واشنطن: لا مستقبل لـ«حماس» في حكم غزة بعد الحرب

وريبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نقدر الجهود الدبلوماسية السعودية في السودان

TT

واشنطن: لا مستقبل لـ«حماس» في حكم غزة بعد الحرب

المتحدث الإقليمي للخارجية الأميركية باللغة العربية سام وريبرغ (تصوير سعد العنزي)
المتحدث الإقليمي للخارجية الأميركية باللغة العربية سام وريبرغ (تصوير سعد العنزي)

وصف مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية انتقال المفاوضات بين حركة «حماس» وإسرائيل إلى مجموعات عمل تضم متخصصين لبحث الاتفاق بـ«التقدم الإيجابي»، محذراً في الوقت نفسه من أن «الشيطان في التفاصيل»، على حد تعبيره.

وتحدث سام وريبرغ، المتحدث الإقليمي للخارجية الأميركية في حوار موسع مع «الشرق الأوسط»، عن بعض النقاط التي لا تزال خلافية بين الجانبين، منها عدد الرهائن الإسرائيليين، والأسرى الفلسطينيين، إلى جانب نقاط بشأن محوري نتساريم وفيلادلفيا ووجود الجيش الإسرائيلي.

الولايات المتحدة الأميركية – وفقاً لوريبرغ – ترى أن «حماس» ليس لديها أي إمكانية لأن تكون في السلطة بعد وقف الحرب الحالية، وأن السلطة الفلسطينية هي المخولة لحكم الضفة الغربية وقطاع غزة، شريطة أن يترافق ذلك مع عملية إصلاح السلطة.

تحدث وريبرغ عن تقدم إيجابي في مفاوضات وقف الحرب في غزة (تصوير سعد العنزي)

وعن استمرار هجمات الحوثيين في البحر الأحمر رغم التحالف الذي أنشأته أميركا مع دول أخرى، أكد سام وريبرغ أن تحالف الازدهار نجح في منع الحوثيين من شن هجمات أوسع وأكبر وإلحاق ضرر أكبر للمنطقة.

وأكد المتحدث الإقليمي للخارجية الأميركية باللغة العربية عدم وجود أي تواصل مباشر مع الحوثيين، مبيناً أن الرسائل تبعث عبر وسائل الإعلام أو عبر بعض الوسطاء في المنطقة مثل العمانيين، متهماً جماعة الحوثي بتبديد كل الجهود الدولية والإقليمية لتحقيق السلام في اليمن بعد هجمات البحر الأحمر.

في الملف السوداني، عبّر وريبرغ عن التقدير للجهود الدبلوماسية السعودية التي أدت لاجتماعات جدة، والتقدم المحرز أخيراً في سويسرا، مشدداً على أهمية الاستمرار في هذه الجهود لأهمية السودان في القارة الأفريقية والشرق الأوسط... ناقش المسؤول الأميركي أيضاً العديد من الملفات المهمة، فإلى تفاصيل الحوار:

الوضع في غزة

عن آخر مستجدات مفاوضات غزة، يتحدث الدبلوماسي الأميركي عن تقدم شهدته الأيام الأخيرة، الأمر الذي حول النقاشات لمجموعات عمل متخصصة لبحث التفاصيل، مشيراً إلى أن «الشيطان في التفاصيل»، كما يقال.

وأضاف: «الجانبان، إسرائيل و(حماس)، منذ تقريباً شهرين خاصة بعد أن قدم الرئيس بايدن مقترح إنهاء الحرب يتفقان بشكل عام على الإطار، لكن الآن لا بد أن نرى كيفية الدخول للمرحلة الأولى (...) من دون شك هناك بعض الأسئلة من الجانبين حول عدد الرهائن الإسرائيليين، والأسرى الفلسطينيين، عن محوري نتساريم وفيلادلفيا، ووجود الجيش الإسرائيلي، ولا بد أن نشكر مصر وقطر للوساطة».

وعمّا إذا كان تحويل النقاشات لمجموعات العمل يعد تراجعاً عن اتفاق وشيك كان منتظراً، يقول المتحدث الإقليمي: «من وجهة نظر الولايات المتحدة هذا يعني أن هنالك تقدماً، التركيز على التفاصيل يعني أن هناك اتفاقاً على صعيد واسع حول الإطار والمبادئ الكبيرة، والآن لا بد للمتخصصين التركيز على التفاصيل (...) لكن هذا لا يعني أننا وصلنا لاتفاق، ليس لدينا اتفاق حتى الآن».

ويرى سام وريبرغ أن كلاً من إسرائيل و«حماس» يدركان أهمية إنهاء هذه الحرب، وأضاف: «إذا كانت هناك رغبة سياسية من الجانبين فيمكننا رؤية نهاية الحرب اليوم، أو بعد أسابيع (...) نحن نبذل كل ما بوسعنا لحث الأطراف للاتفاق على التفاصيل لكن في نهاية المطاف ليس الولايات المتحدة أو مصر أو قطر أو أي طرف آخر خارج (حماس) وإسرائيل لديه الإمكانية لفرض إرادته على الجانبين».

أشاد المسؤول الأميركي بالجهود الدبلوماسية السعودية تجاه الأزمة السودانية (تصوير سعد العنزي)

لا مستقبل لـ«حماس»

في رده على سؤال بشأن مستقبل غزة في اليوم التالي لإنهاء الحرب، استهل المتحدث الإقليمي للخارجية الأميركية الحديث بالتأكيد على أن الإدارة الحالية ترى على المدى البعيد حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة على حدود 1967، قادرة على توفير الخدمات الأساسية والسيطرة على كل الأراضي الفلسطينية بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأكد أن الولايات المتحدة ترى أن حركة «حماس» ليس لديها إمكانية أن تكون في السلطة بعد توقف الحرب الحالية، وأن السلطة الفلسطينية لديها الإمكانية لتكون السلطة الوحيدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، شريطة الإصلاح في السلطة.

وأضاف: «علينا التحدث بكل صراحة ليس هناك اتفاق بين الأطراف الفلسطينية (السلطة و«حماس» وغيرها)، وليس هناك تنسيق واتفاق بين الأطراف الإسرائيلية، إذا كنا نريد توفير الظروف المناسبة لاستئناف المفاوضات للوصول للدولة الفلسطينية فلا بد من موقف موحد من الجانبين، بعدها يمكنهما الجلوس على طاولة المفاوضات».

وتابع: «الخطوة الأولى إنهاء هذه الحرب، ومباشرة بعد الحرب لا بد من طرح سؤال عبر المجتمع الدولي: من سيوفر الخدمات الأساسية من الطعام، المياه، الأدوية، المستشفيات والتعليم للشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة؟ من وجهة نظر الولايات المتحدة، حركة (حماس) ليس لديها أي إمكانية أن تكون في السلطة، وأن توفر للشعب الفلسطيني أي شيء».

ووفقاً لسام وريبرغ، فإن مستقبل الأراضي الفلسطينية في يد الفلسطينيين أنفسهم، واستطرد قائلاً: «من وجهة نظرنا السلطة الفلسطينية لديها الإمكانية لتكون السلطة الوحيدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن لا بد أن نرى الإصلاح في السلطة».

ماذا إن رفضت حركة «حماس» التخلي عن السلطة في قطاع غزة؟ يجيب الدبلوماسي الأميركي بقوله: «حتى الآن لم نصل لهذه النقطة بسبب استمرار الحرب، يبدو أن (حماس) فقدت الإمكانية للسيطرة على قطاع غزة، بشكل عام كل القادة يعيشون تحت الأرض في أنفاقهم، الولايات المتحدة صنفت حركة (حماس) منذ 1997 مجموعة إرهابية، و7 أكتوبر (تشرين الأول) يدل على أن (حماس) فقدت أي إمكانية أن تكون سلطة في أي حكومة مستقبلية».

وأضاف: «هل أي دولة في العالم أميركا، كندا، المكسيك، السعودية أو أي دولة ستقبل مجموعة إرهابية على حدودها تعمل هذه الهجمات الإرهابية كما في 7 أكتوبر، وقادتها يقولون إنهم يريدون تكرار هذه الهجمات الإرهابية؟ ليس هناك أي دولة في العالم ستقبل ذلك، ودولة إسرائيل لديها الحق في الدفاع وحماية مواطنيها».

وفي تعليقه حول تصريحات وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي بن غفير الأخيرة بشأن بناء كنيس يهودي في القدس، أكد متحدث الخارجية الأميركية أن بلاده لطالما أدانت هذه التصريحات التحريضية، مشيراً إلى أنه «نحن كدولة لدينا علاقة رسمية دبلوماسية مع الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، ونسمع منه رفضه لهذه التصريحات التحريضية من كل المسؤولين الآخرين، ونركز على هذه العلاقة الرسمية».

وأضاف: «أعرف حساسية بعض هذه المواضيع مثل الحرم الشريف والقدس بشكل عام، ودائماً لا نرى أي فائدة من هذه التصريحات التحريضية، قد يكون هناك تفكير في الانتخابات ولكن فعلاً ليس الوقت لسماع هذه التصريحات أو أي اقتراحات لأي تغيير للوضع الراهن في الحرم الشريف في القدس».

هجمات البحر الأحمر

وتطرق الحوار مع وريبرغ إلى استمرار الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، فقال إنها «غير مبررة». وأضاف: «ما زال لدينا قلق شديد خاصة مع الهجوم الأخير على السفينة سونيون وهناك خطر ربما لتسرب مليون برميل من النفط في البحر الأحمر، وهي كمية أكبر بأربعة أضعاف من كارثة إكسون فالديز عام 1989 وهذا سيؤثر على حياة اليمنيين والمصريين».

وعن تقييمه لتحالف «حارس الازدهار» الذي أنشأته الولايات المتحدة ودول أخرى، أجاب: «الهدف الرئيسي وراء هذا التحالف والتنسيق بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبقية الدول الأخرى هو لمنع الحوثيين من شن هذه الهجمات (...) وبسبب التحالف والجهود الأميركية والدول الأخرى منعنا الحوثيين من هجمات أوسع وضرر أكبر للمنطقة».

ودافع المتحدث الإقليمي عن ضعف الرد العسكري الأميركي على هجمات الحوثيين المستمرة في البحر الأحمر بقوله إن «الولايات المتحدة لا تريد حرباً أوسع، وكل الإجراءات لتجنب توسع أي صراع في المنطقة، وتهدف إلى خفض التصعيد، نعم لن نتردد في اتخاذ إجراءات لحماية أنفسنا والسفن في البحر الأحمر، لكن لا نريد أن نقوم بشن ضربات عشوائية ضد أماكن قد يكون فيها مدنيون».

لا يوجد تواصل مباشر مع الحوثيين

بحسب المتحدث الإقليمي للخارجية الأميركية ليس هنالك أي تواصل مباشر بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي، وقال: «ليس هناك تواصل مباشر، لدينا إمكانية إرسال رسائل واضحة عبر وسائل الإعلام أو عبر بعض الوسطاء في المنطقة مثل العمانيين».

سام وريبرغ في حديثه لـ«الشرق الأوسط» (تصوير سعد العنزي)

واتهم المسؤول الأميركي الحوثيين بـ«تبديد كل الجهود الدولية والإقليمية من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لإنهاء الحرب الأهلية المستمرة في اليمن». وتابع: «كل هذا التقدم والإنجازات الدبلوماسية (...) الآن تعرضت للخطر بسبب ما يفعله الحوثيون، لذلك نريد إرسال رسالة واضحة للحوثيين بإيقاف هذه الهجمات والعودة للتركيز على الشؤون الداخلية في اليمن وتثبيت الهدنة بشكل دائم في اليمن».

مخاوف التصعيد

يشير سام وريبرغ إلى أنه من الصعوبة التكهن بمستويات التوتر والتصعيد في المنطقة، وماذا سيفعل النظام الإيراني ووكلاؤه، إلا أنه أكد أن «الولايات المتحدة مستعدة لكل السيناريوهات بالتنسيق مع شركائنا وحلفائنا في المنطقة». وقال: «النظام الإيراني الحكومة والحرس الثوري قاموا بكل الإجراءات لشن هجمات ربما أكبر وأوسع ضد إسرائيل أو المصالح الأميركية في المنطقة (...) هناك استعدادات من النظام الإيراني، لذلك نقوم بنفس الاستعدادات من جانبنا بالتنسيق مع أصدقائنا في المنطقة».

وحذر الدبلوماسي الأميركي من أن النظام الإيراني ووكلاءه في المنطقة يستغلون الفراغ السياسي في عدد من الدول منها لبنان والأراضي الفلسطينية، واليمن وسوريا، وقال: «علينا أن ندرك ذلك، والعمل ليس فقط لإنهاء هذه الحروب والصراعات، ولكن لإنهاء الفراغ السياسي في هذه الأماكن».

الحكم على إيران بأفعالها

في تعليقه بشأن الحكومة الإيرانية الجديدة وعما إذا كانت الولايات المتحدة تتوقع نهجاً مختلفاً، أوضح المتحدث الإقليمي للخارجية الأميركية أن من المبكر الحكم على الرئيس الإيراني الجديد، إلا أنه شدد على أن واشنطن سوف «تحكم على النظام الإيراني بأفعاله وليس الأقوال».

ولفت وريبرغ إلى أنه منذ العام 1979 والمرشد الأعلى والحرس الثوري يسيطرون على البلاد، وقال: «الولايات المتحدة تريد مد يد الصداقة والدبلوماسية ونفضل الحل الدبلوماسي، ولكن ما نراه في الحقيقة مراراً وتكراراً بغض النظر عن الرئيس أنشطة مزعزعة للاستقرار، ويقوم النظام الإيراني بتمويل هذه المجموعات الإرهابية في المنطقة، وكيف يحاول التدخل في الشؤون الداخلية في الدول المجاورة، ويقوم بقمع الشعب الإيراني وانتهاكات حقوق الإنسان داخل البلد، لا أريد القول نحن متفائلون أو متشائمون، نحن براغماتيون وسنحكم على النظام الإيراني بما يفعل وليس ما يقول».

السودان

قدم المتحدث الإقليمي للخارجية الأميركية الشكر للمملكة العربية السعودية على كل الجهود الدبلوماسية التي أدت لاجتماعات جدة، والتقدم المحرز في جنيف على تعبيره، وقال: «نشكر المملكة العربية السعودية على كل الجهود الدبلوماسية، نقدر هذه الجهود التي أدت لاجتماعات جدة، والآن نرى التقدم الأخير في سويسرا، والمجموعة الجديدة المكونة من الولايات المتحدة والسعودية وبعض الدول الأخرى».

وأضاف: «لدينا هذه الأيام تقدم ومستجدات إيجابية جديدة بالنسبة لسماح الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بوصول المساعدات الإنسانية للشعب السوداني، وعلينا الاستمرار في هذه الجهود، لأن السودان بلد مهم في مكان مهم في القارة الأفريقية والشرق الأوسط».

ولفت سام وريبرغ إلى أن واشنطن لا تقف مع أي طرف في الأزمة السودانية، بل مع الشعب السوداني، وتابع: «منذ أكثر من عام فرضنا عقوبات على بعض القادة من الجانبين، نحن لا نقف مع أي جانب، نقف بجانب الشعب السوداني الذي دعا في 2019 للحكومة المدنية، ولكن بكل أسف الجيش السوداني قام بالاستيلاء على السلطة منذ سنوات، وهذا ما أدى للحرب الأهلية بين الجيش والدعم السريع».

وأشار الدبلوماسي الأميركي إلى أن «الولايات المتحدة في حال رأت هناك حاجة ستحقق عبر فرض عقوبات لن نتردد في ذلك». لكن التركيز الآن «على المفاوضات الدبلوماسية».


مقالات ذات صلة

انتقادات من الجيش لنتنياهو: عرقلة الاتفاق مع «حماس» سيقويها

شؤون إقليمية عناصر من حركتي «حماس» و«الجهاد» يسلمون رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر في نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

انتقادات من الجيش لنتنياهو: عرقلة الاتفاق مع «حماس» سيقويها

حذر عسكريون إسرائيليون، في تسريبات لوسائل إعلام عبرية، من أن عرقلة نتنياهو لصفقة تبادل أسرى، تؤدي إلى تقوية حركة «حماس»، وتمنع الجيش من إتمام مهماته القتالية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي رجل يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية على مدرسة في مخيم النصيرات للاجئين بغزة (أ.ف.ب)

غزة: 71 قتيلاً جراء القصف الإسرائيلي في يوم واحد

أعلنت وزارة الصحة  الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم (الخميس)، ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 44 ألفاً و56 قتيلاً، إلى جانب 104 آلاف و268 إصابة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت (رويترز)

بن غفير وسموتريتش يتهمان غالانت بالسماح لـ«حماس» بالاستمرار في حكم غزة

انتقد أعضاء اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية غالانت بعد أن حذر من أنّ تحمل المسؤولية عن توزيع المساعدات الإنسانية في غزة قد يجر إسرائيل للحكم العسكري.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون جثمان أحد القتلى جراء القصف الإسرائيلي على النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ب)

قصف طال مدرسة وخيمة للنازحين... الجيش الإسرائيلي يقتل 16 فلسطينياً بغزة

قتل الجيش الإسرائيلي اليوم (الأربعاء) 16 فلسطينياً على الأقل في هجمات جوية على مناطق مختلفة بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

هل يدوم تضامن الإسرائيليين مع نتنياهو بشأن مذكرة الاعتقال؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

هل يدوم تضامن الإسرائيليين مع نتنياهو بشأن مذكرة الاعتقال؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، إن مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ بسبب الحرب في غزة، أثارت غضباً عارماً بين مختلف أطياف الساحة السياسية في إسرائيل، ولكن على المدى البعيد، لا يبدو هذا الأمر جيداً بالنسبة لرئيس الوزراء.

وأضافت أنه كلما تم تصوير نتنياهو على أنه منبوذ دولياً، بدا أن كثيراً من الإسرائيليين يحتضنونه على الرغم من الاستقطاب الداخلي العميق.

وقال المحللون إنه من المرجح أن يتجمع معظم الإسرائيليين حول رفض نتنياهو قرار المحكمة، الذي ندد به بوصفه «معادياً للسامية».

وذكر ميتشل باراك، وهو خبير استطلاعات رأي عمل مساعداً لنتنياهو في التسعينات: «هذا يساعده». ووصفه بأنه «الرجل الوحيد الذي يقف ضد كل الشر في العالم».

وقال باراك: «إن هذا يحوله إلى الضحية التي يحب أن يكونها، والشخص الذي يقاتل من أجل حقوق إسرائيل»، مضيفاً أن الإسرائيليين كانوا موحَّدين إلى حد كبير في دعمهم للحرب.

وجاءت مذكرة الاعتقال في الوقت الذي تآكلت فيه صورة نتنياهو المحلية في الأشهر الأخيرة، ومع ازدياد اللوم الدولي على الأزمة الإنسانية في غزة، حيث قُتل أكثر من 44 ألف فلسطيني، وفقاً لمسؤولي الصحة المحليين.

وانخفضت ثقة الإسرائيليين في قيادة نتنياهو، بعد الهجوم المفاجئ الذي شنَّته حرك «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، واتهمه كثير من الإسرائيليين بإطالة أمد الحرب في غزة لأسباب سياسية: للحفاظ على ائتلافه الحاكم اليميني، والبقاء في السلطة حتى مع معركته ضد اتهامات الفساد.

ووفقاً لمسؤول حكومي إسرائيلي متقاعد، أخيراً، عمل على قضايا تتعلق بالشؤون الدولية لإسرائيل لسنوات، وطلب عدم الكشف عن هويته، فمن المحتمل أيضاً أن نتنياهو لا يقلق بسبب أوامر الاعتقال، لأمر واحد، لأن الولايات المتحدة، حليف إسرائيل الأكثر أهمية، رفضت القضية ضد القادة الإسرائيليين. ومن ناحية أخرى، إسرائيل ليست عضواً في المحكمة الدولية ولا تعترف بولايتها القضائية في إسرائيل أو غزة.

وقالت الصحيفة إن عدداً قليلاً من الإسرائيليين أعربوا علناً عن تعاطفهم مع المدنيين في غزة، وألقوا باللوم على «حماس» في معاناتهم. ومع تجنيد معظم الشباب، يجد معظم الإسرائيليين صعوبة في تصور الجنود مجرمي حرب.

ويدرك الإسرائيليون أنه لا يزال من الممكن إصدار مذكرات اعتقال دولية ضد الضباط والجنود، مما يزيد من عدائهم للمحكمة، ولكن في الوقت نفسه فإنهم معزولون، إلى حد كبير، عن العداء لإسرائيل في الخارج.

وحتى خصوم نتنياهو السياسيين يقولون ما يبدو أن معظم الإسرائيليين يفكرون فيه، حيث كتب يائير لبيد، زعيم المعارضة، على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الخميس: «تدافع إسرائيل عن حياتها ضد المنظمات الإرهابية التي هاجمت وقتلت واغتصبت مواطنينا»، مضيفاً: «أوامر الاعتقال مكافأة للإرهاب».

وتأتي أوامر الاعتقال في وقت مضطرب، يعيشه نتنياهو وإسرائيل، التي على وشك التوصل إلى اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار بشأن الصراع مع «حزب الله» في لبنان، في حين لا يزال نحو 100 رهينة، من المفترض أن يكون ثلثهم على الأقل قد لقوا حتفهم، في غزة.

وأقال نتنياهو، أخيراً، يوآف غالانت من منصب وزير الدفاع؛ بسبب الخلافات حول استمرار الحرب في غزة والسياسات الداخلية؛ مما أدى إلى تقويض الثقة في الحكومة.

كما تعرَّض مكتب نتنياهو للتدقيق بشكل متزايد بشأن سلسلة من التحقيقات التي ركزت على سوء التعامل مع المواد الاستخباراتية.

ويوم الخميس، اتهم المدعون الإسرائيليون أحد مساعديه بتسريب معلومات سرية عن «حماس» بطريقة يقول المدعون إنها من المرجح أن تضر بالأمن القومي، وتضع الناس في خطر يهدد حياتهم في وقت الحرب.

وفي الشهر المقبل، من المتوقع أن يقف نتنياهو في محاكمة بعدما وُجِّهت إليه اتهامات بالرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة، في 3 قضايا منفصلة ولكنها مترابطة يتم الاستماع إليها بالتوازي.

وقد نفى ارتكاب أي مخالفات في القضايا التي تركز على اتهامات بأنه رتب خدمات لرجال أعمال مقابل هدايا، وتغطية إخبارية متعاطفة له ولأسرته.

وحرصاً على تجنب أي لوم شخصي تجاه نتنياهو على تلك الإخفاقات، ومع اقتراب الوقت المناسب للإدلاء بشهادته في قضايا الفساد، ضاعف أنصاره هجماتهم ضد النظام القضائي الإسرائيلي وربما شجعهم فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على ذلك، فقد تغذوا على فكرة أن نتنياهو يتعرَّض للاضطهاد من قبل القوى الليبرالية في الداخل والخارج.

ويتوقع الإسرائيليون أن تكون إدارة ترمب الجديدة أكثر استيعاباً للحكومة الإسرائيلية، الأكثر يمينية ومحافظة دينياً في تاريخ البلاد.

وعلى الرغم من الرفض الإسرائيلي الواسع النطاق لقرار إصدار أوامر الاعتقال، فإن التعاطف مع نتنياهو قد يتضاءل في الأمد البعيد، كما يقول بعض المحللين.

نتنياهو وغالانت خلال مؤتمر صحافي سابق في قاعدة «كيريا» العسكرية في تل أبيب (رويترز)

وقال باراك، خبير استطلاعات الرأي، إن كون المرء «شخصية دبلوماسية غير مرغوب فيها» ليس مظهراً جيداً لرئيس الوزراء، خصوصاً أن مكانة نتنياهو الدولية الضخمة كانت ذات يوم واحدة من دعاياته الانتخابية.

ولا يواجه نتنياهو وغالانت أي خطر للاعتقال في إسرائيل بسبب أوامر الاعتقال. ومع ذلك، يمكن احتجازهما إذا سافرا إلى إحدى الدول الأعضاء في المحكمة، البالغ عددها 124 دولة، والتي تشمل معظم الدول الأوروبية ولكن ليس الولايات المتحدة.

وحتى السفر جواً إلى الولايات المتحدة قد يكون محفوفاً بالمخاطر إذا احتاج شخص ما على متن الطائرة، على سبيل المثال، إلى علاج طبي عاجل، مما يضطره إلى الهبوط اضطرارياً في الطريق.

وفي إشارة إلى القيود الجديدة على قدرة نتنياهو على السفر إلى الخارج، قال باراك: «لا يمكنك أن تكون رئيس وزراء على تطبيق زووم».