لبنان: انتخاب اللجان البرلمانية محطة لتصفية الحسابات بين باسيل وخصومه

«تنظيف» التيار الوطني الحر من «الحرس القديم» بكاسحة ألغام عونية

مؤسس «التيار الوطني الحر» الرئيس السابق ميشال عون والرئيس الحالي للتيار النائب جبران باسيل (الوكالة المركزية)
مؤسس «التيار الوطني الحر» الرئيس السابق ميشال عون والرئيس الحالي للتيار النائب جبران باسيل (الوكالة المركزية)
TT

لبنان: انتخاب اللجان البرلمانية محطة لتصفية الحسابات بين باسيل وخصومه

مؤسس «التيار الوطني الحر» الرئيس السابق ميشال عون والرئيس الحالي للتيار النائب جبران باسيل (الوكالة المركزية)
مؤسس «التيار الوطني الحر» الرئيس السابق ميشال عون والرئيس الحالي للتيار النائب جبران باسيل (الوكالة المركزية)

يشكل انعقاد الجلسة النيابية مع بدء العقد العادي للبرلمان اللبناني في أول ثلاثاء بعد الخامس عشر من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، محطة سياسية لاختبار مدى استعداد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، للدخول في تصفية الحسابات مع النواب الذين أُخرجوا من التيار أو خرجوا منه، خصوصاً أنها مخصصة لانتخاب أعضاء اللجان النيابية وهيئة مكتب المجلس النيابي، باستثناء نائب رئيس المجلس إلياس بوصعب، الذي تنتهي ولايته بانتهاء ولاية الرئيس نبيه بري ومدتها 4 سنوات.

والمقصودون بتصفية الحسابات هم: رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، الذي اتهمه الرئيس ميشال عون بالتواطؤ مع جمعية المصارف على نحو منع إقرار قانون «الكابيتال كونترول» ورئيس لجنة الشباب والرياضة سيمون أبي رميا، وأمين سر هيئة مكتب المجلس ألان عون. فهل يتمكن باسيل من استبدالهم لصالح النواب المنتمين إلى التيار؟ أم أنه سيصطدم بمقاومة نيابية تبقيهم في مواقعهم بلا أي تعديل؟ وأين يقف بري؟ وكيف سيتعاطى مع إصرار باسيل على تغييرهم؟

صمت بري واحتمالات ثلاثة

ورغم أن رئيس مجلس النواب يلوذ بالصمت ويرفض الإجابة عن أي سؤال يشتمّ منه استدراجه لحرق المراحل قبل أوانها، فإن هناك ثلاثة احتمالات يمكن أن تتحكم بالمسار العام لجلسة الانتخاب الأولى في إبقاء القديم على قدمه بلا أي تعديل في توزيع اللجان النيابية المعمول بها حالياً، فيما الثاني يكمن في تطيير النصاب المطلوب لانعقاد الجلسة، ما يسمح بالتمديد للجان وأعضاء هيئة مكتب المجلس إلى حين انعقادها لاحقاً، خصوصاً أن هناك سابقة في هذا المجال، بينما الخيار الثالث يقضي بترك المنافسة النيابية تأخذ مجراها وليفز مَن يفوز في الجلسة.

لكن ترك الجلسة مفتوحة لانتخاب أعضاء اللجان من دون التوافق مسبقاً على تسوية تتعلق بتقاسم اللجان يبقى عالقاً على سؤال محوره: ماذا يريد الرئيس بري من باسيل؟ علماً بأن انتخاب أعضاء اللجان يعود للنواب المجتمعين في الجلسة، على أن يجتمع لاحقاً الأعضاء المنتخبون لانتخاب رؤسائها ومقرريها.

صعوبات تعترض باسيل

ويبدو أن باسيل، في حال قرر المضي باستبدال الثلاثي كنعان، أبي رميا، وعون، بنواب من التيار، سيواجه صعوبة في تصفية حساباته معهم انطلاقاً من أن علاقته بالكتل النيابية ليست على ما يرام، وكان انخرط في اشتباكات سياسية مع معظمها، بخلاف هذا الثلاثي «المغضوب عليه» بالمفهوم السياسي للكلمة، من مؤسس التيار ميشال عون، الذي لم يتردد في توفير الغطاء السياسي لصهره الذي كان وراء خروجهم أو إخراجهم من التيار، رغم أنهم كانوا قد أخذوا على عاتقهم عدم التعرّض له وتحييده عن صراعهم مع باسيل، واضطر كنعان للرد عليه من باب الدفاع عن اتهامه بالضلوع في منع إقرار قانون «الكابيتال كونترول».

فالثلاثي إياه، ومعهم بوصعب، ارتأى من باب الوفاء للرئيس عون ولدوره في تأسيس التيار، بأن معركتهم كانت وما زالت مع باسيل، رغم أنه، أي عون، استعان بما لديه من اتهامات أوردها في مضبطته دفاعاً عن صهره الذي يتهمه هؤلاء، كما تقول مصادرهم لـ«الشرق الأوسط» إنه استعان بكاسحة ألغام عونية أمّنها الرئيس المؤسس «لتنظيف» التيار من أبرز رموز «الحرس القديم» بما يسمح له بإعادة ترتيبه تحت عنوان الحفاظ على الإرث السياسي لعون.

كما أن الرباعي، بانضمام كنعان إلى زملائه النواب، ليس في وارد الدخول في سجال مع باسيل، على الأقل في المدى المنظور، تاركاً له الهواء الإعلامي ليفرّغ ما في جعبته من اتهامات، على أن يبادر إلى وضع الإطار العام لتحركه على قاعدة مباشرته في إعداد استراتيجية سياسية يحدد فيها رؤيته للحلول المطلوبة لإخراج لبنان من أزماته، ويبدي استعداده للانفتاح على الكتل النيابية سعياً للتوصل معها إلى قواسم مشتركة، بدءاً بمقاربته لانتخاب رئيس للجمهورية.

خطة الرباعي «المغضوب عليه»

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الرباعي يستعد للانطلاق في تحركه السياسي بزيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي، في مقره الصيفي في الديمان، الأسبوع المقبل، تليها لقاءات أخرى بعدد من المرجعيات السياسية والروحية، وصولاً إلى تشكيل كتلة نيابية وسطية، بخلاف التي كان باسيل يتحرك لأجلها، ولم يلق التجاوب المطلوب كونه، كما تقول مصادر الرباعي، لا يستقر على رأي ويتقلب في مواقفه بحسب الظروف، ولا يجد حرجاً في ذلك.

ويبدو أن باسيل يعد العدّة للقيام بتحرك مضاد، استبقه، كما تقول مصادر سياسية، بالتواصل، وإنما بالواسطة، مع عدد من السفراء العرب والأجانب، رغبةً منه بتنقية علاقاته بهم لعله يتمكن من فتح صفحة جديدة بخلاف تلك التي أدت إلى توتر العلاقة بعددٍ منهم.

موقف «الثنائي الشيعي»

لذلك يكتنف الغموض ما ستؤول إليه الجلسة، وقد يكون من السابق لأوانه التكهن بنتائجها ما لم يتبلور موقف «الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») الذي نأى بنفسه، حتى الساعة، عن التدخل سلباً أو إيجاباً في الخلاف بين باسيل والرباعي، وبعضهم خرج أو أُخرج بتهمة عدم التقيُّد بانتخاب الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية واستبداله بتأييدهم مرشح محور الممانعة النائب السابق سليمان فرنجية.

فهل يتدخل «الثنائي الشيعي» بتكليف بري لإنضاج تسوية بإعادة توزيع اللجان؟ أم أنه سيترك الكلمة الفصل للنواب مجتمعين الذين يبدو أنهم يميلون بأكثريتهم، أكانوا في المعارضة أم في الكتل الوسطية، لترجيح كفة الرباعي، على خلفية أنهم على تباين مع باسيل الذي يتمايز، بتشجيع من عمه، عن «حزب الله» في مساندته «حماس» لحسابات تتعلق بالمزاج العام في الشارع المسيحي الذي يغلب عليه الاعتراض على تفرُّد الحزب بقراره، وإن كان الأخير يتريث في قول كلمته آخذاً بعين الاعتبار حاجته إلى حليف مسيحي ذي وزنٍ سياسي؟


مقالات ذات صلة

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

المشرق العربي النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس لإقرار اقتراحات قوانين تكتسب صفة «تشريع الضرورة» أبرزها قانون التمديد مرّة ثانية لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

الجيش الإسرائيلي: قصفنا 25 هدفاً للمجلس التنفيذي ﻟ«حزب الله» خلال ساعة واحدة

قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين)، إن قواته الجوية نفذت خلال الساعة الماضية ضربات على ما يقرب من 25 هدفاً تابعاً للمجلس التنفيذي لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)
TT

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد، ودعم الاقتصاد، وإطلاق عملية سياسية شاملة برعاية الأمم المتحدة.

تصدَّرت هذه الجهود لقاء رئيس مجلس القيادة اليمني الدكتور رشاد العليمي، ونائبه عثمان مجلي، المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ، وسفير واشنطن لدى اليمن ستيفن فاجن، حيث أحاط ليندركينغ القيادة اليمنية بآخر الجهود الدبلوماسية المبذولة لخفض التصعيد، والتهيئة لإطلاق عملية سياسية شاملة تحت إشراف الأمم المتحدة.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

ووصف السفير الأميركي لدى اليمن، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، لقاءه والمبعوث الأميركي لليمن، رئيسَ مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه بـ«المثمر»، مشيراً إلى أنه تمحور حول الاقتصاد والحد من التصعيد الحوثي. وأضاف: «أجرينا حواراً مثمراً حول الجهود المهمة لدعم اقتصاد اليمن، والحد من التصعيد الحوثي، في الوقت الذي تواصل فيه الجماعة الإرهابية تعريض السلام والأمن الإقليميَّين للخطر».

إلى ذلك قالت السفارة الأميركية في اليمن، عبر حسابها على منصة «إكس»، إن اللقاء ناقش «ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، ومنع وصول الأسلحة الإيرانية إليهم، وتعزيز الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل دائم للصراع في اليمن».

من جانبه، تحدَّث السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، عن لقاء «مثمر» عقده مع المبعوث الأميركي لليمن، والسفير فاجن «ناقش مستجدات وتطورات الوضع في اليمن والبحر الأحمر، وجهودنا المشتركة في دعم الحكومة اليمنية والشعب اليمني الشقيق، في ظل الظروف الاقتصادية والإنسانية الراهنة، وسبل دعم جهود مبعوث الأمم المتحدة للحفاظ على التهدئة، والتوصُّل إلى حل سياسي شامل في اليمن».

السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر خلال استقبال المبعوث الأميركي إلى اليمن (الشرق الأوسط)

وأكد الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة اليمني، خلال لقائه ليندركينغ تمسُّك المجلس والحكومة بنهج السلام الشامل والعادل، بموجب المرجعيات المتفق عليها وطنيا، وإقليمياً، ودولياً، وعلى وجه الخصوص القرار 2216.

وقدَّم المبعوث الأميركي، لرئيس مجلس القيادة اليمني إحاطةً بشأن المتغيرات الإقليمية والدولية المحتملة على ضوء نتائج الانتخابات الأميركية، واتصالاته الأخيرة لخفض التصعيد، والخيارات المطروحة لدفع الميليشيات الحوثية الإرهابية على التعاطي الجاد مع المساعي الحميدة لإطلاق عملية سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة، بحسب وكالة «سبأ» الرسمية.

كما ناقش الجانبان العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وسبل تعزيزها في المجالات كافة، والدعم الأميركي المطلوب للاقتصاد اليمني، وتحسين الأوضاع المعيشية، والحد من التداعيات الإنسانية لهجمات الميليشيات الحوثية الإرهابية على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية.

وشدَّد العليمي على أهمية مضاعفة الجهود الدولية لتنفيذ قرار مجلس الأمن بشأن حظر تصدير الأسلحة الإيرانية إلى الميليشيات الحوثية الإرهابية.

د. رشاد العليمي يستقبل رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى اليمن (سبأ)

في السياق ذاته، بحث العليمي مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى اليمن، وسفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى اليمن، التحديات الاقتصادية والتمويلية الناجمة عن توقف تصدير النفط جراء الهجمات الإرهابية الحوثية على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتداعياتها الوخيمة على الأوضاع الإنسانية والمعيشية، والخدمية.

وناقش اللقاء كذلك مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية التي يقودها مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بدعم من الشركاء الإقليميين والدوليين، والتدخلات الأوروبية المطلوبة لدعم الاقتصاد اليمني، ومضاعفة التعهدات الإنسانية، والإنمائية في مختلف المجالات.