العودة إلى المدارس ليست خياراً متاحاً لطلاب الجنوب اللبناني

الخطر على العام الدراسي لا ينحصر في قرى المواجهة عند الحدود

نازحات من جنوب لبنان يقفن في صف إحدى المدارس المحلية التي تُستخدم مأوىً بمدينة صور الساحلية جنوب لبنان (إ.ب.أ)
نازحات من جنوب لبنان يقفن في صف إحدى المدارس المحلية التي تُستخدم مأوىً بمدينة صور الساحلية جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

العودة إلى المدارس ليست خياراً متاحاً لطلاب الجنوب اللبناني

نازحات من جنوب لبنان يقفن في صف إحدى المدارس المحلية التي تُستخدم مأوىً بمدينة صور الساحلية جنوب لبنان (إ.ب.أ)
نازحات من جنوب لبنان يقفن في صف إحدى المدارس المحلية التي تُستخدم مأوىً بمدينة صور الساحلية جنوب لبنان (إ.ب.أ)

تسعى السلطات اللبنانية لمواجهة أزمة العام الدراسي الجديد لطلاب القرى الحدودية النازحين من بلداتهم جرّاء الحرب القائمة ما بين إسرائيل و«حزب الله»، وتدمير منازلهم، وصعوبة استئناف الدراسة في مدارسهم الأساسية التي باتت مدمرة مع بيوتهم التي لم تعد صالحة للسكن.

وقال مدير التعليم الثانوي في وزارة التربية خالد فايد إن وزير التربية عبّاس الحلبي «يبحث مع المسؤولين في الوزارة كل الخيارات التي تمكنه من التعامل مع الموضوع بشكل يتيح للتلاميذ متابعة دراستهم بشكل طبيعي»، وأوضح فايد أن الوزير الحلبي «يعكف الآن على دراسة الحلول التي تنقذ العام الدراسي لأبناء القرى الجنوبية الواقعة مدارسهم ضمن (المنطقة الحمراء)؛ أي تلك التي تدور فيها المعارك الفعلية، وبما يمكنهم من متابعة دراستهم بشكل آمن».

وتحدث فايد لـ«الشرق الأوسط» عن سيناريوهات عدّة ما زالت قيد البحث، منها نقل كل المدارس الرسمية والثانويات الواقعة ضمن منطقة الخطر إلى مناطق أكثر أمناً للطلاب والمعلمين والإداريين، لكن ثمة صعوبة لأن هؤلاء من مناطق مختلفة ولا يمكنهم الانتقال إلى نفس المكان.

وتسعى وزارة التربية إلى المواءمة ما بين الحفاظ على أمن الطلاب والجهازين التعليمي والإداري، وحق التلامذة بمواصلة تحصيلهم العلمي، وأشار مدير التعليم الثانوي إلى أن «السيناريو الأكثر قابلية الآن أن ينطلق العام الدراسي في هذه المدارس الموجودة ضمن منطقة الخطر عبر الـ(أون لاين) بناء على رغبة الأهالي والطلاب الذين يرفضون ترك بلداتهم أو تسجيل أبنائهم بمناطق أخرى وبعيدة عنهم»، لافتاً إلى أن «أغلب هذه المدارس والثانويات تقلّص عدد طلابها من 500 طالب تقريباً إلى 130، وهؤلاء بالإمكان تدرسيهم عن بُعد وإكمال البرنامج التعليمي لهم من دون عوائق، وهذا الواقع يشمل 12 ثانوية في الجنوب، باستثناء مدينة مرجعيون التي رفض أبناؤها ترك المنطقة وأبدوا استعدادهم لتسجيل أبنائهم في مدارسها والتعليم حضورياً على مسؤوليتهم باعتبارها أقلّ خطراً من سواها».

وكشف فايد عن أن باقي التلاميذ «توزعوا على مدارس رسمية أخرى في مناطق صور والنبطية وصيدا (الجنوب اللبناني) وبيروت وجبل لبنان والبقاع، وهؤلاء تم تسجيلهم للعام الدراسي الجديد، واستطاعت المدارس استيعابهم وتوفير الجهاز التعليمي لهم». ورأى في الوقت نفسه أن «الظروف الاقتصادية الصعبة والتي راكمتها الحرب خلقت هجرة معاكسة من المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية، خصوصاً مع تحسّن مستوى التعليم الرسمي وتوقّف حركة الإضرابات التي كانت تهدد العام الدراسي بشكل دائم ومستمرّ».

وبموازاة اهتمام وزارة التربية بوضع الطلاب، تواكب المنطقة التربوية في الجنوب هذه التطورات، أقلّه إلى حين عودة الأمن والاستقرار إلى القرى الواقعة على خطّ النار، وقلل رئيس المنطقة التربوية في جنوب لبنان أحمد صالح، من خطورة تطيير العام الدراسي، وذكّر بأن «المشكلة أولاً وأخيراً هي مشكلة أمنية، بحيث إن معظم مناطق الجنوب لم تعد آمنة، بدليل أن الغارات الإسرائيلية تطول مدينة صيدا (البعيدة عن الحدود مع إسرائيل) وتمتدّ إلى البقاع».

وأوضح صالح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل الطلاب الذين هُجروا من بلداتهم ومدارسهم خلال السنة الدراسية الماضية، يمكنهم البقاء في نفس المدارس التي نزحوا إليها، إلى حين توقّف الحرب وعودتهم إلى قراهم ومدارسهم الأساسية». وقال: «كما في العام الماضي كذلك الآن، لا تزال وزارة التربية تقوم بواجبها لجهة توفير الظروف الملائمة للطلاب النازحين إلى مدارس أخرى، عبر تأمين الـ(تابلت) والقرطاسية ووسائل النقل، ومن يتعذّر وصوله إلى المدرسة يمكن تعليمه عن بُعد (أون لاين)». ولفت صالح إلى أن «أعباء العام الماضي كانت أكبر من أعباء العام الدراسي الجديد؛ لأن الحرب اندلعت بعد انطلاق العام الدراسي، وحصل بعض الإرباك، لكن الأمور الآن تحت السيطرة».


مقالات ذات صلة

أهالي الضاحية الجنوبية لبيروت يعودون إليها بعد تراجع مخاطر الحرب

المشرق العربي مواطنون يستمعون إلى أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله في مقهى في ضاحية بيروت الجنوبية مساء الأحد بعد ساعات على الهجوم الذي نفذّه الحزب على شمال إسرائيل رداً على اغتيال القيادي فؤاد شكر (إ.ب.أ)

أهالي الضاحية الجنوبية لبيروت يعودون إليها بعد تراجع مخاطر الحرب

لم ينتظر قسم كبير من أهالي الضاحية الجنوبية طويلا، بعد دعوة أمين عام «حزب الله» إياهم مساء الأحد الماضي للعودة إلى منازلهم، كي يتوجهوا مجدداً إليها.

بولا أسطيح
المشرق العربي سيارة محمَّلة بالأغراض التي تنقلها معها إحدى العائلات الهاربة من بلدة الخيام الحدودية بحثاً عن مكان أكثر أمناً (أ.ف.ب)

لبنان: تراجع في حدة المواجهات جنوباً... وآمال في الداخل بـ«الحرب المنضبطة»

بات الجميع في لبنان على قناعة بأن الحرب في جنوب لبنان ستبقى على وضعها الحالي، بانتظار ما ستؤول إليه مفاوضات الهدنة في غزة.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي شبان لبنانيون يستمعون في مقهى بمنطقة الشياح في ضاحية بيروت الجنوبية إلى كلمة أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله متحدثا عن الردّ على اغتيال القيادي فؤاد شكر (أ.ف.ب)

نصر الله يتفهم المزاج الشعبي ويعد اللبنانيين بفرصة لتنفس الصعداء

شكَّل خطاب أمين عام «حزب الله» الذي أعلن فيه انتهاء المرحلة الأولى من الردّ على اغتيال القيادي فؤاد شكر مناسبة لمصارحة جمهوره بطبيعة المرحلة السياسية الراهنة.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي شركات طيران تستأنف رحلاتها إلى العاصمة اللبنانية بيروت (أ.ف.ب)

شركات طيران تستأنف الثلاثاء رحلاتها إلى بيروت وتل أبيب

قالت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن الخطوط الجوية الملكية الأردنية ستستأنف رحلاتها إلى العاصمة اللبنانية بيروت بدءاً من صباح الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (عمّان)
المشرق العربي عسكريون في حماية محيط الموقع حيث استُهدفت سيارة القيادي في «حماس» بمدينة صيدا جنوبي لبنان (د.ب.أ)

مواجهات جنوب لبنان تعود إلى «قواعد الاشتباك»

عادت المواجهات في جنوب لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» إلى ما كانت عليه قبل ردّ الحزب، الأحد، على اغتيال القيادي فؤاد شكر.

كارولين عاكوم (بيروت)

جثامين 552 فلسطينياً محتجزة في ثلاجات إسرائيل ومقابر الأرقام

«لنا أسماء لنا وطن» شعار حملة للفلسطينيين في الضفة الغربية للمطالبة بجثامين ذويهم (وفا)
«لنا أسماء لنا وطن» شعار حملة للفلسطينيين في الضفة الغربية للمطالبة بجثامين ذويهم (وفا)
TT

جثامين 552 فلسطينياً محتجزة في ثلاجات إسرائيل ومقابر الأرقام

«لنا أسماء لنا وطن» شعار حملة للفلسطينيين في الضفة الغربية للمطالبة بجثامين ذويهم (وفا)
«لنا أسماء لنا وطن» شعار حملة للفلسطينيين في الضفة الغربية للمطالبة بجثامين ذويهم (وفا)

طالب أهالي الفلسطينيين، الذين تحتجز إسرائيل جثامينهم منذ سنوات طويلة، باسترداد أبنائهم من الثلاجات والمقابر، في وقفات جرت في مدن في الضفة الغربية، الثلاثاء، ضمن حملة «لنا أسماء ولنا وطن»، في اليوم الوطني لاستعادة الجثامين.

وتجمع مئات الفلسطينيين في رام الله وجنين ونابلس، في محاولة لإعلاء الصوت ضد استمرار إسرائيل احتجاز جثامين أبنائهم، مذكرين العالم بأسماء وصور الفلسطينيين المحرومين من حق الدفن.

تحتجز إسرائيل جثامين 55 طفلاً فلسطينيّاً في مقابر الأرقام (فلسطين أون لاين)

وتحتجز إسرائيل، بحسب «الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء»، 552 جثماناً، بينهم 256 في مقابر الأرقام، إضافة إلى المئات من قطاع غزة. ومن بين الجثامين المحتجزة «9 سيدات و32 أسيراً و55 طفلاً دون سن 18، و5 من أراضي 48، و6 من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان».

وقال مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، عصام العاروري: «إنه لأول مرة تزيد أعداد من أخفوا قسراً عن عدد الجثامين الموثق احتجازها، ونشهد هذا العبث واسع النطاق باستباحة أجساد الفلسطينيين، أحياءً وموتى ومحتجزين».

وفيما تحتفظ إسرائيل بمعظم جثامين فلسطينيي الضفة وغزة في ثلاجات، دفنت معظم مقاتلي الثورة الفلسطينية في مقابر معروفة باسم «مقابر الأرقام الجماعية».

ويعتقد أن إسرائيل تقيم 4 مقابر، وهي: مقبرة جسر «بنات يعقوب» التي تقع في منطقة عسكرية عند ملتقى حدود فلسطين ولبنان وسوريا، وتضم رفات مئات الفلسطينيين واللبنانيين الذين قُتلوا في حرب 1982 وما بعد ذلك، ومقبرة «بير المكسور» أو «جسر دامية»، التي تقع في منطقة عسكرية مغلقة بين أريحا وغور الأردن، ويحيط بها جدار فيه بوابة حديدية معلق عليها لافتة كبرى كُتب عليها بالعبرية «مقبرة لضحايا العدو»، ومقبرة «ريفيديم» بغور الأردن، ومقبرة «شحيطة» في قرية وادي الحمام شمال طبريا.

جثث 3 فلسطينيين قتلوا بغارة جوية إسرائيلية ترقد في مشرحة مستشفى الشهيد الدكتور ثابت ثابت قبل جنازتهم في مخيم نور شمس قرب مدينة طولكرم بالضفة الغربية الثلاثاء (إ.ب.أ)

وسابقاً، نجحت السلطة في استعادة 91 جثماناً في عام 2012 ضمن اتفاق مع إسرائيل، لكنها لم تتسلم أي رفات بعد ذلك، بل إنها منذ بدء الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، صعّدت من احتجاز الجثامين حيث تحتجز 149 جثماناً، وهذا العدد يشكّل أكثر من نصف المحتجزين منذ عام 2015.

ولا تشمل هذه المعطيات المحتجزين من قطاع غزة في الحرب الحالية.

وطالما احتج الفلسطينيون ولجأوا إلى المحاكم، بما فيها الإسرائيلية، ونظموا كثيراً من الاحتجاجات على هذه السياسة الإسرائيلية، لكن دون جدوى.

وقال محمد عليان، وهو والد الشاب بهاء عليان الذي نفذ عملية في القدس قبل 5 سنوات، إن المعركة شديدة التعقيد والحساسية، لكنها مستمرة حتى النهاية. ولا يتمنى عليان سوى دفن ابنه من أجل الوقوف على الحقيقة الأكثر مرارة وصعوبة في حياته، وهذا حال الآخرين الذين يتطلعون إلى عناق أخير ووداع.

فلسطينيون في وقفة احتجاجية في مدينة رام الله بالضفة الغربية الثلاثاء طالبوا بالإفراج عن جثامين أسراهم في سجون إسرائيل (أ.ف.ب)

أما والدة خليل طوالبة من مخيم جنين، الذي اغتالته إسرائيل في أبريل (نيسان) 2022، فتتطلع إلى وداع أخير. ومنذ اغتيال ابنها لا تعلم أين هو، وتنتظر بفارغ الصبر قبراً تزوره فيه.

وعلق والد بلال رواجبة: «من حقنا دفن أبنائنا، كلنا نعيش على هذا الأمل».