لبنان: ملفات استراتيجية عالقة على حبال الحرب والتسوية الكبرى

أبرزها إنهاء الشغور الرئاسي وخطة النهوض المالي

تواصُل الحرب جنوباً يؤجل حسم ملفات داخلية عاجلة (أ.ف.ب)
تواصُل الحرب جنوباً يؤجل حسم ملفات داخلية عاجلة (أ.ف.ب)
TT

لبنان: ملفات استراتيجية عالقة على حبال الحرب والتسوية الكبرى

تواصُل الحرب جنوباً يؤجل حسم ملفات داخلية عاجلة (أ.ف.ب)
تواصُل الحرب جنوباً يؤجل حسم ملفات داخلية عاجلة (أ.ف.ب)

جمّدت الحرب المتواصلة في جنوب لبنان منذ نحو 10 أشهر البتّ في ملفات ذات طابع استراتيجي من المفترض أن يتحدد معها مستقبل البلد، وفاقم ترقب تطور الأحداث في المنطقة في إطار الردود العسكرية المتبادلة بين إسرائيل والمحور الذي تتزعمه طهران الجمود الذي ترزح تحته هذه الملفات، وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية.

ورغم نفي القوى المعنية بالملف ربطها مصير الرئاسة بمصير غزة والحرب الدائرة جنوباً، فإن قوى المعارضة تتهم «الثنائي الشيعي» المتمثل في «حزب الله» و«حركة أمل» باحتجاز الرئاسة، متخذين إياها ورقة يفاوضان بها في التسوية الكبرى المرتقبة وإن بعد وقت قد لا يكون قصيراً».

خطة «الممانعة» الرئاسية

ويشدد عضو تكتل نواب «القوات اللبنانية» النائب رازي الحاج، على أنه «من غير المقبول على الإطلاق ربط مسار الرئاسة بمسار الحرب، حتى إنه، على العكس من ذلك، يُفترض أن تكون التطورات العسكرية الأخيرة حافزاً لتسريع إنجاز الانتخابات الرئاسية، لأنه من الواضح أنه ما دام البلد من دون رأس سيُمعن فريق الممانعة في التصرف كما يحلو له في تقرير مصير اللبنانيين بموضوع السلم والحرب وسياسة لبنان الخارجية».

وعدّ الحاج في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «فريق الممانعة يحاول أن يؤجل الانتخابات الرئاسية ما دام لا يستطيع اليوم فرض مرشحه، حسب التوازنات الحالية في مجلس النواب، ويرى أن هناك إمكانية من خلال تسوية دولية معينة أن يحصل على مكتسبات في الداخل من ضمنها الرئاسة اللبنانية، وهو منطق نرفضه تماماً ونؤكد تمسكنا بمواد الدستور الذي يشكل رئيس الجمهورية فيه المفتاح لانتظام عمل باقي المؤسسات».

ويرى الحاج أن «السلطة في اهتراء كامل، وهي رغم وجود حكومة تصريف أعمال منهكة أصلاً بسبب الخلافات السياسية داخلها، ونشعر أنه كلما طرأ ملف جديد يطغى على الملف الذي سبقه، لذلك لا نلحظ أي استدامة في العمل على الملفات وتحقيق النتائج المرجوة فيها»، متحدثاً عن «تباطؤ قد يكون مقصوداً في ملف النازحين (السوريين)». ويضيف: «كنا بالمرصاد، ونحضر سلسلة خطوات جديدة لإبقاء الملف حياً إلى جانب عملنا المستمر على الأرض كتكتل مع البلديات والجهات المعنية»، مشدداً على أن «العمل يجب أن ينصبّ راهناً أيضاً على إغلاق الحدود المستباحة».

الملفات المالية - الاقتصادية العالقة

ومع أن الملفات الاقتصادية والمالية، وعلى رأسها خطة النهوض بعد الانهيار المالي الذي شهده البلد عام 2019، عالقة منذ ما قبل قرار «حزب الله» اتخاذ جبهة جنوب لبنان جبهة دعم وإسناد لغزة، فإن هذه الحرب جُمّدت حتى البحث والنقاش بها بعد نزولها عن سلم الأولويات واكتفاء المعنيين كعادتهم بالحلول المؤقتة الترقيعية.

ويتحدث الباحث الاقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي، عن أكثر من ملف اقتصادي - مالي عالق مرتبط بغياب رئيس الجمهورية وحكومة جديدة فاعلة أكثر من ارتباطه بالحرب المتواصلة. ويشير جباعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أحد أبرز الملفات العالقة هو الملف المصرفي وحل أزمة المودعين وإعادة هيكلة المصارف ووضع خطة شاملة لتحمل المسؤوليات»، لافتاً إلى أن «الحلول المعتمدة منذ عام 2019 حلول تكتيكية تعتمد على التعاميم التي يصدرها مصرف لبنان، وهي لا شك لا تحل الأزمة». ويضيف: «هذا الملف ليست مرتبطاً بالحرب، ويمكن حله عند اقتناع القوى السياسية بالحل الشامل الواجب اعتماده. والأرجح أن البتّ به قد يكون مرتبطاً بانتخاب رئيس وقيام عهد جديد».

ويشرح جباعي إلى أن «الملف الثاني الذي يمكن البتّ به بمعزل عن الحرب هو ملف القطاع العام الذي يشكل جزءاً أساسياً من المشكلة الكبرى لأنه لا حل للأزمة الاقتصادية والمالية من دون إعادة هيكلة القطاع العام ليواكب القطاع الخاص في عملية النمو التي بدأها عام 2019، والتي تنمّ عن أداء ممتاز حتى الساعة».

ويضيف: «أما الملف الثالث فهو ملف التهرب الضريبي والجمركي والفلتان على الحدود، مما يؤثر سلباً في الاقتصاد المحلي، تماماً كالنزوح السوري، وهو ملف يحتاج إلى البت به سريعاً من خلال إقناع المجتمعين العربي والدولي بالسير في حل كبير نظراً إلى التأثيرات السلبية الكبيرة لوجود هذا الكم من النازحين السوريين في البلد بعدما تخطت تكلفتهم على الدولة اللبنانية 65 مليار دولار، مقابل 12 مليار دولار فقط حصل عليها لبنان، ذهب قسم منها للجمعيات».


مقالات ذات صلة

الرئاسة اللبنانية: التعليق الإسرائيلي على الصورة مع طريف «مشبوه»

المشرق العربي المصافحة بين الرئيس عون والشيخ طريف (إعلام إسرائيلي)

الرئاسة اللبنانية: التعليق الإسرائيلي على الصورة مع طريف «مشبوه»

أكدت الرئاسة اللبنانية أن الرئيس جوزيف عون لا يعرف شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في إسرائيل موفق طريف، ولم يسبق أن التقاه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبناني نواف سلّام يدلي بصوته في الانتخابات البلدية والاختيارية ببيروت (إ.ب.أ)

الحكومة اللبنانية تنجز المرحلة الثالثة من الانتخابات المحلية بـ«حيادية»

توجَّه الناخبون في العاصمة اللبنانية إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات البلدية والاختيارية، الأحد، وسط تحديات تأمين المناصفة وتوفير الإنماء في بيروت.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي لبنانية تدلي بصوتها بالانتخابات البلدية والاختيارية بأحد مراكز الاقتراع في بيروت (إ.ب.أ)

«حزب الله» يختبر شعبيته شرق لبنان بأول انتخابات بعد الحرب

تخطّت المعركة الانتخابية في البقاع شرق لبنان الجانب العائلي والمعايير المحلية، إذ اكتسبت بُعداً سياسياً، تمثل في مساعي «حزب الله» لاختبار شعبيته في البقاع.

«الشرق الأوسط» (بعلبك)
العالم العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني يحضر القمة العربية الرابعة والثلاثين في بغداد (أ.ب)

سوريا تحذر من «الفتن»... ولبنان إلى «صفحة جديدة»

شارك كل من لبنان وسوريا في القمة العربية التي عُقدت في بغداد، يوم السبت، بخطابين عبَّرا نسبياً عن التحولات الدراماتيكية التي شهدها البلدان.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية ببغداد play-circle 00:26

السوداني من «قمة بغداد»: صندوق لإعمار غزة ولبنان

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، خلال كلمة العراق بالقمة العربية بدورتها الرابعة والثلاثين، عن تخصيص 40 مليون دولار لإعادة الإعمار في غزة ولبنان.

فاضل النشمي (بغداد)

«حماس» توافق على إطلاق زهاء 8 محتجزين مقابل وقف إطلاق نار لـ60 يوماً

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)
TT

«حماس» توافق على إطلاق زهاء 8 محتجزين مقابل وقف إطلاق نار لـ60 يوماً

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)

أبلغ قيادي كبير في حركة «حماس» شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية، اليوم (الأحد)، بأن الحركة وافقت على الإفراج عما بين سبعة وتسعة محتجزين إسرائيليين مقابل وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، بالإضافة إلى إطلاق سراح 300 معتقل فلسطيني.

يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه الجيش الإسرائيلي في وقت سابق اليوم بدء عمليات برية موسعة في مناطق بشمال قطاع غزة وجنوبه، في أعقاب تقارير عن عدم إحراز تقدم يُذكر في جولة جديدة من المفاوضات بين «حماس» وإسرائيل في الدوحة.

من جانبه، طالب الجيش الإسرائيلي، اليوم، سكان مناطق في وسط قطاع غزة من بينها جنوب دير البلح، بإخلائها قبل هجوم وشيك.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في منشور على «إكس» إن المناطق التي تم تحديدها باللون الأحمر على خريطة للقطاع، ستتعرض لهجوم عنيف، مشيراً إلى استخدامها في إطلاق صواريخ على إسرائيل.