الحكومة اللبنانية تعمل على توسيع «خطة الطوارئ»

الوقود متوفر لـ4 أسابيع… والمواد الغذائية متاحة... ومراكز إيواء لمليون شخص

ميقاتي مترئساً جلسة الحكومة الطارئة التي دعا إليها إثر اغتيال القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر (رئاسة الحكومة)
ميقاتي مترئساً جلسة الحكومة الطارئة التي دعا إليها إثر اغتيال القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر (رئاسة الحكومة)
TT

الحكومة اللبنانية تعمل على توسيع «خطة الطوارئ»

ميقاتي مترئساً جلسة الحكومة الطارئة التي دعا إليها إثر اغتيال القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر (رئاسة الحكومة)
ميقاتي مترئساً جلسة الحكومة الطارئة التي دعا إليها إثر اغتيال القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر (رئاسة الحكومة)

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن لبنان لا يريد الحرب، محذراً من انفلات الأمور، وداعياً إلى تطبيق القرار 1701، كما اعتبر أن الاعتداء على ضاحية بيروت الجنوبية «هو قصف لمبادرات الخير ومساعي التهدئة والتفاهمات». وأتت مواقف ميقاتي خلال ترؤسه جلسة حكومية طارئة صباح اليوم الأربعاء، بعد عملية اغتيال القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وقال ميقاتي في كلمته: «مسؤوليتنا الوطنية استدعت عقد اجتماع استثنائي للحكومة للتصدي للعدوان الإسرائيلي وإدانة الاغتيال وقتل الأطفال، ومواكبة التطورات الأمنية التي نقلت الوضع من حالة الاشتباك إلى وضعية الخطر المفتوح على مخاوف كبيرة، من خلال استهداف العاصمة باعتداء إسرائيلي سقط نتيجته ضحايا أبرياء، وكأن لبنان أضحى ساحةً للحرب والقتل والدمار».

وأضاف: «هنا بيروت تقصف وتُغتال فيها العدالة الإنسانية، وهناك الجنوب لا يزال تحت القصف والحرق والقتل والتهجير وتدمير البلدات، على مشهد من العالم، وكأن كل ما يحصل من إجرام هو مجرد حادث. إننا ندين بقوة هذا الاعتداء على الضاحية الجنوبية لبيروت، ونرفع الصوت محذرين من تفلت الأمور نحو الأسوأ، إن بقي العدو على رعونته وجنونه الإجرامي القاتل»، مبدياً تخوفه «من تفاقم الوضع إن لم تسرع الدول المعنية وكل المجتمع الدولي للجم هذا التفلت الخطير».

وتوجّه ميقاتي بنداء إلى اللبنانيين داعياً إياهم إلى التكاتف وأن يكونوا قادرين «على إثبات وحدتنا و تأكيد تضامننا مع أهلنا ورفضنا أي اعتداء يطول أي منطقة من لبنان»، مجدداً في الوقت عينه المطالبة بـ«التطبيق الفوري للقرار الدولي 1701 (الذي أنهى حرب عام 2006 بين إسرائيل و«حزب الله») كاملاً وبحذافيره، وكفى أن يكون العالم شاهداً على إجرام إسرائيل وخروقها التي تجاوزت عشرات الآلاف»، مؤكداً: «سنبقى على تواصل دائم مع أصدقاء لبنان والإخوة العرب لمنع تفاقم الأمور والعمل من أجل الحؤول دون تفاقم الأوضاع التي تنذر بأخطار حادة ستكوّن انعكاساتها كبيرة».

واعتبر ميقاتي «أن القصف على الضاحية الجنوبية لبيروت، هو قصف لمبادرات الخير ومساعي التهدئة والتفاهمات، ونحن سنبقى نعمل في سبيل إنقاذ بلدنا وحماية مجتمعنا من أي خطر، مؤكدين أن لبنان لا يريد الحرب، بل الحفاظ على كرامة أبنائه وسيادته على الأرض والبحر والجو، من دون أي تهاون بحقوقه».

وأدان كذلك، اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، معتبراً أن «هذا العمل خطر جدي بتوسع دائرة القلق العالمي والخطر في المنطقة، كما نتقدم بالتعزية لأهالي ضحايا مجدل شمس العربية في الجولان المحتل».

وعما إذا كان لبنان على جهوزية في حال تطورت الأوضاع، قال وزير الإعلام زياد مكاري: «خطة الطوارئ التي وضعت في 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تُتابعها اللجنة التي تعقد اجتماعات بشكل متواصل، والآن ستكثف اجتماعاتها، ومبدئياً نحن في حال جهوزية، لكن هناك بعض الأمور التي لها علاقة بالنزوح إذا ما حصل وهي في طور المتابعة».

وعن هذه الخطة، قال وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين إن «الحكومة تعمل على توسيع خطة الطوارئ بما يتطابق مع التطورات المستمرة»، لافتاً إلى «أن الخطة قيد التنفيذ منذ تشرين الماضي بالتنسيق مع المنظمات الدولية».

وأكد «أنّ مخزون المحروقات والأدوية والمواد الغذائية والنفط مؤمّن في حال اتّساع رقعة الحرب»، مشيراً إلى «أن المحروقات مؤمنة لنحو أربعة أسابيع لأن لا مكان للتخزين، وطمأن إلى أن المواد الغذائية مؤمّنة، و أن العمل يجري على تأمين المواد الأساسية من خلال المنظمات الدولية».

وعن الأدوية، لفت إلى أن «وزير الصحة فراس الأبيض يتابع جاهزية القطاع الصحي منذ فترة واليوم يعرض المستجدات على الحكومة»، مؤكداً «أنّ مراكز الإيواء مؤمّنة لنحو مليون لبناني».

وحضرت الخلافات السياسية في الجلسة مع استمرار مقاطعة وزراء «التيار الوطني الحر»، وهو ما لاقى انتقاداً من وزير الإعلام، الذي قال رداً على سؤال: «في الحقيقة، كان من الضروري أن يحضر الوزراء المقاطعون، وأما بالنسبة لقضايا أقل أهمية كنت أقول إن عدم الحضور فيه قلة مسؤولية، ولا يجوز، في ظل هذا الوضع السيئ والخطير والدقيق في لبنان، ألا يحضر الوزراء المعنيون بما فيهم وزراء الخارجية والدفاع والطاقة، وبالتأكيد هناك تواصل معهم، وفي الحقيقة هناك أمور تكون أكبر من السياسة».

بدوره، انتقد عضو كتلة الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب هادي أبو الحسن مقاطعة الوزراء، وقال بعد لقائه ميقاتي: «كم كان لافتاً وخاطئاً مقاطعة بقية الوزراء هذا الاجتماع المهم للحكومة اليوم، وكم هو أفق البعض ضيق نتيجة الغرق والتخبط بحسابات فئوية وظرفية صغيرة لا ترقى إلى مستوى التحديات والمخاطر التي تواجهنا جميعاً نحن اللبنانيين»


مقالات ذات صلة

خبراء: شبكة عملاء حزبيين تُسهم بعمليات اغتيال قادة «حزب الله»

المشرق العربي أعضاء من كشافة الإمام المهدي يحملون نعشَي الطفلين الشقيقين حسن وأميرة فضل الله، اللذَين قُتلا في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر يوم الثلاثاء في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

خبراء: شبكة عملاء حزبيين تُسهم بعمليات اغتيال قادة «حزب الله»

كثرت علامات الاستفهام حول الاغتيالات التي نفّذتها إسرائيل بحق قادة في «حزب الله» و«حماس»، وغيرهما من الفصائل، وآخرها استهداف فؤاد شكر، القيادي الكبير في الحزب.

بولا أسطيح
المشرق العربي عمال الدفاع المدني أمام المباني التي استهدفها القصف في عملية اغتيال الرجل الثاني في «حزب الله» فؤاد شكر (د.ب.أ)

بعد اغتيال الرجل الثاني في «حزب الله».. تصعيد طويل الأمد قبل التسوية

وضعت عملية اغتيال الرجل الثاني في «حزب الله»، فؤاد شكر، بقلب الضاحية الجنوبية لبيروت، مسار المواجهات بين الحزب وإسرائيل أمام كل الاحتمالات.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي مواطنون يسيرون على أنقاض منزل تدمَّر بالضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

«حزب الله»: فؤاد شكر كان في المبنى الذي استهدفه الهجوم الإسرائيلي

أكد «حزب الله» صباح اليوم (الأربعاء) أن «القائد الجهادي الكبير» فؤاد شكر، كان في المبنى الذي استهدفته الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري بري وميقاتي خلال اجتماعها في عين التينة (الوكالة الوطنية)

تحليل إخباري لبنان في مواجهة الضربة الإسرائيلية يشكو الفراغ وحاجته لشبكة أمان

تقول مصادر سياسية في بيروت إن الجهود المبذولة للحد من تأثيرات ضربة إسرائيلية للبنان لا تكفي ما لم تعمد القوى اللبنانية بكل توجهاتها إلى توفير شبكة أمان داخلية.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي المعارضة اللبنانية تنتقد الحكومة في «مفاوضات الحرب»: موقفها مخزٍ

المعارضة اللبنانية تنتقد الحكومة في «مفاوضات الحرب»: موقفها مخزٍ

لا ترى المعارضة أن الحكومة تفعل ما يلزم لإبعاد الحرب عن لبنان، مقابل رؤية أفرقاء آخرين أن رئيس الحكومة ورئيس البرلمان يقومان بما عليهما فعله.

كارولين عاكوم (بيروت)

خبراء: شبكة عملاء حزبيين تُسهم بعمليات اغتيال قادة «حزب الله»

أعضاء من كشافة الإمام المهدي يحملون نعشَي الطفلين الشقيقين حسن وأميرة فضل الله، اللذَين قُتلا في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر يوم الثلاثاء في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
أعضاء من كشافة الإمام المهدي يحملون نعشَي الطفلين الشقيقين حسن وأميرة فضل الله، اللذَين قُتلا في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر يوم الثلاثاء في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
TT

خبراء: شبكة عملاء حزبيين تُسهم بعمليات اغتيال قادة «حزب الله»

أعضاء من كشافة الإمام المهدي يحملون نعشَي الطفلين الشقيقين حسن وأميرة فضل الله، اللذَين قُتلا في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر يوم الثلاثاء في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
أعضاء من كشافة الإمام المهدي يحملون نعشَي الطفلين الشقيقين حسن وأميرة فضل الله، اللذَين قُتلا في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر يوم الثلاثاء في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

تكثر علامات الاستفهام المحيطة بمجموعة من عمليات الاغتيال التي نفّذتها إسرائيل بحق قادة في «حزب الله» و«حماس»، وغيرهما من الفصائل المقاتلة جنوب لبنان دعماً لغزة، وكان آخرها استهداف فؤاد شكر، القيادي الكبير في الحزب، الثلاثاء، في معقل الأخير بالضاحية الجنوبية لبيروت.

واستغرب كثيرون كيفية تمكّن إسرائيل من تحديد موقع شكر وتواجده فيه أصلاً في توقيت يفترض أن يكون قادة الحزب يتخذون أقصى درجات الحيطة والحذر، بعد تهديد إسرائيل بالرد على حادثة مجدل شمس التي راح ضحيتها 12 طفلاً.

بنك معلومات

ويشير رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيجما»، رياض قهوجي، إلى أن «هناك الكثير من التقنيات المتطوّرة التي تستخدم في عمليات التجسس؛ من تتبّع الهواتف، إلى الكاميرات التي تتعرّف على الوجوه، وتوضع على المسيرات والأقمار الصناعية... ولكن كل هذه التكنولوجيا لا تنفع إذا لم يكن لدى الطرف الإسرائيلي بنك معلومات حول عناصر «حزب الله»؛ مَن هم، ما موقع كل منهم في الحزب، وعنوانه، ورقم هاتفه مع صورة له».

ويجزم قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بوجود «مخبرين وجواسيس على الأرض يساعدون في تنفيذ الاغتيالات»، متسائلاً: «إذا سلّمنا جدلاً أن قادة (حزب الله) لا يستعملون الهواتف الخلوية، فالطريقة الوحيدة لمعرفة تواجد شكر في المبنى الذي كان يتواجد فيه وتم استهدافه، هي وجود شخص معين رصده، وأبلغ الطرف الإسرائيلي بمكان تواجده». ويضيف: «لا شك أن

تل أبيب تخترق الحزب وتكشفه أمنياً بشكل كبير، ما يمكّنها من تحقيق هذا الكم من الاغتيالات لشخصيات رفيعة، عدد منها غير معروف للعموم، ولا يعرفهم إلا من ينتمون للحزب».

شبكة عملاء معقدة

ويوافق العميد المتقاعد جورج نادر قهوجي حول أن العامل الأساسي الذي يسهّل عمليات الاغتيال، إلى جانب التفوق الإسرائيلي التكنولوجي، الذي يعتمد بشكل أساسي على بصمة الصوت وبصمة العين، هي شبكة عملاء معقّدة داخل الحزب، وهو ما يظهر بكل اغتيالات القادة، من وسام الطويل إلى سامي عبد الله، وصولاً لفؤاد شكر، باعتبار أن هناك تكتماً وحذراً شديداً لدى (حزب الله) بكل ما يتعلق بقادته». ويتساءل نادر: «لولا وجود هكذا شبكة كيف يمكن أن تستهدف المسيرات عناصر الحزب فور عبورهم على دراجات نارية؟».

ويؤكد نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه «الشبكة داخل الحزب؛ لأن أي شخص عادي لا يمكن أن يعرف تحركات القادة وأماكن تواجدهم، ومواعيد دخولهم وخروجهم»، لافتاً إلى أن «هذه الشبكات موجودة داخل الحزب في لبنان، كما في سوريا وإيران».

استرخاء قادة الحزب

من جهته، يعدّد رئيس مركز «الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، مجموعة عوامل تؤدي لنجاح عمليات الاغتيال التي تنفذها إسرائيل، مصرّحاً أن «هناك خرقاً داخلياً وعملاء، كما أن لدى الإسرائيليين (داتا) لكل اللبنانيين، بمن فيهم أفراد المقاومة وقادتها، إضافةً إلى التكنولوجيا المتقدمة، والأقمار الصناعية، والاستخبارات الأميركية والأوروبية المتعاونة مع تل أبيب».

وينبّه جابر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الاسترخاء في صفوف المقاومة يؤدي لاغتيال قادتها»، مضيفاً أنه «في ظل التوتر القائم بعد حادثة مجدل شمس كان يفترض على قائد بحجم فؤاد شكر ألا يتواجد في منزله، أو مكان يتردّد عليه بشكل دائم».

أبرز الاغتيالات

وكانت تل أبيب نجحت في نوفمبر الماضي باغتيال نجل النائب عن الحزب محمد رعد، و4 آخرين من عناصر وحدة «الرضوان»، وقد تبيّن، بحسب المعلومات، أنه تم قصف المنزل الذي يتواجدون فيه بمسيرة مفخخة. ووجهت إسرائيل ضربة مزدوجة لـ«حماس» والحزب باغتيالها القيادي الحمساوي صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية ببيروت، معقل «حزب الله»، في 2 يناير الحالي، من خلال إطلاق صواريخ على شقة كان يجتمع فيها مع قادة ميدانيين في «كتائب القسّام».

وبعد أيام معدودة، وبالتحديد في الثامن من يناير، تمكّنت تل أبيب من اغتيال القائد في «الرضوان» وسام طويل، أثناء عودته إلى منزله في إحدى قرى الجنوب.

كذلك اغتالت إسرائيل كلاً من طالب عبد الله، القيادي الكبير في الـ«حزب الله»، يونيو (حزيران)، في هجوم أعلنت تل أبيب أنه استهدف مركز قيادة وتحكم في جنوب لبنان، كذلك محمد ناصر بغارة جوية في يوليو (تموز)، وهو قائد وحدة مسؤولة عن إطلاق النار من جنوب غربي لبنان صوب إسرائيل.