أحيت حكومة بغداد، الاثنين، الذكرى العاشرة لاجتياح تنظيم «داعش» الإرهابي قضاء سنجار، ذا الأغلبية السكانية الإيزيدية، وقتله وسبيه الآلاف من نسائهم ورجالهم وأطفالهم، في مطلع أغسطس (آب) 2014، قبل أن تتمكن القوات الحكومية من تحرير القضاء؛ الذي يتبع محافظة نينوى، من براثن التنظيم في نهاية عام 2015.
وخلال حفل الإحياء، الذي حضره كبار المسؤولين وأمير الطائفة الإيزيدية أنور معاوية، أعلن رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، إصدار مجموعة قرارات تخص أهالي سنجار، ضمنها استحداث جامعة وإطلاق تعويضات عن منازل النازحين المهدّمة.
وقال السوداني خلال حفل الاستذكار إن «اجتياح قرى وبلدات أبناء شعبنا الإيزيدي في سنجار وقرية كوجو كشف عن المؤامرة التي استهدفت التنوّع والتعايش السلمي للعراقيين جميعاً، حيث تعرض الأهالي إلى وحشية غير مسبوقة ليصبحوا مشتتين، بين شهيد وجريح. والإرهاب استهدف النساء والأطفال، لتحدث بعده جريمة السَّبي، التي مثلت مشهداً غابت عنه المروءة والإنسانية والأخلاق، وهو ما كشفت عنه لاحقاً شهادات الناجين».
وأضاف أن «الإبادة التي وقعت على الإيزيديين وباقي المكوّنات على يد عصابات (داعش)، تجعلنا نطالب بضرورة إيقاف عمليات الإبادة المستمرة لأبناء غزة على يد قوات الاحتلال الصهيوني، التي تمارس اليوم جرائم تشبه الجرائم التي ارتكبتها عصابات (داعش)».
وكشف السوداني عن أن حكومته «اتخذت العديد من القرارات والتوجيهات لتوفير العيش اللائق والحياة الكريمة لأبناء شعبنا الإيزيديين، فقد أسسنا صندوق إعمار سنجار وسهل نينوى، وأصدرنا سابقاً قراراً بتمليك 14.500 وحدة سكنية لأهالي سنجار، وأصدرنا يوم أمس توجيهاً بشمول جميع الشرائح من أهالي سنجار وسهل نينوى بقروض المصرف العقاري وصندوق الإسكان والمبادرات الحكومية ومبادرات البنك المركزي».
وذكر أنه وجّه بـ«توسعة التصميم الأساسي لقضاء سنجار، بما لا يتسبب في أي تغيير ديموغرافي، وكذلك بفتح فروع لأغلب مؤسسات الدولة الخدمية والمالية والمصرفية في قضاء سنجار، ومنح الدرجات الوظيفية لأبناء القضاء لتعيينهم في هذه المؤسسات، وأيضاً استحداث (جامعة سنجار) للارتقاء بواقع القضاء في جميعِ المجالات، وكذلك التوجيه بإطلاق التعويضات عن منازل النازحين المهدّمة، وتعويض المناطق المنكوبة».
وكان البرلمان العراقي أقر في مارس (آذار) 2021، «قانون الناجيات الإيزيديات» الذي يمنحهن امتيازات مادية ومعنوية تعويضاً عن الظروف بالغة القسوة التي واجهنها خلال فترة السبي على يد عناصر «داعش» الإرهابي.
ورغم التعهدات والقرارات الحكومية المتعلقة بالمأساة الإيزيدية، فإن شكوى المواطنين الإيزيديين ما زالت متواصلة بسبب التعقيد والتلكؤ المتعلق بإيصال الحقوق المالية والمعنوية إلى مستحقيها، وكذلك بالنظر إلى امتناع كثير من العوائل عن العودة إلى ديارها نتيجة ضعف الخدمات وتراجع البنى التحتية في قضاء سنجار، إلى جانب حالة الصراع السياسي والأمني المعقدة هناك، خصوصاً مع وجود عناصر «حزب العمال الكردستاني» التركي هناك وتعرض المنطقة بشكل شبه دوري إلى عمليات قصف تنفذها القوات التركية.
والسبت الماضي، قال رئيس الجمهورية السابق، برهم صالح، في مقال نشرته «الشرق الأوسط» إنه «لا يزال آلاف النازحين الإيزيديين يقطنون في مخيمات نزوح بعيداً عن منازلهم ومدنهم، ونحو ألفي إيزيدي لا يُعرف مصيرُهم حتى اليوم، في حين تكافح سنجار في طريق طويلة من الاستقرار والبناء والإعمار». وأضاف: «يحدث هذا بعد عقد من الزمن على الكارثة، ليجسد تباطؤاً في تنفيذ العدالة الانتقالية وإحقاق حقوقِ مكون عراقي أصيل ومسالم».
وكان «فريق التحقيق الخاص بجرائم داعش (يونيتاد)» تحدث في بيان، السبت، عن تنفيذه «أعمال تنقيب في 37 مقبرة جماعية مرتبطة بهذه الجرائم. وقد أسهمت أعمال التنقيب في إعادة رفات 186 من الضحايا الإيزيديين بعد أن تم التعرف على هوياتهم؛ لدفنهم بالشكل اللائق».
وأضاف أن الفريق حدّد وقيّم «أكثر من 60 موقعاً من مواقع التراث الثقافي الإيزيدي التي تضررت أو دمرها تنظيم (داعش)».
وخلص إلى القول: «لا نزال نأمل أن يستمر السعي لتحقيق العدالة في مرحلة ما بعد إغلاق فريق التحقيق (يونيتاد). فلا تزال هناك قصص يجب سردها، وناجون يجب الاستماع إليهم، وجناة لا بد من محاسبتهم».