القضاء اللبناني يبقي رياض سلامة موقوفاً ويرحّل استجوابه إلى الاثنين

الحجار رفض طلب غادة عون التحقيق معه في ملفات مالية

رياض سلامة قبيل مغادرته مكتبه في «مصرف لبنان» يوم 31 يوليو 2023 بعد 30 عاماً من توليه المنصب (رويترز)
رياض سلامة قبيل مغادرته مكتبه في «مصرف لبنان» يوم 31 يوليو 2023 بعد 30 عاماً من توليه المنصب (رويترز)
TT

القضاء اللبناني يبقي رياض سلامة موقوفاً ويرحّل استجوابه إلى الاثنين

رياض سلامة قبيل مغادرته مكتبه في «مصرف لبنان» يوم 31 يوليو 2023 بعد 30 عاماً من توليه المنصب (رويترز)
رياض سلامة قبيل مغادرته مكتبه في «مصرف لبنان» يوم 31 يوليو 2023 بعد 30 عاماً من توليه المنصب (رويترز)

تسلّم قاضي التحقيق الأول في بيروت، بلال حلاوي، ملفّ حاكم «مصرف لبنان» السابق، رياض سلامة، وادعاء النيابة العامة المالية ضدّه بجرائم «اختلاس أموال عامة، وتبييض أموال، والإثراء غير المشروع»، وباشر درسه على الفور، وقرر استجوابه يوم الاثنين المقبل في هذا الملفّ، مع استمرار توقيفه على ذمة التحقيق.

وأكدت مصادر في «قصر العدل» لـ«الشرق الأوسط» أن «أحد وكلاء الدفاع عن سلامة قابل قاضي التحقيق وأُبلغ منه موعد الجلسة، حتى يتمكّن محامو الدفاع من حضور جلسة الاستجواب وتقديم المساعدة القانونية التي يحتاجها موكلهم»، لافتة إلى أن «استجواب سلامة في هذا الملفّ قد يستغرق أكثر من جلسة، وربما يستعين القضاء بخبراء ماليين لاستيضاح بعض الأمور الواردة في تقرير هيئة التحقيق الخاصة، الذي كان السبب المباشر لتوقيف الحاكم السابق».

مسار طويل

ورغم الادعاء على سلامة وإحالته إلى قاضي التحقيق، فإن النائب العام التمييزي، القاضي جمال الحجار، يستمرّ في عقد جلسات التحقيق في الملفات المالية، سواء في «مصرف لبنان» وبعض المصارف التجارية. وأفاد مصدر قضائي بأن «توقيف سلامة ليس نهاية المطاف في القضايا المالية؛ بل هو محطة في مسار طويل». وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «كلما وضع الحجار يده على أدلة جديدة واختلاسات طالت أموال البنك المركزي أو أموال المودعين، فسيسارع إلى توقيف المتورطين، فإما يلحقهم بملفّ سلامة إذا كان هناك تلازم، وإما يؤسس ملفاً مستقلاً ويتخذ بشأنه الإجراءات المناسبة».

وقبل بدء التحقيق الاستنطاقي، سارعت رئيسة «هيئة القضايا» في وزارة العدل، القاضية هيلانة إسكندر، بصفتها ممثلة للدولة اللبنانية، إلى الادعاء على سلامة أمام قاضي التحقيق الأول بلال حلاوي، وأسندت إليه الجرائم نفسها التي وردت في ادعاء النيابة العامة المالية. ورجّح مصدر في وزارة العدل أن تحضر القاضية هيلانة إسكندر جلسات استجواب الحاكم السابق أمام القاضي حلاوي، مشدداً على أن «مواكبة القاضية إسكندر الجلسات أمر مهم للغاية، خصوصاً أنها حضرت سائر جلسات الاستجواب التي خضع لها سلامة في الملفّ القضائي السابق، سواء أمام قاضي التحقيق شربل أبو سمرا (أحيل إلى التقاعد) وأمام الوفود القضائية الأوروبية، ولديها إحاطة كاملة بالشبهات التي يلاحق سلامة على أساسها».

طلب القاضية غادة عون

من جهتها، حددت المدعية العامة في جبل لبنان، القاضية غادة عون، يوم الأربعاء المقبل، موعداً لاستجواب سلامة في 3 ملفات مالية عالقة أمامها، رغم أن تعميم النائب العام التمييزي القاضي بكفّ يد القاضية، المقربة من الرئيس السابق ميشال عون، عن النظر في الملفات المالية والمصرفية، لا يزال ساري المفعول.

وحضرت القاضية عون شخصياً إلى دائرة النيابة العامة التمييزية وأودعت كتاباً موجهاً من قبلها إلى القاضي الحجار، طلبت بموجبه تمكينها من التحقيق مع الحاكم السابق. وقالت في نصّ الكتاب: «كان قد تم توقيف رياض سلامة من قبلكم، وهناك ملفات مفتوحة أمامنا قد يكون للمدعى عليه علاقة بها، مما يستدعي استجوابه بها».

وكشفت عون أن سلامة «ملاحق في دعوى مقامة ضد عدد من المصارف هي: (بنك مصر) و(الموارد) و(عودة) و(إنتركونتيننتال) و(البنك اللبناني للتجارة)، بالاستناد إلى التحويلات الحاصلة من الحساب الاستشاري في (مصرف لبنان) إلى (مجهول) بواسطة هذه المصارف، وقد فتح التحقيق بهذا الملفّ في الثالث من حزيران (يونيو) 2024، المتفرع عن ملفّ شركة (أوبتيموم)». وأشارت إلى أن الملف الثاني «عائد إلى شركة (أوبتيموم) (للوساطة المالية التي كانت تعمل داخل مصرف لبنان)، الذي تأسس في 12 أيلول (سبتمبر) 2023، وهناك ادعاء باختلاس 8 مليارات دولار من حسابات (مصرف لبنان). أما الملف الثالث، فمرتبط بالقروض الممنوحة من رياض سلامة إلى بعض المصارف، والبالغة قيمتها حوالي 8 ملايين دولار في أوج الأزمة المالية».

وخلصت المدعية العامة في جبل لبنان إلى الطلب من القاضي الحجار «تكليف قسم المباحث الجنائية المركزية بإحضار سلامة إلى مكتبها في قصر العدل نهار الأربعاء في 11 أيلول الحالي، مع الاستعداد للانتقال إلى مكان توقيفه في السجن في حال وجود دواعٍ أمنية».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن القاضي الحجار «سارع إلى رفض طلب القاضية عون، وذلك انسجاماً مع القرار الذي اتخذه سابقاً بكفّ يدها عن الملفات المهمة؛ بما فيها ملفات المصارف».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي متظاهران أمام قصر العدل في بيروت يطالبان بمحاسبة سلامة (رويترز)

لبنان يترقب «التقدير» الدولي لانخراط قضائه في مكافحة الجرائم المالية

هيئة التحقيق الخاصة تستجيب، من دون أي تحفظ، لكل الاستعلامات القضائية، بما يشمل الطلبات ذات الصلة بملفات الحاكم السابق أو أي مسؤول مالي ومصرفي، حالي أو سابق.

علي زين الدين (بيروت)
محتجون يحملون لافتات خلال احتجاج لدعم اعتقال حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة خارج قصر العدل في بيروت (إ.ب.أ)

لبنان: وزارة العدل تتهم رياض سلامة بارتكاب جرائم مالية

اتهمت وزارة العدل اللبنانية، اليوم (الخميس)، حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة، بارتكاب جرائم مالية، حسبما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي خلال تشييع الشابين حسين وعلي مهدي اللذين قُتلا في قصف إسرائيلي في الناقورة يوم الاثنين (أ.ف.ب)

لبنان يتحدث عن «جهوزية أميركية» لإنهاء ملف الحدود مع إسرائيل بعد وقف النار

جدد لبنان موقفه الرافض للحرب والمتمسك بتطبيق القرار 1701، في حين أكد وزير الخارجية أن المبعوث الأميركي مستعد للمجيء إلى لبنان بعد وقف النار لإنهاء موضوع الحدود.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة خلال لقائه مع موظفي «المركزي» في اليوم الأخير من ولايته 31 يوليو 2023 (إ.ب.أ)

الإجراءات القضائية تتلاحق في ملفّ رياض سلامة والدولة اللبنانية تتجّه لمقاضاته

أحال النائب العام التمييزي حاكم مصرف لبنان السابق إلى النائب العام المالي الذي ادعى عليه بجرائم «اختلاس الأموال العامة والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال»

يوسف دياب (بيروت)

«الإطار التنسيقي» يحذر من «الانهيار» بعد «سرقة القرن» و«التنصت»

«الإطار التنسيقي» حذر من «الانهيار» بعد أزمتَي «سرقة القرن» و«التنصت» (إكس)
«الإطار التنسيقي» حذر من «الانهيار» بعد أزمتَي «سرقة القرن» و«التنصت» (إكس)
TT

«الإطار التنسيقي» يحذر من «الانهيار» بعد «سرقة القرن» و«التنصت»

«الإطار التنسيقي» حذر من «الانهيار» بعد أزمتَي «سرقة القرن» و«التنصت» (إكس)
«الإطار التنسيقي» حذر من «الانهيار» بعد أزمتَي «سرقة القرن» و«التنصت» (إكس)

تسعى قوى «الإطار التنسيقي» إلى تلافي ارتدادات محتملة على النظام السياسي يمكن أن تحدثها ثلاث قضايا كبرى تفجرت خلال الأيام والأسابيع والسنوات الماضية، في ملف «سرقة القرن»، وشبكة «التنصت»، وأخيراً الاتهامات الخطيرة التي وجّهها رئيس هيئة النزاهة، إلى القضاء العراقي.

وبعد ساعات من تصريحات مثيرة لرئيس هيئة النزاهة، حيدر حنون، عقد تحالف «الإطار التنسيقي» اجتماعاً بهدف تطويق الأزمات، ودعم مسار التحقيقات القضائية.

وفتح القاضي حيدر حنون، الأربعاء، النار على الجميع وأطلق سيلاً من المعلومات بخصوص السرقة والتحقيقات فيها. وقال إن «المتهم بسرقة الأمانات الضريبية، نور زهير، زوّر 114 صكاً مالياً، وعليه أن يعاقب بـ114 حكماً».

قادة «الإطار التنسيقي» خلال اجتماع في بغداد 4 سبتمبر 2024 (إكس)

«انهيار النظام»

وأكد مصدر رفيع من قوى «الإطار التنسيقي»، أن «ثمة خشية حقيقية من أن تؤدي الفضائح إلى انهيار النظام».

وقال المصدر، المطلع على كواليس اجتماع «الإطار»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «النظام السياسي العراقي يرتكز على ثلاث سلطات: التنفيذ والتشريع والقضاء، ولما نال التصدع من السلطتين التشريعية والتنفيذية، فإن القضاء سيكون آخر قلاعه، وحين يتصدع لن يبقى هناك نظام».

ويضيف أن «الاتهامات الأميركية السابقة للقضاء كانت ذات بُعد دولي، واتهامات رئيس النزاهة له ربما ستكرس بعداً محلياً، وسيكون لهذين البعدين ضرر بالغ على مجمل النظام السياسي، ومن هنا تأتي مخاوف قادة في (الإطار التنسيقي)».

وأوضح المصدر أن الاجتماع الذي عقده «الإطار التنسيقي»، مساء الأربعاء، بحضور رئيس الوزراء محمد السوداني، كان يهدف أساساً إلى مساءلته عن «أسباب ما يحدث وطبيعة المعالجات التي يمكن أن تقدمها الحكومة لتجاوز تداعيات القضايا الثلاث الكبرى».

«الإطار التنسيقي» عقد اجتماعاً في بغداد بحضور السوداني لبحث «سرقة القرن» (إكس)

خروقات في مكتب السوداني

وأصدر «الإطار التنسيقي» بياناً عقب الاجتماع، ذكر فيه أنه ناقش ما يتم تداوله من خروق بعض موظفي مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في إشارة إلى قضية «التنصت» التي تفجرت مؤخراً.

وأشار البيان إلى أن الاجتماع استمع إلى ملخص من السوداني حول ما يتم تداوله من خروقات من بعض موظفي مكتبه. ونقل عن السوداني تأكيده أهمية «محاسبة كل من يثبت تقصيره»، وعبر عن دعمه للقضاء في تحقيقاته وإجراءاته.

وجددت قوى «الإطار» دعمها لـ«الجهود التي تقوم بها السلطة القضائية في هذا السياق»، وكذلك مساندتها لـ«جهود الحكومة المبذولة لتنفيذ برنامجها لخدمة المواطنين وتنفيذ المشاريع التي تنهض بالواقع العراقي».

المالكي يدافع عن القضاء

وفي هذا الاتجاه، دافع رئيس ائتلاف «دولة القانون»، نوري المالكي، بشدة عن القضاء بعد يوم واحد من اتهامات رئيس هيئة النزاهة للقضاء. وبدا مستاءً من اتهامات رئيس هيئة النزاهة للقضاء، وإن لم يذكر اسمه بالتحديد خلال كلمته.

وكانت أنباء قد رشحت عن كواليس «دولة القانون» أن المالكي كان من بين الشخصيات المستهدفة في عملية «التنصت»، ما أثار امتعاضه.

وقال المالكي خلال كلمته، إن «العملية السياسية التي نعيش فصولها هي نتاج جهاد وعطاء، وتأسست على الديمقراطية والفصل بين السلطات من أجل إدامة المشروع السياسي».

وأضاف: «لقد حذرنا مراراً من حصول أيّ سوء تفاهم بين السلطات، ومن الأهمية التفاهم فيما بينها من أجل استقرار العملية السياسية. لا يمكن لأي سلطة من السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية أن تكون معزولة عن بعضها».

وتابع المالكي أن «القضاء له كل الاحترام، وهو السلطة التي نعود إليها في كل أزمة من الأزمات وثقتنا كاملة به. نأمل أن تستمر ثقتنا الكاملة بالقضاء وبجهوده في ضبط الأمور التي تحتاج إلى قرار قضائي يفصل بين القضايا».

ورأى أن «التجاوز على صلاحيات القضاء أو السلطة التنفيذية أو التشريعية ‏يمثل بداية خطيرة لتداعيات أخطر من تداعيات العمليات الإرهابية التي تستهدف ‏النظام».

ودعا المالكي الجميع إلى «احترام القضاء، وما يقوله هو الحكم الفصل في جميع القضايا».

«محاكمة القرن»

من جهته، دعا زعيم «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، إلى «محاكمة القرن» لمقاضاة «سرقة القرن». وقال في كلمة مسجلة: «لتكن هذه المحاكمة علنية، كما فعلنا مع صدام حسين، حتى لو وردت فيها أسماء شخصيات كبيرة».

وبات المتهم بـ«سرقة القرن»، نور زهير، مطارداً بمذكرة قبض أصدرتها محكمة الفساد العراقية، بعدما ألغت الكفالة المشروطة التي مُنحت له لاسترداد صكوك الأمانات الضريبية.

وقالت السلطات إنها تعتزم تفعيل «الإشارة الحمراء» لدى «الشرطة الدولية (الإنتربول)» للقبض على المتهم الرئيسي بـ«سرقة القرن» نور زهير.

والأسبوع الماضي، أكدت «(هيئة النزاهة) المضي بإجراءات حجز أموال المتهم نور زهير في داخل العراق وخارجه».