حراك دبلوماسي أردني وتأهب عسكري

تفاؤل حذر في عمّان بإرجاء رد طهران على تل أبيب في حال التوصل إلى اتفاق في غزة

جانب من مسيرة في عمّان منددة باغتيال قياديين فلسطينيين يوم 9 أغسطس الجاري (رويترز)
جانب من مسيرة في عمّان منددة باغتيال قياديين فلسطينيين يوم 9 أغسطس الجاري (رويترز)
TT

حراك دبلوماسي أردني وتأهب عسكري

جانب من مسيرة في عمّان منددة باغتيال قياديين فلسطينيين يوم 9 أغسطس الجاري (رويترز)
جانب من مسيرة في عمّان منددة باغتيال قياديين فلسطينيين يوم 9 أغسطس الجاري (رويترز)

حتى فجر الثلاثاء، ظل رسميون أردنيون يتوقعون بدءاً وشيكاً للرد الإيراني على إسرائيل بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران قبل أسبوعين تقريباً.

ويتابع الأردن حركة التحشيد العسكري الأميركي في المنطقة، وسباق التصريحات الإيرانية - الإسرائيلية المتبادلة، التي وضعت المنطقة على صفيح ساخن، أمام انتظار رد طهران وما يمكن أن يتبعه من ردود فعل إسرائيلية قد تقود المنطقة إلى حرب إقليمية. لكن رسميين أردنيين أبدوا تفاؤلهم خلال الساعات الماضية بإرجاء رد إيران على إسرائيل في حال التوصل هذا الأسبوع إلى اتفاق لوقف النار في قطاع غزة.

وبموازاة الحراك الدبلوماسي الأردني الهادف إلى وقف الحرب على غزة، تجنباً لتوسع دائرة الصراع الذي يهدد استقرار المنطقة، فإن التأهب العسكري والأمني أخذ شكلاً عملياتياً من خلال إجراءات لمنع أي اختراق لأجواء المملكة وسيادتها، علماً أن عمّان رفضت أن تكون ساحة لهذه الحرب وأبلغت جميع الأطراف (واشنطن وتل أبيب وطهران وغيرها) بأنها لن تسمح لأحد باستخدام أجوائها أو أراضيها في أي عمليات عسكرية، بحسب تصريحات رسمية.

لكن عبارة بـ«الحد الذي يستطيعه الأردن ووفق قدراته وإمكاناته، سيتصدى لأي محاولة اختراق لأجوائه»، التي جاءت على لسان الرسميين الأردنيين خلال الساعات الماضية، شكلت الحدود الواقعية للتعامل مع ظرف عسكري أمني خطير قد تستخدم فيه تكنولوجيا السلاح المتطور واستعراض القوى، وذلك في سياق التصعيد الإيراني - الإسرائيلي المرتقب، الذي سيشكل تحدياً أمنياً ستتأثر به المملكة الأردنية بحكم موقعها.

وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء بشر الخصاونة وكذلك وزير الخارجية أيمن الصفدي أكدوا موقف عمّان من أنها «لن تكون ساحة حرب، ولن تسمح بتعريض حياة الشعب للخطر».

ولا يخفي الأردن قلقه من وجود أطراف في المنطقة تحاول العبث بأمنه الداخلي، وقد تم رصد العديد من هذه المحاولات وكشفها. وارتفعت أصوات نخب أردنية تنتمي لتيارات سياسية عدة، عبّرت عن خشيتها من تهديد أمن الأردن واستقراره، وأن ضرورات المرحلة القادمة يجب أن تدرس التكيّف مع هذا الاستهداف. واستدلت تلك النخب بموعد انعقاد الاجتماع الأول لمجلس الأمن القومي، الذي أُقر بموجب التعديلات الدستورية مطلع عام 2022، وحمل دلالات سياسية وأمنية مهمة، في ظل ما تشهده المنطقة ودول الجوار من تصعيد خطير مع استمرار حالة الترقب للرد الإيراني على إسرائيل.

وفي حسابات المخاوف الأردنية أن تكون سماء المملكة مسرحاً للصواريخ الإيرانية ومضادات الدفاع الإسرائيلية، وهذا بالحسابات المحلية يُشكل خطراً أمنياً يهدد أرواح السكان والممتلكات. وفي الذاكرة القريبة ليلة الثالث عشر من أبريل (نيسان) الماضي عندما سقطت عشرات المسيّرات الإيرانية داخل الأراضي الأردنية، وسقط بعضها وسط تجمعات سكانية بعد التصدي لها. وإذا كان هذا حال المسيّرات، فإن الأردنيين قلقون من استخدام صواريخ مصنعة وفق تكنولوجيا التسليح الحديث.

ويضاعف من مخاوف مركز القرار الأردني جبهات التوتر على الحدود الشمالية والشرقية التي تسيطر على مناطق واسعة فيها من الجانب السوري والعراقي ميليشيات إيرانية لها أجندات معادية للأمن الأردني، ومستمرة في محاولاتها لتهريب المخدرات والسلاح في اقتصاد خطر أرهق الدفاعات العسكرية الأمامية التي أصبحت تتعامل بشكل شبه يومي مع تدفق عصابات متعددة الولاءات والمصالح.

وكل ذلك يفسر الحركة النشطة للدبلوماسية الأردنية، التي تسعى إلى تعريف أزمة المنطقة اليوم باستمرار الحرب والعدوان على غزة، وأولوية الوقف الفوري لإطلاق النار، وليس التصعيد الإيراني - الإسرائيلي المرتقب، الذي سيصب في مصلحة التصعيد المستمر وردود الفعل المتبادلة، وهذا ما تخشاه عمّان.


مقالات ذات صلة

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

قال علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم (الأحد)، إن طهران تجهز لـ«الرد» على إسرائيل.

شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
TT

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)

رأى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني في الجنوب، يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، الأحد، «استشهاد أحد العسكريين وإصابة 18 بينهم مصابون بجروح بليغة نتيجة استهداف العدو الإسرائيلي مركز الجيش في العامرية على طريق القليلة - صور، كما تعرّض المركز لأضرار جسيمة».

وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) أفادت باستهداف حاجز للجيش في العامرية أدى إلى إصابة أكثر من 8 عسكريين، بينهم حالتان حرجتان، مشيرة إلى أن سيارات الإسعاف و«الصليب الأحمر» وكشافة الرسالة للإسعاف الصحي هُرعت إلى المكان، وعملت على نقل الجرحى إلى المستشفيات في صور.

عدوان مباشر

وفي تعليق منه على ما حدث رأى ميقاتي أن «استهداف العدو الإسرائيلي بشكل مباشر مركزاً للجيش في الجنوب وسقوط شهداء وجرحى يمثل رسالة دموية مباشرة برفض كل المساعي والاتصالات الجارية للتوصل إلى وقف النار، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، وتنفيذ القرار الدولي رقم 1701»، مؤكداً أن «هذا العدوان المباشر يضاف إلى سلسلة الاعتداءات المتكررة للجيش وللمدنيين اللبنانيين، وهو أمر برسم المجتمع الدولي الساكت على ما يجري في حق لبنان».

ورأى أن «رسائل العدو الإسرائيلي الرافض لأي حل مستمرة، وكما انقلب على النداء الأميركي - الفرنسي لوقف إطلاق النار في سبتمبر (أيلول) الفائت، ها هو مجدداً يكتب بالدم اللبناني رفضاً وقحاً للحل الذي يجري التداول بشأنه».

وأضاف قائلاً: «إن الحكومة التي عبّرت عن التزامها تطبيق القرار الدولي رقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، تدعو دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية إلى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد».

أدى استهداف الجيش في صور جنوب لبنان إلى أضرار جسيمة في المركز والآليات العسكرية (أ.ف.ب)

ويتعرض الجيش اللبناني منذ بدء الحرب على لبنان لاستهدافات إسرائيلية متواصلة؛ ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم، بحيث وصل عدد القتلى إلى 44 عسكرياً، بينهم 19 قُتلوا في مراكز عملهم و25 في منازلهم مع عائلاتهم.

ويأتي ذلك في ظل الحديث الجدي اليوم حول دور الجيش اللبناني في المرحلة المقبلة والوعود التي يطلقها المسؤولون اللبنانيون لناحية تطبيق القرار 1701، وزيادة عدد الجنود والضباط عند الحدود اللبنانية إلى 10 آلاف.

استهداف متكرر

وتضع مصادر أمنية الاستهدافات المتكررة للجيش اللبناني في خانة الرسائل لمنع وجود العسكريين عند الحدود اللبنانية، وهو ما يقوم به الجيش الإسرائيلي مع قوات الـ«يونيفيل» بحيث يريد فرض منطقة آمنة مهجورة ومحروقة.

وينتشر اليوم نحو 4500 عنصر من الجيش في منطقة جنوب الليطاني، كانت مهمتهم بشكل أساسي مراقبة تطبيق القرار 1701 والخروق التي تحصل، وكان قد أعيد انتشارهم بالتراجع ما بين 3 و4 كيلومترات، عند بدء التصعيد الإسرائيلي عبر إعادة تموضعهم في مراكز خلفية محصنة ومجهزة للدفاع إذا ما حدث أي تقدم للجيش الإسرائيلي»، وفق ما يؤكد مصدر أمني.