مواجهات «مستقرة» بخسائر محدودة بين «حزب الله» وإسرائيل

إصابة «حلاق الكتيبة الإسبانية» برصاص إسرائيلي

عناصر من الأمن والدفاع المدني يعاينون سيارة استُهدفت الاثنين بغارة إسرائيلية على الطريق المؤدية إلى بلدة الناقورة أدت إلى مقتل اثنين أحدهما متعاقد مع الـ«يونيفيل»... (إ.ب.أ)
عناصر من الأمن والدفاع المدني يعاينون سيارة استُهدفت الاثنين بغارة إسرائيلية على الطريق المؤدية إلى بلدة الناقورة أدت إلى مقتل اثنين أحدهما متعاقد مع الـ«يونيفيل»... (إ.ب.أ)
TT

مواجهات «مستقرة» بخسائر محدودة بين «حزب الله» وإسرائيل

عناصر من الأمن والدفاع المدني يعاينون سيارة استُهدفت الاثنين بغارة إسرائيلية على الطريق المؤدية إلى بلدة الناقورة أدت إلى مقتل اثنين أحدهما متعاقد مع الـ«يونيفيل»... (إ.ب.أ)
عناصر من الأمن والدفاع المدني يعاينون سيارة استُهدفت الاثنين بغارة إسرائيلية على الطريق المؤدية إلى بلدة الناقورة أدت إلى مقتل اثنين أحدهما متعاقد مع الـ«يونيفيل»... (إ.ب.أ)

تسير المعركة على جبهة جنوب لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» بوتيرة «مستقرة» ترتكز على «استمرار المواجهات ضمن خسائر محدودة للطرفين» في انتظار ما ستنتهي إليه المفاوضات المرتبطة بغزة. وتسجَّل في هذا الإطار عمليات يومية متبادلة وسقوط جرحى في صفوف المدنيين بجنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي، مقابل تنفيذ «الحزب» عمليات يومية تستهدف بشكل أساسي مواقع عسكرية.

إصابة «حلاق الكتيبة الإسبانية» برصاص إسرائيلي

وبعدما كان قد قُتل مواطنان مدنيان، الاثنين، أحدهما يعمل في شركة متعاقدة مع قوات الـ«يونيفيل»، أُعلن الثلاثاء عن إصابة 6 مواطنين مدنيين في الساعات الأخيرة؛ بينهم «حلاق الكتيبة الإسبانية». وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بـ«تعرض المواطن (ن.م) من بلدة (إبل السقي)، وهو متعاقد مع الكتيبة الإسبانية في الـ(يونيفيل) حلاقاً، لإصابة في خاصرته جراء تعرضه لقنص من قبل العدو الإسرائيلي على طريق (آبل القمح) - محلة باب ثنية، بينما كان متوجهاً إلى عمله»، مشيرة إلى أن «ن.م» اعتاد أن ينتظر في تلك النقطة دورية من الكتيبة الإسبانية لاصطحابه إلى مركز عمله في مركز الـ«يونيفيل» قبالة مستعمرة المطلة، وقد نقل على الفور إلى المستشفى.

وأعلنت نائب مدير مكتب الـ«يونيفيل» الإعلامي، كانديس أرديل، في بيان، عن إصابة «أحد المتعاقدين بينما كان في طريقه لتقديم خدمات للكتيبة الإسبانية التابعة للـ(يونيفيل) بطلقات نارية بالقرب من سردا، وقام حفظة السلام بنقله إلى المستشفى».

ولفتت إلى أن «هذه الحادثة هي الثانية في يومين التي يتعرض فيها أحد المتعاقدين الذين يدعمون حفظة السلام التابعين للـ(يونيفيل) لهجوم»، مشيرة إلى «سقوط نيران، أمس (الاثنين)، في المنطقة نفسها، بالقرب من دورية إسبانية كانت تعبر المكان، مما تسبب في إصابة آلية بالحجارة المتطايرة».

وفي حين أشارت إلى «التكلفة البشرية الهائلة التي يتكبدها المدنيون في جنوب لبنان نتيجة هذه التبادلات لإطلاق النار، بمن فيهم أولئك الذين يدعمون الرجال والنساء العاملين من أجل السلام»، شددت على أنه «يجب أن تتوقف الهجمات التي تلحق الضرر بالمدنيين، ويجب أن تتوقف الهجمات التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على قدرة جنود حفظ السلام على أداء عملهم المهم بموجب القرار (1701)، ويجب أن تتوقف أعمال العنف التي يعاني منها جنوب لبنان وشمال إسرائيل منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول)» من العام الماضي.

كذلك، أعلنت وزارة الصحة عن إصابة مواطن في خاصرته على طريق «آبل القمح»، إضافة إلى الإعلان عن جريحين في غارة على بلدة مركبا، بعد ساعات من سقوط 3 جرحى في غارة على بلدة مركبا أيضاً.

وميدانياً كذلك، استهدف القصف الإسرائيلي بلدات جنوبية عدة، حيث نفذ الطيران الإسرائيلي غارات على بلدة عيتا الشعب وعلى مرتفعات جبل الريحان بصاروخين من نوع «جو - أرض»، وذلك بعدما كانت قد تعرضت بلدة الخيام لقصف مدفعي عنيف ليلاً، وطال القصف بلدتي زبقين وياطر والأودية المجاورة ومحيط بلدة طيرحرفا في قضاء صور.

يأتي هذا في وقت أعلن فيه «حزب الله»، في بيانات متفرقة، عن تنفيذه عملية استهدفت التجهيزات ‏التجسسية في موقعي الراهب والجرداح، وكذلك عن استهداف «المنظومات الفنية في موقع العاصي»، وموقع الرادار في مزارع شبعا، وقوة استخبارات عسكرية إسرائيلية في محيط موقع الراهب، إضافة إلى إعلانه انتشار جنود إسرائيليين في محيط موقع السماقة في تلال كفرشوبا.

العودة إلى التهدئة مع استمرار المواجهة

وفي ظل هذا الواقع، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الأميركية، عماد سلامة، أنه يمكن وصف الوضع القائم في الجنوب اللبناني بعد رد «حزب الله» على عملية اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، وإطلاقه مئات الصواريخ باتجاه الداخل الإسرائيلي في 25 أغسطس (آب) الماضي، بـ«حالة من المراوغة والعودة إلى واقع التهدئة مع استمرار المواجهة». ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «طرفا النزاع يدركان أن التصعيد قد يكون باهظ الثمن لهما، وأن أي تغيير نحو اتفاق يرتبط بشكل كبير بنتائج صفقة وقف إطلاق النار في غزة، لذلك، يبدو أن الجانبين يسعيان للتعامل مع الواقع الحالي على الحدود، مع الحفاظ على مواجهات ضمن أقل الخسائر الممكنة». ويضيف: «هذه الاستراتيجية تعكس تراجعاً في نبرة التصعيد والتهديد، والانتقال إلى حالة من التريث والمراوغة ضمن أطر أكثر انضباطاً، انتظاراً لتوضيح الصورة النهائية للوضع في غزة».

من هنا، يرى سلامة أن المرحلة الحالية تعدّ مرحلة ترقب وانتظار؛ «ليس فقط لما قد تؤول إليه المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة حول غزة، ولكن أيضاً لما ستنتجه الانتخابات الأميركية من إدارة جديدة، وما قد تحمله من توجهات نحو التسوية في الشرق الأوسط؛ بما في ذلك الملف الإيراني».

«حزب الله»: المقاومة فرضت معادلة الردع مع العدو الصهيوني

ويرى «حزب الله»، على لسان النائب حسن عز الدين، أن «المقاومة فرضت معادلة الردع مع العدو الصهيوني»، مهاجماً في الوقت عينه معارضي «الحزب» في لبنان، حيث قال: «بعض شركاء الوطن الذين ينتقدون أداء المقاومة... هؤلاء يتنكرون لـ(وثيقة الوفاق الوطني)، وهم يبدون انزعاجهم إذا ما حققت المقاومة تفوقاً أو إنجازاً أو انتصاراً على العدو...». كما قال إن المقاومة ردت على «اغتيال الشهيد القائد فؤاد شكر. وما قالته المقاومة صدقت فيه، فكان ردها في العمق».


مقالات ذات صلة

اندفاعة عربية ودولية نحو دعم لبنان تدشّنها زيارة ماكرون

تحليل إخباري الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)

اندفاعة عربية ودولية نحو دعم لبنان تدشّنها زيارة ماكرون

يشكّل انتخاب الرئيس اللبناني جوزيف عون وتسمية الرئيس المكلّف نواف سلام لتأليف الحكومة الأولى للعهد الجديد، موضع اهتمام عربي ودولي غير مسبوق.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون (د.ب.أ)

عون: الجميع متساوون تحت راية العلم اللبناني

أكد الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون اليوم (الأربعاء) أن الهدف حاليا يتمثل في العمل على بناء الدولة واستعادة اللبنانيين في الخارج ثقتهم في بلدهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام (إ.ب.أ)

سلام «يستشير» النواب في شكل حكومته… وتفاؤل بـ«أداء جديد»

برزت دعوات الكتل النيابية اللبنانية إلى تشكيل «حكومة كفاءات» مع إطلاق الرئيس المكلف، نواف سلام، الاستشارات النيابية غير الملزمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي اللبناني جورج روكز كان ضحية عملية سرقة (إكس)

جريمة سطو مسلح تهزّ بيروت... والأجهزة الأمنية توقف الفاعل

تمكّنت الأجهزة الأمنية في لبنان، من توقيف «ع.ع»، بعد 4 ساعات على ارتكابه جريمة قتل اللبناني جورج روكز داخل معرض السيارات الخاص به في منطقة الضبية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق «لو جورنال» من «تلفزيون لبنان» بدءاً من 23 الحالي (الشرق الأوسط)

نشرة أخبار فرنسية على «تلفزيون لبنان» بعد غياب ربع قرن

ليست الأخبار المحلّية والإقليمية والدولية ما ستتضمّنه النشرة فحسب، وإنما ستفسح المجال «للثقافة وصوت الشباب وتطلّعاتهم ورؤيتهم للبنان سيّداً علمانياً».

فاطمة عبد الله (بيروت)

اندفاعة عربية ودولية نحو دعم لبنان تدشّنها زيارة ماكرون

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
TT

اندفاعة عربية ودولية نحو دعم لبنان تدشّنها زيارة ماكرون

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)

يشكّل انتخاب الرئيس اللبناني جوزيف عون وتسمية الرئيس المكلّف نواف سلام لتأليف الحكومة الأولى للعهد الجديد، موضع اهتمام عربي ودولي غير مسبوق، وهذا ما تترجمه الزيارات التي يبدأها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، الجمعة، لتهنئة الرئيس عون والرئيس المكلف.

وفي حين جال وزير خارجية إسبانيا والاتحاد الأوروبي خوسيه مانويل ألباريس على المسؤولين اللبنانيين، الأربعاء، بالتزامن مع لقاءات مماثلة لوزير خارجية الدنمارك لارس لوكه راسموسن، من المقرر أن يصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السبت إلى بيروت، ثم يبدأ مسؤولون عرب وأجانب في الوصول إلى العاصمة اللبنانية بدءاً من الأسبوع المقبل.

وعدّ سفير لبنان السابق في واشنطن أنطوان شديد، أن «لبنان مهمّ جداً للمنطقة والعالم، والتغييرات التي تحصل الآن في لبنان هي جزء من المتغيرات التي تحصل على مستوى المنطقة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاهتمام الدولي بلبنان لم يبدأ اليوم، بل تبلور خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وكان للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا الدور الأكبر في التوصل إلى قرار وقف إطلاق النار». وأشار السفير شديد إلى أن «الاستقرار في لبنان وانتظام العمل الدستوري مسألة مهمة جداً لإرساء الاستقرار في المنطقة، وتجلَّى ذلك بانتخاب رئيس الجمهورية وإطلاق عجلة تأليف الحكومة».

ضمانة عون وسلام

ويشكّل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف الآن، ضمانة إطلاق مسيرة الدولة وعدم عودة عقارب الساعة إلى الوراء، وذكّر السفير أنطوان شديد بأن «زيارة الرئيس الفرنسي هي فاتحة زيارات عدد من القادة الدوليين والعرب؛ للتعبير على الدعم المطلق للدولة اللبنانية برئيسها وحكومتها وجيشها ومؤسساتها الدستورية». وقال: «نحن أمام مرحلة من الدعم الدولي غير المسبوق للعهد وللدولة، والمهم أن يتلقف لبنان هذا الدعم بإيجابية، وأعتقد أن ما أعلنه الرئيس عون أمام الوفود التي زارته، عن هجمة عربية دولية تجاه لبنان لتقديم الدعم والمساعدة في عملية بناء الدولة يعبّر عن الحقيقة التي يعرفها الرئيس عون، عمّا ينتظر لبنان من الأشقاء والأصدقاء في المرحلة المقبلة».

من جهته، عدَّ الوزير السابق رشيد درباس أن «الاهتمام الدولي بلبنان، يؤشر بوضوح إلى أن لبنان خرج من حالة الاضطرابات والاختلال الأمني، ولم يعد منصّة للتخريب على أمن المنطقة». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «زيارة الرئيس الفرنسي وما يليها من توافد لقيادات عربية وعالمية إلى بيروت، يعطي انطباعاً بعودة الثقة إلى اللبنانيين بمجرد أن انتخبوا رئيساً للبلاد وشكَّلوا حكومة»، مشيراً إلى أن «هذا الانفتاح مقدمة لمساعدة لبنان على الاستثمار في عوامل الأمان والتنمية وتخفيف النزاعات وخروجه من العدمية والفوضى».

وقال: «إن مجيء الرئيس ماكرون أو غيره من الشخصيات العالمية، دليل على أنهم باتوا شركاء مع اللبنانيين في بناء الدول ومؤسساتها، ومنخرطين في عملية تعامي لبنان عن الأمراض التي كانت تسكنه».

ويقرأ البعض في هذه الزيارات تدخلاً في الشؤون اللبنانية، إلّا أن درباس رأى أن «بعض اللبنانيين وتحديداً الثنائي الشيعي لم يقرأوا المتغيرات في المنطقة ولا التقلبات في موازين القوى، بل أصروا على خطاب حماسي يعمي البصيرة»، لافتاً إلى أنه «عندما كان لدى هذا الفريق (الثنائي الشيعي) الحقّ بالشراكة القوية في تسمية رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، رفضوا كلّ العروض وأصروا على إضاعة الفرص، إلى أن فُرضت الخيارات عليهم من الخارج»، متمنياً «الانتهاء من مرحلة تضييع الفرص على البلد وانتهاك الدستور تحت حجّة الحفاظ على السيادة التي بذريعتها أصبحنا على عداء مع كل الأشقاء والأصدقاء، ومزاعم تحرير فلسطين ومقولة أن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت».

مقاطعة شيعية غير مطمئنة

وعكست مقاطعة كتلتي الثنائي الشيعي (أمل وحزب الله) الاستشارات أجواء سلبية عشية توافد المسؤولين الدوليين والعرب على لبنان، ورأى المحلل السياسي توفيق هندي أن «الخيار الذي ذهب إليه الثنائي الشيعي بمقاطعة الاستشارات غير الملزمة لا يطمئن ولا يلاقي إرادة اللبنانيين في الداخل وإرادة الأشقاء والأصدقاء في الخارج»، مبدياً أسفه كيف أن «هذا الفريق يعلن مقاطعته الاستشارات غير الملزمة، وبالوقت نفسه يؤكد على رغبته المشاركة في الحكومة»، مشدداً على أن «خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس جوزيف عون جاء على قدر آمال اللبنانيين، وشكَّل بارقة رجاء لدول العالم، ولاقاه بذلك كلام الرئيس المكلف نواف سلام من القصر الجمهوري عندما وضع الخطوط العريضة لمشروع بناء الدولة».