الراعي يصف شغور الرئاسة اللبنانية بـ«المتعمَّد»

حذّر من «تفكك الإدارة» و«استهداف مواقع مسيحية»

الراعي مُحاطاً بفعاليات شعبية ورجال دين خلال مناسبة دينية يوم الجمعة (البطريركية المارونية)
الراعي مُحاطاً بفعاليات شعبية ورجال دين خلال مناسبة دينية يوم الجمعة (البطريركية المارونية)
TT

الراعي يصف شغور الرئاسة اللبنانية بـ«المتعمَّد»

الراعي مُحاطاً بفعاليات شعبية ورجال دين خلال مناسبة دينية يوم الجمعة (البطريركية المارونية)
الراعي مُحاطاً بفعاليات شعبية ورجال دين خلال مناسبة دينية يوم الجمعة (البطريركية المارونية)

وصف البطريرك الماروني بشارة الراعي الشغور في موقع رئاسة الجمهورية المتواصل منذ 22 شهراً، بأنه «متعمَّد»، محذِّراً من «تفكك الإدارة، واستباحة القوانين والأعراف، وصولاً إلى استهداف مواقع ومراكز مسيحية».

ويعاني لبنان شغوراً في سُدَّة رئاسة الجمهورية منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، وفشل البرلمان 12 مرة في انتخاب رئيس، وتنشط، في المرحلة الحالية، عدة مبادرات، تقودها «الخماسية» التي تتمثل بمندوبين عن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، في حين تنشط مبادرات أخرى لـ«كتلة الاعتدال الوطني»، و«كتلة اللقاء الديمقراطي (الحزب التقدمي الاشتراكي)»، ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، فضلاً عن اتصالات دولية؛ في محاولة لكسر الجمود، والتوصل إلى حل يُنهي الأزمة.

دولة بلا رأس

وقال الراعي، في عظة الأحد: «إنّ اللبنانيين يعانون، اليوم، ثقل التربية والتعليم والصحة والاستشفاء والغذاء والمعيشة وفرص العمل وسواها، وهي من صميم مسؤولية الدولة الملتزمة برعاية أبنائها، لكنّها معدومة ما دامت الدولة بلا رأس وفاقدةً الجانب الأعلى من ميثاقيتها، الذي يستمر فارغاً منذ ما يقارب السنتين».

وأكد الراعي أن «هذا الفراغ الذي يبدو متعمَّداً يترك تداعيات سلبية كبيرة على المستوى الوطني؛ أولها عدم انتظام المؤسسات، وتفكك الإدارة، واستباحة القوانين والأعراف، وصولاً إلى استهداف مواقع ومراكز مسيحية، وخصوصاً مارونية في الدولة تمهيداً لقضمها، ما بات يهدد صيغة المشاركة والمناصفة في الحكم والإدارة».

وتابع الراعي: «الكل بانتظار المبادرات الخارجية، المشكورة، التي لا يجوز أن تختزل إرادة اللبنانيين عبر ممثليهم في مجلس النواب. فمن المؤسف والمعيب أن يبقى انتخاب الرئيس أسير رهانات على الخارج، أو على استحقاقات أو تطورات خارجية وهمية، وأن تبقى كُتل نيابية أسيرة رهاناتها الضيقة الخاطئة».

وشدَّد الراعي على أن التحرك الداخلي المطلوب «هو ضرورة لنجاح المساعي الخارجية؛ وأبرزها مساعي اللجنة الخماسية، التي استأنفت تحركها المتعلق بالاستحقاق الرئاسي، هذا الأسبوع، والذي نأمل له النجاح بتجاوب المجلس النيابي الذي يبقى المسؤول الأول والأخير عن إتمام هذا الاستحقاق، ووضع حدّ للحالة السياسية غير السليمة وغير المألوفة والشاذة في لبنان».

المصالح الصغيرة

وتتكرر المناشدات المحلية والدينية لإنهاء الشغور الرئاسي. وقال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، إلياس عودة: «في السياسة اللبنانية لم يعد للوقت قيمة، ولم يعد الإنسان محور الحياة، بل المصلحة، يسرقون أعمار اللبنانيين وأحلامهم، ويهدرون أموالهم، ويفكّكون إداراتهم، ويُضعفون مؤسساتهم، ويُعطلون الاستحقاقات لأسباب يعرفونها».

المطران إلياس عودة (الوكالة الوطنية)

وسأل عودة، في عظة الأحد: «ماذا يجني المعطلون من التعطيل؟ وماذا يفيد رهن الرئاسة بالمصالح الصغيرة، أو إدانة الآخرين والتعالي عليهم وتعييرهم بالانتماء أو العدد أو الانحراف؟ ألا يؤذي هذا البلد كله وناسه؟ هل هناك أجمل من التلاقي حول قضية نبيلة؟ وهل هناك أنبل من قضية الوطن ومصلحته؟».

مبادرة بري

وفي المقابل، يدفع «الإفتاء الجعفري» باتجاه تبنِّي مبادرة رئيس البرلمان، نبيه بري، القائمة على الحوار أو التشاور لمدة تقل عن أسبوع، تليها جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس، وهي مبادرة ترفضها المعارضة، وفي مقدمتها «القوات اللبنانية» الذي يطالب بعقد جلسات مفتوحة، عملاً بما ينصّ عليه الدستور.

المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان (الوكالة الوطنية)

وقال المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في بيان: «لا بد من الإنقاذ الوطني، وحماية البلد من تيار الفراغ الشامل، ولا قيام للبنان بلا تلاقٍ، خصوصاً التلاقي السياسي؛ لأنه حجر الأساس التاريخي للخروج من عُنق الأزمات السياسية، وقيمة لبنان الوطنية تنبع من المبادرات الداخلية لا الخارجية، والحل بأكبر مؤسسة دستورية تمثيلية للخروج بتسوية رئاسية إنقاذية». وأضاف: «المسؤولية الوطنية تفترض ملاقاة مبادرة الرئيس نبيه بري سريعاً؛ لمنع تسونامي الأزمات السياسية من ابتلاع البلد».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تلوح بـ«معركة قريبة» في لبنان و«حزب الله» يرفض تغيير «قواعد الاشتباك»

المشرق العربي مواطنون ينقلون أثاث منازلهم من بلدة الخيام بجنوب لبنان التي تتعرض لقصف إسرائيلي يومياً (د.ب.أ)

إسرائيل تلوح بـ«معركة قريبة» في لبنان و«حزب الله» يرفض تغيير «قواعد الاشتباك»

أوعز رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لـ«تغيير الوضع في الشمال» على أثر التبادل المتواصل لإطلاق النار والآخذ بالتصاعد.

«الشرق الأوسط» (لبنان)
المشرق العربي «مصرف لبنان المركزي»... (أرشيفية - رويترز)

لبنان يواجه حزمة استحقاقات مالية «داهمة»

يشهد لبنان زحمة استحقاقات مالية مهمة ومتزامنة خلال الشهر الحالي؛ تبدأ بشروع الحكومة في مناقشة مشروع قانون الموازنة للعام المقبل.

علي زين الدين
المشرق العربي دخان يتصاعد من بلدة مرجعيون في جنوب لبنان بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يشن ضربات على «حزب الله» في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح الأحد، أنه شن سلسلة من الغارات الجوية على أهداف لـ«حزب الله» في جنوب لبنان، مؤكداً أنه اعترض عدداً من المقذوفات التي أطلقت من لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)

مقتل 3 مسعفين وإصابة 2 بقصف إسرائيلي على جنوب لبنان

أعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة اللبنانية، السبت، مقتل 3 مسعفين في بلدة فرون.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي الدخان يتصاعد من بلدة كفركلا في جنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي (د.ب.أ)

ارتفاع وتيرة المواجهات في جبهة جنوب لبنان... وتل أبيب ترفض ربطها بهدنة غزة

ارتفعت وتيرة المواجهات في الجنوب بين إسرائيل و«حزب الله» في وقت كشف فيه وزير الخارجية اللبناني عن أن تل أبيب غير مهتمة بوقف النار في جبهة الجنوب

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«هدنة غزة»: تضارب بشأن مصير مقترح «الفرصة الأخيرة»

لافتة ملقاة على الأرض قرب نار أشعلها متظاهرون مناهضون للحكومة الإسرائيلية خلال احتجاجات طالبت بإطلاق سراح الرهائن (أ.ف.ب)
لافتة ملقاة على الأرض قرب نار أشعلها متظاهرون مناهضون للحكومة الإسرائيلية خلال احتجاجات طالبت بإطلاق سراح الرهائن (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: تضارب بشأن مصير مقترح «الفرصة الأخيرة»

لافتة ملقاة على الأرض قرب نار أشعلها متظاهرون مناهضون للحكومة الإسرائيلية خلال احتجاجات طالبت بإطلاق سراح الرهائن (أ.ف.ب)
لافتة ملقاة على الأرض قرب نار أشعلها متظاهرون مناهضون للحكومة الإسرائيلية خلال احتجاجات طالبت بإطلاق سراح الرهائن (أ.ف.ب)

تضارب جديد تشهده مفاوضات الهدنة في غزة بشأن مصير «المقترح الأميركي النهائي» لحل أزمة الحرب بالقطاع، التي تدخل شهرها الـ12، وسط حديث إعلامي أميركي عن «تأجيل لأجل غير مسمى»، مع مطالب جديدة ظهرت من طرفي الحرب، وتأكيد إسرائيلي رسمي بأن «الإعلان عن المقترح بات وشيكاً»، في مقابل تشاؤم بشأن الاتفاق حوله.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يعتقدون أن «التضارب بشأن المقترح، الذي يعد فرصة أخيرة قبل الانتخابات الأميركية، مردّه تخبط واشنطن نتيجة تعنت رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، في قبول حلول لخروج الاتفاق إلى النور»، مؤكدين أنه دون ضغوط حقيقية أميركية عليه فـ«لا صفقة قريبة»، واحتمال اندلاع تصعيد جديد بالمنطقة.

ووفق صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، فإن مساعي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي استمرت لأشهر من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن بين إسرائيل و«حماس»، «تعرقلت مرة أخرى في الأيام الأخيرة، ما أدخل الاتفاق في حالة من الجمود»، إذ يقول مسؤولون أميركيون: «إنهم أجّلوا، إلى أجل غير مسمى، خطتهم لتقديم اقتراح للجانبين».

الصحيفة أوضحت، السبت، أن «العقبة الأخيرة، المتعلقة بتقديم (حماس) المفاجئ لمطلب جديد يتعلق (بزيادة عدد) السجناء الذين ستفرج عنهم إسرائيل»، في حين يستمر تمسك إسرائيل بالبقاء في محور فيلادلفيا بصفته عقبة رئيسية ترفضها مصر وكذلك «حماس».

كما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن مسؤولين أميركيين، لم تسمهم، أن «حماس» أضافت في الأيام الأخيرة مطالب جديدة تتعلق بالإفراج عن الرهائن، وطالبت بمضاعفة عدد السجناء الفلسطينيين الذين سيجري إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من الاتفاق، ووفق الصحيفة، يأمل المسؤولون أن تتمكن قطر من إقناع «حماس» بالتخلي عن تلك المطالب، وتقليص طلبها.

شاب فلسطيني يسير بين أنقاض مبنى تعرض لقصف إسرائيلي في حي الشيخ رضوان بغزة (أ.ف.ب)

وفي المقابل، كشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، مساء السبت، عن «أجواء تشاؤم بشأن إمكانية التوصل إلى صفقة»، غير أنها قالت «لكن المقترح سيقدم على أي حال»، وأوضحت أن الصفقة التي تجري صياغتها قد تعرض الأحد أو خلال الأيام القليلة المقبلة، وتتضمن كل النقاط الخلافية، وعلى رأسها محور فيلادلفيا.

بينما قال مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، في تصريحات، السبت: «إن بلاده تعمل على مقترح لوقف إطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل أن يتم ذلك في الأيام المقبلة»، مؤكداً «مواصلة العمل بأقصى ما يمكن مع الوسطاء».

وفي محاولة لإحداث حلحلة بملف المفاوضات، كشفت وسائل إعلام أميركية نهاية الشهر الماضي اعتزام واشنطن تقديم «صيغة نهائية»، تشمل اقتراحات عينية لجسر الهوة بين الطرفين في كل القضايا، لافتة إلى أن هذا المقترح سيكون على طريقة «خذه أو اتركه»، لكي يضع الطرفين في موقف جاد.

ووفق مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق، السفير علي الحفني، فإن «ذلك التضارب مردّه عراقيل نتنياهو المتكررة التي جعلت المفاوضات على المحك»، مضيفاً: «إننا سمعنا من واشنطن أن المفاوضات أوشكت على الاتفاق، ثم حسمت بنسبة 90 بالمائة، ثم ستعلن الجمعة مقترحاً جديداً، ثم تدرس مقترحاً ثالثاً، وهذا كله نتاج عدم تقبل نتنياهو أي حلول».

ويحذر الحفني من «تداعيات تقسيم الأدوار بين واشنطن وإسرائيل»، مؤكداً أن الأزمة الكبرى هي وقف حرب «الإبادة» في غزة، التي توسعت في الضفة، وإن حدث ذلك «سنرى حلولاً حقيقية تتم على أرض الواقع دون تضارب».

ويرى نائب رئيس «المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية»، مختار غباشي، أن «هذا التضارب محاولة أميركية إسرائيلية لممارسة ضغوط إعلامية على (حماس) لترضي إسرائيل، لكن بالنهاية فإن المفاوضات ستفشل بسبب تعنت نتنياهو».

ويضيف غباشي سبباً ثانياً، أن «واشنطن تمهّد حال جمود المفاوضات بأنها بذلت مجهوداً، وهناك أطراف تعرقل جهودها، وهذا غير صحيح، لأنه لو كانت هناك ضغوط حقيقية على نتنياهو لذهبنا لاتفاق مبكر».

وبينما يعلو الحديث عن «تعثر محتمل»، يتصاعد بالمقابل أصوات المظاهرات في إسرائيل المطالبة بهدنة قريبة، وإطلاق سراح المحتجزين؛ حيث شهدت إسرائيل، مساء السبت، مظاهرات حاشدة، قال منظموها إنها «ضمت أكثر من نصف مليون شخص»، عادّين أنها «الأكبر في تاريخ البلاد»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، وسط توسع عسكري إسرائيلي في الضفة الغربية.

ووسط ترقب إسرائيلي لاجتماع مجلس الوزراء الأمني المصغر الأحد، لمناقشة اتفاق الرهائن، وفق «هيئة البث الإسرائيلية»، طرأ متغير جديد في ساحة المواجهات، مع كشف الجيش الإسرائيلي، عن حدوث هجوم عند معبر اللنبي قرب الحدود الأردنية، أودى بحياة 3 إسرائيليين، فضلاً عن منفذ العملية، وهذا هو أول هجوم من نوعه على الحدود مع الأردن منذ حرب غزة قبل 11 شهراً.

وعدّت «حماس»، في بيان الأحد، تلك العملية بأنها «رد طبيعي على المحرقة التي تنفذها إسرائيل بحق أبناء شعبنا في غزة والضفة الغربية المحتلة، ومخططاتها في التهجير وتهويد المسجد الأقصى»، في حين عدّها نتنياهو «يوماً صعباً».

وحذّر الحفني من عدم التوصل لهدنة قريبة، وانشغال واشنطن بالانتخابات، وتأجيل المفاوضات لما بعد انتهائها، مؤكداً أن «توسع الحرب وارد، وكذلك التصعيد بالمنطقة»، ويتفق معه غباشي في أهمية الذهاب لاتفاق لعدم توسع خطر المواجهات، خصوصاً مع توسيع إسرائيل عملياتها في الضفة الغربية.

 

عاجل فوز تبون بفترة رئاسية ثانية في الجزائر بحصوله على 94.65% من الأصوات