هنية... الواجهة السياسية والدبلوماسية لـ«حماس» (بروفايل)

إسماعيل هنية(د.ب.أ)
إسماعيل هنية(د.ب.أ)
TT

هنية... الواجهة السياسية والدبلوماسية لـ«حماس» (بروفايل)

إسماعيل هنية(د.ب.أ)
إسماعيل هنية(د.ب.أ)

أعلنت حركة حماس، الأربعاء، اغتيال زعيمها السياسي إسماعيل هنية في " غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران". وكان هنية حضر مراسم أداء الرئيس الإيراني الجديد اليمين الدستورية أمس الثلاثاء.

وأكد الحرس الثوري الإيراني، في بيان، تعرض هنية للاغتيال حيث قال: "في وقت مبكر من صباح اليوم، تعرض منزل إسماعيل هنية في طهران لقصف، مما أدى إلى استشهاده وأحد حراسه الشخصيين. والسبب قيد التحقيق وسيتم الإعلان عنه قريبا".

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يلتقي بإسماعيل هنية، في طهران (رويترز)

ووفقا لوكالة رويترز، كان إسماعيل هنية،الوجه الصارم على صعيد الدبلوماسية الدولية للحركة الفلسطينية، مع احتدام الحرب في غزة حيث قتل ثلاثة من أبنائه في غارة جوية إسرائيلية. ولكن على الرغم من خطابه المتشدد، فقد اعتبره العديد من الدبلوماسيين معتدلا مقارنة بالأعضاء الأكثر تشددا في الحركة المدعومة من إيران داخل غزة.

وبعدما تقلد منصب رئيس المكتب السياسي لحماس في 2017، كان يتنقل بين تركيا والعاصمة القطرية الدوحة هربا من قيود السفر المفروضة على قطاع غزة المحاصر، وهو ما ساعده على التفاوض في محادثات وقف إطلاق النار وإجراء مباحثات مع إيران، حليفة حماس.

وقال هنية في تصريحات لقناة الجزيرة ومقرها قطر بعد فترة وجيزة من شن مقاتلي حماس الهجوم على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) "نقول لكل الدول بما فيها الأشقاء العرب.. هذا الكيان لا يستطيع أن يحمي نفسه أمام هؤلاء المقاتلين، لا يقدر أن يوفر لكم أمنا ولا حماية، وكل التطبيع والاعتراف بهذا الكيان لا يمكن أن يحسم هذا الصراع".

وردت إسرائيل على الهجوم بشن حملة عسكرية أدت حسبما أعلنت السلطات الصحية في غزة إلى مقتل أكثر من 39 ألف شخص داخل القطاع حتى الآن.

وأعلنت حماس مقتل ثلاثة من أبناء هنية، وهم حازم وأمير ومحمد، في العاشر من أبريل (نيسان) عندما استهدفت غارة جوية إسرائيلية السيارة التي كانوا يستقلونها. وقالت حماس إن هنية فقد أيضا أربعة من أحفاده، ثلاث فتيات وفتى، في الغارة.

ونفى هنية تأكيدات إسرائيلية بأن أولاده كانوا يقاتلون في صفوف الحركة وقال "مصالح شعبنا الفلسطيني مقدمة على أي شيء وأبناؤنا وأولادنا هم جزء من هذا الشعب"، وذلك عند سؤاله عما إذا كان مقتل أولاده وأحفاده سيؤثر على محادثات الهدنة.

وعلى الرغم من اللهجة الصارمة التي يستخدمها في تصريحاته، فإن الدبلوماسيين والمسؤولين العرب يعتبرونه براجماتيا نسبيا بالمقارنة بالأصوات الأكثر تشددا داخل غزة، حيث خطط الجناح العسكري لحركة حماس لهجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول.

إسماعيل هنية(د.ب.أ)

وتوعد هنية جنود الجيش الإسرائيلي بأنهم سيجدون أنفسهم "غرقوا في رمال غزة"، لكنه قام هو وسلفه خالد مشعل بجولات مكوكية في المنطقة لإجراء محادثات بغية التوصل لاتفاق بوساطة قطرية مع إسرائيل يفضي إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن مقابل الإفراج عن فلسطينيين محتجزين في السجون الإسرائيلية، فضلا عن إدخال مزيد من المساعدات لغزة.

وتنظر إسرائيل إلى جميع قادة حماس باعتبارهم إرهابيين، وتتهم هنية ومشعل وآخرين بمواصلة "التحكم في منظمة حماس الإرهابية".

هنية وخالد مشعل (رويترز)

لكن لم يتضح حتى الآن إلى أي مدى كان هنية يعلم بهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) قبل وقوعه. فقد كانت الخطة، التي وضعها المجلس العسكري في كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، في غزة سرية للغاية لدرجة أن بعض مسؤولي الحركة بدوا مصدومين من توقيتها وحجمها.

ومع ذلك كان لهنية دور فعال في بناء القدرات القتالية لحماس عبر عدة طرق، منها تعزيز العلاقات مع إيران التي لا تخفي دعمها للحركة. وخلال العقد الذي كان فيه هنية رئيسا لحركة حماس في غزة، اتهمت إسرائيل فريقه بالمساعدة في تحويل المساعدات الإنسانية إلى الجناح العسكري للحركة، وهو ما نفته حماس.

وعندما غادر هنية غزة في 2017، خلفه يحيى السنوار الذي قضى أكثر من عقدين في السجون الإسرائيلية والذي رحب به هنية مجددا في غزة في 2011 بعد عملية لتبادل المحتجزين.

مرشد إيران علي خامنئي مع اسماعيل هنية في طهران (أ.ف.ب)

وقال أديب زيادة، المتخصص في الشؤون الفلسطينية بجامعة قطر "هنية يقود المعركة السياسية لحماس مع الحكومات العربية"، مضيفا أن هنية يرتبط بعلاقات وثيقة مع شخصيات أكثر تشددا في الحركة والجناح العسكري. وتابع "إنه الواجهة السياسية والدبلوماسية لحماس".

والتقى هنية ومشعل بمسؤولين في مصر، التي تتوسط أيضا في محادثات وقف إطلاق النار. وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن هنية سافر في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) إلى طهران للقاء المرشد الإيراني علي خامنئي.

وقال ثلاثة مسؤولين كبار لرويترز إن خامنئي أبلغ هنية خلال الاجتماع بأن إيران لن تدخل الحرب لأنها لم تعلم بأمرها مسبقا. ولم ترد حماس على طلبات للتعليق قبل أن تنشر رويترز التقرير، ثم أصدرت نفيا بعد نشره.

وفي مرحلة الشباب، كان هنية ناشطا طلابيا في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة. وانضم إلى حماس عندما تأسست خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987. وتعرض هنية للاعتقال والترحيل لفترة وجيزة. وأصبح هنية أحد تلامذة الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس، والذي كان أيضا لاجئا مثل عائلة هنية من قرية الجورة القريبة من عسقلان. وفي عام 1994 قال لرويترز إن الشيخ ياسين كان نموذجا يحتذى به بالنسبة للشباب الفلسطيني وإنه تعلم منه حب الإسلام والتضحية من أجله وعدم الركوع للطغاة والمستبدين.

هنية مع الشيخ ياسين (رويترز)

وبحلول عام 2003، أصبح هنية أحد المساعدين الذين يثق بهم ياسين، والتُقطت صورة له في منزل الشيخ في غزة وهو يحمل هاتفا بجانب أذن مؤسس الحركة الذي كان مصابا بشلل شبه كامل حتى يتمكن من المشاركة في حديث. واغتالت إسرائيل ياسين عام 2004.

وكان هنية من أوائل المدافعين عن دخول حماس معترك السياسة. وفي عام 1994 قال إن تشكيل حزب سياسي سيمكن حماس من التعامل مع التطورات الناشئة. ورفض قادة حماس الدخول في ميدان السياسة في البداية، ثم وافقوا عليه لاحقا وأصبح هنية رئيسا للوزراء بعد فوز الحركة في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية عام 2006، وذلك بعد عام من انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة. وسيطرت الحركة على غزة عام 2007.

إسماعيل هنية(إ.ب.أ)

وعندما سأله صحافيون من رويترز في 2012 عما إذا كانت حماس قد تخلت عن النضال المسلح أجاب هنية بالنفي القاطع وقال إن المقاومة ستستمر بجميع أشكالها، الشعبية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية.


مقالات ذات صلة

تركيا وروسيا تدينان اغتيال هنية

المشرق العربي إسماعيل هنية (رويترز)

تركيا وروسيا تدينان اغتيال هنية

وزارتا الخارجية الروسية والتركية تدينان عملية اغتيال زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران.

«الشرق الأوسط» (موسكو - أنقرة)
المشرق العربي زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية وزعيم حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية زياد النخالة يلتقيان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في طهران (رويترز)

قيادي من «حماس»: اغتيال هنية «لن يمر سدى»

تعهد عضو المكتب السياسي لـ«حماس» موسى أبو مرزوق اليوم (الأربعاء) بأن اغتيال زعيم الحركة إسماعيل هنية في طهران «لن يمر سدى».

المشرق العربي إسماعيل هنية في آخِر ظهور له بالبرلمان الإيراني لحضور مراسم أداء اليمين للرئيس المنتخب حديثاً مسعود بزشكيان بطهران (أ.ب)

اغتيال إسماعيل هنية بغارة في طهران

حركة «حماس» تعلن مقتل قائدها إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران.

«الشرق الأوسط» (غزة )
تحليل إخباري فلسطينيون يشقون طريقهم للعودة للأحياء في الجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (رويترز)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: اتهامات «عرقلة» المفاوضات تربك جهود الوسطاء

اتهامات متبادلة بين إسرائيل وحركة «حماس» بـ«عرقلة التوصل لاتفاق» تجعل مفاوضات الهدنة في قطاع غزة «تراوح مكانها»، قبيل اجتماعات جديدة للوسطاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية اشتبك جنود إسرائيليون مع متظاهرين من اليمين بعد اقتحامهم قاعدة «بيت ليد» العسكرية بسبب احتجاز جنود احتياطيين للتحقيق معهم للاشتباه في إساءة معاملتهم لمعتقل من «حماس» بعد هجوم 7 أكتوبر (أ.ف.ب)

بعد اقتحام متظاهرين لمجمعين عسكريين... الجيش الإسرائيلي يعلق مناقشات الجبهة الشمالية

أشارت صحيفة «إسرائيل اليوم» إلى أن رئيس هيئة الأركان العامة الإسرائيلية هيرتسي هاليفي علق اجتماعاً عملياتياً بشأن الجبهة الشمالية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«حزب الله»: فؤاد شكر كان في المبنى الذي استهدفه الهجوم الإسرائيلي

مواطنون يسيرون على أنقاض منزل تدمَّر بالضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)
مواطنون يسيرون على أنقاض منزل تدمَّر بالضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)
TT

«حزب الله»: فؤاد شكر كان في المبنى الذي استهدفه الهجوم الإسرائيلي

مواطنون يسيرون على أنقاض منزل تدمَّر بالضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)
مواطنون يسيرون على أنقاض منزل تدمَّر بالضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

أكد «حزب الله» صباح اليوم (الأربعاء) أن «القائد الجهادي الكبير» فؤاد شكر كان في المبنى الذي استهدفته الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، موضحاً في الوقت ذاته أنه ما زال بانتظار الحصول على معلومات بشأن مصيره مع «بطء» عمليات رفع الأنقاض.

وقال الحزب في بيان في أول تعليق منذ الضربة الإسرائيلية: «قام العدو الصهيوني بالاعتداء على الضاحية الجنوبية لبيروت؛ حيث استهدف مبنى سكنياً». وأضاف: «كان القائد الجهادي الكبير الأخ السيد فؤاد شكر (الحاج محسن) حينها يوجد في هذا المبنى»، موضحاً أنه ما زال ينتظر معلومات حول مصيره مع «بطء» عمليات رفع الأنقاض «نظراً لوضعية الطبقات المدمرة».

واستهدفت ضربة جوية إسرائيلية قائداً كبيراً لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت، في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، بينما قال الجيش الإسرائيلي إنه رد على هجوم صاروخي عبر الحدود أدى إلى مقتل 12 طفلاً ومراهقاً يوم السبت. ونفت جماعة «حزب الله» المسلحة ضلوعها في الهجوم.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض لوكالة «رويترز» للأنباء: «نترك لإسرائيل أن تتحدث عن عملياتها العسكرية. ونؤكد موقفنا الواضح: التزامنا بأمن إسرائيل ثابت لا يتزعزع ضد كل التهديدات المدعومة من إيران، بما في ذلك (حزب الله)، ونعمل على إيجاد حل دبلوماسي يسمح للمواطنين بالعودة بأمان إلى ديارهم».

ومن جهته، قال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على «إكس»: «العمل الإجرامي الذي حصل الليلة هو حلقة في سلسلة العمليات العدوانية التي تحصد المدنيين، في مخالفة واضحة وصريحة للقانون الدولي... نضعه برسم المجتمع الدولي الذي عليه تحمّل مسؤولياته والضغط بكل قوة لإلزام إسرائيل بوقف عدوانها وتهديداتها وتطبيق القرارات الدولية».

وقال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب لـ«رويترز»: «لم نتوقع منهم أن يقصفوا بيروت؛ لكنهم قصفوها»، وعبَّر عن أمله في ألا يؤدي رد «حزب الله» إلى تصعيد. وأضاف: «نأمل في أن يكون أي رد متناسباً... حتى تتوقف موجة القتل والضرب والقصف هذه».

بدورها، أدانت حركة «حماس» الفلسطينية في بيان الضربة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت، وأضافت: «ندين بشدّة العدوان الصهيوني الغاشم على لبنان والشعب اللبناني الشقيق، والذي استهدف مقراً لـ(حزب الله) في الضاحية الجنوبية من بيروت، وأسفر عن استشهاد وإصابة عدد من المواطنين الأبرياء، ونعدُّه تصعيداً خطيراً يتحمل الاحتلال الصهيوني النازي كامل المسؤولية عن تداعياته».

وأدانت حركة الحوثي اليمنية عبر قناة «المسيرة» الضربة، وقالت: «ندين ونستنكر بأشد العبارات العدوان الصهيوني على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، في هجوم إرهابي استهدف المدنيين والمنشآت المدنية، عن سابق إصرار وتعمد، بالمخالفة لكل المواثيق الدولية، وفي انتهاك صارخ لسيادة لبنان والقانون الدولي الإنساني»، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وكتبت سفارة إيران في لبنان على «إكس»: «ندين بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي الآثم والجبان الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، والذي راح ضحيته عدد من الشهداء والجرحى».

وفي سوريا، عبَّرت الخارجية من خلال وكالة الأنباء الرسمية: «تدين وزارة الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية هذا الاعتداء الصارخ على السيادة اللبنانية والانتهاك الصارخ للقانون الدولي، والذي وقع بعد يومين من الجريمة النكراء التي شهدتها مدينة مجدل شمس في هضبة الجولان السورية المحتلة».

وبدورها، عدَّت الخارجية الروسية أن الضربة الإسرائيلية على بيروت «انتهاك صارخ للقانون الدولي».

عاجل أنباء عن نجاة رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان من محاولة اغتيال بمسيرة شرقي السودان