إسرائيل تنقل الحرب إلى الضفة

عملية عسكرية كبيرة في جنين وطولكرم... وعباس يعود إلى رام الله... وواشنطن تعاقب مستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينيين في محيم «نور شمس» قرب مدينة طولكرم بالضفة الأربعاء (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينيين في محيم «نور شمس» قرب مدينة طولكرم بالضفة الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تنقل الحرب إلى الضفة

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينيين في محيم «نور شمس» قرب مدينة طولكرم بالضفة الأربعاء (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينيين في محيم «نور شمس» قرب مدينة طولكرم بالضفة الأربعاء (أ.ف.ب)

وسّعت إسرائيل نطاق المواجهات مع الفلسطينيين، أمس، بعدما نقلت نيران حربها الممتدة في غزة إلى الضفة الغربية، واستخدمت أساليب شبيهة بممارساتها في القطاع، وأخصُّها التلويح بالإخلاء والتهجير، ومهاجمة منشآت طبية وحصارها.

وتحوّل شمال الضفة، أمس، إلى ساحة حرب طالت بالتزامن جنين وطولكرم وطوباس، في عملية عسكرية هي «الأضخم» منذ سنوات، وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قطع زيارته إلى السعودية، وعودته إلى رام الله لمتابعة الأوضاع. وزعم وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن «العملية جاءت لإفشال (مخطط طهران) إنشاء جبهة شرقية ضد إسرائيل في الضفة».

وبالمواكبة أكدت إسرائيل تنفيذ غارة بطائرة من دون طيار في سوريا، أمس، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص من بينهم، فراس قسام، الذي قال الجيش الإسرائيلي إنه أحد كبار نشطاء حركة «الجهاد» الفلسطينية، فضلاً عن عناصر من «حزب الله». من جهة أخرى أعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة على مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، وهو أمر وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنه بالغ الخطورة.


مقالات ذات صلة

برنامج الأغذية العالمي يعلق أنشطته بغزة بعد إصابة شاحنة مساعدات بنيران إسرائيلية

المشرق العربي طفل يحمل حزمة مساعدات إنسانية مقدمة من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

برنامج الأغذية العالمي يعلق أنشطته بغزة بعد إصابة شاحنة مساعدات بنيران إسرائيلية

أعلن برنامج الأغذية العالمي تعليق أنشطته مؤقتاً في أنحاء غزة، بعد إصابة مركبة بعشر رصاصات، على الأقل، خلال اقترابها من نقطة تفتيش عسكرية إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية الجيش الإسرائيلي يفشل في حماية قرية فلسطينية من هجوم دامٍ شنه مستوطنون (رويترز) play-circle 00:40

الجيش الإسرائيلي يقول إنه «فشل» في إحباط هجوم دامٍ لمستوطنين في الضفة الغربية

قال قائد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة اليوم الأربعاء إنه «فشل في حماية» قرية فلسطينية من هجوم دامٍ شنه مستوطنون في 15 أغسطس.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية الجيش الإسرائيلي يقول إنه انتشل جثة أحد جنوده من غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: انتشلنا جثة جندي اختُطف في 7 أكتوبر

قال الجيش الإسرائيلي اليوم (الأربعاء)، إنه انتشل جثة جندي كان قد اقتيد رهينة إلى غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (القدس)
تحليل إخباري فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: تحركات للوسطاء من أجل تقليص الفجوات

مساعٍ جديدة للوسطاء لإنهاء الحرب في غزة كان أحدثها اجتماعات بالدوحة تستهدف «تقليص الفجوات» في ظل عمليات عسكرية إسرائيلية تتصاعد من غزة للضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي قوة عسكرية إسرائيلية خلال عملية في مدينة جنين الأربعاء (إ.ب.أ) play-circle 00:38

إسرائيل تنقل حرب غزة إلى شمال الضفة

حوَّلت إسرائيل شمال الضفة الغربية إلى ساحة حرب حقيقية، بعد هجوم واسع بدأته فجر الأربعاء، في عملية هي الأضخم منذ عملية السور الواقي عام 2002.

كفاح زبون (رام الله)

إسرائيل تنقل حرب غزة إلى شمال الضفة

TT

إسرائيل تنقل حرب غزة إلى شمال الضفة

قوة عسكرية إسرائيلية خلال عملية في مدينة جنين الأربعاء (إ.ب.أ)
قوة عسكرية إسرائيلية خلال عملية في مدينة جنين الأربعاء (إ.ب.أ)

حوَّلت إسرائيل شمال الضفة الغربية إلى ساحة حرب حقيقية، بعد هجوم واسع بدأته فجر الأربعاء، شمل بالتزامن جنين وطولكرم وطوباس، في عملية هي الأضخم منذ عملية السور الواقي عام 2002، اضطرت الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى قطع زيارته للمملكة العربية السعودية.

وبينما حذَّرت الرئاسة الفلسطينية من أن الجميع سيدفع ثمن هذه الحرب الإسرائيلية المتصاعدة، تعهدت «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» بتوسيع المواجهة إلى وسط وجنوب الضفة.

وقتلت إسرائيل في قصف جوي واشتباكات مسلحة ومداهمات شارك فيها لواء «غفير»، ووحدة القوات الخاصة «دوفدفان»، ومهندسون قتاليون، وشرطة حرس الحدود، ومدرعات وجرافات تحت غطاء جوي، 11 فلسطينياً في الساعات الأولى من العملية، التي يفترض أن تستمر عدة أيام، وادّعت أنها تستهدف البنية التحتية للفصائل التي تتلقى تمويلاً من إيران.

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينيين في محيم «نور شمس» قرب مدينة طولكرم بالضفة الأربعاء (أ.ف.ب)

واشتبك مسلحون فلسطينيون مع الجيش الإسرائيلي في جنين ومخيمها وطولكرم ومخيماتها وفي طوباس. وأظهرت لقطات فيديو قوات إسرائيلية كبيرة تجتاح المناطق، فيما تندلع مواجهات مسلحة في الشوارع وبين المنازل، يستهدف فيها مقاتلون فلسطينيون آليات وجرافات بالعبوات الناسفة.

وأعلنت «كتائب القسام» و«سرايا القدس» و«كتائب الأقصى» أن مقاتليها يخوضون اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال في كل محاور التوغل، مما أدى إلى وقوع إصابات في صفوفه، بالإضافة إلى وقوع إصابات مؤكدة في الآليات.

وأكدت الفصائل المسلحة أنه إضافة إلى المواجهات المباشرة، استخدم مقاتلوها عبوات ناسفة في مواجهة الجيش المتوغل في كل المناطق.

وحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن القلق المحدد في جهاز الأمن هو من انتفاضة كاملة. أما السيناريو الذي يثير قلق جهاز الأمن فهو هجوم منظَّم من الكتائب الفلسطينية في شمال الضفة على المستوطنات أو المزارع الفردية غير المحمية، على غرار ما فعلته «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، بمشاركة أجهزة الأمن الفلسطينية.

والتقديرات في إسرائيل أن مثل هذا الهجوم قد ينطلق من طولكرم.

مسعف فلسطيني قرب عربة عسكرية إسرائيلية في جنين الأربعاء (رويترز)

واتهم مسؤولون أمنيون إسرائيليون إيران و«حماس» بالعمل على إشعال الأوضاع في الضفة لأنهما يعتقدان أنها الطريقة الأنجح في منع هجوم إسرائيلي على إيران ولبنان وتخفيف الضغط عن قطاع غزة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الليلة (الأربعاء)، أنه بدأ بالتعاون مع جهاز الأمن العام «الشاباك» حملة واسعة النطاق «لمكافحة الإرهاب» في جنين وطولكرم شمالي الضفة الغربية، تخللها اقتحام مخيمات اللاجئين بمرافقة طائرات مروحية وطائرات من دون طيار.

وأعلن ناطق باسم الجيش أنه قصف مسلحين من الجو وقتل آخرين في مواجهات، وأحبط عبوات ناسفة، وصادر أسلحة، وحاصر مستشفيات عدة بحثاً عن مطلوبين.

وقال مسؤولون أمنيون لوسائل إعلام إسرائيلية: «قررنا أن نفعل شيئاً يغيِّر الواقع في الضفة».

أطفال فلسطينيون في منزل تضرر بغارة إسرائيلية على مخيم «نور شمس» الأربعاء (أ.ف.ب)

وأكد المسؤولون أن محرك العملية الرئيسي هو محاولة التفجير الانتحارية الأسبوع الماضي في تل أبيب، وهي المحاولة التي أعادت تذكير الإسرائيليين بأسوأ هجمات شهدوها، وتسببت بقتل كثيرين منهم في الشوارع والأسواق والمواصلات العامة خلال الانتفاضة الثانية.

و«تغيير الواقع» الذي يتحدث عنه الإسرائيليون شمل لأول مرة محاولة إخلاء للسكان في مناطق «أ» التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

وقالت مصادر في الجيش الإسرائيلي إنه قد يجري إجلاء سكان عن بيوتهم بشكل منظم وفقاً لمناطق القتال المتوقَّعة. وأكدت مصادر فلسطينية لاحقاً أن الجيش طلب إخلاء سكان مخيم «نور شمس»، لكنَّ ناطقاً باسم الجيش أوضح أنه لم تصدر أي تعليمات لسكان المنطقة بالإخلاء، وإنما قرر الجيش أن يسمح للسكان الذين يرغبون في الابتعاد عن منطقة القتال بالخروج من المكان بشكل آمن.

وجاءت محاولة الجيش دفع السكان إلى الإخلاء الطوعي بعد تصريحات لوزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، طالب فيها الجيش بإخلاء مؤقت للسكان الفلسطينيين.

مرضى يغادرون مستشفى جنين خلال عملية عسكرية إسرائيلية الأربعاء (إ.ب.أ)

وقال كاتس إن القوات الإسرائيلية في جنين وطولكرم ومناطق أخرى تعمل على تفكيك شبكة مدعومة من إيران يتم بناؤها في الضفة الغربية.

وهدد وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، بتحويل طولكرم إلى غزة.

وبالإضافة إلى الهجمات المكثفة من الجو والأرض، دمَّرت إسرائيل بنى تحتية في مخيمات شمال الضفة، ودمرت خطوط مياه.

وأظهرت شوارع مخيم «نور شمس» في طولكرم كيف تم تجريفها مع البنى التحتية، في عملية تخريب شملت تدمير خط المياه الرئيسي، وتشبه طريقة عمل الجيش في قطاع غزة.

كما تم قطع الكهرباء عن أحياء واسعة في مخيم جنين.

وردَّت الرئاسة الفلسطينية قائلةً إن الجميع سيدفع ثمن هذا العدوان الإسرائيلي.

وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن الحرب الإسرائيلية المتصاعدة في الضفة الغربية على مدن وقرى ومخيمات جنين وطولكرم وطوباس وغيرها من المدن الفلسطينية، إلى جانب حرب الإبادة في قطاع غزة، ستؤدي إلى نتائج وخيمة وخطيرة سيدفع ثمنها الجميع.

وحمَّل أبو ردينة الحكومة الإسرائيلية مسؤولية التصعيد الخطير إلى جانب الإدارة الأميركية التي توفر له الحماية والدعم.

وأكد أن هذه السياسة التصعيدية وتدمير المدن وقتل المواطنين والاعتقالات والاستعمار، لن تجلب الأمن والاستقرار لأحد، وسيدفع الجميع ثمن هذه الحماقات الإسرائيلية.

كان الرئيس الفلسطيني قد قطع زيارته للمملكة العربية السعودية بعد بدء الهجوم شمال الضفة.

وقال مسؤول في السلطة الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إنهم يستهدفون السلطة.

وأضاف: «ما يحدث يستهدف السلطة كذلك. تركوا الرئيس يخطط من أجل الذهاب إلى قطاع غزة، وأرادوا أن يقولوا له أمام شعبه: احمِ شعبك أولاً في الضفة. إنهم يعملون على تهميش وإهانة وإضعاف السلطة أكثر أمام شعبها عبر هذه العمليات... وهذا يصب في إطار هدفهم المعلن؛ هدم السلطة والسيطرة على ما تبقى من الضفة وغزة».

وبينما أكدت حركة «فتح» أن «عدوان جيش الاحتلال الهمجي على قطاع غزة والضفة الغربية ضمن حرب الإبادة الممنهجة منذ السابع من أكتوبر الماضي لن يُرهب شعبنا أو يبدد إرادته في الحرية والاستقلال»، أكدت «حماس» أن الحملة العسكرية الإجرامية الحالية ستنكسر حتماً أمام صمود المقاتلين.

أما «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس»، فقد قالت إن «الكتائب تبشّر شعبنا العظيم وأحرار أمتنا والعالم، بأن المحتل الذي يحاول واهماً كسر حالة المقاومة في شمال الضفة، سيُفاجأ بالموت والرد القادم الذي سيأتيه من جنوب الضفة ووسطها والداخل المحتل بإذن الله تعالى».

وطالبت «حماس» عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالالتحاق بالمعركة في الضفة.

وبقتل الفلسطينيين الـ11، تكون إسرائيل قد قتلت 642 فلسطينياً منذ السابع من أكتوبر، في حين قُتل ما لا يقل عن 19 إسرائيلياً، بينهم جنود، في هجمات فلسطينية.