معارضة واسعة لتشريع قد يحجب المعلومات عن العراقيين

خبراء: مشروع القانون الجديد يكرس السرية

قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)
قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)
TT

معارضة واسعة لتشريع قد يحجب المعلومات عن العراقيين

قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)
قادة الكتل السياسية خلال أحد اجتماعات البرلمان العراقي (إعلام المجلس)

تبدي منظمات حقوقية غير حكومية، وطنية ودولية، ناشطة في الدفاع عن الحريات وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، قلقاً بالغاً هذه الأيام من إقرار البرلمان العراقي مشروع قانون «حق الحصول على المعلومة» بنسخته الحالية التي قرأها البرلمان للمرة الثانية في أغسطس (آب) الماضي.

وتتفق غالبية المنظمات الحقوقية على أهمية تشريع القانون «من حيث المبدأ»، وتشدّد على دوره في «تعزيز الشفافية والمساءلة في العراق»، لكنها تعارض إقراره بصيغته الحالية، وتقول إنه بحاجة إلى «تعديلات جوهرية؛ لضمان توافقها مع المعايير الدولية والدستور العراقي».

صلاحية حجب المعلومات

وعبّرت مجموعة من المنظمات، رفعت أخيراً حزمة توصيات إلى البرلمان، عن أسفها لأن بعض المواد المقترحة في المشروع قد تفضي إلى «تعزيز ممارسات السرية وتقويض الشفافية؛ مما يزيد من خطر الفساد، ويضعف من دور المؤسسات في تعزيز سيادة القانون»، إلى جانب «منح صلاحيات تقديرية واسعة لحجب المعلومات دون معايير واضحة».

ويقول رئيس منظمة «تواصل» وعضو الحملة المطالبة بتعديل مشروع القانون، وسام جعفر، لـ«الشرق الأوسط» إن «أكثر من 500 منظمة وناشط يطالبون بإيقاف تمرير القانون بشكله الحالي عبر توجيه رسالة مفتوحة إلى أعضاء البرلمان».

ويرى جعفر أن المجتمع المدني، الوطني والدولي، نجح منذ عام 2003 في «عرقلة تشريع القوانين التي تمسُّ الحريات والحقوق المدنية والسياسية».

وقال إن «الكتل السياسية منذ 2003، وحتى الآن، لديها التوجه نفسه في تقييد الحقوق والحريات من خلال تمرير قوانين من قبيل حق الحصول على المعلومة، وحرية التعبير عن الرأي، والتظاهر السلمي، إلى تعديل قانون الأحوال الشخصية، وتعديل قانون المنظمات غير الحكومية، والجرائم المعلوماتية وغيرها من القوانين».

جلسات البرلمان العراقي تعود إلى الانعقاد لمناقشة قوانين إشكالية (إعلام المجلس)

ما دور «الإطار التنسيقي»؟

يتهم جعفر قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، التي تهيمن على البرلمان، بأنها «تهدد بتمرير جملة من القوانين الخلافية بصرف النظر عن اعتراضات المجتمع المدني».

ومن أبرز الملاحظات التي تقدمها المنظمات وجماعات الدفاع عن حق الحصول على المعلومة، بحسب جعفر، أن مشروع القانون «تضمّن انتهاكات خطيرة من شأنها أن تقيد المعلومات ووصولها، وتعزز الفساد المستشري أصلاً في الدولة، حيث يمنح القانون مثلاً، صلاحيات تقديرية للمسؤولين في مؤسسات الدولة بتصنيف المعلومات على أنها سرية من دون معايير واضحة».

وإلى جانب ذلك، أشار جعفر إلى أن القانون يتضمّن «جملة استثناءات واسعة، وينص على حجبها عن الرأي العام، وضمنها عقود جميع المناقصات والمزايدات الحكومية».

ويلفت إلى أن ذلك «يخالف تفسير المادة 19 من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، الذي صادَقَ عليه العراق في مطلع عقد السبعينات».

5 توصيات

وكانت المنظمة نشرت، الأسبوع الماضي، عبر موقعها 5 توصيات بشأن مشروع القانون، وعبّرت عن أملها في أن تؤخذ بعين الاعتبار في عملية مراجعة ومناقشة مشروع القانون.

وترى التوصيات أن «المادة 1، ثانياً» يجب أن تنص على «التزامات بموجب قانون حق الحصول على المعلومة تنطبق على جميع الهيئات العامة (التشريعية، والتنفيذية، والقضائية) على المستويَين الوطني والمحلي، بما في ذلك هيئات الدفاع والأمن، وكذلك الهيئات الخاصة التي تتلقى تمويلات عامة».

وتشير المادة إلى بعض «دوائر الدولة والقطاع العام والأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية» وتستثني، أو لا تذكر، بعض الهيئات العامة مثل البرلمان ورئاسة الوزراء والسلطة القضائية.

وتتعلق التوصية الثانية بـ«المادة 3» المتعلقة بدائرة المعلومات، وترى أنه «يجب إعطاء دائرة المعلومات الصلاحيات الكاملة لتكون الجهة الرقابية المسؤولة عن حسن إنفاذ القانون، مع تمتعها بضمانات الاستقلالية وتوفير الموارد البشرية والمالية التي تمكّنها من القيام بدورها بفعالية».

وتتحدث التوصية الثالثة عمّن يحق له الحصول على المعلومة كما وردت في «المادة 4»، وتوصي بـ«تعديل هذه المادة لتكريس حق الحصول على المعلومة لكل شخص طبيعي أو معنوي، سواء أكان عراقياً أم أجنبياً؛ لضمان شمولية وفاعلية القانون».

وتعطي المادة المشار إليها للعراقي وللأجنبي المقيم فقط و(لمصلحة مشروعة) حق الحصول على المعلومة.

وشدّدت التوصيات على نظام الاستثناءات المتعلق بحجب المعلومات، وطالبت بمراجعة تلك الاستثناءات «بحيث تُستثنى فقط المعلومات التي يمثل الكشف عنها ضرراً بمصلحة مشروعة، ويجب أن يكون الضرر المحتمل من الكشف أكبر من الضرر الناجم عن التعتيم عليها».

ولم تغفل التوصيات ضمان الطعن على قرارات رفض الحصول على المعلومة الواردة في «المادة 14»، ورأت أنه «يجب ضمان هذا الحق على 3 درجات: أولاً داخلياً ضمن كل هيكل. وثانياً أمام هيئة أو دائرة مستقلة. وثالثاً أمام هيئة قضائية؛ لضمان الحماية الكاملة لحق الوصول إلى المعلومات».


مقالات ذات صلة

السوداني: الحكومة العراقية تتعرض للتشويش والعرقلة

المشرق العربي السوداني اتهم جهات سياسية بعرقلة عمل الحكومة العراقية (إعلام حكومي)

السوداني: الحكومة العراقية تتعرض للتشويش والعرقلة

في أول ردّ ضمني على التهم الموجهة ضد عدد من موظفي مكتبه، قال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إن حكومته تتعرض لمحاولات «تشويش وعرقلة».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي جنود من الجيش الأميركي يقفون خارج مركبتهم المدرعة جنوب الموصل (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي: مقتل 4 من قادة «داعش» في غارة بالعراق

أعلنت القيادة الوسطى الأميركية «سنتكوم»، أمس (الجمعة)، أن أربعة من قادة تنظيم «داعش» قُتلوا في عملية عسكرية أميركية عراقية مشتركة في غرب العراق الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس الإيراني يرتدي في مدينة البصرة العراقية عباءة عربية (أ.ف.ب)

بزشكيان يدعو من البصرة إلى «الاتحاد» في غرب آسيا

في آخر أيام زيارته للعراق، دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى «الاتحاد» بين دول غرب آسيا لتأمين مصالحها كما فعل الاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي صورة نشرها الجيش العراقي لرتل خلال مطاردة خلايا «داعش» في الأنبار

بغداد تكشف هوية 6 قادة لـ«داعش» قتلوا في الأنبار

كشف جهاز المخابرات العراقي وقيادة العمليات المشتركة، عن نتائج فحص الحمض النووي لقادة في تنظيم «داعش»، الذين قضوا في ضربة عراقية - أميركية في وادي الغدف.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي لقطة من مقطع فيديو يُظهر أنقاض مبنى في سكينية بشمال العراق تعرّض لغارة جوية عام 2021 (رويترز)

تركيا تعلن تحييد 19 عنصراً من حزب العمال الكردستاني شمال العراق

أعلنت وزارة الدفاع التركية، اليوم الجمعة، تحييد 19 عنصراً من تنظيم حزب العمال الكردستاني «بي كيه كيه» الانفصالي، في غارات جوية بشمال العراق.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

الجيش الإسرائيلي يعرض للصحافيين أنفاقاً في رفح

جنود إسرائيليون يعاينون مدخلاً تقول تل أبيب إنه لنفق عُثر فيه على جثث 6 رهائن في رفح الجمعة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يعاينون مدخلاً تقول تل أبيب إنه لنفق عُثر فيه على جثث 6 رهائن في رفح الجمعة (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعرض للصحافيين أنفاقاً في رفح

جنود إسرائيليون يعاينون مدخلاً تقول تل أبيب إنه لنفق عُثر فيه على جثث 6 رهائن في رفح الجمعة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يعاينون مدخلاً تقول تل أبيب إنه لنفق عُثر فيه على جثث 6 رهائن في رفح الجمعة (أ.ف.ب)

اصطحب الجيش الإسرائيلي صحافيين، الجمعة، إلى أنفاق اكتشفها جنوده في جنوب قطاع غزة، بما في ذلك مدخل الغرفة تحت الأرض التي تم العثور فيها على جثث 6 رهائن إسرائيليين في 1 سبتمبر (أيلول).

ولم يسمح الجيش للصحافيين بدخول النفق في منطقة تل السلطان برفح لأسباب أمنية. لكنه نشر لقطات تظهر ممراً ضيقاً وعديم التهوية، قال إنه يقع على عمق نحو 20 متراً تحت الأرض، حيث قال إن الرهائن كانوا محتجزين ربما لأسابيع.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، للصحافيين وهو يقف بجوار فتحة النفق التي تقع بينما يبدو أنه كان غرفة طفل في منزل مدمر: «هناك متاهة كاملة من الأنفاق هنا في تل السلطان».

عربة عسكرية إسرائيلية تسير على طريق تم «تزفيتها» في ممر فيلادلفيا الجمعة (د.ب.أ)

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو: «نحن بحاجة إلى أن نفعل كل ما في وسعنا بكل الوسائل لإعادتهم إلى ديارهم»، في إشارة إلى 101 رهينة تقول إسرائيل إنهم ما زالوا محتجزين لدى مسلحي «حركة المقاومة الإسلامية» الفلسطينية (حماس).

وقال الجيش الإسرائيلي إن الرهائن الستة قتلوا أثناء الليل في 29 أغسطس (آب) الماضي، وعثرت القوات الإسرائيلية على جثثهم بعد يومين تقريباً. وقال الجيش الإسرائيلي إن نفق تل السلطان هو جزء مما وصفه الجيش بأنه شبكة كبيرة، كشفت عنها القوات الإسرائيلية العاملة حول رفح، بالقرب من الحدود مع مصر. وقال الجيش هذا الأسبوع، إن القوات كشفت عن أنفاق بطول 13 كيلومتراً تحت الأرض خلال الأشهر القليلة الماضية. وبالإضافة إلى الفوهة المؤدية إلى النفق الذي قُتل فيه الرهائن، أظهر الجيش للصحافيين أيضاً نفقاً واسعاً كبيراً بما يكفي لمرور شاحنة، وكان يؤدي إلى مصر، لكنه كان مغلقاً من الجانب المصري.

جنود إسرائيليون يقفون عند مدخل نفق كبير في رفح الجمعة (د.ب.أ)

وعلى النقيض تماماً من حطام المباني في غزة، التي دمرت خلال أشهر من القتال بين القوات الإسرائيلية والمقاتلين الفلسطينيين، تم في الآونة الأخيرة رصف الطريق على طول ما يسمى ممر فيلادلفيا، في المنطقة المتاخمة لمصر.

وباستثناء الزيارات النادرة التي يرافقها الجيش، لم يُسمح لمنظمات الإعلام الأجنبية بدخول غزة منذ أن غزت إسرائيل القطاع بعد الهجوم الذي قادته «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة، وفقاً للإحصاءات الإسرائيلية.

ودمر الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي أعقب ذلك أجزاء كبيرة من غزة، وأجبر أغلب سكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على النزوح من منازلهم. ووفقاً لأرقام وزارة الصحة الفلسطينية، قُتل أكثر من 41 ألف شخص.

وكشرط لاصطحاب الصحافيين في زيارة الجمعة، طلب الجيش تقديم الصور للمراجعة من قبل الرقيب العسكري، لكن ذلك لم يمنع نشر أي منها.