الاهتمام الدولي بلبنان يتأرجح على وقع تطورات الجبهة الجنوبية

بوريل حمل «نصيحة» بتنفيذ القرار 1701

بوريل مجتمعاً برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (أ.ف.ب)
بوريل مجتمعاً برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (أ.ف.ب)
TT

الاهتمام الدولي بلبنان يتأرجح على وقع تطورات الجبهة الجنوبية

بوريل مجتمعاً برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (أ.ف.ب)
بوريل مجتمعاً برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (أ.ف.ب)

يتبدّل الاهتمام الدولي بلبنان بتبدّل التطورات العسكرية على الجبهة الجنوبية، وخطر اندلاع حرب موسعة بين «حزب الله» وإسرائيل أو تراجعها.

فبعد أسابيع طويلة من انكفاء الموفدين الدوليين، حلّ منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، ضيفاً في بيروت في زيارة خاطفة، حاملاً نصيحة للمسؤولين اللبنانيين تشدد على «ضرورة تنفيذ القرار 1701 لتجنّب التصعيد، وأخذ التهديدات الإسرائيلية على محمل الجدّ»، بينما قللت مصادر شاركت في جانب من لقاءات المسؤول الأوروبي من أهمية زيارته، ووصفتها بأنها «وداعية» عشية مغادرته منصبه.

وبخلاف ما يحكى عن رسالة أوروبية حملها بوريل ودعا إلى عدم تجاهلها، قالت مصادر مقربة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، إنه «لم يتلقَّ أي رسالة من بوريل، لكن خلال اللقاءات الوداعية التي أجراها الأخير مع القيادات اللبنانية، دعا إلى الالتزام بالقرار 1701 خياراً وحيداً لنزع فتيل الانفجار والتمهيد للحل السياسي».

لا زيارة قريبة لهوكستين

ونفت المصادر نفسها لـ«الشرق الأوسط» تلقي لبنان معلومات رسمية عن «زيارة قريبة لمبعوث الرئيس الأميركي أموس هوكستين إلى بيروت». ونقلت عن شخصية دبلوماسيّة مطلعة على أجواء واشنطن أن هوكستين «سيزور تل أبيب في مهمّة صعبة تتعلّق بوقف النار في غزّة، فإذا نجح بهذه المهمة فقد يعرّج على بيروت، لكن لا تفاؤل بإمكان الوصول إلى نتائج إيجابية».

ولم تُخفِ المصادر أن «الوفود الدولية باتت مقتنعة بأن ظروف الحلّ في لبنان غير ناضجة، أقله لجهة إقناع (حزب الله) بفصل جبهة غزّة عن لبنان».

غياب الموفدين الدوليين يملأه رئيس الحكومة باتصالات يجريها مع المسؤولين الدوليين. وأكدت المصادر المقربة من رئيس الحكومة، أن الأخير «كثّف في الأيام الأخيرة اتصالاته بدول القرار، ولقاءاته مع سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، لحضّهم على ممارسة الضغط الكافي على إسرائيل لوقف اعتداءاتها واستباحتها للسيادة اللبنانية ووضع حدّ للتدمير الممنهج»، مشيرة إلى أنه «دائماً ما يحذّر من خطر انزلاق الأمور نحو حرب واسعة تريدها إسرائيل بأي ثمن».

وتتباين الآراء حيال تكثيف زيارات المسؤولين الدوليين إلى لبنان حيناً، وتراجعها إلى حدّ الغياب التام أحياناً.

السفير شديد: فرص الحرب تقلصت

وعدّ سفير لبنان السابق في واشنطن، أنطوان شديد، أن «انخفاض خطر توسّع الحرب ما بين إسرائيل ولبنان، والكلام الصادر عن المرشد الأعلى في إيران (علي خامنئي) عن التراجع التكتيكي، وأمين عام حزب الله (حسن نصر الله) عن التهدئة والعودة إلى العمليات الروتينية، كل ذلك عكس ارتياحاً لدى الجهات الدولية وأملاً بتقلّص فرص الحرب».

ورأى شديد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «خطر الحرب لم ينتهِ ويبقى قائماً، لكن كلام المرشد والاتصالات الجارية بمسؤولين دوليين للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على لبنان، يعطيان انطباعاً عن اتفاق خفيّ تعمل الدول الكبرى على إنجازه من أجل احتواء التصعيد»، لكنه دعا في الوقت نفسه، إلى «البقاء على يقظة تامة، وأن نأخذ تهديدات القادة الإسرائيليين على محمل الجدّ».

ولا ينفكّ القادة الإسرائيليون، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، عن إطلاق التهديدات بشّن هجوم على لبنان، وتحويل الاهتمام من غزّة إلى الجبهة الشمالية.

ورأى السفير شديد أن «تهديدات قادة العدو يجب أن تؤخذ على محمل الجدّ، لكن حتى الآن نجح الأميركيون في الضغط على إسرائيل ومنعها من توسيع الحرب في الشمال، لما لذلك من تداعيات كبيرة على لبنان، وأيضاً على إسرائيل والمنطقة برمتها». وقال: «صحيح أن العمليات الإسرائيلية لا تزال على وتيرتها من الغارات والتدمير والاغتيالات، وآخرها اغتيال قيادي للحزب في البقاع الغربي، لكن يبدو أن (حزب الله) يعدّها ضمن قواعد الاشتباك ولا يغامر بالردّ عليها في العمق الإسرائيلي».

ومع أن الأمور لا تزال تحت السيطرة، لكن ثمة خشية من أن يستغلّ نتنياهو انصراف الاهتمام الأميركي إلى معركة الانتخابات الرئاسية، ويوسّع عملياته في لبنان، وربما أبعد من ذلك. وبرأي السفير شديد، فإن نتنياهو «قد يرفع وتيرة الضغط على (حزب الله)، لكن في الوقت نفسه يعرف أن الحرب مع لبنان لها حسابات مختلفة وأثمان كبيرة»، مؤكداً أن الأميركيين «لديهم رؤية لحلّ النزاع بين لبنان وإسرائيل، وهذا الحل بات بمتناول هوكستين، الذي ينتظر وقف الحرب لوضعه موضع التنفيذ، خصوصاً فيما يتعلّق بالترسيم البري بين البلدين».


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».