضية».

وقال المحلل العسكري في الصحيفة، رون بن يشاي، إنه في الهجوم الإيراني المباشر على إسرائيل الذي وقع في 13 أبريل (نيسان)، «فشل الإيرانيون، ونجح عدد قليل من الصواريخ الباليستية في اختراق أنظمة الدفاع الإسرائيلية والتحالف الذي دعمها. وقد ذُكر حينها أن 4 رؤوس حربية من صواريخ (عماد) أصابت قاعدة (نيفاتيم)».

عناصر من الشرطة الإسرائيلية تفحص (الأحد) شظايا الصاروخ الباليستي الذي أطلق من اليمن (د.ب.أ)

وأضاف أن «الرأس الحربي لهذا الصاروخ ينفصل عن الجسم، وبمساعدة الأجنحة الصغيرة وأنظمة الملاحة المقاومة للتشويش، يتقدم بشكل متعرج نحو الهدف، ما قد يصعب على أنظمة الاعتراض عملية التعامل معه. وفي العادة، يتم تجهيز صواريخ (عماد)، التي تستخدم الوقود السائل قبل الإطلاق بساعات، ما يمكن من عملية استهدافها على الأرض قبل إطلاقها».

وأوضح بن يشاي أنه «في الجيش الإسرائيلي، يجرون تحقيقات لمعرفة ما إذا كان الصاروخ (الحوثي) الذي أُطلق هذه المرة يحتوي على رأس حربي مشابه». وتساءل: «هل جرى اعتراض الصاروخ بعد اكتشافه بواسطة منظومتي (مقلاع داود) و(القبة الحديدية)، أو أنه لم يتم اعتراضه وأخطأ هدفه؟».


مقالات ذات صلة

نجاح سحب السفينة «سونيون» إلى مكان آمن دون تسرب نفطي

العالم ناقلة النفط «سونيون» (رويترز)

نجاح سحب السفينة «سونيون» إلى مكان آمن دون تسرب نفطي

قالت بعثة الاتحاد الأوروبي البحرية (أسبيدس)، اليوم الاثنين، إنه تسنى سحب ناقلة النفط «سونيون» المعطلة بالبحر الأحمر بأمان دون حدوث أي تسرب نفطي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي لوحة إعلانية تحمل صورة زعيم «حماس» يحيى السنوار على مبنى في أحد شوارع طهران بإيران في 12 أغسطس 2024 (رويترز)

السنوار في رسالة للحوثي: أعددنا أنفسنا لخوض معركة استنزاف طويلة

كتب يحيى السنوار برسالة وجَّهها إلى جماعة الحوثي: «أعددنا أنفسنا لخوض معركة استنزاف طويلة»، في إشارة إلى الحرب ضد إسرائيل في غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي (رويترز) play-circle 00:39

نتنياهو يتوعد الحوثيين بـ«ثمن باهظ» بعد إطلاق صاروخ على إسرائيل

توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، جماعة «الحوثي» في اليمن بدفع «ثمن باهظ» بعد تبنيهم هجوماً بصاروخ باليستي على وسط إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية دخان يتصاعد بعد هجوم صاروخي من اليمن على وسط إسرائيل اليوم (رويترز) play-circle 00:39

«باليستي» حوثي يتسبب في حرائق بوسط إسرائيل

قال الجيش الإسرائيلي، صباح اليوم (الأحد)، إن صاروخاً «أرض - أرض» أطلق على وسط إسرائيل من اليمن وسقط في منطقة غير مأهولة دون أن يتسبب في إصابات.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي صورة حديثة لاستمرار الحرائق على متن ناقلة النفط «سونيون» في البحر الأحمر (المهمة الأوروبية «أسبيدس»)

«أسبيدس» الأوروبية متأهبة لحماية إنقاذ ناقلة النفط «سونيون»

أكدت المهمة الأوروبية «أسبيدس» أن قواتها متأهبة لحماية عملية إنقاذ ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة بسبب هجمات الحوثيين، داعية للتكاتف لتجنب كارثة بيئية.

علي ربيع (عدن)

لبنان: الموقوفون الإسلاميون ماضون بإضرابهم عن الطعام ويلوّحون بالتصعيد

إضراب نزلاء سجن رومية يدخل الأسبوع الثاني (الوكالة الوطنية للإعلام)
إضراب نزلاء سجن رومية يدخل الأسبوع الثاني (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

لبنان: الموقوفون الإسلاميون ماضون بإضرابهم عن الطعام ويلوّحون بالتصعيد

إضراب نزلاء سجن رومية يدخل الأسبوع الثاني (الوكالة الوطنية للإعلام)
إضراب نزلاء سجن رومية يدخل الأسبوع الثاني (الوكالة الوطنية للإعلام)

يعيش السجناء في لبنان أوضاعاً مأساوية جرّاء الإهمال المتمادي صحيّاً واجتماعياً وحتى إنسانياً، وتراجُع قدرة الدولة على تلبية حاجاتهم؛ وهذا ما تُرِجم بعشرات حالات الوفاة التي شهدتها السجون، وآخرها السجين عمر حميّد الذي قضى قبل أسبوعين نتيجة أزمة قلبية ألمّت به في سجن رومية، والتأخّر بنقله إلى المستشفى، على حدّ زعم رفاقه نزلاء المبنى «ب» المخصص للموقوفين الإسلاميين، الذين دخلوا أسبوعهم الثاني من الإضراب عن الطعام؛ احتجاجاً على تردي أوضاعهم ولا مبالاة الدولة بمعاناتهم، ملوحين بـ«تحرّك واسع سيؤدي حتماً إلى انفجار يصعب تداركه».

كلّ المحاولات التي قام بها ضباط وعناصر قوى الأمن المسؤولون عن حماية سجن رومية، لثني السجناء الإسلاميين عن وقف إضرابهم عن الطعام وامتناعهم عن تسلّم الوجبات اليومية باءت بالفشل، وأفاد أحد السجناء الذي يقود مع رفاق له حركة الاعتراض، بأنهم «سلّموا إدارة السجن لائحة بمطالبهم، أولها مقابلة موفد عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي؛ للبحث معه في تحريك قانون العفو العام ووضعه على جدول اهتمام الحكومة ومجلس النواب، وتخفيض السنة السجنية إلى ستة أشهر بدلاً من تسعة أشهر، وتحديد سقف زمني لعقوبة المؤبد والإعدام التي لا تنفّذ». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «السجناء بشر يحق لهم العيش بكرامة حتى وإن كانوا فاقدي الحريّة، نحن نعاني وضعاً سيئاً للغاية؛ إذ لا طعام ولا شراب مستوفي الشروط والسجناء محرومون من وجبة اللحم أو الدجاج منذ أشهر طويلة، ولا خدمات صحيّة ولا وجود لأطباء داخل السجن إلّا في أيام محددة وأوقات محددة، وهذا ما عرّض حياة كثيرين للخطر، وتسبب بوفاة عشرات السجناء كان آخرهم الشاب عمر حميّد». ورأى السجين الذي رفض ذكر اسمه، أن «تردّي أوضاع السجون والسجناء وغياب الدولة عن هذه المعاناة سيقودان إلى انفجار حتمي في سجن رومية وكلّ السجون اللبنانية، وعندها يصبح تدخل الدولة والوعود بالإصلاح بلا جدوى».

ومنذ بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان أواخر عام 2019، تراجعت حالات التصادم والاحتكاك ما بين السجناء وضباط وعناصر الأمن المولجين حماية السجون، خصوصاً مع الموقوفين الإسلاميين نزلاء المبنى «ب» في سجن رومية، والذين كانوا يحفّزون السجون الأخرى على رفع الصوت؛ وذلك تحسساً منهم بأن قوى الأمن «ليست مسؤولة عن الأزمة»، ويسعى المعنيون بحماية المبنى المذكور لإيصال الوجبات إلى الزنازين، إلّا أن محاولاتهم تبوؤ بالفشل جرّاء إغلاق النوافذ لمنع إدخال الطعام منها، وأوضح مصدر أمني معني بملفّ السجون لـ«الشرق الأوسط»، أن القوى الأمنية «تتعاطى بمسؤولية حيال مطالب السجناء المضربين عن الطعام». وأشار إلى أن «إدارة سجن رومية تحاول تحقيق المطالب التي تقع ضمن اختصاصها وإمكاناتها». وقال: «بما خصّ مطالب مقابلة السجناء لعائلاتهم خارج القضبان، قدّم الصليب الأحمر اللبناني قاعة مخصصة لهذه المقابلات، وقريباً جداً يبدأ التنفيذ». أما بشأن غياب وجبات الطعام التي تحتوي اللحوم، فلفت إلى أن «هذا الواقع ينال كلّ السجناء، وكانت هناك مبادرة من دار الفتوى لإدخال وجبات على حسابها، لكن في إحدى المرات ضُبط تهريب هواتف داخل وجبات الطعام، ومنذ ذلك الوقت توقّفت هذه المبادرة».

ويحتوي المبنى «ب» على نحو 500 محكوم وموقوف قيد المحاكمة بينهم 200 سوري، وكشف المصدر الأمني، عن أن نزلاء هذا المبنى المضربين عن الطعام «أضافوا مطلباً جديداً إلى قائمتهم، يتمثّل بعدم تسليم السوريين الذين ينهون تنفيذ عقوباتهم إلى النظام السوري؛ حتى لا يجري تصفيتهم». وقال: «هذا الأمر عُرض على جهاز الأمن العام الذي تعهّد دراسة ملفات هؤلاء، وأن كلّ سجين لديه وضع أمني مع بلاده تجري معالجة ملفّه وفق القوانين المرعية الإجراء».

وإزاء غياب الاهتمام الرسمي بأوضاع السجون، يبرز دور الجمعيات والمنظمات التي تحاول التخفيف من هذه الأزمة، ودخلت مؤسسة «ريستارت» لمناهضة التعذيب، على خطّ المعالجة وتقديم بعض الخدمات التي تسدّ غياب الدولة، وأكدت رئيسة المؤسسة سوزان جبّور لـ«الشرق الأوسط»، أن السجون اللبنانية وخصوصاً سجن رومية «تعاني أوضاعاً صعبة للغاية، خصوصاً في موضوع الطبابة». وقالت: «إذا أرادت قوى الأمن الداخلي التعاقد مع أطباء، فإنها تحتاج إلى كلفة مالية غير متوفرة حالياً، عدا عن أن أغلب الأطباء لا يقبلون هذا التعاقد بالنظر لصعوبة التعامل مع السجون وأوضاعها الأمنية والإنسانية والمسؤوليات التي تترتب عليهم».

ورأت جبّور أن «الجمعيات تسعى للتخفيف من معاناة السجناء وسدّ بعض الثغرات، لكنها ليست بديلة عن الدولة»، مشيرة إلى أن «موضوع السجون يحتاج إلى ورشة كبيرة وواسعة وخطة لهيكلتها وإيجاد الموارد الكافية لتصحيح أوضاعها على كل الصعد»، لافتة إلى أن «المبادرات الفردية لا تكفي لتحقيق كلّ المطالب؛ لأن الدولة هي المسؤولة عن السجون والسجناء أولاً وأخيراً».

من جهته، كتب النائب اللواء أشرف ريفي عبر منصة «إكس»: «لليوم السابع يستمر إضراب السجناء في المبنى (ب) في رومية وسط غيابٍ تام للمعالجة في المطالب الإنسانية المحقة والبديهية». وقال: «حذّرنا وننبّه بأن استمرار الوضع الكارثي في سجن رومية وباقي السجون سيؤدي إلى وضع صعب جداً؛ لذلك أدعو الدول الصديقة وكل المهتمين بالشأن الإنساني إلى مدّ يد المساعدة لتفكيك القنبلة الموقوتة في السجون اللبنانية».