خيارات القادة بين الاستراتيجي والتكتيكي... «حماس» في معادلة إيران «بيدق تضحية»

«جبهة الإسناد» لم تتمكن من تخفيف الضغط عن جبهة غزّة

مقاتلون من «حزب الله» خلال تدريبات عسكرية بمنطقة جزين بجنوب لبنان في مايو 2023 (أ.ب)
مقاتلون من «حزب الله» خلال تدريبات عسكرية بمنطقة جزين بجنوب لبنان في مايو 2023 (أ.ب)
TT

خيارات القادة بين الاستراتيجي والتكتيكي... «حماس» في معادلة إيران «بيدق تضحية»

مقاتلون من «حزب الله» خلال تدريبات عسكرية بمنطقة جزين بجنوب لبنان في مايو 2023 (أ.ب)
مقاتلون من «حزب الله» خلال تدريبات عسكرية بمنطقة جزين بجنوب لبنان في مايو 2023 (أ.ب)

في الحروب لا يمكن فصل مستويات التخطيط، بدءاً من الاستراتيجي إلى العملياتي، وصولاً إلى المستوى التكتيكي. فهي، أي المستويات، ليست سوى إطار فكريّ يُعدّ قبل بدء الحرب، ليُشكّل خريطة طريق للتنفيذ. في هذه الخريطة، يُشكّل المستوى التكتيكي، وبامتياز، ساحة التنفيذ الفعليّ للأفكار. فيه تُختبر الأفكار والخطط والاستعدادات، ويُقاس مدى الجهوزيّة.

يحتلّ المستوى الجيوسياسيّ مرتبة أعلى من المستوى الاستراتيجيّ. فيه تُرسم المسلّمات الجيوسياسيّة للأمّة. في هذه المسلّمات يدرسُ القادة التقييدات والقدرات والمحيط المباشر، وكذلك تحديد العدو الدائم، والعدو المؤقّت، كما الصديق الدائم والصديق المؤقّت. يلعب التاريخ والجغرافيا دوراً مهمّاً في تحديد هذه المُسلّمات، لكن القرب الجغرافي بين القوى العظمى يجعل هذه المُسلّمات تتضارب وتتقاطع مع بعضها البعض، الأمر الذي قد يؤدّي إلى الصدام - روسيا وأوروبا مثلاً.

أمثلة تاريخية

تبوّأ نابليون العرش الفرنسي، وأراد مقارعة بريطانيا، فاعتمد استراتيجيّة المواجهة غير المباشرة. فإذا لم يستطع مقارعة الأسطول الانجليزيّ في البحر، فلماذا لا يحتل كل البرّ الأوروبيّ، ويمنع هذا الأسطول من الرسوّ على شواطئ القارة العجوز؟ تكتّلت أوروبا ضدّ نابليون فأسقطته. وخاضت إسبانيا ضدّه حرباً لا تماثليّة، فابتكرت مبدأ «حرب العصابات» (Guerilla)، وهي كلمة تعني الحرب الصغيرة. لا تزال فرنسا تعاني من عقدة العظمة (Grandeur). فهل يعدّ نابليون مفكّراً وقائداً استراتيجيّاً، أم أن الأمور بخواتيمها؟ لا بد من التذكير هنا أن نابليون كان من أهمّ المفكّرين العسكريّين على المستويين العملانيّ والتكتيكي، لكن خطأه الأكبر أنه ذهب إلى الامتداد الأقصى لقدراته (Overstretched).

أراد هتلر بناء الرايخ الثالث، تيمناً بالرايخ الأول مع الإمبراطوريّة الجرمانيّة المقدّسة، والرايخ الثاني مع بسمارك. قلب هتلر الأوضاع في أوروبا. توسّع شرقاً وغرباً وشمالاً، واحتلّ باريس، عاصمة فرنسا، لكنه سقط بعد ذلك، لأنه وصل إلى الامتداد الأقصى. أراد هتلر بناء إمبراطوريّة كونيّة على غرار بريطانيا بوصفها مُسلّماً جيوسياسيّاً. سقط الرايخ الثالث بعد سنوات فقط (1939-1945). جلبت الحرب الكوارث على ألمانيا. فهل يُعدّ هتلر قائداً ومفكّراً استراتيجيّاً، أم أنه يُحكم على الأمور بخواتيمها؟

عناصر من «كتائب القسّام» في حركة «حماس» خلال تشييع قيادي اغتالته إسرائيل بجنوب لبنان يوم 10 أغسطس الحالي (رويترز)

الاستراتيجيّة والتكتيك في غزّة

إن أسوأ تخطيط استراتيجيّ هو الذي يعتمد في نجاحه على استراتيجيّة الآخر، حتى لو كان حليفاً، ففي وقت من الأوقات، وعندما تتناقض الاستراتيجيتان مع بعضهما البعض، سيدفع الثمن حتماً مَن هو أضعف في معادلة القوّة.

يرتبط نجاح استراتيجيّة «حماس» على الديناميكيّة المُتبدّلة باستمرار لاستراتيجيّة إيران في المنطقة، وذلك من ضمن ما يُسمّى باستراتيجيّة «وحدة الساحات». فما هو استراتيجيّ لإيران في هذه المعادلة، هو حتماً مسألة حياة أو موت لـ«حماس»؛ لذلك تُشكّل «حماس» في هذه المعادلة ما يُسمّى في لعبة الشطرنج بـ«بيدق التضحية»، أو بيدق المناورة (Gambit Pawn) لاستراتيجيّة إيران الكبرى، خصوصاً أن «حزب الله» في لبنان يُشكّل جوهرة التاج ومركز الثقل الأساسيّ لمشروع إيران الإقليميّ. ويُستخدم عادة بيدق المناورة بوصفه تضحية، وذلك بهدف تحسين التموضع (Positioning) على رقعة الصراع.

في المقابل، يعتمد نجاح استراتيجيّة إسرائيل في المنطقة، خصوصاً ضدّ إيران، على استراتيجيّة الولايات المُتّحدة الأميركيّة وأهدافها في المنطقة. فما هو جيوسياسيّ لإسرائيل، يُصنّف على المستوى الاستراتيجيّ للولايات المتحدة، فأميركا تنظر إلى غزّة، كما إلى الأزمة الإيرانيّة، من ضمن الصورة الكبرى، ومن ضمن الصراع مع روسيا والصين، وكيف ستؤثّر التحالفات بين هذه الدول على المشروع الأميركيّ الكونيّ.

غزّة مقابل «جبهة الإسناد»

ربط «حزب الله» اللبنانيّ جبهة لبنان بما يجريّ في غزّة، وذلك تحت مُسمّى «جبهة إسناد»، فإذا ما حلّلنا هذه المقاربة على المستوى الاستراتيجي والعسكري، فقد يمكن استنتاج ما يلي:

• تهدف جبهة لبنان إلى إشغال الجيش الإسرائيليّ، وتثبيت بعض وحداته العسكريّة على هذه الجبهة.

• لم تؤثّر هذه الجبهة، سواء تكتيكيّاً أو عملانيّاً، على سير الحرب المُدمّرة في قطاع غزّة، فالقطاع قد دٌمّر بنسبة أكثر من 80 في المائة. ولم تتمكن «جبهة إسناد» من تخفيف الضغط عن جبهة غزّة.

• تخوض «حماس» اليوم حرباً وجوديّة (Existential) في قطاع غزّة. ويخوض «حزب الله»، في المقابل، حرباً ذات بُعدين مهمّين هما:

- على المستوى اللبنانيّ، يريد تثبيت نفسه الآمر والناهي في كلّ المسائل. يريد خلق منظومة ردعيّة لمنع إسرائيل من تكرار تجربة حرب يوليو (تمّوز) العام 2006. يُجرّب ويختبر الحزب منظومته العسكريّة في حرب حيّة، وليس عبر المحاكاة، كما يُجرّب الأسلحة التي تزوّده بها إيران، وقد يُمكن القول إن الحزب يريد تجنّب حرب إسرائيليّة عليه لأن الأمر يُعدّ مسألة حياة وموت.

- على المستوى الإقليميّ، يقدّم «حزب الله» خدمات ذات بُعد وقيمة جيوسياسيّة للأصيل الذي يرعاه.

يقول الخبراء إن كل حرب ستنتهي في وقت ما. وهي، أي الحرب، ليست فعلاً مستمرّاً في الزمان والمكان، وفق ما يقول المفكّر البروسي كارل فون كلوزفيتز. وعندما تتوقّف الحرب، وجب ترجمة نتائجها على البُعد السياسيّ. فلنُسلّم جدلاً بأن حرب غزّة توقّفت اليوم، فمن سيجلس حول طاولة التفاوض؟ وكيف، ومن سيُترجم نتيجة أرض المعركة إلى المستويين السياسي والجيوسياسي؟ وما هو دور «حماس» في هذه اللعبة؟ وهل يمكن تعويض خسائر القطاع في الحجر والبشر؟

كل حرب ستنتهي في وقت ما. الحرب ليست فعلاً مستمرّاً في الزمان والمكان

المفكّر البروسي كارل فون كلوزفيتز


مقالات ذات صلة

ألمانيا تُحاكم سكرتيرة سابقة في السجون النازية تبلغ 99 عاماً

يوميات الشرق الماضي المُلطَّخ (غيتي)

ألمانيا تُحاكم سكرتيرة سابقة في السجون النازية تبلغ 99 عاماً

هل يمكن لكاتبة مدنيّة على الآلة الكاتبة في معسكرات الاعتقال النازية أن تكون قد ساعدت وحرَّضت على القتل الجماعي لأكثر من 10 آلاف شخص؟

«الشرق الأوسط» (لايبتسيغ - ألمانيا)
أوروبا فيللا كان يملكها وزير الدعاية للرايخ جوزف غوبلز في الريف المحيط بالعاصمة الألمانية (أ.ف.ب)

برلين تبدي استعدادها لوهب فيللا أنشأها وزير دعاية هتلر

تشكل فيللا كان يملكها وزير الدعاية للرايخ جوزف غوبلز وتتطلب صيانة مكلفة ويصعب بيعها أو هدمها، عبئاً على بلدية برلين التي تبدي حالياً استعدادها لوهبها.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق لقطة بعيدة تُظهر جامعة كمبردج (رويترز)

اكتشاف مشاركة عشرات الطالبات من جامعة بكمبردج في فك الشيفرات النازية

خلال الحرب العالمية الثانية، شاركت العشرات من طالبات جامعة نيونهام كمبردج ليل نهار، في سرية تامة، في الجهود لفك رموز نازية.

«الشرق الأوسط» (كمبردج (المملكة المتحدة))
رياضة عالمية رواد مواقع التواصل الاجتماعي شبّهوا القميص «44» بقوات الأمن الخاصة «إس إس» التابع للنازية (المنتخب الألماني)

«النازية» تجبر «أديداس» على منع بيع قميص ألمانيا

تنوي شركة «أديداس» لصناعة الملابس والمستلزمات الرياضية إجراء تعديل جذري على سياسة بيع قميص منتخب ألمانيا الذي يحمل رقم 44 رداً على الانتقادات الموجهة للتصميم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب (أ.ب)

بعد تشبيهه بهتلر... ترمب: لم أقرأ كتاب «كفاحي»

قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إنه لم يقرأ يوماً كتاب أدولف هتلر «كفاحي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لبنان: فتور في علاقة «التقدمي» و«القوات» يسعيان لاستيعابه بوقف الحملات

رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

لبنان: فتور في علاقة «التقدمي» و«القوات» يسعيان لاستيعابه بوقف الحملات

رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)

تطغى حالة من الفتور على العلاقة بين حزبي «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي»، أدت إلى انقطاع التواصل بينهما، واستعيض عنه باتصال بين النائبين وائل أبو فاعور وملحم رياشي، انتهى إلى وقف تبادل الحملات الإعلامية والسياسية التي بلغت ذروتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من دون أن ترتد سلباً على مصالحة الجبل التي رعاها البطريرك الماروني الراحل نصر الله بطرس صفير، كونهما يصران على تحصينها وتوفير الحماية السياسية لها.

فتور العلاقة بين الحزبين لم يظهر للعلن وبقي صامتاً، إلى حين تعمّق الخلاف بينهما في مقاربتهما للتداعيات السياسية والأمنية المترتبة على اشتعال الوضع في جنوب لبنان، في ضوء القرار الذي اتخذه «حزب الله» بإسناده لحركة «حماس» في قطاع غزة، مع أن مصدراً بارزاً في حزب «القوات» حاول التخفيف من وطأته باتهام جهات لم يسمّها تتعمد ضرب العلاقة بين الحزبين، من دون أن يقلل من الخلاف حول دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري النواب للحوار والتشاور كأساس لدعوتهم لجلسات متعددة بدورات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية.

«التقدمي»: لجنبلاط الحق في موقفه

في المقابل، يؤكد مصدر في «التقدمي» أنه يحق لرئيسه السابق وليد جنبلاط أن يحتفظ لنفسه بمساحة سياسية في مقاربته للقضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل دفاعاً عن حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يحق لأي طرف التصرف مع جنبلاط وكأنه ملحق بسياسته بخلاف قناعاته، برغم أنه كان أول من نصح «حزب الله» بعدم توفير الذرائع لإسرائيل لاستدراجه نحو توسعة الحرب في جنوب لبنان، وبضرورة التنسيق مع الحكومة بكل ما يتعلق بالجهود لإعادة التهدئة إلى جنوب لبنان.

ويلفت المصدر إلى أن «التقدمي» تجنّب الدخول في سجال مع الحزب بعد أن قرر مساندة «حماس» طالما أنه يتصدى للعدو الإسرائيلي، برغم الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، ويقول إنه لا يزال في ربط نزاع معه من موقع الاختلاف في مقاربتهما للملف الداخلي، من دون الانجرار إلى صدام يؤدي إلى تطييف الخلاف أو الدخول في رهانات تؤدي إلى تعميق الهوة بين اللبنانيين بدلاً من العمل ما أمكن على ردمها.

خلاف حول الحوار الرئاسي

ويعترف المصدر نفسه أن دعوة بري للحوار والتشاور شكّلت مادة خلافية مع المعارضة، وإن كان «التقدمي» ليس مع الحوار بمن حضر، وهذا ما أجمع هو وبري عليه لتفادي تكرار ما حصل عندما قررت الحركة الوطنية، فور اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، عزل حزب «الكتائب» الذي أكسبه تأييداً مسيحياً غير مسبوق.

ويؤكد أن «التقدمي» يحرص على استحالة انتخاب رئيس من دون أن يقترن بتأييد أحد أبرز المكوّنات في الشارع المسيحي، أي «القوات» و«التيار الوطني الحر»، ويقول إن بري يشاركه في الرأي، ويؤكد أن تأييده للحوار أمر لا بد منه لأن هناك صعوبة بانتخاب الرئيس من دون التوصل إلى تسوية معه بغياب التواصل بين المعارضة و«حزب الله».

ويؤيد «التقدمي»، بحسب المصدر، الحوار بلا شروط، ولا يمكن الطلب من بري أن يسحب تأييد ترشيحه للنائب السابق سليمان فرنجية للرئاسة كشرط للتشاور، ويقول إن ما يهمه، أي بري، انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، ويسأل: من قال إنه يقفل الباب أمام التوصل إلى تسوية رئاسية؟ مضيفاً: علينا أن نجرّبه بدعوته للحوار للتأكد مما إذا كان يقفل الأبواب في وجه مثل هذه التسوية.

تموضع في الوسط

ويضيف أن «التقدمي» يتموضع حالياً في الوسط، وأن «اللقاء الديمقراطي» برئاسة تيمور وليد جنبلاط، كان ولا يزال مع انتخاب رئيس يكون على مسافة واحدة من الجميع، وأن ما يشاع عن استعداده للانقلاب على موقفه يأتي في سياق «الحرتقات» في محاولة للتأليب عليه من قبل المعارضة، وأن هناك ضرورة لتبيان موقفه ووالده للعودة إلى ما أبلغه لسفراء اللجنة «الخماسية» أنه لا تسوية رئاسية بلا ترجيح للخيار الرئاسي الثالث على غيره من الخيارات.

ويستحضر المصدر نفسه ما آلت إليه اجتماعات «اللقاء الديمقراطي» برئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، ويقول: لم نتفق معه على تشكيل قوة نيابية وسطية تضمه وكتلة «الاعتدال» النيابي، نظراً لأننا الأقدر على التواصل مع الجميع، وكنا طرحنا مبادرة أساسها الدعوة للتوافق على تسوية رئاسية، وهذا ما يجمعنا مع كتلة «الاعتدال» التي لم تظهر حماسة حيال ما طرحه عليها، ويؤكد أنه لا مجال لانتخاب الرئيس إلا بالتوافق على تسوية رئاسية.

«القوات»: تباين لم يصل إلى خلاف

بدوره، لا ينفي المصدر البارز في «القوات» وجود تباين مع «التقدمي»، وهذا أمر طبيعي بين حزبين، لكنه لم يصل إلى حد الخلاف في العمق الذي يستعجل الطلاق السياسي بينهما، برغم أن بعض الجهات تتعمد الدخول على خط التباين، لأنه لا مصلحة لها في تقاطعهما على عدد من القضايا المطروحة، وأبرزها رئاسة الجمهورية، بترجيحهما الخيار الرئاسي الثالث، ويعترف بأن دعوة بري للحوار واحدة من نقاط التباين، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات» تقدمت بالأسباب الموجبة لرفضها الدعوة، كونها تشكل خرقاً للدستور وسابقة يمكن أن تتكرر مع أي استحقاق رئاسي أو حكومي من دون أن تتنكر لدوره في التوصل إلى تسوية رئاسية.

ويلفت المصدر إلى عدم وجود خلاف مع «التقدمي» في «مقاربتنا لانتخاب الرئيس»، ويقول إننا «اتفقنا على دعم ترشيح النائب ميشال معوض، وأيدناه في أكثر من جلسة انتخابية، ثم تقاطعنا وإياه بالتفاهم مع «التيار الوطني الحر» على ترجيح الوزير السابق جهاد أزعور الذي كان أحد المرشحين، والذي أدرج وليد جنبلاط اسمه إلى جانب قائد الجيش العماد جوزف عون والنائب السابق صلاح حنين، وقوبل ترشيحه برفض من محور الممانعة الذي لا يزال يتمسك بفرنجية.

ويؤكد أن «ما يجمعنا أيضاً عدم مقاطعة جلسات الانتخاب، ونتمسك بتقاطعنا على ترشيح أزعور إلى أن يتم التوصل إلى تسوية رئاسية»، ويقول إن «مساندة (حزب الله) لغزة أوجدت حالة من التباين، ولكل منا أدبياته في التعبير عن موقفه، لكن ما يجمعنا تأييدنا لجنبلاط الذي كان السبّاق بالدعوة للتمسك باتفاقية الهدنة وضرورة تنفيذ كل مندرجاتها كأساس لعودة الهدوء إلى الجنوب، كما نلتزم وإياه بتطبيق القرار 1701».

حريصون على العلاقة مع «التقدمي»

ويجزم المصدر أنه لا علاقة لـ«القوات» بالحملة التي استهدفت جنبلاط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، و«نحن نلتزم بالتهدئة لأن ما يجمعنا يدعونا للحفاظ عليه من موقع التباين حول الحوار، وفي مقاربتنا للوضع في الجنوب وربطه بغزة بقرار منفرد من (حزب الله)»، نافياً اتهام «القوات» بالرهان على ما ستؤول إليه المواجهة المشتعلة جنوباً، مبدياً تفهمه لمواقف جنبلاط من الجنوب.

ويؤكد أن «ما يعنينا أن تبقى قنوات التواصل والعلاقة قائمة مع (التقدمي) ولا تعكرها التباينات ولا التشويش عليها من هنا وهناك»، ويقول إن هناك ضرورة للحزبين للحفاظ على المساحات السياسية المشتركة التي أوجدتها انتفاضة «ثورة الأرز» في 14 مارس (آذار) بإعطاء الأولوية لمشروع الدولة، وللبنان أولاً، للوصول إلى ما هو منشود لإعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية بانتخاب رئيس للجمهورية، ليكون في وسعنا الانتقال به تدريجياً إلى مرحلة التعافي من الأزمات المتراكمة التي يتخبط فيها.