مزارعو التبغ في جنوب لبنان يخسرون مصدر عيشهم بفعل الحرب

المحصول يتراجع 80 %... والقرى المسيحية تحاول إنقاذ الموسم

مزارع تبغ في جنوب لبنان يشرف على تجفيف الأوراق تمهيداً لتوضيبها (الشرق الأوسط)
مزارع تبغ في جنوب لبنان يشرف على تجفيف الأوراق تمهيداً لتوضيبها (الشرق الأوسط)
TT

مزارعو التبغ في جنوب لبنان يخسرون مصدر عيشهم بفعل الحرب

مزارع تبغ في جنوب لبنان يشرف على تجفيف الأوراق تمهيداً لتوضيبها (الشرق الأوسط)
مزارع تبغ في جنوب لبنان يشرف على تجفيف الأوراق تمهيداً لتوضيبها (الشرق الأوسط)

اثنان فقط من أصل 885 مزارعاً للتبغ في بلدة عيترون الحدودية في جنوب لبنان، تمكّنوا من زراعة أراضيهم هذا العام. حرم القصف الإسرائيلي، مئات المزارعين من زراعة حقولهم في قرى الشريط الحدودي. وحدها رميش، البلدة المسيحية المحيّدة نسبياً عن المعارك، لخلوها من عناصر «حزب الله»، تنشط فيها هذه الزراعة التي شملت معظم أراضيها، باستثناء الحقول البعيدة عن البلدة، والمتاخمة للحدود.

ويعتمد الجنوب تقليدياً على زراعة التبغ، وهي زراعة رائجة بسبب عدم حاجتها للمياه. ووفّر هذا النشاط على مدى العقود الماضية تمكيناً اقتصادياً للسكان، وحاز دعم إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي).

ويزرع غالبية أبناء تلك المنطقة، خصوصاً في قضاءي صور وبنت جبيل، التبغ، ويشمل ذلك المواطنين من جميع الطوائف. ويبلغ عدد مزارعي التبغ والتنباك في لبنان نحو 25 ألف مزارع.

جمع أوراق التبغ اليابسة في مشكاك تحت أشعة الشمس (الشرق الأوسط)

خطة عاجلة لـ«الريجي»

وتنتشر زراعة التبغ في عدد من المناطق اللبنانية، فالشمال اللبناني ينتج ما يقارب مليوناً وأربعمائة ألف طن سنوياً، أما البقاع فكان ينتج سنوياً ما يقارب مليوناً وسبعمائة ألف طن، ولكن هذا الموسم تضرر ما يزيد على 60 في المائة من المحصول نتيجة موجة الحر الأخيرة، وفي الجنوب تراجع إنتاج التبغ من 5 ملايين طن عام 2019، إلى مليون وتسعمائة ألف طن في العام 2023، ومن المتوقع أن ينخفض إلى حدود مليون ومائتي طن هذا العام، وفق ما أفاد مدير الزراعة والمشتري في «الريجي» جعفر الحسيني لـ«الشرق الأوسط»، ما يعني أن المحصول سيتراجع في الجنوب بنسبة 80 في المائة عما كان عليه في 2019.

قطاف محصول التبغ والتنباك من حقول جنوب لبنان (الشرق الأوسط)

ويشير الحسيني إلى أن «الريجي» تدخّلت منذ الأسبوع الأول للحرب مع المزارعين، وقامت باستئجار مستودعات للتخزين في مناطق آمنة؛ عوضاً عن تلك المنتشرة في قرى الشريط الحدودي، كما قامت بتقديم موعد تسلم المحاصيل كي يتمكن المزارعون من تسليم موسمهم قبل اشتداد المعارك والنزوح القصري.

وللتعويض عن الخسائر جرّاء توقف الزراعة في الحافة الأمامية، قامت «الريجي» باستحداث مشاتل مجانية في قرى آمنة لمساعدة المزارعين وتحفيزهم على الاستثمار في زراعة الدخان.

خفض إنتاج وقذائف حارقة

ولا تقتصر الأضرار على انخفاض الإنتاج، بل طاول القصف الإسرائيلي بالقذائف الفسفورية حقولاً كانت تزرع بالتبغ في أطراف الظهيرة وسهل مرجعيون، ما حرم أصحابها من زراعتها في المستقبل القريب، كما أدى القصف الإسرائيلي على بلدة عدشيت بقضاء النبطية، إلى احتراق 2500 كيلو لأحد المزارعين في المنطقة.

مزارع تبغ في جنوب لبنان يشرف على تجفيف الأوراق تمهيداً لتوضيبها (الشرق الأوسط)

رميش تنقذ موسم التبغ

رميش الحدودية، البلدة المسيحية، تعد ثالث أكبر القرى في زراعة التبغ، وتمكن أكثر من 700 مزارع من أبنائها زراعة ما يقارب 80 في المائة من أراضي البلدة هذا العام، أما الحقول التي تقع في مناطق تُعدّ «ساحة حرب» في قطمون وهرمون في خراج بلدة رميش، فقد تعذّر على المزارعين الوصول إليها.

تقول رنا عبدوش، وهي مزارعة من البلدة ورثت المهنة عن والدها، لـ«الشرق الأوسط»، إن «زراعة التبغ هذا العام اختلفت عن الأعوام الماضية، من ناحية المخاطر التي تتربص بالمزارعين، إذ تعرّض عدد منهم لمحاولات ترهيب من قِبَل الجيش الإسرائيلي عبر إطلاق النار بالقرب منهم».

وعن المساعدات التي يتلقاها مزارعو التبغ، تشير إلى أن «الريجي» دعمت المزارعين بالأدوية والمعدات اللازمة لزراعة وشكّ الدخان، لكنها تأمل بأن «تقدم (الريجي) على دعم المزارعين عبر رفع سعر الكيلو، لا سيما في ظل ما يعانيه أهالي الجنوب من صعوبات نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية».

 

عيترون وعيتا الشعب: الكارثة

في عيترون وعيتا الشعب الحدوديتين، 1673 مزارعاً؛ اثنان فقط تمكنا من زراعة التبغ في سهول عيترون، و13 مزارعاً منهم زرعوا في بلدات نزحوا إليها، أما العدد المتبقي من مزارعي البلدة، إضافة إلى مزارعي عيتا الشعب، فخسروا موردهم وباب رزقهم الوحيد.

مزارعة تبغ تتفقد محصولها في جنوب لبنان (الشرق الأوسط)

إبراهيم عبد المنعم (47) عاماً، مزارع من عيترون، رفض مغادرة بلدته التي تتعرض يومياً للقصف الإسرائيلي، وأصر على زراعة أرضه رغم المخاطر المحدقة به. يروي إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» حكايته مع شتلة التبغ قائلاً: «أمي كانت مزارعة، وأنا مثلها. شتلة التبغ بالنسبة لمنطقتنا هي مصدر قوتنا حياتنا. زراعة التبغ ساعدتنا على تعليم مهندسين وأطباء...».

وعن المخاطر التي تواجهه، لا سيما أن البلدة محاطة مواقع إسرائيلية عدة، أبرزها المالكية وبياض بليدا وثكنة أفيفيم، يقول إبراهيم: «لا شك في أن هناك خوفاً، في النهاية نحن بشر، من يقرر العيش في هذه البلدة يمكن أن يكون الثمن حياته». ويشير إلى أنه خسر جزءاً من إنتاجه بعد سقوط صاروخ اعتراضي في أرض مزروعة أدت لاحتراق الشتول.

 

مروحين... صفر إنتاج

حال بلدة مروحين مثل حال بلدة عيتا الشعب، نزح جميع سكانها، البالغ عددهم 1200 شخص، وكلّهم يعتمدون على الزراعة، وفق ما يقول محمد غنّام، رئيس بلدية مروحين لـ«الشرق الأوسط»، ويشير إلى أنه في البلدة ما يقارب الـ40 مزارع تبغ، لم يتمكن أحد منهم من زراعة أرضه، لا بل لحقه الضرر إلى السنوات المقبلة، جراء تعرض البلدة للقصف بالقنابل الفسفورية المحرمة دولياً.

محصول التبغ المشكوك في بيادر التجميع (الشرق الأوسط)

نزوح قسري

ويرى عضو تجمع مزارعي التبغ خليل ديب، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن المزارعين «هم الشريحة الأكثر تضرراً بفعل النزوح القسري جرّاء العدوان الإسرائيلي من جهة، ومن الأسعار المتدنية التي دأبت الإدارة في اعتمادها أثناء استلامها المحاصيل»، مضيفاً: «تزامن العدوان مع بدء التحضير للموسم، فنزحوا عن قراهم ولم يتسنَّ لهم أرضاً بديلة في القرى التي نزحوا إليها».

وطالب ديب بإعداد آلية من قبل «الريجي»، وإلى جانبها مجلس الجنوب تأخذ بعين الاعتبار أحوال المزارعين، وتكون الأولوية التعويض عليهم بما يضمن مستلزمات أعباء النزوح.

شتلة التبغ ارتبطت بالنشاط الاقتصادي لآلاف العائلات بجنوب لبنان (الشرق الأوسط)

في الخطوط الخلفية

يختلف واقع الزراعة في الخطوط الخلفية بين الخوف من استهداف إسرائيلي للمزارعين، كما حصل مع مزارعي الصعتر في شقرا، إذ قضت المواطنة غادة عبادي جرّاء استهداف مسيرة إسرائيلية لها أثناء قطافها المحصول، ومنهم مَن يزرع رغم معاناة الغلاء وقلة اليد العاملة.

يقول حكمت خليل (64 عاماً)، وهو مزارع من بلدة صريفا، إنه تمكّن بفضل زراعة التبغ من إعالة أبنائه وتعليمهم، واليوم بناته يشاركنه زراعة التبغ، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «كنت في الماضي أزرع ما يقارب الـ70 دونماً، اليوم زرعت 50 فقط، فهناك نقص في اليد العاملة، وغلاء في أجور اليد العاملة».

مزارع بجنوب لبنان يجمع محصوله من التبغ تمهيداً لتوضيبه (الشرق الأوسط)

دير سريان والطيبة

في بلدة دير السريان، المجاورة لبلدة الطيبة التي تتعرض أطرافها للقصف، لم يمنع الخوف منى ناصر وإخوتها من زراعة أرضهم، تحت شعار «يلي ما زرع رح يندم». منى التي زرعت 7 دونمات (7 آلاف متر مربع) فقط بسبب عدم توفر اليد العاملة، لا تخفي الخوف، ولكن تريد الاستمرار في العيش، عادّة أنه لولا التبغ لما تمكنوا من تأمين قوت يومهم.


مقالات ذات صلة

اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية و«حزب الله» في بلدات جنوبية

المشرق العربي تصاعد الدخان فوق الضاحية الجنوبية لبيروت بعد غارة إسرائيلية (رويترز)

اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية و«حزب الله» في بلدات جنوبية

استهدفت غارات إسرائيلية جديدة ضاحية بيروت الجنوبية، السبت، بعد إصدار الجيش الإسرائيلي تعليمات بإخلاء أحد أحيائها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

إعلام لبناني: لاريجاني نقل رسالتين للأسد وبري

نقل تلفزيون «الميادين» عن علي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني قوله إنه نقل رسالتين للرئيس السوري بشار الأسد ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحد عمال البلدية ينتشل العلم اللبناني من بين الأنقاض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

مسعفة تبحث عن والدها بين الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على شرق لبنان

على خطى والدها علي، انضمت سوزان كركبا إلى صفوف الدفاع المدني في لبنان، لكنها لم تكن لتصدّق أنّها ستُضطر يوماً إلى البحث عن جثته بين أنقاض مركز لجهاز الإسعاف.

«الشرق الأوسط» (دورس)
المشرق العربي المفتي دريان يستقبل السفير بخاري في دار الفتوى (المركزية)

بخاري يؤكد حرص السعودية على أمن لبنان ووقف الحرب

أكد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، حرص المملكة على أمن لبنان واستقراره ووقف العدوان الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بري خلال لقائه السفيرة الأميركية الخميس (مجلس النواب)

بري لـ«الشرق الأوسط»: الورقة الأميركية لا تتضمن حرية حركة لإسرائيل... ولا قوات «أطلسية»

بري تعليقاً على استهداف مسقط رأسه ومناطق نفوذه: ضغط نتنياهو «ما بيمشيش معنا».

ثائر عباس (بيروت)

لاريجاني صوّب الموقف الإيراني بتأييده موقف لبنان بتطبيق الـ«1701»

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)
TT

لاريجاني صوّب الموقف الإيراني بتأييده موقف لبنان بتطبيق الـ«1701»

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

الجديد في زيارة مستشار المرشد الإيراني علي لاريجاني إلى بيروت يكمن في أنه توخّى من لقاءاته إعادة تصويب الموقف الإيراني الذي عبّر عنه وزير الخارجية عباس عراقجي، ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، في زيارتيهما الأخيرتين، وأحدث ردود فعل سلبية، عبّر عنها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وقيادات في المعارضة؛ كانت وراء اضطرار قاليباف إلى توضيح ما قصده بقوله إن بلاده تتفاوض مع فرنسا لتطبيق القرار الدولي «1701».

رسالة إيرانية إلى الداخل اللبناني

فالموفد الإيراني حضر خصوصاً إلى بيروت لاستيعاب ردود الفعل وسحبها من التداول، وبادر إلى إطلاق مجموعة من المواقف، رغبة منه في تمرير رسالة إيرانية إلى الداخل اللبناني، ومن خلاله إلى المجتمع الدولي، بتأكيده، وللمرة الأولى بلا أي مواربة، أن طهران تدعم أي قرار تتخذه الحكومة و«المقاومة» لتطبيق القرار «1701»، وتؤيّد انتخاب أي رئيس يتوافق عليه اللبنانيون.

وحرص لاريجاني، في معرض إعادة تصويبه الموقف الإيراني حيال الوضع السائد في لبنان، في ضوء تصاعد وتيرة الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل، على تجنّب أي ذكر لربط جبهة الجنوب بغزة و«وحدة الساحات»، بخلاف ما شدّد عليه عراقجي وقاليباف في هذا الخصوص؛ لأنه لا مصلحة لإيران بالدخول في اشتباك سياسي مع غالبية القوى السياسية اللبنانية التي تعدّ أن الربط بين الجبهتين لم يعد قائماً وأصبح من الماضي، ولا يمكن صرفه سياسياً في ظل تفرّد الحزب في إسناده لغزة من دون أن يلقى الدعم المطلوب من «محور الممانعة»، مع خروج النظام السوري منه فعلاً لا قولاً.

حرص على تأييد موقف الحكومة

كما حرص لاريجاني على تأكيد وقوف إيران خلف الحكومة في مفاوضاتها لتطبيق الـ«1701» لقطع الطريق على اتهامها بأنها تسبّبت بتعطيل تنفيذه للتوصل لوقف النار، بدلاً من تحميل المسؤولية لإسرائيل التي تضع شروطاً يستحيل على لبنان الأخذ بها.

وبكلام آخر، فإن إيران، بلسان لاريجاني، سعت لاستيعاب التوتر الذي سيطر على علاقتها بميقاتي، على خلفية اعتراضه الشديد على ما سمعه من عراقجي وقاليباف، خصوصاً بالنسبة إلى إصرارهما على الربط بين جبهتي الجنوب وغزة؛ مما يؤدي إلى تعطيل الجهود للتوصل لوقف النار ونشر الجيش في الجنوب تمهيداً لتطبيق الـ«1701»، وبالتالي فإنها بتصحيحها لموقفها أرادت إعلام الولايات المتحدة الأميركية، ولو بطريقة غير مباشرة، استعدادها للانخراط في المساعي الدولية لإنهاء الحرب في لبنان.

لقاء مع ممثلي «محور الممانعة»

وفي هذا السياق، التقى لاريجاني، بالإضافة إلى رئيسي البرلمان نبيه بري، والحكومة نجيب ميقاتي، ممثلين عن «محور الممانعة»، بشقَيه اللبناني والفلسطيني، في حين اعتذر نواب «اللقاء الديمقراطي» عن عدم الحضور، انسجاماً مع قرار جنبلاط الأب بمقاطعة لقاءات الموفدين الإيرانيين إلى لبنان؛ احتجاجاً على استخدام إيران الورقة اللبنانية لتوظيفها في مفاوضاتها مع واشنطن.

لذلك، شملت لقاءات لاريجاني أهل البيت من المنتمين إلى «محور الممانعة»، وتوخى من خلالها -كما علمت «الشرق الأوسط»- طمأنة «حزب الله» بأن إيران تواصل دعمها له، ولم تتركه وحيداً في المواجهة، وذلك رداً على التساؤلات التي أخذت تتفاعل داخل حاضنته الشعبية، وتدور حول الأسباب الكامنة وراء عدم مبادرتها لمناصرة حليفها الأول على امتداد المنطقة العربية في تصديه للعدوان الإسرائيلي، خصوصاً أنها كادت تخرج عن السيطرة وتظهر للعلن مع دعوة طهران إلى عدم توسعة الحرب الدائرة في لبنان لتشمل الإقليم، وكأنها تستخدم، من وجهة نظر المعارضة، الورقة اللبنانية لتحسين شروطها في مفاوضاتها غير المباشرة مع واشنطن التي لم تنقطع، وهي تترقّب مدى استعداد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإعادة تحريكها.

مساعدة النازحين وإعادة الإعمار

فإيران -حسب المصادر السياسية- تصر على تثبيت حضورها في الساحة اللبنانية، لتأكيد شراكتها في الجهود الرامية للتوصل لوقف النار، وهي أعادت صياغة موقفها بما يتناسب والتوجه اللبناني الرسمي لإنهاء الحرب بتطبيق القرار «1701»، لعلها تتمكّن من الدخول في مصالحة مع المجتمع الدولي على قاعدة التعاون معه لنزع فتيل التفجير في لبنان.

وكشفت عن أن لاريجاني أبلغ ممثلي «الممانعة» أن طهران أعدّت العدة لتقديم المساعدات إلى النازحين في أماكن إيوائهم؛ لكن الحصار البحري والبري والجوي المفروض عليها حال دون إيصالها إلى بيروت، ونقلت عنه استعداد طهران لتكون شريكة في إعادة إعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي على لبنان، لافتة إلى أنه لم يتطرّق إلى كل ما يمت بصلة إلى المفاوضات الإيرانية - الأميركية، ولا إلى الاستعدادات الإيرانية للرد على استهداف إسرائيل عدداً من المنشآت الإيرانية، مكتفياً بالقول إنها تمكّنت من ترميم ما أحدثه العدوان من دمار.

وعليه، فإن لاريجاني، كما تقول المصادر، أراد بالدرجة الأولى من لقائه مع «الممانعة» التوجه بخطاب مباشر إلى جمهور «حزب الله» لطمأنته بأنه لن يُترك وحيداً، وأن لا صحة لكل ما يُشاع بخلاف ذلك. فهل نجح في إيصال رسالته، بالإنابة عن المرشد الإيراني علي خامنئي، إلى جمهور «المقاومة»؟