أسرى «حماس» يستعدون للحرية ويوزعون بينهم مهام القتال المقبلة

رئيس مصلحة السجون الإسرائيلية يحذر من إطلاق سراحهم

أحد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم في صفقة التبادل في 26 نوفمبر 2023 (رويترز)
أحد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم في صفقة التبادل في 26 نوفمبر 2023 (رويترز)
TT

أسرى «حماس» يستعدون للحرية ويوزعون بينهم مهام القتال المقبلة

أحد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم في صفقة التبادل في 26 نوفمبر 2023 (رويترز)
أحد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم في صفقة التبادل في 26 نوفمبر 2023 (رويترز)

في محاولة لوضع عقبة جديدة أمام صفقة تبادل الأسرى، حذّر رئيس مصلحة السجون الإسرائيلية، كوبي يعقوبي، من إطلاق سراح أسرى حركة «حماس»، وادعى أن مخابراته رصدت نشاطاً لقادة الحركة في السجون، وبدأوا يستعدون للخروج إلى الحرية، ويوزعون من الآن مهامهم القتالية المقبلة.

وقال يعقوبي، الذي يعدّ موالياً لوزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الذي عيّنه للمنصب قبل شهور، إن بعض هؤلاء الأسرى يستعدون من الآن للانضمام إلى قيادة «حماس» بعد الإفراج عنهم، وقاموا بتوزيع الأدوار والمهام التي سيتولونها.

وكتب في وثيقة سرية، وجهها إلى كل من رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش، هيرتسي هليفي، ورئيس مجلس الأمن القومي في الحكومة، تساحي هنغبي، ورئيس «الشاباك» (جهاز المخابرات العامة)، رونين بار، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، أن «قيادة (حماس) بأكملها في العقد الماضي كانت مكونة من سجناء تم إطلاق سراحهم -جزء من (صفقة شاليط) وجزء من عمليات التبادل التي تمت في الماضي- في التسلسل القيادي السياسي والعسكري للمنظمة. يجب الافتراض أن الفراغ الذي سينشأ بعد تصفية عدد كبير من القادة، سيملأه السجناء الموجودون حالياً في السجون، وأنهم يحضرون معهم إلى الميدان عمليات إرهاب نوعية تفتك بإسرائيليين كثيرين».

أسرى في زنزانة إسرائيلية (أرشيفية - «وفا» الفلسطينية)

المعروف أن صفقة التبادل يفترض أن تشمل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس» مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين من جميع التنظيمات والفصائل الفلسطينية.

ووفق تسريبات من دائرة المفاوضات، تطلب «حماس» إطلاق سراح جميع قادة الفصائل، بينهم مروان البرغوثي، أمين سر حركة «فتح»، وأحمد سعدات، الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، فضلاً عن مجموعة من قيادات «حماس» وكذلك 47 أسيراً ممن أطلق سراحهم في حينه ضمن «صفقة شاليط»، لكن إسرائيل عادت واعتقلتهم من جديد بدعوى أنهم عادوا لممارسة أعمال عدائية لها.

وفي الوقت الذي تتعثر فيه الصفقة بسبب قضايا مثل محوري فيلادلفيا ونتساريم، يتم تهميش قضية الأسرى. لكن مَن يتابع النقاشات الداخلية في الحكومة وفي صفوف أحزاب اليمين الحاكم، يجد أنهم يخشون من مشهد يظهر فيه مئات الأسرى الفلسطينيين المحررين وهم يرفعون شارة النصر. ويعدّون هذا المشهد «مكسباً هائلاً لحركة (حماس) سيغطي على كل منجزات الحرب والاغتيالات التي تخللتها». ومع ذلك فإن هناك إجماعاً على أن هذا المشهد شر لا بد منه، ولا يمكن أن تتم صفقة من دونه.

في المقابل، تعدّ «حماس» إطلاق سراح الأسرى أهم مكسب لها في هذه الحرب. ووفق منشورات في تل أبيب، فإن رئيس الحركة الجديد، يحيى السنوار -الذي يعدّ أيضاً من الأسرى المحررين في «صفقة شاليط»- كان قد أقسم أمام الأسرى عند وداعهم بأنه سيقوم بما يلزم لإطلاق سراحهم.

مدينة البيرة في الضفة الغربية ترحب بأسرى فلسطينيين أطلق سراحهم وفق اتفاق الهدنة الأخير 26 نوفمبر 2023 (أ.ب)

ويقول يعقوبي، الذي يتكلّم بخطاب يلائم رئيسه بن غفير وسائر قادة اليمين المتطرف، إن «مصلحة السجون لديها اطلاع واسع وعميق على شؤون (حماس)، وجهاز مخابراتها يتابع شؤون هذه الحركة وغيرها من منظمات الإرهاب؛ ولذلك فإن أية صفقة تؤدي إلى إطلاق سراح قادتهم يجب أن تأخذ في الاعتبار رأينا ولا تتجاهله كما حصل في مرات سابقة. نحن لا نعارض بشكل مبدئي إطلاق سراح أسرى، بل بالعكس السجون عندنا طافحة، ونرغب في التخلص من أكبر عدد منهم. ولكن هناك مجموعة من قادة المنظمات، لا يجوز إطلاق سراحهم، وعلى حكومة إسرائيل أن تضع عليهم فيتو، وترفض تحريرهم بأي شكل من الأشكال».

وقد عقّب عضو الكنيست، سيمحا روثمان، على نشر هذه الوثيقة قائلاً: «إن المحررين في (صفقة شاليط) كانوا وسيلة القيادة والتخطيط والتنفيذ لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وعدد لا يحصى من الهجمات الأخرى».


مقالات ذات صلة

مجموعة السبع تسعى لاتخاذ موقف موحد بشأن أمر اعتقال نتنياهو

شؤون إقليمية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

مجموعة السبع تسعى لاتخاذ موقف موحد بشأن أمر اعتقال نتنياهو

قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، اليوم، إن دول مجموعة السبع تسعى لاتخاذ موقف موحد بشأن أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (فيوجي (إيطاليا))
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

منذ أن قطعت الحكومة الإسرائيلية الكهرباء عن غزة بفعل حربها المستمرة ضد القطاع منذ نحو 14 شهراً، اعتمد السكان على البديل الوحيد المتوفر، وهو الطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

بينما أعلن البرلمان العراقي عقد جلسة مغلقة لمناقشة التهديدات الإسرائيلية، استأنفت بعض الفصائل الموالية لإيران تهديداتها ضد إسرائيل.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد مبنى «بنك إسرائيل» في القدس (رويترز)

«بنك إسرائيل» يبقي على الفائدة دون تغيير مع استقرار التضخم

قرر «بنك إسرائيل»، يوم الاثنين، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه السابع على التوالي، حيث استقر التضخم الناجم عن الحرب.

«الشرق الأوسط» (القدس)

لبنان يستبعد إعطاء إسرائيل حق التوغل لمنع الانتهاكات

جانب من الدمار الذي لحق بمنطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة الغارات التي استهدفتها ليلاً (أ.ف.ب)
جانب من الدمار الذي لحق بمنطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة الغارات التي استهدفتها ليلاً (أ.ف.ب)
TT

لبنان يستبعد إعطاء إسرائيل حق التوغل لمنع الانتهاكات

جانب من الدمار الذي لحق بمنطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة الغارات التي استهدفتها ليلاً (أ.ف.ب)
جانب من الدمار الذي لحق بمنطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة الغارات التي استهدفتها ليلاً (أ.ف.ب)

التفاؤل اللبناني، ولو بحذر، بالتوصل لوقف النار في الجنوب بتطبيق القرار الدولي «1701» من دون أي تعديل، يبقى عالقاً على مدى تجاوب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مع خريطة الطريق التي أعدها الوسيط الأميركي آموس هوكستين لإنهاء الحرب، والتي تحظى بتأييد رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري الذي قاد معه المفاوضات بتفويض من «حزب الله».

وتقول مصادر بري لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يعد لديه ما يقوله، وهو ينتظر رد فعل إسرائيل للتأكد من أنها قررت ترجيح كفة الحل الدبلوماسي على مضيها في حربها التدميرية للبنان، خصوصاً أن نتنياهو من أصحاب السوابق في الانقلاب على ما توصلت إليه المفاوضات لوقف الحرب في غزة.

«النسخة الغزاوية»

التفاؤل الحذر يبقى قائماً إلى أن يتأكد لبنان أن نتنياهو ليس في وارد استحضار النسخة الغزاوية التي حالت دون التوصل لوقف النار، بصرف النظر عن التفاؤل الذي أخذت تشيعه معظم وسائل الإعلام في إسرائيل بالتوصل لإنهاء الحرب في القريب العاجل، ما لم يقلع عن رغبته بكسب الوقت لعل جيشه يتمكن من السيطرة على مشارف نهر الليطاني على نحو يسمح له بفرض شروطه بإدخال تعديلات على القرار «1701» رغم أنه يلقى مقاومة غير مسبوقة من قبل مقاتلي «حزب الله».

ويلفت مصدر نيابي مواكب للتواصل، من حين لآخر، بين بري وهوكستين، وأحياناً بينه وبين المستشار السياسي لرئيس المجلس علي حمدان، إلى أن المفاوضات بقيت تحت سقف التوافق على الإجراءات التنفيذية لضمان تطبيق القرار «1701» بحرفيته، ولم يتم التطرق إلى تعديله أو البحث في اتفاق جديد.

ويؤكد أن هذه الإجراءات هي موضع تفاهم بين بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وأن مهمة تنفيذها تقع على عاتق قيادة الجيش من خلال الوحدات العسكرية المنتشرة في جنوب الليطاني، بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل».

الضامن الأميركي

وينفي المصدر النيابي ما تردد بشأن أن الاتفاق يعطي لإسرائيل الحق بالتوغل في جنوب لبنان حال حصول انتهاكات تشكل خطراً على أمنها. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة المشرفة على تطبيق الاتفاق تتشكل من الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل وقيادة «اليونيفيل»، ويُفترض أن يرأسها ضابط أميركي، وأن مجرد وجوده على رأس اللجنة يدعو إسرائيل للاطمئنان، وتلجأ إليه في حال وجود خروقات، طالبة منه التدخل فوراً لمعالجتها.

 

ويؤكد أن الضابط الأميركي هو من يوفر الضمانات لإسرائيل، وأن ما يشاع في تل أبيب هو بخلاف ذلك، ويأتي في سياق الاستهلاك المحلي لتسويق موافقة نتنياهو على وقف النار على غرار اعتراضه على ضم ممثل لفرنسا في لجنة الرقابة عقاباً لها على وجود قاضٍ فرنسي على رأس المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة توقيف بحقه، مع أنه يدرك أن اعتراضه لن يُصرف ما دام أن لبنان يتمسك بتمثيلها، ويعد أن استبعادها يخالف ما اتفق عليه بري مع هوكستين، وبالتالي لن يمشي باتفاق ناقص بالرضوخ لابتزازه.

ويضيف أنه لا مجال لإبعاد فرنسا، ليس لمشاركتها المميزة في «اليونيفيل»، وإنما لأن واشنطن تتمسك بتمثيلها كونها الأقدر على التواصل مع «حزب الله» في حال حصول أي إشكال يمكن أن تتذرع به إسرائيل لتبرير تفلُّتها من القرار «1701».

ويكشف أن إسرائيل سعت لتعديل القرار «1701» بمطالبتها بتوسيع الرقعة الجغرافية للقطاع الشرقي بإلحاق بعض البلدات به وإخضاعها لسيطرة «اليونيفيل» والجيش اللبناني، لكن لم يؤخذ بهذا التعديل كون بعضها يقع على تخوم الحدود اللبنانية - السورية.

ولا يجد المصدر النيابي مشكلة في تطعيم «اليونيفيل» بوحدات عسكرية من دول أخرى غير مشاركة فيها، ويقول إن القرار يعود لموافقة مجلس الأمن الدولي في حال ارتأى أن هناك ضرورة لذلك.

تحديد الحدود

وبالنسبة إلى تحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل يؤكد المصدر أنه سبق للحكومة اللبنانية أن سجّلت تحفظها على 13 نقطة تعدها واقعة في مناطق متنازع عليها وتتبع للسيادة اللبنانية، ويقول إنه تمت تسوية الخلاف حول 7 نقاط أُعيدت إلى لبنان لكن لا بد من تثبيتها.

ويكشف أن تحديد الحدود بين البلدين سيوكل إلى اللجنة الثلاثية المؤلفة من الجيشين اللبناني والإسرائيلي و«اليونيفيل»، وتجتمع عادة في مقر القوات الدولية في الناقورة. ويقول إنها ستواصل عملها للانتهاء من تحديدها طبقاً للحدود المنصوص عليها في اتفاقية الهدنة عام 1949.

ويؤكد أن هناك ضرورة لتسوية النزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل وصولاً إلى تحديده كما هو وارد في اتفاقية الهدنة، لأن الخط الأزرق لا يُعد الخط النهائي لتحديدها، ويتعامل معه لبنان على أنه خط الانسحاب، وبالتالي لا بد من العودة إلى الخط المعترف به دولياً. فيما لم يتطرق بري وهوكستين إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلتين لأن بحثهما سيكون بالتواصل مع سوريا لتثبيت استردادهما للسيادة اللبنانية.

كلمة الميدان

ولم يستبعد المصدر، في حال سريان مفعول وقف النار، وانكفاء «حزب الله» إلى شمال الليطاني تطبيقاً للقرار «1701» أن يقوم بتسليم ما لديه من تحصينات وبنى عسكرية، كان أقامها فوق الأرض أو تحتها لقيادة الجيش، تاركاً لها حرية التصرف، بخلاف ما تردد أنه سيبادر إلى تدميرها، مع تأكيده أن كلمة الفصل تبقى للميدان؛ لأنه لا يؤتمن لنتنياهو، إلا إذا كان يتحضر، وعلى طريقته، للسير في الاتفاق مع اشتداد الضغوط الدولية عليه، على أن يتمهل ريثما يواصل حربه التدميرية انتقاماً من المباني والمؤسسات والمراكز الصحية والأسواق التجارية من دون أن تسجل الغارات الإسرائيلية منذ أكثر من أسبوعين إصابتها على الأقل في الضاحية الجنوبية والبقاع لأي هدف عسكري كما يدّعي الناطق باسم الجيش الإسرائيلي.