«حزب الله» يبلِغ المسؤولين اللبنانيين والدوليين «حتمية الردّ» على أي ضربة إسرائيلية

تحذيرات غربية واتصالات مكثفة لمنع توسع الحرب

مشايخ دروز يقيمون الصلاة على جنازة أحد ضحايا الهجوم في مجدل شمس بهضبة الجولان (أ.ف.ب)
مشايخ دروز يقيمون الصلاة على جنازة أحد ضحايا الهجوم في مجدل شمس بهضبة الجولان (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يبلِغ المسؤولين اللبنانيين والدوليين «حتمية الردّ» على أي ضربة إسرائيلية

مشايخ دروز يقيمون الصلاة على جنازة أحد ضحايا الهجوم في مجدل شمس بهضبة الجولان (أ.ف.ب)
مشايخ دروز يقيمون الصلاة على جنازة أحد ضحايا الهجوم في مجدل شمس بهضبة الجولان (أ.ف.ب)

كثّفت الدول الغربية تحذيراتها، ورفعت من وتيرة اتصالاتها بالجانبين اللبناني والإسرائيلي لمنع توسع النزاع القائم في جنوب لبنان بين «حزب الله» وإسرائيل، إلى حرب واسعة بعد التهديد الإسرائيلي بالرد على ضربة مجدل شمس في هضبة الجولان السوري المحتل، في وقت رفض «حزب الله» تقديم أي تطمينات، وجدّد «موقفه المعلن» من أنه سيردّ على أي ضربة إسرائيلية، من غير تحديد طبيعة الرد «المتروكة للميدان».

وضاعفت التهديدات الإسرائيلية المخاوف المحلية والخارجية من تصعيد يؤدي إلى انزلاق نحو حرب واسعة، وسط تقديرات لبنانية بأن التهديدات الإسرائيلية «جدية»، وأن الضربة الإسرائيلية «متوقعة»؛ وذلك استناداً إلى الرسائل التي أُبلغت بها السلطات اللبنانية من أطراف دولية. ونقلت «رويترز» عن مسؤول إسرائيلي قوله: «نريد إيذاء (حزب الله)، لكننا لا نسعى إلى حرب إقليمية شاملة». كما نقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن إسرائيل «تتأهّب لاحتمال اندلاع قتال لبضعة أيام بعد هجوم الجولان».

وبدا لافتاً اللقاء بين وزير الخارجية عبد الله بوحبيب مع مسؤول العلاقات العربية والدولية في «حزب الله» عمار الموسوي في مبنى وزارة الخارجية، وهو لقاء جاء بعد سلسلة اتصالات غربية بالخارجية اللبنانية.

وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بوحبيب يلتقي مسؤول العلاقات العربية والدولية في «حزب الله» عمار الموسوي (رويترز)

وفي حين لم يدلِ الطرفان بأي تصريح، قالت مصادر مواكبة للزيارة لـ«الشرق الأوسط» إن الموسوي شكر بوحبيب على مواقفه الأخيرة، واتفقا على المزيد من التنسيق، وجدد الموسوي تأكيد موقف الحزب المعلن من أن رد الحزب على ضربة إسرائيلية «هو أمر محسوم ولا جدال فيه»، لافتاً إلى أن طبيعة الرد وحجمه «مرتبط حكماً بتقييم الحزب للضربة، وبناءً عليها، يترك موضوع الرد للميدان بشكل مؤكد».

وتحدثت وسائل إعلام قريبة من «حزب الله» عن «إصرار غربي على معرفة طبيعة رد (حزب الله) على أي ضربة إسرائيلية»، وأكدت أن الحزب «لم يعطِ تطمينات لأي جهة، وهو متمسك بقواعد الاشتباك والرد على أي عدوان إسرائيلي».

وأكدت المصادر المطلعة على اللقاء أن موقف الحزب «معلن وتم تبليغه لجميع الجهات، بمن فيهم رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية، ونقل إلى جميع المراجعين الدوليين بمن فيهم المبعوث الأميركي آموس هوكستين، وهو موقف يؤكد أن رد الحزب على أي ضربة، سيكون محتوماً بناءً على طبيعة الضربة الإسرائيلية»، وهو موقف يؤكده سائر مسؤولي «حزب الله» منذ بدء الحرب.

الموقفان الأميركي والبريطاني

وتسعى الاتصالات الدولية لمنع التدهور إلى مستوى حرب واسعة، وهو ما ظهر في تشديد واشنطن على «أهمية منع تصعيد الصراع بعد الهجوم الصاروخي في الجولان»، ومطالبة لندن جميع الأطراف «بضبط النفس منعاً للتصعيد».

وأكد وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن في اتصال هاتفي مع الرئيس الإسرائيلي يسحاق هرتسوغ أهمية منع تصعيد الصراع بعد الهجوم الصاروخي في الجولان. وذكرت «رويترز» أن بلينكن والرئيس الإسرائيلي بحثا في حل دبلوماسي يسمح للسكان على جانبي الحدود الإسرائيلية واللبنانية بالعودة إلى منازلهم.

وفي بيروت، واصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاته الدبلوماسية المكثفة بعد التهديدات الإسرائيلية الأخيرة للبنان. وتلقى في هذا الإطار اتصالاً من وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي الذي «جدد دعوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس منعاً للتصعيد». كما دعا «إلى حل النزاعات سلمياً وعبر تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة»، حسبما أفادت رئاسة الحكومة اللبنانية.

مخاوف وانتقادات

وتصاعدت المخاوف اللبنانية من التدهور، وقال مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان قُبيل مغادرته إلى المملكة العربية السعودية إن «لبنان يتعرض لاعتداءات صهيونية مستمرة»، مضيفاً: «نخشى أن تتوسع وتؤدي إلى حرب إقليمية شاملة؛ مما يتطلب تعزيز وحدتنا الوطنية لمواجهة هذه التحديات الخطيرة».

ووسط هذه الأجواء، انتقد حزب «القوات اللبنانية» موقف أعضاء في الحكومة. ورأى عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب غياث يزبك، أن «الحرب الدائرة في الجنوب شبه شاملة»، معتبراً «أننا أسرى معركة مجنونة يقودها (حزب الله) باسم إيران في وجه إسرائيل، في مقابل حرب إسرائيلية على لبنان».

وأشار يزبك في حديث إذاعي إلى أن «سيناريو توسع الحرب وارد في أي لحظة». وانتقد كلام وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب «الذي طمأن بأن الرد على صاروخ مجدل شمس لن يطول المدنيين ولن يأخذ طابع الحرب الشاملة»، قائلاً: «لا يمكن الركون إلى التطمينات الدولية»، مطالباً «الحكومة بمواجهة المجتمع الدولي وإيران و(حزب الله) بالموقف الذي يحمي لبنان، وأن تقول الأمر لي». وجدد المطالبة بـ«ضرورة اللجوء إلى القرارات الدولية التي تُظهر إسرائيل في موقع المعتدي السافر على لبنان».

السنيورة وجنبلاط

في غضون ذلك، حاز موقف الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، تأييد بعض القوى السياسية. وأيّد الرئيس الأسبق للحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة تلك المواقف خلال اتصال مع جنبلاط. وشدد السنيورة على «أهمية تنبه الجميع للنوايا العدوانية التي تضمرها وتنفذها إسرائيل، وهي التي تتحين كل فرصة من أجل توسيع نطاق الحرب والعدوان على لبنان، واستمرار جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية».

واعتبر السنيورة أن «كشف الحقائق بشأن هذه المجزرة الرهيبة في مجدل شمس يكون عبر إجراء تحقيق مستقل من جهات تتمتع بالصدقية، وليس من قِبل إسرائيل التي تحمل نوايا عدوانية تجاه لبنان وباقي الأطراف العربية».

بالتزامن، رأى رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي»، النائب تيمور جنبلاط، أن «الدماء في مجدل شمس وصمة إدانة إضافية يحمل وزرها الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه. التحية لأهالي الجولان العربي على موقفهم الجامع، وعلى منعهم للفتنة، وطردهم كل من جاء لاستغلال تلك المأساة من رموز الاحتلال وأتباعه».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي صورة للدخان الناجم عن 20 غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب) play-circle 00:33

المشهد الأخير لحرب إسرائيل على لبنان: تصعيد لرسم «صورة النصر»

يتسابق كل من «حزب الله» وإسرائيل لرسم صورة الانتصار أمام جمهوره في الساعات الأخيرة للحرب.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

قد يتوقف قريباً إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية بموجب اتفاق يستهدف إنهاء أكثر من عام من قتال أشعلته حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي النائب عن «حزب الله» حسن فضل الله يغادر البرلمان اللبناني وسط بيروت 14 يونيو 2023 (رويترز)

نائب عن «حزب الله»: الجماعة ستبقى بعد نهاية الحرب

قال حسن فضل الله، النائب في مجلس النواب اللبناني والعضو في جماعة «حزب الله»، اليوم الثلاثاء، إن «حزب الله» سيبقى بعد انتهاء حربه مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتحدث في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع (د.ب.أ)

مجموعة السبع: الآن الوقت المناسب لوقف إطلاق النار في لبنان

كثف وزراء خارجية مجموعة الدول السبع اليوم (الثلاثاء)، الضغوط على إسرائيل لقبول اتفاق وقف إطلاق النار مع «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (روما)

المشهد الأخير لحرب إسرائيل على لبنان: تصعيد لرسم «صورة النصر»

TT

المشهد الأخير لحرب إسرائيل على لبنان: تصعيد لرسم «صورة النصر»

صورة للدخان الناجم عن 20 غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
صورة للدخان الناجم عن 20 غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

يتسابق كل من «حزب الله» وإسرائيل لرسم صورة الانتصار أمام جمهوره في الساعات الأخيرة للحرب، فيحاول الطرفان تحقيق المكاسب العسكرية والمعنوية أمام جمهوره قبل ساعات من إعلان وقف إطلاق النار المتوقع، ليبقى السؤال؛ لمن ستكون الطلقة الأخيرة في هذه الحرب التي أوقعت آلاف القتلى والجرحى في لبنان ودمّرت آلاف المنازل وهجّرت أكثر من مليون نازح، معظمهم لا يعرف الوجهة التي سيسلكها بعد وقف آلة الحرب؟!

وكانت الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، التي أعلنها الأخير تحت عنوان «إسناد غزة» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 قد اتخذت منحى تصعيدياً في 23 سبتمبر (أيلول) 2024 بقرار من تل أبيب، لتتوسع وتشمل كل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، أي بشكل أساسي المناطق المحسوبة على «حزب الله» والطائفة الشيعية، واستمرت بالوتيرة نفسها لمدة أكثر من شهرين، قبل أن يبدأ العمل جدياً على وقف إطلاق النار قبل نحو أسبوعين.

تصعيد متدرج وساعات صعبة على اللبنانيين

ومع بدء ملامح التوافق على الحلّ الذي يرتكز بشكل أساسي على قرار مجلس الأمن 1701، رفع الطرفان راية التصعيد في المشهد الأخير للحرب مستفيدين من الساعات الأخيرة «لتحقيق الإنجازات» العسكرية والسياسية.

ومنذ بدء الحديث عن تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار، شهدت المواجهات تصعيداً غير مسبوق، بحيث ارتكبت إسرائيل مجزرة في منطقة البسطة القريبة من وسط بيروت، صباح السبت، أدت إلى مقتل 29 شخصاً، وكانت المواجهات أكثر حدّة يوم الأحد بإطلاق «حزب الله» أكثر من 300 صاروخ باتجاه مستوطنات الشمال حيث سُجل سقوط جرحى، ووصل منها إلى تل أبيب، معيداً بذلك تفعيل معادلة «تل أبيب مقابل بيروت»، في موازاة الغارات والقصف المتنقل بين الجنوب والبقاع والضاحية التي تعرضت ليلاً لزنار نار عبر استهدافها بأكثر من 11 غارة، ما أدى إلى دمار هائل في المباني.

كذلك، شهدت بلدة الخيام ليلة عنيفة، في استمرارٍ لمحاولة التوغل الإسرائيلية وتفخيخ الجيش للمنازل والأحياء.

وفيما استمر التصعيد يوم الاثنين بارتكاب إسرائيل عدداً من المجازر في البقاع والجنوب، عاش اللبنانيون ساعات صعبة على وقع المعلومات التي تشير إلى تحديد موعد وقف إطلاق النار، وشنّت سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية بعد إصدار أوامر إخلاء هي الأكبر من نوعها منذ بداية الحرب ، بحيث طال زنار نار 20 مبنى في الحدث وحارة حريك والغبيري وبرج البراجنة، وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفّذ 20 هدفاً إرهابياً خلال 120 ثانية.

 

الدخان يغطي سماء الضاحية الجنوبية لبيروت التي استهدفت الثلاثاء بأكثر من 20 غارة (رويترز)

وفي الجنوب، حيث تدور مواجهات شرسة في محاولة الجيش الإسرائيلي التوغل إلى بلدة الخيام، نشر المتحدث باسمه صوراً لجنود قال إنها عند «نهر الليطاني»، وأشارت المعلومات إلى أن الجنود وصلوا إلى مجرى النهر من دير ميماس، التي دخلوا إليها قبل أيام .

وعلى وقع هذا التصعيد، بدأ الطرفان بترويج فكرة «الانتصار» أمام جمهورهما، فـ«حزب الله» ربط «التقدم في اتصالات وقف إطلاق النار بالصواريخ التي أطلقها السبت على تل أبيب ومستوطنات الشمال»، فيما يقول المسؤولون الإسرائيليون، في «رسالة طمأنة» لسكان الشمال الذين يتخوفون من وجود «حزب الله» على الحدود، إن الدولة العبرية ستتصرف بحزم عند أي خرق، مثل إعادة تسلح الحزب.

 

تحقيق آخر الأهداف لـ«إعلان النصر»

ويربط أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية، الدكتور عماد سلامة، التصعيد العسكري من قبل إسرائيل بالإسراع بتحقيق الأهداف المؤجلة قبل الإعلان عن وقف إطلاق النار، فيما يحاول «حزب الله» عبر إطلاق الصواريخ أن يثبت أن قدراته العسكرية لا تزال قوية وأنه لم يهزم.

ويقول سلامة لـ«الشرق الأوسط»: «في اللحظات الأخيرة قبل وقف إطلاق النار، يسعى كل طرف إلى إعلان النصر كوسيلة أساسية لتسويق التسوية كمكسب، وليس كتنازل أو هزيمة، وهو يهدف إلى تعزيز شرعية الاتفاق أمام القواعد الشعبية والبيئة السياسية لكل طرف، ومحاولة جس النبض المحلي لقياس ردود الفعل وحجم المعارضة المحتملة»، مضيفاً: «هذه الديناميكية تجعل من إعلان النصر أداة تكتيكية لتهيئة الساحة الداخلية والتعامل مع أي تطورات في اللحظات الأخيرة قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن وقف الحرب».

من هنا، يرى سلامة أن «هذا الأمر يعكس حاجة كل طرف لتعزيز مواقعه داخلياً ولجم الانتقادات والحفاظ على التأييد السياسي»، موضحاً: «بالنسبة لإسرائيل، يمكنها اعتبار إنجازاتها سبباً لإعلان النصر، حيث حققت أهدافاً عسكرية استراتيجية. منها تدمير البنية التحتية العسكرية لـ(حزب الله)، واغتيال قياداته البارزة، ومنعه من الوجود الفاعل على الحدود مع إسرائيل. كما تمكنت من فصل المسار اللبناني عن القضية الفلسطينية، وإعادة المستوطنين إلى مناطقهم الشمالية بأمان، ما يشير إلى تحقيق كامل أهداف حملتها العسكرية بنجاح. هذا الإعلان يعزز موقف الحكومة الإسرائيلية أمام المعارضة الداخلية ويظهر قوة الردع الإسرائيلية».

أما بالنسبة لـ«حزب الله»، فيقول سلامة: «سيصرّ على أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها، حيث لم تتمكن من تدمير قوته العسكرية بالكامل أو وقف الهجمات الصاروخية والمسيرات. كما سيؤكد الحزب أنه نجح في التصدي لأي توغل إسرائيلي في الجنوب، وأجبر إسرائيل على التراجع دون تحقيق أهدافها السياسية أو العسكرية»، مضيفاً: «بالنسبة لـ(حزب الله)، هذا الإعلان ضروري لترسيخ شرعيته أمام بيئته الحاضنة ومؤيديه، وللردّ على الانتقادات التي قد تطوله نتيجة الخسائر التي تكبدها خلال المواجهة»، ويؤكد: «في النهاية، إعلان النصر لكلا الطرفين يعكس أهمية تأطير الأحداث بما يخدم مواقفهما الداخلية والدولية».

الساعات والأيام الأخيرة لحرب «تموز 2006»

يبدو من الواضح أن سيناريو حرب «تموز 2006» يتكرر اليوم، حيث إنه قبيل أيام وساعات من اتفاق وقف إطلاق النار، صعّدت تل أبيب من عملياتها العسكرية، وأطلقت قبل يومين عملية برية حملت عنوان «تغيير اتجاه 11»، وتوغّل الجيش الإسرائيلي عبر إنزال جوي في بلدة الغندورية بقضاء بنت جبيل مقتحماً وادي الحجير، ومنها إلى منطقة جويا (شرق صور)، ما أدى إلى مواجهة شرسة من قبل «حزب الله». وأشارت المعلومات إلى تدمير الحزب 25 دبابة إسرائيلية، إضافة إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوف العسكريين.

كذلك، عمدت إسرائيل إلى رمي القنابل العنقودية قبل انتهاء الحرب بيومين فقط بشكل عشوائي، على أهداف غير محددة، ما حال دون القدرة على الحصول على خرائط دقيقة لإزالتها.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية رمت أكثر من 5 ملايين قنبلة، أدت حتى عام 2020 إلى مقتل نحو 58 مواطناً، وجرح نحو 400 آخرين، أصيب كثير منهم بإعاقات وعمليات بتر لأقدامهم، وغالبيتهم فقدوا عيونهم وهم من المزارعين والرعاة.

وفي الساعات الأخيرة لإعلان وقف إطلاق النار، تكثّف القصف الجوي ليشمل بلدات عدة في الجنوب، مستهدفاً مباني وأحياء سكنية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، فيما أمطرت المقاتلات الحربية الضاحية الجنوبية بوابل من الغارات حيث استهدفت ما يعرف بمجمع الإمام حسن السكني، المؤلف من 8 مبانٍ، بأكثر من 20 غارة خلال أقل من دقيقتين، ما أدى إلى مقتل عائلات بأكملها.

في المقابل، أطلق «حزب الله» صواريخه باتجاه شمال إسرائيل، مستهدفاً عدداً من المستوطنات، منها حيفا وكريات شمونة ومسكاف عام.