يتوجه وفد من حركة «حماس»، اليوم السبت، إلى القاهرة، دون المشاركة في المباحثات الجارية هناك سعياً لهدنة في قطاع غزة، بينما تواصل إسرائيل قصفها في القطاع، ما أدى إلى مقتل نحو 50 فلسطينياً في الأربع وعشرين ساعة الأخيرة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وذكرت وكالة «رويترز» للأنباء أنه من المتوقع أن يحضر رئيس وزراء قطر وزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني محادثات وقف إطلاق النار على غزة في القاهرة.
وبعد أكثر من عشرة أشهر من الحرب التي دمّرت القطاع وخلّفت عشرات آلاف القتلى وتسببت بأزمة إنسانية كارثية، تستضيف القاهرة جولة مفاوضات جديدة بين إسرائيل وحركة «حماس» بوساطة من الولايات المتحدة وقطر ومصر.
ويأتي ذلك بعدما أفادت الأمم المتحدة بتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كبير في القطاع مع ارتفاع معدلات سوء التغذية ورصد إصابة بشلل الأطفال.
وأكدت واشنطن، الجمعة، أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» ويليام بيرنز وصل إلى القاهرة للمشاركة في المباحثات، متحدثة عن «تحقيق تقدم» في النقاشات التمهيدية التي تسبق المباحثات الموسعة.
تجري المحادثات بعد جولة مماثلة عقدت في العاصمة القطرية، الأسبوع الماضي، لم تحضرها «حماس».
وأعلن قيادي في الحركة اليوم لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «وفداً قيادياً من حركة (حماس) يتوجه اليوم السبت إلى العاصمة المصرية القاهرة، وسيلتقي... كبار المسؤولين في جهاز المخابرات المصرية بهدف الاطلاع على تطورات جولة المحادثات الجارية بشأن صفقة تبادل الأسرى واتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة».
وشدد المصدر على أن هذه الزيارة «لا تعني المشاركة في جولة المفاوضات» التي تعقد بوساطة من الولايات المتحدة وقطر ومصر، سعياً لإبرام اتفاق يتيح تحقيق هدنة في الحرب المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر، والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة مقابل معتقلين فلسطينيين.
جولة «مفصلية»
أفاد مصدر مصري بأن جولة المفاوضات «الموسعة» ستنطلق، الأحد، بمشاركة مسؤولين مصريين وقطريين.
وتحدث عن «مناقشات موسعة تُجرى في القاهرة، الجمعة والسبت، للإعداد لجولة مفاوضات موسعة تنطلق الأحد»، مشيراً إلى أن واشنطن «تناقش مع الوسطاء مقترحات إضافية لسد الفجوات بين إسرائيل و(حماس) وآليات التنفيذ».
ورأى أن جولة الأحد ستكون «مفصلية لبلورة اتفاق سيعلن عنه إذا نجحت واشنطن في الضغط على نتنياهو».
وأكد مكتب نتنياهو، هذا الأسبوع، تمسكه بتحقيق «جميع أهداف الحرب» قبل وقف النار، لافتاً إلى أن «هذا يتطلّب تأمين الحدود الجنوبية» للقطاع مع مصر.
ويؤشر ذلك إلى تمسّك إسرائيل بإبقاء قوات في غزة خصوصاً عند الشريط الحدودي بين القطاع ومصر، المعروف بـ«محور فيلادلفيا». وترفض «حماس» ذلك بشدة، وتشدد على ضرورة الانسحاب الكامل.
وكان مكتب نتنياهو أكد، الخميس، التزامه «بالمبدأ القائل بأن إسرائيل يجب أن تسيطر على ممر فيلادلفيا من أجل منع (حماس) من أن تعيد تسلّحها، ما يسمح لها بأن ترتكب مجدداً الفظائع التي ارتكبتها في 7 أكتوبر (تشرين الأول)».
وتتمسّك «حماس» بموقفها الداعي إلى التقيد بالمقترح وفق الصيغة التي أعلنها بايدن في 31 مايو (أيار)، وأعلنت قبولها في مطلع يوليو (تموز).
وينص المقترح على هدنة مدتها ستة أسابيع يصاحبها انسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة في غزة وإطلاق سراح رهائن خطفوا في 7 أكتوبر، ثم مرحلة ثانية تنتهي بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.
ورأى القيادي في «حماس» حسام بدران، أن «إصرار نتنياهو على إبقاء قوات الاحتلال في محوري طريق الشهداء (نتساريم) وصلاح الدين والشريط الحدودي مع مصر (فيلادلفيا) يعكس نوايا الاحتلال في مواصلة العدوان وحرب الإبادة وعدم التوصل لاتفاق نهائي».
وأكد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أمس: «لن نقبل بأقل من انسحاب قوات الاحتلال بما في ذلك محور فيلادلفيا ونتساريم»، وأن واشنطن «تتحمل مسؤولية الضغط عليه لتحقيق وقف إطلاق النار».
ومع تواصل المعارك، يتضاءل احتمال التوصل إلى هدنة بالنسبة لكثيرين.
ومن هؤلاء عائلات الرهائن الذين التقى وفد منهم نتنياهو، الجمعة، لحثّه على إبرام اتفاق. وأعربت ابنة أحدهم عن شعورها بأن الاتفاق ليس وشيكاً.
وقالت إيلا بن عامي، التي خُطف والدها أوهاد في الهجوم، في بيان صادر عن منتدى عائلات الرهائن: «غادرت بانطباع ثقيل وصعب بأن هذا لن يتمّ قريباً».
زيارة لم يعلن عنها
وفي هذه الأثناء، بدأ رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية سي.كيو براون زيارة لم يتم الإعلان عنها مسبقا إلى منطقة الشرق الأوسط اليوم لمناقشة سبل تجنب أي تصعيد جديد للتوتر يفضي إلى اتساع رقعة الصراع، في وقت تشهد فيه المنطقة حالة تأهب لهجوم تهدد إيران بشنه على إسرائيل.
القضاء على «حماس»
أسفر هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر عن مقتل 1199 شخصاً، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصاً، لا يزال 105 منهم محتجزين في غزة، بينهم 34 أعلن الجيش وفاتهم.
وتوعد نتنياهو بـ«القضاء» على «حماس»، ويشن الجيش منذ ذلك الحين قصفاً مدمراً وعمليات برية في قطاع غزة، ما تسبب بمقتل ما لا يقل عن 40 ألفاً و334 شخصاً، وفقاً لوزارة الصحة. وتقول الأمم المتحدة إن معظم القتلى من النساء والقصّر.
وفي قطاع غزة المحاصر والمدمر والذي يعاني كارثة إنسانية تهدد سكانه البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة، أعلن الدفاع المدني اليوم عن 14 قتيلاً، بينهم أربعة أطفال وأربع نساء في غارات إسرائيلية على القطاع.
وقتل 11 شخصاً منهم في قصف منزل في خان يونس جنوب القطاع، بحسب مصدر طبي.
وأكد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» والدفاع المدني دوي غارات جوية وضربات مدفعية في مناطق مختلفة من القطاع. كما دارت معارك بين جنود إسرائيليين ومسلحين فلسطينيين في مدينة غزة شمالاً.
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه «خلال اليوم الماضي، تم القضاء على العشرات من الإرهابيين في مواجهات عن قرب وضربات جوية إسرائيلية في منطقة تل السلطان في رفح» أقصى جنوب القطاع.
وبحسب الجيش، فإن قواته «بدأت أمس عملية مستهدفة البنية التحتية للإرهاب في منطقة مدينة غزة (...) حتى الآن، قاموا بالقضاء على عدد من المقاتلين وتفكيك مواقع البنية التحتية لهم».
ويخشى المجتمع الدولي من تصعيد عسكري إقليمي أكبر بعد توعّد إيران و«حزب الله» بالردّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في 31 يوليو في طهران المنسوب إلى إسرائيل، واغتيال القائد العسكري في «حزب الله» فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت في ضربة إسرائيلية.