الحرب في قطاع غزة تنغّص فرحة نتائج الثانوية العامة في الأراضي الفلسطينية

طلاب فلسطينيون خلال الامتحانات الرسمية الفلسطينية (وفا)
طلاب فلسطينيون خلال الامتحانات الرسمية الفلسطينية (وفا)
TT

الحرب في قطاع غزة تنغّص فرحة نتائج الثانوية العامة في الأراضي الفلسطينية

طلاب فلسطينيون خلال الامتحانات الرسمية الفلسطينية (وفا)
طلاب فلسطينيون خلال الامتحانات الرسمية الفلسطينية (وفا)

تقول إيناس ناجي إن فرحتها بنجاح ابنتها ميار في امتحانات الثانوية العامة كانت «منقوصة»؛ بسبب الحرب على قطاع غزة المستمرة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، التي منعت الطلبة هناك من التقدم للامتحانات، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

الاثنين، أُعلنت نتائج امتحانات الثانوية العامة في الضفة الغربية المحتلة دون قطاع غزة، حيث حُرم 39 ألف طالب وطالبة من خوضها؛ بسبب الحرب. ولطالما كان إعلان هذه النتائج يشكّل مناسبة للطلبة والأهالي للاحتفال، لكن هذا العام صدرت دعوات لعدم المبالغة في الاحتفالات؛ بسبب الأوضاع.

وتضيف الأم التي تسكن مدينة رام الله: «حصلت ميار على 84 في المائة. لم نحتفل ليس استجابة للدعوات بل لأننا نشعر بأن فرحتنا منقوصة في ظل معاناة أهلنا في قطاع غزة».

وتتابع ناجي: «طلاب وطالبات في عُمر ابنتي لم يتقدّموا لامتحان التوجيهي؛ بسبب الحرب التي نتمنى أن تنتهي قريباً».

لا مكان للفرح

أما الطالب سليمان ناصر، فحصد نتيجة 83.3 في المائة، ويقول: «كنت أنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر كي احتفل، خصوصاً أن التوجيهي يعني انتهاء حقبة طويلة من أيام المدرسة».

ويتدارك: «لكني لم أستطع الاحتفال؛ لأنني أعلم أن هناك آلاف الطلبة من غزة منعتهم الحرب من التقدم للامتحان، إضافة إلى عشرات الشهداء من طلاب التوجيهي».

ويضيف سليمان: «لا يوجد أي مكان للفرح».

وقالت وزارة التربية والتعليم في رام الله إن «39 ألف طالب وطالبة كان من المفترض أن يتقدّموا لامتحانات الثانوية العامة في قطاع غزة في عام 2024 لكن بسبب الحرب لم يتمكّن أحدهم من ذلك».

وأضافت الوزارة، في بيان، «هذا العام لا نسب عامة للنجاح، فالأعداد لم تكتمل».

كان إعلان نتائج الثانوية العامة (التوجيهي) في الأراضي الفلسطينية يمثل دوماً مناسبة اجتماعية مميزة ينتظرها الطلبة والأهالي.

لكن هذا العام، صدرت دعوات إلى عدم المبالغة في مظاهر الاحتفال واقتصارها على التهاني، حتى خلت شوارع مدينة رام الله من المحتفلين الذين عادة ما كانوا ينطلقون في مواكب ويطلقون الأبواق والمفرقعات.

خطط وزارية

اندلعت الحرب في غزة بعد هجوم نفّذته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، وأسفر عن 1197 قتيلاً، معظمهم من المدنيين، وفقاً لتعداد أجرته «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وخطف المهاجمون 251 شخصاً ما زال 111 منهم محتجزين في غزة، بينهم 39 يقول الجيش إنهم قُتلوا.

وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمرة وهجمات برية، أسفرت عن سقوط 39400 قتيل على الأقل، معظمهم مدنيون، وفق أرقام وزارة الصحة في القطاع.

وبحسب أرقام وزارة التربية والتعليم، فإن بين القتلى في قطاع غزة 450 طالباً وطالبة من طلاب الثانوية العامة من أصل 10 آلاف طالب وطالبة قُتلوا خلال الحرب، فضلاً عن 55 طالب ثانوية عامة تم اعتقالهم.

وقالت الوزارة: «منذ السابع من أكتوبر لم يتمكّن 630 ألفاً من طلبة المدارس و88 ألفاً من طلبة الجامعات في غزة من ممارسة حقهم الطبيعي في الدراسة».

وبين هؤلاء رهف الناجي التي حُرمت مثل أقرانها من طلبة الثانوية العامة من التقدم للامتحان، فشعرت بالحزن عندما أُعلنت النتائج في الضفة الغربية.

وتقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عندما أُعلنت النتائج بكيت وشعرت بالحزن والأسف بدل أن يكون يوم فرح».

وتضيف: «سنة كاملة من عمرنا ومستقبلنا هُدرت... كنت متفوقة ولطالما تمنيت أن أدرس تخصص طب الأسنان».

والثلاثاء، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، قبيل انعقاد جلسة الحكومة، إن «وزارة التربية والتعليم تعد الخطط اللازمة لإكمال طلبتنا في غزة دراستهم، كما يتم التحضير لاستعادة العملية التعليمية لنحو 20 ألف طالب مقيم في الأراضي المصرية».

وتأمل الناجي «أن تنتهي الحرب في أقرب فرصة، ونعود للامتحانات، وأحصل على درجة تؤهلني لدخول كلية الطب».


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»... الوسطاء يسارعون الخطى لإبرام الاتفاق

شمال افريقيا منازل فلسطينية تتعرَّض لأضرار بالغة جراء غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

«هدنة غزة»... الوسطاء يسارعون الخطى لإبرام الاتفاق

جولات مكوكية للإدارة الأميركية بالمنطقة، لبحث ملف الهدنة في قطاع غزة، تتزامن مع حديث متصاعد عن «قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بالقطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي تحتجز إسرائيل أكثر من 10 آلاف و300 أسير ومعتقل فلسطيني (أ.ف.ب)

تقرير فلسطيني: الجيش الإسرائيلي يستحدث معسكرات جديدة لاحتجاز الفلسطينيين

ذكر تقرير فلسطيني، اليوم (الأربعاء)، أن الجيش الإسرائيلي استحدث معسكرات جديدة لاحتجاز الفلسطينيين في ظل ازدياد أعداد المحتجزين بعد هجوم السابع من أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
خاص غزيون يقيمون الثلاثاء صلاة الميت على عدد من ضحايا غارة إسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

خاص الغزيون متلهفون لهدنة على قاعدة «وقف الموت مكسب»

يتابع الغزيون باهتمام بالغ، الأخبار التي يتم تناقلها عبر وسائل الإعلام عن قرب التوصل إلى اتفاق هدنة محتمل في القطاع بين إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي الرئيس المصري يستقبل نظيره الإندونيسي الأربعاء في القاهرة عشية اجتماعات «الثماني النامية» (الرئاسة المصرية)

الرئيس المصري ونظيره الإندونيسي يدعوان لإنهاء «الاحتلال الإسرائيلي» للجولان

دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الإندونيسي برابوو سوبيانتو، الأربعاء، إسرائيل إلى إنهاء احتلالها لهضبة «الجولان» السورية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم 24 يوليو الماضي (أرشيفية - رويترز)

سموتريتش رافضاً «صفقة غزة»: نتنياهو يعرف خطوطنا الحمر 

رفض وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الاتفاق المزمع لوقف النار في قطاع غزة، قائلاً إنه بشكله الحالي «ليس جيداً ولا يخدم أهداف إسرائيل في الحرب.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

الغزيون متلهفون لهدنة على قاعدة «وقف الموت مكسب»

غزيون يقيمون الثلاثاء صلاة الميت على عدد من ضحايا غارة إسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
غزيون يقيمون الثلاثاء صلاة الميت على عدد من ضحايا غارة إسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
TT

الغزيون متلهفون لهدنة على قاعدة «وقف الموت مكسب»

غزيون يقيمون الثلاثاء صلاة الميت على عدد من ضحايا غارة إسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
غزيون يقيمون الثلاثاء صلاة الميت على عدد من ضحايا غارة إسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

يتابع الغزيون باهتمام بالغ، الأخبار التي يتم تناقلها عبر وسائل الإعلام عن قرب التوصل إلى اتفاق هدنة محتمل في القطاع بين إسرائيل وحركة «حماس»، في ظل تسارع المباحثات التي تجري بالتزامن في القاهرة والدوحة لجَسْر الهُوَّة والخلافات بين إسرائيل و«حماس» فيما يتعلق ببعض التفاصيل المتعلقة بإنجاز الاتفاق، إذ عدَّ بعضهم وقف الموت «مكسباً».

ورأى كثير من المتابعين بيان حركة «حماس»، أمس، حول جدية المفاوضات، بمثابة تأكيد جديد على أن قرب التوصل إلى اتفاق بات قاب قوسين أو أدنى، خصوصاً أن الحركة أكدت أن نجاحها مرهون بعدم وضع أي شروط إسرائيلية جديدة.

وتقول الغزية سمر الملفوح، النازحة من حي الكرامة شمال غربي مدينة غزة إلى مواصي خان يونس جنوب القطاع، إنها تشعر على غير العادة بـ«تفاؤل كبير بأن الجهود الحالية ستنجح هذه المرة بشكل كبير، مما يتيح إمكانية التوصل إلى صفقة توقف شلال الدم المتدفق الذي لا يكاد يتوقف على مدار الساعة».

غزيون ينتظرون الحصول على طعام في خان يونس الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأضافت الملفوح (53 عاماً): «نحن راضون عن الذي يقولونه عن هدنة على مراحل، وعن عودتنا بالتدريج، لأننا لا نريد أكثر من أن نعيش ونتحرك بأمان بعيداً عن الصواريخ والقذائف والرصاص التي تلاحقنا من مكان إلى مكان». وأشارت إلى وقوع غارة جوية إسرائيلية استهدفت خيمة مساء الثلاثاء، لا تبعد إلا نحو 400 متر عن الخيمة التي تعيش فيها مع أبنائها، مشيرةً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف كل المناطق في القطاع بما في ذلك تلك التي يصنفها إنسانية أو آمنة. وقالت: «نحن كل يوم نموت مائة مرة، كفانا قتلاً ودماراً، لم نعد قادرين على ذلك ونريد الهدنة اليوم قبل غد».

نفرح لاحقاً

حفيدتها الشابة إسلام، تقول إنها مثل كثيرين ممن يعيشون في خيام النزوح، تابعت باهتمام خلال ساعات مساء الثلاثاء، الأخبار التي كانت تُتداول حول زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للقاهرة، وقرب التوصل إلى اتفاق.

وشاركت إسلام، رفيقاتها الموجودات في خيام مجاورة لخيمة عائلتها، الفرحة بقرب التوصل إلى اتفاق، بعد إشاعات وصول نتنياهو إلى القاهرة، لكنّ هذه الفرحة لم تكتمل، بعد أن تبين أنها غير صحيحة، لكن إسلام قالت: «نفرح لاحقاً عندما ينجزون الاتفاق، ونريد أن ينجز سريعاً وتقف الحرب ونرجع إلى شمال القطاع، لا نريد من أحد سوى أن يتوقف قتلنا كل يوم».

غزية مصدومة مما خلّفته غارة إسرائيلية الاثنين على مدرسة في خان يونس (أ.ف.ب)

المواطن معتصم أبو صفية، النازح من مخيم جباليا إلى دير البلح وسط قطاع غزة، أعرب عن أمله في أن تنجح المفاوضات الجارية حالياً في التوصل إلى اتفاق «يُنهي معاناة السكان ويوقف المذابح الإسرائيلية التي ترتكَب يومياً بحقنا كمدنيين وليس فقط بحق المقاومين».

وقال أبو صفية (47 عاماً)، وهو موظف من حكومة «حماس» بغزة، إن «السكان يفضلون حالياً وقف إطلاق النار بأي ثمن، حتى ولو كان ذلك على مراحل عدة، وحتى إن بقيت قوات الاحتلال الإسرائيلي لفترة زمنية معينة في بعض المناطق مثل محوري نتساريم وفيلادلفيا». وأكد أن «المهم بالنسبة إلينا أن تتوقف هذه الحرب بعد كل القتل والدمار الذي حل بنا، باعتبار أن وقف الموت حالياً هو مكسب للجميع، وما دون ذلك من أزمات يمكن أن يتم تفكيكه من خلال المفاوضات التي ستجري فيما بعد».

ولا يخفي السكان في قطاع غزة أنهم يؤيدون أي صفقة حتى ولو كان فيها كثير من التنازلات على الأقل في بداياتها من أجل الوصول لوقف إطلاق نار يتيح لهم تنفس الصعداء بعد 15 شهراً من حرب دامية.

ضياع المستقبل

ويقول الشاب منير أبو سعدة، من سكان حي الشجاعية، وهو خريج كلية الاقتصاد في جامعة الأزهر، إن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في الوقت الحالي بات «مطلباً مركزياً، في ظل عدم قدرتنا كمواطنين على تحمل مزيد من الخسائر سواء على المستوى البشري أو الاقتصادي».

وذكر أبو سعدة أن «كل يوم يمر على السكان في قطاع غزة، يعني خسارتهم مزيداً من أهاليهم وأقاربهم وأصدقائهم، وخسارة مزيد من منازلهم وممتلكاتهم وحتى أعمالهم التي تؤكد أرقام رسمية أن أكثر من 70 في المائة من الغزيين فقدوا مصدر رزقهم سواء العاملين في القطاع الخاص أو الذين كانوا يعملون في مؤسسات غير حكومية».

وقال أبو سعدة: «السؤال المطروح أيضاً بالنسبة لنا كجيل شاب، هو: مَن سيتحمل مسؤولية ضياع مستقبلنا؟ وماذا يمكن أن يكون مستقبلنا بعد وقف إطلاق النار وانتهاء الحرب بشكل كامل؟»، وأضاف: «لكن في الوقت ذاته نحن نؤيد وقف إطلاق النار، وهذا حال جميع المواطنين بمن فيهم الفصائل الفلسطينية التي كان يمكن أن تنجح في التوصل إلى اتفاق قبل هذه الفترة، وكان بإمكانها منع مزيد من الضرر لو قبلت بما قبلت به سابقاً في إطار محاولات ترويض حكومة الاحتلال الإسرائيلي»، مؤكداً أن «الجميع هنا يريد وقف إطلاق النار، ويتلهف للحظة التي سيعلَن فيها ذلك».

من تحرك لذوي المخطوفين الإسرائيليين لإتمام صفقة مع «حماس» (أ.ف.ب)

ولا توجد إحصائيات واضحة، حول أعداد مَن فقدوا أعمالهم ووظائفهم منذ بداية الحرب، إلا أن البنك الدولي ومنظمات أممية ودولية تؤكد أن الخسائر فاقت كل التوقعات خصوصاً في ظل سياسة التدمير التي تنتهجها إسرائيل لواقع الحياة الاقتصادية في كل مناطق قطاع غزة.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، إن سكان قطاع غزة عانوا ويلات مختلفة خلال هذه الحرب القاسية، من ألم فقدان ذويهم وأصدقائهم وغيرهم، ووجع الإصابات الصعبة والحرجة، وصولاً إلى مرارة النزوح التي لم تتوقف يوماً، إلى جانب فقدانهم منازلهم التي كانت تؤويهم وستراً لهم، وتحولت إلى كومة ركام، لتزيد من المأساة التي حلَّت بهم.

مطالب مشروعة

وأضاف: «كل هذه العناصر والأسباب تدفع سكان قطاع غزة إلى القبول بأي اتفاق لوقف إطلاق النار حتى ولو كان على حساب ما كانوا يرونها أنها ثوابت يتفقون فيها مع الفصائل الفلسطينية والمتعلقة بشكل أساسي بوقف الحرب بشكل نهائي مباشرةً، وعودة النازحين مرةً واحدة، وكذلك السماح بإعادة إعمار القطاع فوراً، وهي مطالب مشروعة، لكن باتوا يرون فيها أنه يمكن التنازل عن تطبيقها مرةً واحدة على أمل أن يكسب أحدهم يومه من دون حسرة ووجع وألم على فقدانٍ هنا أو هناك».

وأشار إلى أن سكان قطاع غزة باتوا غاضبين من استمرار هذه الحرب التي لم تجلب لهم سوى الموت والدمار، ويدفعون ثمنها من دون مقابل يمكن أن يغيِّر من مطامع الاحتلال في حرمان الفلسطينيين من سلام آمن وعادل وشامل.