تمرّد محدود في سجن طرابلس بشمال لبنان: عمليات تشطيب وشعارات طائفية

إدارة السجن كذّبت رواية السجناء

تنفي إدارة سجن القبة في طرابلس (شمال لبنان) رواية السجناء المتمردين عن أسباب تمردهم (المركزية)
تنفي إدارة سجن القبة في طرابلس (شمال لبنان) رواية السجناء المتمردين عن أسباب تمردهم (المركزية)
TT
20

تمرّد محدود في سجن طرابلس بشمال لبنان: عمليات تشطيب وشعارات طائفية

تنفي إدارة سجن القبة في طرابلس (شمال لبنان) رواية السجناء المتمردين عن أسباب تمردهم (المركزية)
تنفي إدارة سجن القبة في طرابلس (شمال لبنان) رواية السجناء المتمردين عن أسباب تمردهم (المركزية)

نفذ عدد من السجناء تمرداً محدوداً داخل سجن القبة في طرابلس (شمال لبنان) متهمين القوى الأمنية المسؤولة عن حماية السجن بـ«مضايقتهم وتعذيبهم وإلحاق الأذى الجسدي والمعنوي بهم لأسباب طائفية»، في حين نفى مصدر أمني هذه المزاعم، وأكد أن «إشكالاً نشب مع موقوفين آخرين، وأن السجناء المنتفضين استغلّوا هذا الإشكال وزعموا تعرضهم للتعذيب، وخلق واقع غير موجود أصلاً».

وشهدت إحدى زنزانات سجن القبّة حالة تمرّد لنزلائها ليل الأربعاء؛ إذ أقدم أكثر من 30 سجيناً على تشطيب رؤوسهم وأجسامهم بآلات حادة، ووزّعوا مقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ظهروا فيها مضرجين بالدماء وبعضهم ملقى على الأرض والدم يسيل منهم، وادعوا أن القوى الأمنية «داهمتهم واعتدت عليهم بالضرب، ما تسبب بجروح خطيرة لبعضهم، وانتزاع هواتف كانت بحوزتهم؛ لأنهم من الطائفة الشيعية».

وأكدت مصادر من داخل السجن لـ«الشرق الأوسط» أنه «لم يحصل أي احتكاك مع السجناء الذين ظهروا بالصور ومقاطع الفيديو المعممة، وأن هؤلاء استغلوا عملية نقل بعض السجناء إلى سجون أخرى، في حين يتم تجاهل طلباتهم لنقلهم إلى سجن روميه المركزي (شرق بيروت) أو أي مكان آخر خارج مدينة طرابلس البعيدة نسبياً عن مناطقهم، وثمة صعوبة لزيارة ذويهم لهم».

ودائماً ما تشهد السجون اللبنانية حركات احتجاج وتمرّد متفاوتة العنف والتأثير، تحت شعارات ومطالب مختلفة، منها ما يتعلّق بتحسين ظروف السجناء، وبعضها يطالب بتخفيض مدة السنة السجنية، لكن المطلب الدائم والأكثر إلحاحاً يكمن بإصدار قانون العفو العام، الذي دائماً ما تعد به القوى السياسية والكتل النيابية عند كل استحقاق أو انتخابات.

وبعد انتشار فيديو السجناء بشكل واسع، أوضح مصدر أمني أنه «لا يوجد أي إشكال بين هؤلاء السجناء وإدارة السجن أو المسؤولين عن حمايتهم، بل المشكلة مع سجناء آخرين يمارسون البلطجة ويفرضون الخوّات (ابتزاز الأموال) على زملاء لهم في زنازين أخرى». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أنه «لدى مداهمة هؤلاء السجناء المشكو من تصرفاتهم في السجن ومصادرة عدد من الهواتف الجوالة والممنوعات الموجودة لديهم ونقلهم إلى سجون أخرى لأسباب عقابية؛ استغل السجناء الذين ظهروا في الفيديو الوضع وأقدموا على تشطيب أنفسهم، زاعمين أن القوى الأمنية داهمتهم وأقدمت على ضربهم وتعذيبهم لكونهم من الطائفة الشيعية»، جازماً بأن «روايتهم مختلقة، وهؤلاء استغلوا الضجّة التي حصلت مع السجناء الآخرين وزعموا مداهمتهم وتعذيبهم»، مشيراً إلى أن «أياً منهم لم يتعرض لأذى، وقد عمدوا إلى تشطيب أجسادهم للضغط على إدارة السجن بغرض نقلهم إلى سجون أخرى، وأن الجرحى الذين ظهروا في الصور والدماء تغطّي أجسامهم نُقلوا إلى المستشفى وقُدمت لهم الإسعافات وعادوا إلى الزنزانة وهم بخير».

وتطرح مسألة وضع سجناء من أبناء منطقة البقاع، وتحديداً من الطائفة الشيعية، في سجن طرابلس البعيد جداً عن مناطقهم وإقامات ذويهم، وحصرهم ضمن زنزانة واحدة، علامات استفهام عن سبب عدم وضعهم في سجون قريبة من مناطق سكنهم، لكنّ المصدر الأمني برر الأمر وأفاد بأن «هناك نوعاً من التوازن الطائفي داخل كلّ سجن؛ إذ لا يمكن فرز السجناء على أساس طائفي، وجمع طائفة معينة في سجن واحد».

أما عن وجود ما يزيد على 30 سجيناً من طائفة معينة ضمن زنزانة واحدة، فأوضح أن «هؤلاء أغلبهم من منطقة البقاع، ومتفاهمون ويمارسون عباداتهم وشعائرهم الدينية مع بعضهم، ولا يمكن وضعهم في الزنزانة نفسها مع قادة المحاور (الذين تحاربوا خلال جولات القتال في مدينة طرابلس) حتى لا تقع إشكالات فيما بينهم».


مقالات ذات صلة

اتفاق لبناني - إماراتي على «آليات وإجراءات» لرفع حظر السفر إلى لبنان

المشرق العربي رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد يستقبل الرئيس اللبناني جوزيف عون في أبوظبي (رويترز)

اتفاق لبناني - إماراتي على «آليات وإجراءات» لرفع حظر السفر إلى لبنان

اختتم عون (الخميس) زيارته إلى الإمارات التي أجرى خلالها مباحثات مع رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وكبار المسؤولين الإماراتيين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نيران مشتعلة إثر غارة إسرائيلية استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية الأسبوع الماضي (أ.ب)

رغبة سكان جنوب لبنان في العودة تصطدم بندرة الخدمات والاستهدافات الإسرائيلية

تصطدم رغبة سكان المنطقة الحدودية جنوب لبنان في العودة إلى منازلهم مع غياب الخدمات الأساسية، بينها شبكات المياه والخدمات الصحية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت (رويترز)

البرلمان اللبناني يبدأ دراسة مشروع «إعادة هيكلة المصارف»

باشرت لجنة المال والموازنة في مجلس النواب اللبناني، برئاسة النائب إبراهيم كنعان، دراسة «مشروع قانون إعادة تنظيم القطاع المصرفي» الذي أقرته الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً مع الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز والجنرال مايكل جيه ليني والسفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون (رئاسة الجمهورية)

المسؤولون اللبنانيون: اعتداءات إسرائيل تعوق انتشار الجيش ومسيرة تعافي الدولة

جدد المسؤولون اللبنانيون مطالبتهم بانسحاب إسرائيل من المناطق التي تحتلها، ووقف اعتداءاتها التي تعوق انتشار الجيش اللبناني وتنعكس سلباً على مسيرة تعافي الدولة

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت (رويترز)

مصرف لبنان المركزي: سنقترح مسوّدة أولى لخطة إعادة هيكلة المصارف

أعلن مصرف لبنان أنه سيقوم باقتراح المسوّدة الأولى لخطة إعادة هيكلة المصارف، والتي ستكون لاحقاً موضوع نقاشات ومراجعات من صندوق النقد الدولي ورئاسة الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الحكومة السورية تواصل تعزيز الأمن ببلدات درزية في ريف دمشق

محافظ السويداء وقائد الفرقة 40 في الجيش يتابعان انتشار قوات الجيش والأمن العام في بلدة الصَّورة الكبرى بريف السويداء (سانا)
محافظ السويداء وقائد الفرقة 40 في الجيش يتابعان انتشار قوات الجيش والأمن العام في بلدة الصَّورة الكبرى بريف السويداء (سانا)
TT
20

الحكومة السورية تواصل تعزيز الأمن ببلدات درزية في ريف دمشق

محافظ السويداء وقائد الفرقة 40 في الجيش يتابعان انتشار قوات الجيش والأمن العام في بلدة الصَّورة الكبرى بريف السويداء (سانا)
محافظ السويداء وقائد الفرقة 40 في الجيش يتابعان انتشار قوات الجيش والأمن العام في بلدة الصَّورة الكبرى بريف السويداء (سانا)

بينما تتابع الجهات الحكومية إجراءات تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الصَّوْرة بريف السويداء جنوب البلاد، وتأمين محيطها من المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون، ذكرت شخصيات دينية درزية ونشطاء في المجتمع الأهلي أن التوتر مستمر، في ضاحيتي جرمانا وأشرفية صحنايا بريف دمشق، وإن بوتيرة أخف من اليومين السابقين، على الرغم من الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوقف إطلاق النار.

المتحدث الرسمي باسم حركة «رجال الكرامة» باسم أبو فخر (حساب فيسبوك)
المتحدث الرسمي باسم حركة «رجال الكرامة» باسم أبو فخر (حساب فيسبوك)

وأوضح، باسم أبو فخر المتحدث الرسمي باسم حركة «رجال الكرامة» التي يقودها الشيخ يحيى الحجار، أن الاجتماع الذي ضم محافظي ريف دمشق والسويداء والقنيطرة وشيوخ عقل من السويداء ووجهاء، مساء الأربعاء، توصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار، وتنظيم السلاح الموجود في المنطقة، وطالب ممثلي الدولة بأن يكون محصوراً بيد عناصر وزارتي الدفاع والداخلية».

وأضاف أبو فخر لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتفاق تضمن أيضاً «دخول الأمن العام إلى (أشرفية صحنايا)، وأن تكون تحت سيطرة القوات الحكومية، على أن تضمن الأخيرة سلامة الأهالي وعدم تعرضهم للهجمات من أي من الأطراف»، مشيراً إلى «تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاق».

عناصر من قوات الأمن السورية يرتاحون بجوار عربتهم في بلدة صحنايا الخميس (رويترز)
عناصر من قوات الأمن السورية يرتاحون بجوار عربتهم في بلدة صحنايا الخميس (رويترز)

وكانت محافظة السويداء، أعلنت ليل الأربعاء، عبر قناتها على منصة «تلغرام» أنه - بهدف الوصول لاتفاق حول الأحداث الجارية في جرمانا وأشرفية صحنايا - عُقدت جلسة لمناقشة واقع المدينتين في دمشق، وذلك بحضور محافظ السويداء مصطفى البكور ومحافظ ريف دمشق عامر الشيخ، ومحافظ القنيطرة أحمد الدالاتي، ومشايخ الدروز يحيى الحجار، وليث البلعوس، وحمود الحناوي، ويوسف جربوع.

وفي وقت لاحق، أعلنت محافظة السويداء أنه «تم خلال الجلسة التي عُقدت بدمشق بحضور محافظي ريف دمشق، والسويداء، والقنيطرة، وعدد من الوجهاء والشخصيات الاجتماعية، التوصل إلى اتفاق «مبدئي» يقضي بوقف إطلاق النار في جرمانا وأشرفية صحنايا بريف دمشق. كما تم تشكيل لجنة مشتركة للعمل على وقف النزف الدموي، وإيجاد حلول تسهم في تحقيق التهدئة، واستقرار الأوضاع في المنطقتين».

طفلان يجمعان عبوات رصاص فارغة عقب اشتباكات أشرفية صحنايا قرب دمشق (إ.ف.ب)
طفلان يجمعان عبوات رصاص فارغة عقب اشتباكات أشرفية صحنايا قرب دمشق (إ.ف.ب)

كما أعلنت قوات الأمن انتهاء العملية الأمنية في أشرفية صحنايا. وقال مدير أمن ريف دمشق، حسام الطحان، إن القوات السورية دخلت جميع أحياء البلدة، وستبدأ إجراءات استعادة الأمن والاستقرار للمنطقة. وأكدت السلطات السورية، في بيان، التزامها «حماية» كل مكونات الشعب بمن فيهم الدروز.

جاء ذلك بعد أن شهدت مناطق ذات غالبية درزية حول دمشق، الأربعاء، لليوم الثاني على التوالي، حوادث عنف إثر تسريب تسجيل صوتي منسوب لرجل دين درزي تضمن عبارات مسيئة للإسلام، فبعد مواجهات في جرمانا، الثلاثاء، تمددت المواجهات إلى بلدتي صحنايا وأشرفية صحنايا، فحصلت اشتباكات عنيفة بين مجموعات مسلحة، أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى من كلا الجانبين، وقالت بعض المصادر إن «من تعرض للأشرفية وصحنايا هم من تنظيمات مسلحة غير رسمية أغلبهم غير منضوٍ في وزارة الدفاع».

رجال دروز يحملون الأسلحة عند نقطة تفتيش في جرمانا قرب دمشق (أ.ف.ب)
رجال دروز يحملون الأسلحة عند نقطة تفتيش في جرمانا قرب دمشق (أ.ف.ب)

أما في ضاحية جرمانا الواقعة بريف دمشق الشرقي، فقال عضو مجموعة العمل الأهلي في المدينة ربيع منذر في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» إنه «حَذَّرَ» من أن هناك قوى تابعة للأمن العام من أبناء المدينة تدير الحواجز الموجودة على مداخل جرمانا، لكن حتى الآن لم يتم تنفيذ الاتفاق الأخير، كما أن هناك اتفاقاً كان قد أُبْرِمَ في الثاني من مارس (آذار) الماضي حتى الآن لم يتم تفعيله.

وصرح منذر لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أبناء المدينة مسؤولون عما نطلقه من تصريحات بأنفسنا، ولسنا مسؤولين عما يطلقه غيرنا من تصريحات»، معلقاً على مطالبة الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، الشيخ حكمت الهجري، بتدخل «قوات دولية لحفظ السلم» في سوريا. وبحسب منذر «هناك مجموعات مسلحة موجودة في محيط المدينة تقوم بأعمال استفزازية وعمليات إطلاق نار وعمليات قنص على المدنيين».

جنوباً، تابع محافظ السويداء، وقائد الفرقة 40 في الجيش السوري، انتشار قوات الجيش والأمن العام في بلدة الصورة الكبرى بريف السويداء الشمالي، بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وفق ما ذكرت وكالة «سانا».

من جانبها، بثت محافظة السويداء في قناتها على «تلغرام» صوراً تظهر استمرار انتشار قوات الأمن العام في بلدة الصورة، كما أظهرت بعضها المحافظ وهو يتابع إجراءات تأمين المنطقة، تمهيداً لعودة الأهالي، وضمان سلامتهم من أي محاولات لزعزعة الأمن والاستقرار.

لكن المتحدث الرسمي باسم حركة «رجال الكرامة»، ذكر لـ«الشرق الأوسط» أن قرى، كناكر وعرى وساس والصورة وداما... لا تزال «تتعرض لهجمات من قبل تنظيمات جهادية»، على حد تعبيره.