اللبنانيون يستعدون لـ«الحرب»: المطار يزدحم بالمغادرين والمستشفيات تجري مناورات

دول تحذّر رعاياها وشركات طيران تعلّق رحلاتها

مسافرون ينتظرون مع حقائبهم في مطار رفيق الحريري الدولي (رويترز)
مسافرون ينتظرون مع حقائبهم في مطار رفيق الحريري الدولي (رويترز)
TT

اللبنانيون يستعدون لـ«الحرب»: المطار يزدحم بالمغادرين والمستشفيات تجري مناورات

مسافرون ينتظرون مع حقائبهم في مطار رفيق الحريري الدولي (رويترز)
مسافرون ينتظرون مع حقائبهم في مطار رفيق الحريري الدولي (رويترز)

يعيش اللبنانيون حالةً من الإرباك التي تكبّل حياتهم منذ سقوط الصاروخ في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري، مساء السبت، على وقع التهويل والتهديد بالحرب، بانتظار ما ستؤول إليه الجهود المبذولة لعدم التصعيد الكبير. وما زاد من هذا القلق دعوات السفارات لرعاياها لمغادرة لبنان، كما تعليق شركات طيران عالمية رحلاتها، رابطة قرارها بالأوضاع الأمنية.

دول تطلب من رعاياها المغادرة وشركات طيران تعلّق رحلاتها

وبانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات والجهود الدولية الحاصلة، تتوالى تحذيرات الدول لرعاياها بمغادرة لبنان في وقت اتخذت فيه شركات طيران عدة قرارات بتعليق رحلاتها ما أدى إلى إرباك وزحمة في قاعات المطار.

هذا الواقع طرح سؤالاً أساسياً تحوّل إلى نكتة على وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان، وهو كيف لهذه السفارات أن تدعو رعاياها للمغادرة، وهي نفسها أوقفت رحلات خطوطها الجوية، على غرار ما فعلت السفارة الألمانية والسفارة الفرنسية.

وأفادت وكالة «أنسا» الإيطالية للأنباء بأن وزير الخارجية أنطونيو تاياني حث رعايا البلاد على مغادرة لبنان. كما حثّت الخارجية الألمانية رعاياها لمغادرة لبنان «بشكل عاجل»، كما أعلنت مجموعة الطيران الألمانية «لوفتهانزا»، الاثنين، تعليق خدماتها إلى بيروت حتى الخامس من أغسطس (آب)، وعلقت شركتا طيران «Air france» و«ترانسافيا» رحلاتهما نحو بيروت ليومين.

مسافرون في طريقهم لمغادرة لبنان بمطار رفيق الحريري الدولي (رويترز)

وفي أثينا، أوضح مصدر ملاحي يوناني لوكالة الصحافة الفرنسية أن رحلة لخطوط «أيجه» إلى بيروت ألغيت، وتم إلغاء رحلات «يورو وينغز» من بيروت وإليها حتى 5 أغسطس في ظل التطورات في الشرق الأوسط. كذلك، أعلنت شركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية في بيان تعليق رحلاتها إلى بيروت الاثنين والثلاثاء.

من جهتها، جدّدت السفارة الأميركية على لسان مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون القنصلية رينا بيتر الدعوة إلى عدم السفر إلى لبنان «نظراً للصعوبات التي قد تعوق المغادرة في حال ازياد الصراع في المنطقة»، وحثت المواطنين الأميركيين في لبنان على القيام ببعض الإجراءات الاحترازية، مذكرة المواطنين الأميركيين بضرورة تحضير خطة عمل للأزمات والمغادرة قبل بدء أي أزمة، وأشارت إلى أنه «في حال لم تعد الرحلات التجارية متاحة، على الأشخاص الموجودين في لبنان التحضير لأخذ ملاجئ أماكن وجودهم لفترات طويلة».

وفي ظل هذا التوتّر، أعلن وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس أن بلاده مستعدة للمساعدة في إجلاء مدنيين من الشرق الأوسط إذا تصاعدت المواجهة، مشيراً إلى أن السلطات القبرصية لديها آلية استجابة طارئة للإجلاء المحتمل لمدنيين منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتم تحديد «الطريقة التي سيعمل بها البرنامج، إذا لزم الأمر». وكانت جزيرة قبرص الواقعة في شرق البحر المتوسط قد استُخدمت لإجلاء آلاف الأجانب من لبنان في 2006 أثناء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله».

المغتربون قطعوا إجازاتهم والمخاطر التأمينية تربك «طيران الشرق الأوسط»

وانعكس الوضع الأمني المتوتر خوفاً وقلقاً في أوساط المغتربين الذي اختاروا زيارة لبنان في هذا الصيف، ما أدى إلى اتخاذ بعضهم قرار المغادرة باكراً «قبل فوات الأوان»، وخوفاً من انفلات الأمور في أي لحظة.

وهو ما قامت به تمارا وزوجها، صباح الأحد، حين قررا تقديم موعد سفرهما أربعة أيام إلى دبي، ونجحا في العثور على مقاعد على الطائرة التي كانت تزدحم بالركاب العادين. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «فكّرنا كثيراً بالبقاء أو العودة، فكان الخيار الثاني هو الأضمن بالنسبة إلينا خوفاً من أن نصل إلى مرحلة يقفل فيها المطار ولا نستطيع العودة، لا سيما وأن إجازتنا من أعمالنا محددة بفترة معينة».

وتلفت إلى أنهم وجدوا صعوبة خلال محاولة تقديم موعد السفر «أونلاين»، موضحة: «عندما بدأنا المحاولة كان نصف مقاعد الطائرة فارغاً، وبعد إنجاز تقديم السفر بصعوبة نتيجة المشكلات التي واجهناها بالسيستم كانت المقاعد كلّها قد حجزت».

وتشير تمارا إلى أنها التقت عائلات لبنانية على متن الطائرة التي غادرت بها اتخذت القرار نفسه، وبعضهم اضطر إلى شراء بطاقة سفر جديدة لعدم قدرتهم على تقديم موعد سفرهم.

وهذا الخوف عكسته قاعات المطار التي ضاقت بمسافرين تأخرت رحلاتهم أو جرى إلغاؤها، ولفتت وكالة الصحافة الفرنسية إلى توزّع العائلات والأطفال على المقاعد القليلة الموجودة وسط ارتفاع درجات الحرارة وتوقف التكييف. وتكدّست الحقائب فوق بعضها البعض.

وانتظر أحمد عرفات، الآتي من مدينة حلب في شمال سوريا في قاعة الانتظار برفقة عائلته محاطين بحقائبهم، موعد طائرتهم إلى باريس بعدما تم تأخيرها لساعتين، مبدياً قلقه من إلغاء الرحلة.

مسافرون يغادرون مطار رفيق الحريري الدولي (أ.ف.ب)

وقال للوكالة: «لا أعلم ماذا سأفعل إذا ما تم إلغاء الرحلة. آمل ألا يحصل ذلك»، مضيفاً: «سيكون الوضع صعباً مع ساعات انتظار طويلة والطقس الحار وبوجود أطفال معنا، ولا مقاعد كافية للمسافرين».

ولم يتمكن مسافر آخر، امتنع عن ذكر اسمه، وهو سوري يحمل الجنسية اليونانية، من الوصول في الوقت المحدد لركوب طائرة أقلعت صباحاً إلى اليونان. وأضاف: «لا طائرة أخرى مجدولة إلى أثينا قبل الأول من أغسطس، فاضطررت لحجز رحلة عبر مطار لارنكا عند منتصف الليل، ما يعني أنني سأحتاج إلى أكثر من ثلاثين ساعة للوصول إلى منزلي».

يأتي هذا فيما ذكرت شركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية، الاثنين أيضاً، أن عدم انتظام مواعيد رحلاتها الجوية يتعلق بمخاطر التأمين في ظل تصاعد التوتر بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي تسبب في إلغاء أو تأخر بعض الرحلات في مطار بيروت. وعادت وأوضحت الشركة في بيان آخر أن رحلاتها ليومي 29-30 يوليو (تموز) 2024 ستبقى على حالها باستثناء 5 رحلات من أصل 35 رحلة تم تأخير عودتها إلى صباح 30 يوليو 2024 بدلاً من وصولها بعد منتصف الليل، وذلك لأسباب تقنية تتعلق بتوزيع المخاطر التأمينية على الطائرات بين لبنان والخارج.

وأكدت مصادر في «طيران الشرق الأوسط» لـ«الشرق الأوسط» أن عمل الشركة لا يزال حتى الآن كما هو باستثناء بعض التعديلات التي أجريت فقط للرحلات الليلية، مشيرة إلى أن أي قرار جديد سيتخذ بناء على المستجدات التي قد تحصل.

المستشفيات تجري مناورات استعداداً لـ«الحرب»

هذا الواقع جعل المستشفيات تستعد لـ«الحرب»، ولتطبيق خطة الطوارئ التي كانت قد أعدتها وزارة الصحة بالتنسيق مع أصحابها، وفي هذا الإطار، يقول رئيس لجنة الصحة النيابية، بلال عبد الله، الذي جال على مستشفيات في إقليم الخروب للوقوف على استعداداتها، أن عدداً منها أجرى الاثنين مناورات تحاكي استقبال إصابات جراء أي حرب محتملة. ولفت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المستشفيات أنجزت استعداداتها، لكن القدرة على الصمود مرتبطة بحجم المواجهة، لأن الصمود ليس سهلاً إذا وقعت حرب واسعة.

وكان قد انتشر مقطع صوتي في هذا الإطار لنقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون، يطلب من أصحاب المستشفيات الاستعداد لاستقبال الإصابات، في حال صدقت التوقعات، وشنّت ضربات على لبنان، وذلك وفق الخطة التي سبق أن عمل عليها.

اللبنانيون يتهافتون للتموين... وتطمينات: المواد الغذائية متوفرة بكميات

مثلما توقف اللبنانيون على كل «محطة أمنية»، توافدوا على المحلات التجارية للتموين، وهو ما سُجّل في اليومين الأخيرين في السوبر ماركات في مختلف المناطق، رغم التطمينات التي تؤكد توفّر المواد الغذائية بكميات كبيرة، إلا إذا كانت الحرب شاملة على غرار حرب عام 2006. وهذا الأمر يتحدث عنها رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً: «تسابق اللبنانيين لشراء المواد الغذائية أمر طبيعي في ظل هذا الواقع لكننا نطمئن الجميع أن هناك مواد غذائية بكمية كبيرة تكفي لثلاثة أشهر ولن تكون هناك مشكلة في الوقت الحاضر». لكن يلفت بحصلي إلى أن هذا الأمر مرتبط بشكل أساسي بطبيعة الحرب، إذا وقعت، مضيفاً: «إذا كانت على غرار عام 2006 المشكلة لا تكمن عندها في توفّر المواد إنما في كيفية إيصالها والوصول إليها، وهو الأمر الذي نخشى منه أن يحصل».


مقالات ذات صلة

الرئيس المصري وملك الأردن يؤكدان ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة

العالم العربي خلال لقاء سابق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال قمة في القاهرة 27 ديسمبر 2023 (رويترز)

الرئيس المصري وملك الأردن يؤكدان ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم الأربعاء، ضرورة الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ فلسطينيون يبكون أمام جثث أقاربهم الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية بمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بغزة قبل تشييع جنازتهم (د.ب.أ)

بايدن: أميركا تبذل جهداً آخر للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الأربعاء، إن بلاده ستبذل جهداً آخر مع تركيا ومصر وقطر وإسرائيل وآخرين للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (رويترز)

كاتس: إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة هو الهدف الأبرز بعد وقف النار بلبنان

قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن الهدف الأبرز لتل أبيب بعد وقف إطلاق النار في لبنان يتمثل بصفقة جديدة للإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الاقتصاد رجال يسيرون بجوار لوحة إلكترونية في بورصة تل أبيب (رويترز)

ارتفاع سندات إسرائيل ولبنان السيادية بعد وقف إطلاق النار

ارتفعت السندات السيادية الإسرائيلية المقوَّمة بالدولار بنسبة 0.8 سنت، يوم الأربعاء، عقب دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ.

«الشرق الأوسط» (القدس)

السلطة الفلسطينية ترحّب بوقف إطلاق النار في لبنان

الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع في سوتشي بروسيا 23 نوفمبر 2021 (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع في سوتشي بروسيا 23 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

السلطة الفلسطينية ترحّب بوقف إطلاق النار في لبنان

الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع في سوتشي بروسيا 23 نوفمبر 2021 (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع في سوتشي بروسيا 23 نوفمبر 2021 (رويترز)

رحّبت الرئاسة الفلسطينية، اليوم الأربعاء، بالإعلان عن دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان.

وأعربت الرئاسة، في بيان أوردته وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية «وفا»، عن أملها في أن تسهم هذه الخطوة في وقف العنف وعدم الاستقرار، اللذين تعانيهما المنطقة جراء السياسات الإسرائيلية التي تقود المنطقة إلى الانفجار الشامل، مشددة على «ضرورة الإسراع في تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735 الخاص بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، ومنع تهجير أبناء شعبنا من القطاع، وتمكين دولة فلسطين من مسؤولياتها كاملة هناك».

وعبّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن دعم دولة فلسطين الكامل «استقرار لبنان الشقيق وأمنه، وضمان إعمار ما دمرته الحرب»، متمنياً «للشعب اللبناني الشقيق دوام التقدم والاستقرار».