قلق يسود حيفا الواقعة في مرمى نيران «حزب الله»

منشآت نفطية في ميناء حيفا (أ.ف.ب)
منشآت نفطية في ميناء حيفا (أ.ف.ب)
TT

قلق يسود حيفا الواقعة في مرمى نيران «حزب الله»

منشآت نفطية في ميناء حيفا (أ.ف.ب)
منشآت نفطية في ميناء حيفا (أ.ف.ب)

تصل رائحة الوقود من خزانات قريبة إلى شقة دوفي سوني، الأمر الذي يثير غضبه، منذ وقت طويل، لكن قلقه ازداد منذ إعلان «حزب الله» اللبناني أن هذه المنشأة بحيفا تقع في مرمى نيرانه.

لا يملك دوفي سوني (66 عاماً) أيّ فكرة عمّا يمكن أن يحصل إذا أصاب صاروخ للحزب الموالي لإيران إحدى الحاويات الدائرية الشاهقة، الواقعة على بُعد نحو مائة متر من المبنى الذي يسكنه.

وكما هي حال جميع سكان المدينة الإسرائيلية الساحلية التي تقع على بُعد 30 كيلومتراً فقط من الحدود اللبنانية، لم يجرِ إبلاغه بالمخاطر المرتبطة بالمنطقة الصناعية، ما يدفعه إلى الخشية من حدوث الأسوأ.

تظهر الخزانات والمبنى الذي يسكنه سوني في الصور التي التقطتها طائرة دون طيار، وبثّها «حزب الله».

ومنذ بدء الحرب في غزة، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يتبادل التنظيم اللبناني إطلاق النار بشكل شِبه يومي مع إسرائيل، في إطار دعم الفلسطينيين، وفقاً لما يؤكد.

ويقول سوني، بينما يضرب على صدره بقبضة يده للإشارة إلى تصاعد نبضات قلبه: «عندما نسمع صفارات الإنذار (جراء إطلاق صواريخ) يكون الأمر مُرعباً».

نقص معلومات

يضيف سوني، وهو موسيقيّ يعزف في فرقة روك: «خلال حرب الخليج، سقط صاروخ في مكان ليس بعيداً من هنا، إنّه أمر مخيف فعلاً».

سفينة حربية إسرائيلية تمر أمام ميناء حيفا (أ.ب)

يتبع شارع كريات هاييم حيث يسكن، لبلدية حيفا حيث يعيش إسرائيليون؛ عرب ويهود، لكن تفصله عن المدينة المنطقة الصناعية الكبرى في حيفا ومصفاتها، وأيضاً مستودع تخزين النفط الضخم فيها.

تقول هيلا لوفر، المستشارة السابقة للشؤون البيئية في بلدية حيفا، إنّ «السكان لا يعرفون فعلاً عدد الخزانات الممتلئة، وتلك الفارغة». وتعرب عن أسفها لنقص المعلومات، بينما تعيش هي أيضاً على مسافة ليست بعيدة عن هذه الخزانات.

من جهتها، تؤكد السلطات أنّه جرى تأمين الموقع من خلال إفراغ عدد من الخزانات، دون إضافة مزيد من التفاصيل.

أما الناشطون، الذين قادوا حملات لإبعاد المنطقة الصناعية من الأحياء السكنية، فقد فشلوا في تحقيق ذلك.

وتقول لوفر: «منذ سنوات، كنّا نحذر بشأن الوضع، ماذا سيحدث عندما يأتي اليوم الذي نتعرض فيه لهجوم من الشمال، من إيران، من كل مكان؟».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنّه أمَر «كإجراء احترازي بمراقبة وفحص وتقييد نقل المواد في عدّة مصانع بالشمال»، لكن دون «وقف كامل للنشاط».

ويضيف أنّ قيادة الجبهة الداخلية، المسؤولة عن حماية المدنيين، «تبقى على اتصال دائم» بجميع المنشآت، خصوصاً عبر إجراء «مراجعات يومية» للحفاظ على «صورة كاملة عن مخزون المواد الخطِرة».

«قنبلة ضخمة»

لم تردَّ شركة «تاشان» العامة، المسؤولة عن موقع تخزين الوقود، على سؤال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بهذا الشأن.

سفينة حربية إسرائيلية تمر أمام ميناء حيفا (أ.ب)

غير أنّ مجموعة «باسان»؛ وهي شركة خاصة تدير المصفاة الأقرب إلى وسط المدينة، أكدت، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، تطبيق توجيهات الجيش، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

من جهته، ندَّد موقع «ميكوميت (Mekomit)» المستقل، بثقافة «القمع والإخفاء» المنتشرة في المنطقة الصناعية. كما شبّه ما يمكن أن يحدث بالانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، في عام 2020، والذي خلّف 220 قتيلاً و6500 جريح، على الأقل، وأدى إلى تدمير أجزاء كاملة من العاصمة اللبنانية.

لا يزال رجا زعتري، وهو مستشار لدى بلدية حيفا، يتذكر المعركة التي خاضتها المدينة مع الشركات الخاصة والعامة، خصوصاً من أجل نقل مخزون الأمونيا إلى صحراء النقب جنوباً.

وفي النهاية، يشير إلى أن «بلدية حيفا طالبت وأجبرت هذه الشركات على خفض الكميات، خصوصاً في المناطق القريبة من الأحياء السكنية».

حتى إنه، وهو الذي كان يعمل في هذا المجال، يقر بأنّه لم يعرف «بالضبط المواد الموجودة هناك».

ويقول: «نحن نعلم أنّها مواد خطِرة وأنّها ملوِّثة، وأنّها في حال وقوع حرب، يمكن أن تصبح قنبلة ضخمة».

وفي هذا الإطار، تحذّر لوفر من أنّه بعد ذلك سيُضاف خطر وقوع كارثة بيئية. وسواء وقعت حرب أم لا، سيبقى دوفي سوني في حيفا حيث لا يندم إلّا على شيء واحد هو إلغاء النشاطات الثقافية. ويقول متأسّفاً: «لا توجد موسيقى» في الأوقات العصيبة.


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يكشف عن أكبر أنفاقه بفيديو وُصف في إسرائيل بـ«التهديديّ»

المشرق العربي عناصر من «حزب الله» ظهروا في الفيديو يؤدون التحية أمام النفق الضخم (أ.ف.ب)

«حزب الله» يكشف عن أكبر أنفاقه بفيديو وُصف في إسرائيل بـ«التهديديّ»

كشف «حزب الله»، الجمعة، عن واحد من أكبر أنفاقه، في مقطع فيديو يظهر شاحنات محملة بصواريخ ضخمة تتجول تحت الأرض.

نذير رضا (بيروت)
شؤون إقليمية المفاوضات مستمرة من أجل عقد لقاء بين إردوغان والأسد (أرشيفية)

مصادر تركية: دبلوماسية «الباب الخلفي» تجهز للقاء إردوغان والأسد

كشفت مصادر تركية عن اتباع دبلوماسية «الباب الخلفي» لعقد اللقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شمال افريقيا مباحثات عبد العاطي وميقاتي في بيروت (الخارجة المصرية)

مصر تؤكد مواصلة دعم لبنان في مواجهة التحديات

أكد وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، «اهتمام مصر البالغ باستقرار لبنان ومواصلة دعمه في مواجهة التحديات المحدقة به».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي لوحة من ضمن حملة إعلانية تنتشر في بيروت تحمل عنوان «بيكفي تعبنا.. لا نريد الحرب» (إ.ب.أ)

أزمات وكوارث متلاحقة تُنهك اللبنانيين

جاءت الهزتان الأرضيتان اللتان ضربتا لبنان، كما الأردن وسوريا، الثلاثاء والجمعة، بمثابة قطرة المياه التي أدت لطوفان كوب اللبنانيين.

بولا أسطيح (بيروت)
شؤون إقليمية رئيسا الحكومتين السابق يائير لبيد والحالي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)

الإسرائيليون مستعدون لتجربة نفتالي بنيت مرة أخرى

أعرب غالبية الإسرائيليين عن فقدان الثقة بقادة الأحزاب السياسية الحالية، بمن فيهم بنيامين نتنياهو، ورئيس المعارضة، يائير لبيد، ومنافس نتنياهو الأساسي بيني غانتس.

نظير مجلي (تل أبيب)

«هدنة غزة»: اقتراح جديد لـ«سد فجوات» الاتفاق... وجولة مرتقبة في القاهرة

أقارب فلسطيني قُتل خلال هجوم إسرائيلي في خان يونس (رويترز)
أقارب فلسطيني قُتل خلال هجوم إسرائيلي في خان يونس (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: اقتراح جديد لـ«سد فجوات» الاتفاق... وجولة مرتقبة في القاهرة

أقارب فلسطيني قُتل خلال هجوم إسرائيلي في خان يونس (رويترز)
أقارب فلسطيني قُتل خلال هجوم إسرائيلي في خان يونس (رويترز)

بمقترح جديد قدمه الوسطاء لإبرام هدنة في قطاع غزة، وترتيبات فنية، انتهت مفاوضات الدوحة، الجمعة، عقب مناقشات على مدار يومين، منتظرة جولة مرتقبة بالقاهرة قبل نهاية الأسبوع، تعول مصر وقطر والولايات المتحدة ودول غربية عليها لإنجاز صفقة قريبة، وسط محاولات دولية لتفادي تصعيد إيراني بالمنطقة، وزيارة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الاثنين المقبل، لإسرائيل.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن نتائج مفاوضات الدوحة «قد تقود لاتفاق قريب»، في ضوء المقترح الجديد والترتيبات التي تستهدف تهدئة إقليمية. وأكدوا أن زيارة بلينكن، ضمن الضغوط الأميركية التي تريد خفض التصعيد وتحقيق الهدنة معاً.

وتحاول إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وحلفاؤها منذ الأسبوع الماضي الضغط على «حماس» وإسرائيل لإحراز تقدم يؤدي إلى تجنب أو كبح أي عمل انتقامي من جانب إيران ووكلائها، رداً على اغتيال إسماعيل هنية في طهران نهاية يوليو (تموز) الماضي، والقيادي بـ«حزب الله» اللبناني فؤاد شكر، وسط تعويل على تقدم في مفاوضات الهدنة في الدوحة.

فلسطيني يقوم بإجلاء طفل جريح بعد غارة إسرائيلية على الزوايدة وسط قطاع غزة (أ.ب)

وعلى مدار يومين «شهدت الدوحة محادثات مكثفة وجادة وبنّاءة وأجواء إيجابية بهدف إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن والمحتجزين»، قبل أن تقدم الولايات المتحدة، الجمعة، بدعم مصري - قطري مقترحاً إلى «حماس» وإسرائيل «يقلص الفجوات بين الطرفين»، وفق بيان مشترك صادر عن الوسطاء، الجمعة.

ويُبنى هذا الاقتراح، وفق البيان المشترك، على «نقاط الاتفاق التي تحققت خلال الأسبوع الماضي، ويسد الفجوات المتبقية بالطريقة التي تسمح بالتنفيذ السريع للاتفاق».

وستواصل الفرق الفنية العمل خلال الأيام المقبلة على تفاصيل التنفيذ، بما في ذلك الترتيبات لتنفيذ الجزئيات الإنسانية الشاملة للاتفاق، بالإضافة إلى الجزئيات المتعلقة بالرهائن والمحتجزين، وفق بيان الوسطاء، على أن يحدث اجتماع جديد في القاهرة قبل نهاية الأسبوع المقبل.

ويعول الوسطاء على «التوصل إلى اتفاق وفقاً للشروط المطروحة في المقترح». وأكدوا أنه «لم يعد هناك وقت نضيعه ولا أعذار يمكن أن تُقبل من أي طرف تبرر مزيداً من التأخير»، موضحين أنه «قد حان الوقت لإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وبدء وقف إطلاق النار، وتنفيذ هذا الاتفاق».

وبحسب الوسطاء، فقد «أصبح الطريق الآن ممهداً لتحقيق هذه النتيجة، وإنقاذ الأرواح، وتقديم الإغاثة لشعب غزة، وتهدئة التوترات الإقليمية».

تلك التطورات الجديدة، استبق الإعلان عنها تأكيد وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي بلبنان، الجمعة، «تحرك الوسطاء بشكل جدي لسد الفجوات بطريقة لا تمس ثوابت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة»، ضمن مشاورات قالت «الخارجية المصرية» إنها تستهدف «تهدئة التصعيد بالمنطقة».

ووفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد حجازي، فإن المتغيرات الجديدة تكشف أن «جولة التفاوض في الدوحة أدرك فيها المفاوضون وطرفا الصراع أننا أمام تهديد إقليمي يستدعي النظر في منهج التفاوض»، مؤكداً أن «لغة البيان كاشفة عن إدراك حجم المخاطر، وكان السبيل لذلك التوجه لصيغة توافقية سيتم الاجتماع بشأنها في القاهرة الأسبوع المقبل للتوصل لاتفاق».

وهذا الاتفاق الذي يعتقد حجازي أنه بات «قريباً»، «يعكس فهماً للعناصر الرئيسية الثلاثة، والتي تشمل وقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن، والتهدئة الإقليمية التي يُقصد بها استيعاب تداعيات المخاطر الراهنة التي يمكن أن تنزلق فيها قوى إقليمية، وتحديداً إيران، في مواجهة مع إسرائيل وتستدعي تدخلاً دولياً»؛ ولذا فاستدعاء بيان الوسطاء بُعد التهدئة الإقليمية، وفق حجازي، «يعكس أيضاً فهماً عميقاً لأهمية التوصل لهذا الاتفاق ويؤشر إلى أننا أمام توافق جاد».

ومتفقاً معه، يعتقد الأكاديمي المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن مفاوضات الدوحة «تكشف عن تقدم ملموس في المفاوضات ووجود فرصة قد تقودنا لاتفاق قريباً»، متوقعاً انتقال المحادثات في الأغلب من الشق الفني التنفيذي للمستوى السياسي للنظر في اعتمادها أو وضع إضافات، قبل اجتماع القاهرة.

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)

وتزامن مع الإعلان عن المقترح الجديد، حديث لوسائل إعلام إسرائيلية، الجمعة، عن أن بلينكن سيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الاثنين المقبل، في تل أبيب، وسط تفاؤل غربي من قرب إبرام اتفاق.

وباعتقاد وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورنيه، في تصريحات، الجمعة، فإن المنطقة «أمام أيام حاسمة بشأن التوصل لاتفاق يوقف النار في غزة»، وهو ما دعا إليه أيضاً وزير خارجية بريطانيا، ديفيد لامي، الجمعة، من تل أبيب، بالقول إنه «حان الوقت لتنفيذ صفقة تبادل ووقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن المحتجزين».

ويرى محمد حجازي، زيارة بلينكن «مؤشراً مهماً في اتجاه إبرام اتفاق»، مؤكداً أن الولايات المتحدة مدركة لحجم المخاطر ولا تريد ترك المشهد على ما هو عليه، وأنها شاركت بوفد كبير بالمفاوضات، متوقعاً انفراجة قريبة بالأزمة.

وشارك في محادثات الدوحة التي تأتي وسط محاولات دولية وعربية لتفادي تصعيد بالمنطقة، كل من مدير الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز، ومبعوث الرئيس الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط بريت ماغورك، ومن الجانب الإسرائيلي رئيس الاستخبارات ديفيد برنياع، ورئيس جهاز الأمن الداخلي رونين بار، ورئيس قسم الرهائن في الجيش الإسرائيلي نتسان ألون، إضافة إلى الوسطاء من قطر ومصر، في حين لم تشارك «حماس» في المحادثات.

فلسطينيون يقودون سيارتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية في خان يونس (إ.ب.أ)

وكان اليوم الأول من محادثات الدوحة لوقف إطلاق النار، قد «شهد نقاشات امتدت لأكثر من 7 ساعات حول جميع النقاط العالقة وآليات تنفيذ الاتفاق. وأبدى خلالها جميع الأطراف رغبة حقيقية في التوصل لاتفاق»، بحسب ما نقلته قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية عن مصدر مصري وصفته بأنه «رفيع المستوى»، الخميس، لافتة إلى أن محادثات اليوم الثاني كانت بشأن «استكمال المناقشات حول آليات تنفيذ الاتفاق»، والذي اختُتم بإعلان المقترح الجديد وجولة مرتقبة بالقاهرة.

وفي ضوء تلك المخرجات والزيارة المرتقبة لبلينكن، يتفاءل أحمد فؤاد أنور، بأن الأوضاع تسير لمشهد 2005 مع انسحاب إسرائيل وقتها من قطاع غزة، مرجحاً إمكانية إبرام اتفاق هدنة في ظل الضغوط الأميركية والغربية ودور الوسطاء المتميز لتفادي أي تصعيد بالمنطقة وتحقيق الاستقرار فيها.