مخاوف يمنية من اتساع رقعة «الهزال الشديد» بين الأطفال

تقرير أممي: 540 ألف إصابة في مناطق خاضعة للحوثيين

ملايين الأطفال في اليمن يعانون سوء التغذية والحرمان من اللقاحات (رويترز)
ملايين الأطفال في اليمن يعانون سوء التغذية والحرمان من اللقاحات (رويترز)
TT

مخاوف يمنية من اتساع رقعة «الهزال الشديد» بين الأطفال

ملايين الأطفال في اليمن يعانون سوء التغذية والحرمان من اللقاحات (رويترز)
ملايين الأطفال في اليمن يعانون سوء التغذية والحرمان من اللقاحات (رويترز)

بالتوازي مع تحذيرات أطلقتها تقارير محلية وأخرى دولية عن ارتفاع كبير متوقع في حالات سوء التغذية في اليمن خلال الأشهر المقبلة، أبدت مصادر طبية يمنية مخاوفها من تصاعد تفشي «الهزال الشديد» في أوساط الأطفال دون سن الخامسة في المناطق الخاضعة للحوثيين، وذلك في ظل استمرار تدهور الأمن الغذائي وسوء الخدمات الصحية ونقص التمويل الإنساني.

وفي حين كشفت منظمة الصحة العالمية أن 540 ألف طفل يمني دون سن الخامسة يعانون من «الهزال الشديد»، أفاد عاملون في القطاع الصحي اليمني بظهور بلاغات تفيد بوجود مئات من حالات الإصابات الجديدة جرى تسجيلها في عدد من المحافظات تحت سيطرة الجماعة الانقلابية.

يمنية تحمل طفلتها المريضة بمستشفى «السبعين» في صنعاء (أ.ف.ب)

وأوضح العاملون الصحيون أن الصراع المستمر وفساد قادة الجماعة المسيطرين على القطاع الطبي وتفشي الأوبئة وانعدام الأمن الغذائي والفيضانات الناجمة عن تغير المناخ، ساعدت جميعها إلى درجة كبيرة في انتشار حالات الإصابة بـ«الهزال الشديد» وظهور أمراض أخرى.

في هذا السياق، أكدت منظمة الصحة العالمية أن اليمن يواجه ‏عبء المرض والصراع، حيث يحتاج 17.8 مليون شخص للمساعدات الصحية. وقالت المنظمة إن «540 ألف طفل يمني دون سن الخامسة يعانون من «الهزال الشديد»، مؤكدة أنه من الأهمية أن تواصل المنظمة عملها من أجل الإنسانية في ظل استمرار الصراع، وانهيار نظام الرعاية الصحية في اليمن.

ووفق الصحة العالمية، «تراوحت مستويات الهزال خلال الأعوام الأربعين الماضية بين 10 و15 في المائة، وتعد هذه المعدلات مرتفعة جداً»، لافتة إلى أن جهودها في اليمن ساعدت في إنقاذ حياة أكثر من 100 ألف طفل من خلال توفير العلاج لمرضى «الهزال الشديد» والأمراض المصاحبة له.

الأكثر تهديداً

من جانبها، ترى منظمة الطفولة الأممية «يونيسيف» أن الهزال يعد المرض الأكثر بروزاً وتهديداً للحياة من سوء التغذية، وهو ينجم عن الفشل في منع سوء التغذية بين الأطفال الأشد ضعفاً.

أكثر من 60 في المائة من النازحين اليمنيين يعانون سوء استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)

ووفقاً للمنظمة، يكون الأطفال المصابون بالهزال نحيفين بشدة، ويكون نظام المناعة لديهم ضعيفاً مما يجعلهم معرَّضين لتأخر النمو، والإصابة بالأمراض، والوفاة. كما يعاني بعض الأطفال المصابين بالهزال من وذمة غذائية تبرز من خلال انتفاخ الوجه والقدمين والأطراف.

ويأتي استمرار تفشي عدد من الأوبئة والأمراض في أوساط اليمنيين بمختلف مناطق سيطرة جماعة الحوثي، متزامناً مع توقُّع شبكة دولية بقاء اليمن في صدارة قائمة أكثر الدول احتياجاً للمساعدات الإنسانية في ظلّ انعدام الأمن الغذائي.

وأوضحت شبكة الإنذار المبكر للمجاعة أنّه من المتوقع أن يظلّ اليمن على رأس قائمة 31 دولة تغطّيها الشبكة، في معدّل عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة الغذائية الإنسانية بحلول فبراير (شباط) 2025.


مقالات ذات صلة

العليمي للمبعوث الأممي: الحوثيون ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في عدن المبعوث الأممي غروندبرغ (سبأ)

العليمي للمبعوث الأممي: الحوثيون ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام

وسط مساعي المبعوث الأممي لتحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية، أبلغه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بأن الحوثيين ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

وافق الحوثيون على قطر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد ضوء أخضر إيراني.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سيول جارفة أدت إلى وفاة عشرات اليمنيين في محافظة المحويت (إ.ب.أ)

تغيير الحوثيين التقويم المدرسي يهدد حياة طلبة المدارس

تهدد الأمطار الموسمية طلبة المدارس في اليمن؛ بسبب قيام الحوثيين بتغيير التقويم الدراسي إلى السنة الهجرية بدلاً عن الميلادية، بينما تسببت السيول في خسائر كبيرة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي جهاز الأمن والمخابرات الحوثي يسعى إلى توسيع رقابته على السكان (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يشدّدون أعمال الرقابة والتجسس على السكان

شدّدت الجماعة الحوثية قبضتها الأمنية لتوسيع نفوذها وسطوتها على سكان مناطق سيطرتها، حيث تتجه لإنشاء أنظمة استخبارية جديدة؛ مع تعزيز رقابتها على السكان

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية ناقلة النفط اليونانية (رويترز)

الحوثيون يوافقون على قطر الناقلة «سونيون»

قالت جماعة الحوثي إنها وافقت على قطر ناقلة النفط «سونيون» بعد تواصل عدة أطراف دولية مع الجماعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دعوات أميركية لتشريع قانون يُجرِّم الاختطاف في العراق

متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بذكرى احتجاجات مناهضة للحكومة في بغداد (أرشيفية - رويترز)
متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بذكرى احتجاجات مناهضة للحكومة في بغداد (أرشيفية - رويترز)
TT

دعوات أميركية لتشريع قانون يُجرِّم الاختطاف في العراق

متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بذكرى احتجاجات مناهضة للحكومة في بغداد (أرشيفية - رويترز)
متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بذكرى احتجاجات مناهضة للحكومة في بغداد (أرشيفية - رويترز)

دعت الولايات المتحدة الجهات المعنية في العراق إلى إجراء تعديلات تشريعية بشأن ضحايا الاختفاء القسري، بعد نحو 3 موجات من الخطف والتغيب تقدر لجان دولية ضحاياها بنحو مليون شخص.

وكتبت السفيرة إلينا رومانوسكي على صفحتها عبر منصة «إكس»، الجمعة، بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، فإن «السفارة الأميركية في بغداد تُكرِّم المتضررين من هذه الجرائم البشعة».

ودعت إلينا رومانوسكي إلى «إجراء تعديلات تشريعية حتى يشعر الناس بالأمان والكرامة في مجتمعاتهم دون خوف من الاختطاف»، على حد تعبيرها.

وتتعرض السفيرة إلينا رومانوسكي لانتقادات حادة من القوى الشيعية بدعوى «التدخل في الشأن العراقي»، لا سيما بعد تصريحاتها الأخيرة، حين عارضت تشريع تعديلات على قانون الأحوال الشخصية، المثير للجدل، الذي قد يسمح بزواج القاصرات في العراق.

القانون العراقي

وحاول البرلمان إقرار قانون تحت مسمى «حماية الأشخاص من الاختفاء القسري» منتصف عام 2019، وبعد القراءة الأولى توقفت إجراءات المضي بإقراره بسبب ممانعة أطراف سياسية.

وفي يوليو (تموز) 2023، أحالت الحكومة مشروع قانون «مكافحة التغييب القسري» إلى البرلمان لأجل إقراره، لكن هذا لم يحدث حتى اليوم.

وتقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن «العراق يضم أحد أكبر أعداد الأشخاص المفقودين في العالم»، إذ تقدّر «اللجنة الدولية للمفقودين أن عدد المفقودين العراقيين قد يتراوح بين 250 ألفاً ومليون شخص».

ويقول الخبير القانوني علي التميمي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «العراق لم يشرع حتى الآن قانون منع الاختفاء القسري، لكن في قانون العقوبات العراقي النافذ هناك مواد تعاقب على الجريمة بوصفها جريمة خطف تصل عقوبتها إلى الإعدام».

وأوضح التميمي، أن «الأمر اختلف بعد عام 2004، إذ أصبح الاختفاء يمكن أن يكون من قِبل مسلحين أو جهات غير حكومية تقوم بإخفاء الأشخاص ومساومتهم وأخذ أموال، وبالتالي أصبحت منظمة بشكل كبير».

وتقول لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري، إن حالات «التغيب والاختطاف تحدث على نطاق واسع في العراق، وقد تكون إلى حد بعيد جزءاً من عمل منهجي متواصل، منذ سنوات».

وكانت كارمن روزا فيلا كوينتانا، وهي رئيسة اللجنة، قد صرحت بأن «عدم وجود تعريف صريح للاختفاء القسري في التشريع القانوني العراقي بوصفه جريمة مستقلة أمر مقلق للغاية».

اختفى المئات من المتظاهرين الشباب بعد اندلاع حراك 2019 (رويترز)

موجات الخطف

وبعد عام 2003، سجلت اللجنة الدولية موجة اختفاء قسري شملت 200 ألف عراقي أسرهم الجيش الأميركي، منهم 96 ألفاً كانوا محتجزين في مرحلة ما بسجون تديرها الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة.

ومع سيطرة تنظيم «داعش» على مساحات شاسعة غرب العراق، وشماله، ظهرت موجة جديدة من الاختفاء القسري، التي رافقت عمليات القتل الجماعي لمدنيين، وأفراد من الجيش والشرطة، بين عامي 2014 و2017.

لكن الموجة التالية، كانت بعد تحرير الأراضي من سيطرة التنظيم، حين وجهت أصابع الاتهام للميليشيات الموالية لإيران بأنها «أخفت الآلاف من العرب السُّنّة، معظمهم من الرجال والفتيان».

وآخر موجة يمكن رصدها بوضوح من شدتها وعنفها، ما تقول اللجنة الدولية إنها رافقت الاحتجاج الشعبي الذي انطلق في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، حيث اختفى ناشطون ومدونون وصحافيون يعتقد أنهم من المعارضين الشيعة.

وحسب اللجنة، لا تزال مئات العائلات تبحث عن أحبائها «وتشتبه في أنهم بمخيمات في تركيا أو سوريا أو إيران، حيث ينعدم الاتصال بالعالم الخارجي».

وعلى مدار سنوات، كانت الأمم المتحدة تطلب من العراق إنشاء قاعدة بيانات لهؤلاء الضحايا، وتدوين أسمائهم لمساعدة ذويهم على تعقب مصيرهم، أحياء كانوا أو أموات.